أبدأ مقالي بما قاله المندوب الروسي ل'بن جاسم': احترم نفسك عندما تتحدث مع'العظمى' وإلا فلا 'قطر' بعد اليوم. لم يكن يتوقع رئيس الوزراء القطري بأن حديثه مع المندوب الروسي بشأن الموقف الروسي المناصر لنظام بشار الأسد-'وهذا لايعني أنني أؤيد ما يجري في سوريا, فموقفي واضح ولا مجال للخوض فيه الان'-، سيقلبطاولة الحوار على قطر، ففي حوار دار بين مندوب روسيا في مجلس الأمن فيتالي تشوركينورئيس وزراء قطر ووزير خارجيتها حمد بن جاسم، حيث وجه بن جاسم الكلام لمندوب روسياقائلا: أحذرك من اتخاذ أي فيتو بخصوص الأزمة في سوريا، فعلى روسيا أن توافق القراروإلا فإنها ستخسر كل الدول العربية, فرد الروسي بكل هدوء أعصاب: إذا عدت لتتكلم معيبهذه النبرة مرة أخرى، لن يكون هناك شيء اسمه قطر بعد اليوم. وخاطب تشوركينرئيس وزراء قطر قائلا:'أنت ضيف ِعلى مجلس الأمن، فاحترم نفسك وعد لحجمك وأنا أساسالا أتحدث معك, أنا أتحدث باسم روسيا العظمى مع الكبار فقط', وهكذا انتهى الحوار دونأية ردة فعل من جانت بن جاسم, لأنه يعلم بأن الكبار فعلا لا يتحدثون الا معأمثالهم, فمن هي قطر مقارنة مع روسيا..انها أصغر من أصغر أحد أحياء موسكو . لوقت قريب لم تكن قطر سوى امارة خليجية لا يعرفها أحد على المستوى العالميوحتى العربي سوى أنها ذكرت في خطاب الرئيس المصري الراحل أنور السادات عندما قاطعتهالدول العربية بسبب توقيعه اتفاقية كامب ديفيد مع الصهاينة'والتي أنا شخصيا ضدها', مع أنه حصل بموجبها على ما يستجديه العرب الان من الكيان الصهيوني..'قطر بتحتج..ايه قطر؟, معزتين وخيمة', هذا ما قاله السادات عن قطر انذاك, وكم كان صادقا فيمقولته هذه. وبالرغم من ذلك وبقدرة قادر أصبح أسم دويلة قطر أشهر من نار علىعلم ليس في منطقة الشرق الأوسط وحدها, بل في كثير من المحافل الدولية..والسؤال الذييطرح نفسه:كيف حدث هذا ؟. في منتصف تسعينيات القرن المنصرم قام أمير قطرالحالي حمد بن خليفة آل ثانى بانقلاب على والده وعزله عن الامارة وتنصيب نفسه حاكماعلى البلاد,وقد تلقت دول الخليج وباقي الدول العربية هذا الأمر بتردد ولم تقممباشرة بالاعتراف بالأمير الشاب الجديد, ولكن الأخير فهم أوراق اللعبة فتوجه مباشرةالى أمريكا والكيان الصهيوني وكان له ما أراد, حيث تم الاعتراف به ومن ثم اعترفت بهباقي البلاد العربية. ومنذ ذلك الوقت بدأت عملية التطبيع بين هذه الدويلةوالكيان الصهيوني تسير على قدم وساق الى أن وصل الأمر لفتح مكاتب للتنسيق المتبادلوالزيارات الرسمية أيضا, وان أراد الجانب القطري أن تكون سرية, الا أن وسائلالاعلام الصهيونية نشرتها بالصوت والصورة, وخاصة تلك الزيارة التي قامت بها تسيبيليفني وزيرة خارجية الكيان الصهيوني وزعيمة حزب'كاديما' سابقا. نقول بأنالحديث قد عاد عن دويلة قطر بعد أن بدأت تبذل قصارى جهدها لتكون ذات شأن كبيرفيالعالم العربي مستغلة أحداث ما يسمى بالربيع العربي, ومن هنا عمدت إلى تكثيف جهودهالملء الفراغ القيادي الذي كانت تملكه بعض الدول العربية وعلى رأسها مصر. المشروع الامبريالي الأمريكي لم يعد يراهن على حصان واحد في المنطقة، ولذلكبات يدعم دور قطري ينحاز الى قوى المعارضة في الأقطار العربية لمحاولة احتواءهاوتطويعها لصالح المشروع الأمريكي وتحديدا قوى الاسلام السياسي، وبهذا الانحياز الىقوى المعارضة يحاول ايهام الشعوب بأنه ينحاز إليها, ويدعم المشروع الامبريالي فيالوقت ذاته دور سعودي ينحاز الى الانظمة الرجعية. لذلك فان أمريكا تعتقدبانها لن تخسر في كلا الحالتين سواء نجحت الأنظمة في قمع شعوبها أو نجحت الشعوب فيخلع أنظمتها، ولكنها واهمة لأن الشعوب ستنتصر في النهاية ودور قطر لن ينجح فياحتواء التغيير لأن الشعوب باتت أوعى من ذي قبل، وهذا هو الشعب الليبي يرفض التدخلالقطري رغم ما أظهره اميرها من دعم للثورة الليبية..الدور السعودي والدور القطريوجهان لمشروع واحد وسيفشل هذا المشروع وكل ما يلزمنا هو الانتظار فالزمن هو سيدالموقف. هنالك مثل بحريني يقول' العورة تعيب على البلكة' ، بمعنى المصاببالحول يعيب على مثيله, وهذا المثل ينطبق على حال السعودية وقطر, فلو كانت هذهالدول ديمقراطية وشعوبها راضية عنها, لقلنا انه من حقها مطالبة صديقاتها العربياتبمنح الحريات والديمقراطية لشعوبها, ولكن فاقد الشيء لا يعطيه. وهنالك مثلمغربي يقول 'يأكل مع الذيب ويبكي مع الراعي', فأمير قطر يتامر مع الأمريكانوالصهاينة ضد العرب فيزور كيانهم المصطنع ويمون مشاريع فيه, وفي نفس الوقت يتظاهربأنه يريد أن يقود مبادرة المصالحة بين حركتي فتح وحماس لاقصاء مصر وتهميش دورها فيهذا الشأن, مستغلا انشغالها بمشاكلها الداخلية في الفترة الأخيرة, وهو من الذين لايؤتمنون لأنه قام بالانقلاب على أبيه وهو أقرب الناس اليه, ومن هنا فانه بامكانه أنيفعل ما يريد بلا رحمة بشعبه بل بالعروبة كلها, مع أنها منه براء. مهماوصلت قطر الى ما وصلت اليه اليوم, الا أنها ستعود الى حجمها الطبيعي..حجم دويلةصغيرة مهمشة لا دور لها محليا واقليميا ودوليا, وسيأتي اليوم الذي سيقوم فيهالقطريون الشرفاء بالانتفاض على من أصابه داء الغرور وابعاده أو ارغامه على الفرارمن بلاده كما فعل زين'الفارين' بن علي..ونذكر من تولى امارة قطر بالقوة بالمثلالشعبي:"ما طار طائر وارتفع الا على رأسه وقع". وفي النهاية نقول لقطروجيرانها:يا معشر الأعراب هيا عودوا إلى خيامكم وإبلكم واِنكحوا ما لذ وطاب منجواريكم وغلمانكم واِبتعدوا عن أرضنا وشمسنا وبحرنا فأوطاننا أطهر من أن يدنسهاأمثالكم. وقفة جيدة للتأمل:دول الخليج التي تعتبر 'ذخرا استراتيجيا للاقتصادالدولي' ليست بمحصنة من الثورات التي تجتاح المنطقة العربية.