قال وزير الثقافة المغربي محمد الأمين الصبيحي إن "هناك إقبالا متزايدا في مجال النشر والكتاب بالمغرب". وأضاف الصبيحي، أن "عدد زوار معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب هو رقم دال، حيث فاق عدد زوار السنة الماضية، رغم أن حال الطقس هذه السنة لم يكن مساعدا". ومضى الصبيحي قائلا إن "هناك إقبالا وتطورا مستمرا لمعرض مدينة الدار البيضاء سنة بعد أخرى، يتزامن مع تطور قطاع النشر في المغرب، وزيادة آليات دعم نشر الكتاب من قبل الوزارة". واستقطبت الدورة ال23 من معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب، الذي اختتم الاحد، 345 ألفا و830 زائرا، بحسب وزارة الثقافة المغربية. وأضافت الوزارة، في بيان الاثنين أن عدد زوار المعرض (الذي أقيم في الفترة ما بين 9 و19 فبراير/شباط الجاري) ارتفع مقارنة مع الدورة الماضية، التي بلغت 340 ألف زائر. وأوضح الوزير المغربي أنه "من بين خصوصيات هذه الدورة، استقبال الدول الإحدى عشرة المكونة للمجموعة الاقتصادية لوسط إفريقيا، وهو الحضور الذي كان له وقع كبير على صعيد التعريف بجوانب من الثقافة الإفريقية ودعم العلاقات والشراكات مع المجموعة الاقتصادية". وأكد الصبيحي أن "الحدث شكّل مناسبة لانعقاد اجتماعات بين الناشرين في إفريقيا الوسطى ووزارة الثقافة المغربية لوضع إطار عام للتعاون من أجل جعل فضاء المغرب وإفريقيا الوسطى سوقا موحدا للكتاب". وفي هذا الإطار تم على هامش فعاليات المعرض الإعلان عن إنشاء "رابطة ناشري إفريقيا الوسطى" لبلورة هذا الإطار التعاوني. وبموازاة معرض الدار البيضاء السنوي، يتم تنظيم معارض في كل جهات المملكة، وأنشطة في كافة المكتبات العمومية التابعة لوزارة الثقافة. 120 الف عنوان وقال مدير معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب، حسن الوزاني إن "المغرب عاش على امتداد 10 أيام حفلا شعبيا بامتياز خاصا بالقراءة والكتاب". وأضاف الوزاني أن "ما ميز الدورة 23 من المعرض أقيمت على مساحة 10 ألف متر مربع هو الرصيد الوثائقي المعروض، الذي تجاوز 120 ألف عنوان في أكثر من 3 ملايين نسخة، إضافة إلى تعدد الإنتاج المعروض". وتوزعت المعروضات من الكتب، على 8% دينية، و6% فلسفة، و166% علوم اجتماعية، فيما استحوذ الأدب على الحصة الأكبر بنسبة 24%، إضافة إلى مجالات أخرى. ولفت مدير المعرض، إلى أن "50% من الإصدارات التي عرضت هي كتب حديثة تعود تواريخ إصدارها إلى السنوات الثلاث الأخيرة". وأضاف أن "فقرات البرنامج الثقافي تجاوزت 500 لقاء بين ندوات ولقاءات يومية في أروقة العارضين، فيما شمل برنامج وزارة الثقافة 100 لقاء، بمشاركة 370 كاتبا، منهم 250 كاتبا لم يشاركوا في السنوات السابقة، ضمن مراعاة الوزارة لتجديد النخب المشاركة، مع الحرص على أسماء لها إصدارات جديدة". الرواية أولا وبشأن الإقبال على نوعيات الكتب، تباينت تقديرات الناشرين في معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب هذا العام، لكن كثيرين أجمعوا على تزايد الطلب على الرواية، واستمرار حضور الكتاب الديني، وعلى الدور السلبي لتزوير الكتب والقرصنة. وقال محمد بودراع، أحد القائمين على رواق "المركز الثقافي العربي"، إن "80% من الزوار يتجهون نحو الرواية، ثم تأتي كتب التنمية الذاتية في المرتبة الثانية". واعتبر بودراع أن "عناوين الروايات التي تفوز بجوائز أو يتم تداولها على المستوى الإلكتروني هي التي يكثر عليها الطلب، وهذه الرغبة توجه دور النشر أيضا نحو الاهتمام أكثر بطبع الرواية". تراجع الكتاب الورقي ولم تُخْفِ رَنى إدريس، المشرفة على رواق "دار الآداب" اللبنانية، أن "القارئ خفّت قدرته الشرائية تجاه الكتاب الورقي، مع انتشار الكتاب الإلكتروني وتزوير طبع الكتب". ودعت إدريس السلطات في كل الدول إلى "تحمل مسؤوليتها في مواجهة القرصنة وتشديد الرقابة على الكتب المزورة". وأعاد معرض الدار البيضاء الدولي إلى الواجهة السؤال بشأن القراءة والإقبال على الكتاب، وذلك من خلال النقاشات التي انصبت على مستوى المبيعات وتزايد الحملات التوعوية بضرورة القراءة. ودعا عدد من الفعاليات الثقافية، خلال لقاءات مختلفة في المعرض، إلى تذليل الصعاب أمام الكتاب، وإتاحته للجمهور، واعتماد مشروع حكومي لدعم القراءة، وجعلها عادة شعبية لتحقيق التنمية. وقال الشاعر المغربي صلاح الوديع إن "تحرك المجتمع عبر أدواته الجمعوية والمدنية والثقافية كفيل ببناء مشاريع إيجابية في المجال الثقافي". واعتبر الوديع أن "إشاعة الثقافة والقراءة جزء لا يتجزأ من البناء الديموقراطي، فالديموقراطية ليست هي الانتخابات أو المؤسسات فقط، وإنما أيضا ترسيخ الثقافة الديموقراطية، وهو ما لا يمكن أن يتم إلا عن طريق الوعي والقراءة". وشدّد على أن "فعل القراءة لا يضيف المعلومات فقط، وإنما يبني شخصية الإنسان المتوازنة، وينشئ جيلا قادرا على النقد والتفاعل مع المحيط وصناعة الأمل في المستقبل". وختم الوديع، رئيس جمعية "حركة ضمير" (أهلية)، بأن "القائمين على السياسات العمومية مسؤولين عن وضع برامج لتحقيق هذا الهدف على مستوى مؤسسات التربية والتعليم والإعلام والشباب وتوفير الإمكانيات للاستثمار فيه على المدى البعيد".