رفضت تركيا الجمعة اي وساطة فرنسية بين انقرة وقوات سوريا الديموقراطية، التحالف الذي تهيمن عليه وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها انقرة منظمة ارهابية، حسبما افاد متحدث باسم الرئاسة. وقدم الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون هذا العرض خلال لقائه وفدا من قوات سوريا الديموقراطية في وقت متأخر الخميس. وأعرب ماكرون عن "أمله في إقامة حوار بين قوات سوريا الديموقراطية وتركيا، بمساعدة فرنسا والمجتمع الدولي"، وفق بيان صادر عن قصر الإليزيه. إلا أن تركيا رفضت ذلك بشكل مطلق، في خطوة من المرجح ان تزيد التوتر بينها وبين فرنسا التي عبرت عن قلقها بشأن العملية العسكرية التركية الجارية في شمال سوريا. ولم يرحب الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بتلك التصريحات قائلا انه "حزين جدا" لموقف فرنسا "الخاطئ تماما". وقال اردوغان في خطاب حاد اللهجة القاه في انقرة "من انتم لكي تتحدثوا عن وساطة بين تركيا ومنظمة ارهابية؟". واضاف "لا نحتاج الى وساطة (...) منذ متى تجلس تركيا على طاولة مع منظمة ارهابية؟". من جهته، قال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو "ليس من الممكن القول ان بلدا يستقبل وحدات حماية الشعب الكردية في الاليزيه ليس منحازا. انتم في صف واحد مع الارهابيين". بدوره،قال الناطق باسم الرئاسة التركية ابراهيم كالين "نرفض اي جهد يهدف الى تشجيع حوار او اتصالات او وساطة بين تركيا وهذه المجموعات الارهابية". وشكلت قوات سوريا الديموقراطية خلال السنوات الاخيرة رأس حربة في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية امتدادا لحزب العمال الكردستاني المصنف منظمة ارهابية من قبل انقرة وحلفائه الغربيين. واطلقت تركيا في كانون الثاني/يناير هجوما ضد وحدات حماية الشعب الكردية في شمال سوريا وطردتها في 19 اذار/مارس من معقلها عفرين. - فرنسا "تتعاون مع الارهاب"- واضاف كالين أن هذه الجماعات تسعى الى "اضفاء الشرعية على نفسها" واضاف "بدلا من اتخاذ اجراءات من شأنها ان تترجم على انها اضفاء الشرعية على المنظمات الارهابية، على الدول التي نعتبرها صديقة وحليفة ان تتخذ موقفا حازما ضد الارهاب بكل أشكاله". واكد ان "الاسماء المختلفة والمتنوعة لا يمكن ان تخفي الهوية الحقيقية لمنظمة ارهابية". وعملت فرنسا والولايات المتحدة بشكل وثيق مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي في القتال ضد جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، وخلال محادثات الخميس اشاد ماكرون ب"التضحيات وبالدور الحاسم لقوات سوريا الديموقراطية" في مكافحة الجهاديين. وتحدث ماكرون واردوغان عدة مرات هاتفيا منذ بدء العملية التركية في 20 كانون الثاني/يناير. الا ان الرئيس التركي قال ان ماكرون ادلى ب"تصريحات غريبة" اثناء مكالمة حول سوريا الاسبوع الماضي، مضيفا"اضطررت إلى اقناعه رغم ان اللهجة كانت حادة قليلا". وتبنى نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ خطا اكثر تشددا وانتقد فرنسا وحذر من أن تركيا ستراقب اي بلد يتعاون مع "الارهابيين". واضاف ان "تطمين فرنسا لمنظمات حماية الشعب الكردي وحزب الاتحاد الديموقراطي ووحدات حماية المرأة الكردية، الارهابية بتقديم الدعم لها هو تعاون وتضامن واضح مع جماعات ارهابية تهاجم تركيا". - تحذير صارم - وصرحت المسؤولة الكردية اسيا عبد الله للصحافيين عقب لقائها مع ماكرون ان فرنسا تخطط لإرسال "قوات فرنسية جديدة لمنبج" التي تهدد تركيا بتوسيع حملتها للوصول اليها. واضافت "سيتم تعزيز التعاون". إلا أن مكتب ماكرون ذكر الجمعة ان فرنسا لا تخطط لعملية عسكرية جديدة في شمال سوريا خارج اطار التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية. وقبل هذا التصريح حذر بوزداغ من ان من يعملون مع الجماعات الارهابية يصبحون هدفا لتركيا، آملا في أن لا تتخذ فرنسا مثل هذه الخطوة. وقال بوزداغ انه يأمل في الا تقوم فرنسا بمثل هذه "الخطوة الطائشة". وبعد نحو 10 أيام من العملية التركية في سوريا، اثار ماكرون غضب المسؤولين الاتراك بقوله ان فرنسا سيكون لديها "مشكلة حقيقية" اذا تبين ان هذه العملية هي "غزو". واستدعت هذه التصريحات ردا حادا من السلطات التركية التي قالت ان تركيا لم تكن مطلقا "قوة مستعمرة"، داعية باريس الى مراجعة ماضيها. وفي 18 آذار/مارس سيطرت القوات التركية وفصائل معارضة سورية مدعومة من انقرة بشكل كامل على عفرين ما ادى الى انسحاب وحدات حماية الشعب الكردي دون مقاومة.