لو تأملنا في عالمنا اليوم لوجدنا أن هناك شكلاً من أشكال العبودية: عالم يكد ويكدح وينتج الحضارة ويبدع، وعالم في حالة استرخاء يستهلكها ويستمتع. الأمريكان والصينيون واليابانيون والهنود وغيرهم من الأمم والشعوب يكدحون مثل عبيد روما، ونحن نلهو مثل أسيادها وأحرارها. هم يتعبون ويكدّون ويعانون من أجل أن يصنعوا إبرة أو سيارة، ونحن نقطف ثمار تعبهم وعصارة عقولهم وجهدهم ومعاناتهم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن العرب خير أمة أخرجت للناس، وإذا صح بأن اليهود شعب الله المختار فنحن العرب شعب الله المحتال. نحن نعيش بالحيلة لا بالعمل والإنتاج، نحتال على غيرنا من الشعوب، هي تزرع وتنتج وتصنع وتصدر، ونحن نأكل ونشرب ونلبس ونستهلك والعالم كله في خدمتنا، والشرق والغرب يتنافسان فيما بينهما لكسب رضانا، ولأننا وحدنا من بين جميع الأمم نملك الفراغ، ولدينا فائض في الوقت صرنا نستخدم وقتنا في اللهو والتسلية والحشوش والثرثرة، وما تبقى نستخدمه في تكفير وسب ولعن النصارى واليهود وغيرهم من الأمم التي سخرها الله لخدمتنا. هل صدقتم الآن بأننا شعب الله المحتال؟! *صحيفة اليمن ايوم