حقيقة ندرك كنهها وفحواها ونعيشها واقعاً حراً في حياتنا نحن الشعوب العربية، ومع ذلك لايوجد بين شعوب الأرض من يتكلم أكثر منا ولنا اليد العليا في هذا الجانب ولايوجد من يفوقنا فصاحة أو يجارينا في ميادين البلاغة وصناعة الكلام .. فنحن العرب فرسان الفصاحة وعلماء الكلام وملوك البلاغة، وعندنا الكلام علم والخطابة فن والحديث إبداع، ولكن ليس بالكلام تبنى الأوطان وإنما بالعمل والعمل فقط تبنى الأوطان وتحقق الشعوب رقيها وتقدمها وتصنع بعقولها وأيديها أمجاد حاضرها ومستقبلها وتصل إلى غاياتها . والفرق واضح وكبير بين الشعوب التي تعمل وتكد وتجتهد وتحقق وتنجز وتتقدم، وبين الشعوب المستكينة التي غلفت عقلها بغلاف الاتكال واستعانت بالكلام عن العمل ورهنت مصيرها بيد غيرها من الشعوب الأخرى. نعم أيها السادة، الفرق واضح وكبير بين الشعوب التي تعمل والشعوب التي تتكلم، وشعوب تنتج وشعوب تستهلك .. والأكيد أن الشعوب العربية شعوب مستهلكة ومنطقتنا العربية سوق مفتوحة لكل منتجات الشعوب الأخرى الزراعية والصناعية . ولازلت أتذكر الخبر الذي بثته قناة «العربية» قبل حوالي سنتين من الآن، وكان عن افتتاح الرئيس الإسرائيلي لأضخم معرض للصناعات الحربية والإسرائيلية وقوله في كلمة افتتاح المعرض إن هذه هي العقول التي تجبرنا على احترامها لأنها تفكر وتعمل وتنتج.. أما النفط فهو يستخرج من الأرض في إشارة إلى ماتنتجه إسرائيل وماوصلت إليه من تكنولوجيا متقدمة بفضل عقول أبنائها وعملهم وبين النفط العربي الذي يستخرج ولافضل للعقل العربي فيه ولا قيمة لهذا النفط أمام التفوق الإسرائيلي، ولاعجب في هذا ولكن العجب كل العجب في الخبر التالي الذي بثته قناة «العربية» وكان عن افتتاح أضخم فندق سياحي في إمارة دبي العربية بحضور أشهر الفنانين والفنانات في العالم . ولامجال للمقارنة بين معرض إسرائيل وفندق دبي، وللتأكيد أن العرب يتفوقون على غيرهم بالكلام فقد برر أحد علماء الدين تأخر العرب وتقدم الغرب المسيحي واليهود إلى حكمة لايعلمها إلا الراجحون في العلم أمثاله طبعاً ومما قاله هذا العالم إن العرب أصحاب رسالة ولايجب أن يشغلوا عقولهم بأمور الدنيا، وماحاجتنا لإضاعة العمر في الركض خلف التكنولوجيا وغيرها، وإن الله سبحانه سخر لنا الشعوب الأخرى لخدمتنا وتوفير كل متطلباتنا الدنيوية لنتفرغ نحن لعبادته ونشر رسالته .. والحقيقة التي يعرفها الجميع أن مثل هذا القول وصاحبه لايبني وطناً ولايخدم ديناً.. ونحن اليمنيين قد تكلمنا كثيراً وحان الآن وقت العمل لنبني وطننا بسواعدنا وعقولنا وليس بالكلام فقط ومن صندوق الاقتراع نبدأ مسيرة العمل ونفتح آفاقاً جديدة لمستقبل أفضل .. ومن يتكلم كثيراً يعمل قليلاً ولنا في الشعوب الأخرى عبرة وعظة ..