أجواء ما قبل اتفاق الرياض تخيم على علاقة الشرعية اليمنية بالانتقالي الجنوبي    عمره 111.. اكبر رجل في العالم على قيد الحياة "أنه مجرد حظ "..    رصاص المليشيا يغتال فرحة أسرة في إب    آسيا تجدد الثقة بالبدر رئيساً للاتحاد الآسيوي للألعاب المائية    وزارة الحج والعمرة السعودية تكشف عن اشتراطات الحج لهذا العام.. وتحذيرات مهمة (تعرف عليها)    سلام الغرفة يتغلب على التعاون بالعقاد في كاس حضرموت الثامنة    حسن الخاتمة.. وفاة شاب يمني بملابس الإحرام إثر حادث مروري في طريق مكة المكرمة (صور)    ميليشيا الحوثي الإرهابية تستهدف مواقع الجيش الوطني شرق مدينة تعز    فيضانات مفاجئة الأيام المقبلة في عدة محافظات يمنية.. تحذير من الأمم المتحدة    الجريمة المركبة.. الإنجاز الوطني في لحظة فارقة    أول ظهور للبرلماني ''أحمد سيف حاشد'' عقب نجاته من جلطة قاتلة    فرع العاب يجتمع برئاسة الاهدل    الإطاحة بشاب وفتاة يمارسان النصب والاحتيال بعملات مزيفة من فئة ''الدولار'' في عدن    صحيفة تكشف حقيقة التغييرات في خارطة الطريق اليمنية.. وتتحدث عن صفقة مباشرة مع ''إسرائيل''    أكاديمي سعودي يتذمّر من هيمنة الاخوان المسلمين على التعليم والجامعات في بلاده    العميد باعوم: قوات دفاع شبوة تواصل مهامها العسكرية في الجبهات حماية للمحافظة    البحسني يكشف لأول مرة عن قائد عملية تحرير ساحل حضرموت من الإرهاب    مأرب: تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    - عاجل شركة عجلان تنفي مايشاع حولها حول جرائم تهريب وبيع المبيدات الخطرة وتكشف انه تم ايقاف عملها منذ6 سنوات وتعاني من جور وظلم لصالح تجار جدد من العيار الثقيل وتسعد لرفع قضايا نشر    ناشط يفجّر فضيحة فساد في ضرائب القات للحوثيين!    المليشيات الحوثية تختطف قيادات نقابية بمحافظة الحديدة غربي اليمن (الأسماء)    "قديس شبح" يهدد سلام اليمن: الحوثيون يرفضون الحوار ويسعون للسيطرة    في اليوم 202 لحرب الإبادة على غزة.. 34305 شهيدا 77293 جريحا واستشهاد 141 صحفيا    خال يطعن ابنة أخته في جريمة مروعة تهزّ اليمن!    الدوري الانجليزي ... السيتي يكتسح برايتون برباعية    فشل عملية تحرير رجل أعمال في شبوة    الزنداني.. مسيرة عطاء عاطرة    مأرب.. تتويج ورشة عمل اساسيات التخطيط الاستراتيجي بتشكيل "لجنة السلم المجتمعي"    إيفرتون يصعق ليفربول ويعيق فرص وصوله للقب    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34305    انخفاض الذهب إلى 2313.44 دولار للأوقية    المكلا.. قيادة الإصلاح تستقبل جموع المعزين في رحيل الشيخ الزنداني    ذهبوا لتجهيز قاعة أعراس فعادوا بأكفان بيضاء.. وما كتبه أحدهم قبل وفاته يُدمي القلب.. حادثة مؤلمة تهز دولة عربية    مفاوضات في مسقط لحصول الحوثي على الخمس تطبيقا لفتوى الزنداني    تحذير أممي من تأثيرات قاسية للمناخ على أطفال اليمن    الجهاز المركزي للإحصاء يختتم الدورة التدريبية "طرق قياس المؤشرات الاجتماعي والسكانية والحماية الاجتماعية لاهداف التنمية المستدامة"    لابورتا يعلن رسميا بقاء تشافي حتى نهاية عقده    مقدمة لفهم القبيلة في شبوة (1)    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    نبذه عن شركة الزنداني للأسماك وكبار أعضائها (أسماء)    الإصلاحيين يسرقون جنازة الشيخ "حسن كيليش" التي حضرها أردوغان وينسبوها للزنداني    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    سيئون تشهد تأبين فقيد العمل الانساني والاجتماعي والخيري / محمد سالم باسعيدة    اليونايتد يتخطى شيفيلد برباعية وليفربول يسقط امام ايفرتون في ديربي المدينة    دعاء الحر الشديد .. ردد 5 كلمات للوقاية من جهنم وتفتح أبواب الفرج    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    برشلونة يلجأ للقضاء بسبب "الهدف الشبح" في مرمى ريال مدريد    دعاء قضاء الحاجة في نفس اليوم.. ردده بيقين يقضي حوائجك ويفتح الأبواب المغلقة    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    كان يدرسهم قبل 40 سنة.. وفاء نادر من معلم مصري لطلابه اليمنيين حينما عرف أنهم يتواجدون في مصر (صور)    السعودية تضع اشتراطات صارمة للسماح بدخول الحجاج إلى أراضيها هذا العام    مؤسسة دغسان تحمل أربع جهات حكومية بينها الأمن والمخابرات مسؤلية إدخال المبيدات السامة (وثائق)    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جثمان درويش يوارى الثرى غداً
نشر في الوطن يوم 12 - 08 - 2008

قالت مصادر في السلطة الفلسطينية إن جثمان درويش سيوارى الثرى غداً بعد أن كان مقرراً اليوم وأفادت المصادر أن جنازة وطنية ستقام للشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش قبل دفنه في رام الله. وسيشارك رئيس السلطة محمود عباس ورئيس الوزراء سلام فياض في الجنازة التي من المتوقع أن تكون الأضخم منذ وفاة الزعيم ياسر عرفات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2004. وقال أحمد عبدالرحمن مستشار عباس لفرانس برس إن "الجثمان سيصل الأربعاء صباحاً إلى الأردن حيث سيقام حفل وداعي قبل نقله بمروحية أردنية إلى رام الله حيث الحفل الرسمي سيكون في المقاطعة (مقر السلطة) قبل الدفن".
وأضاف "ستهبط الطائرة في مقر الرئاسة (المقاطعة)، ومن ثم تجرى مراسم رسمية وينقل بعدها الجثمان في جنازة مهيبة إلى موقع الدفن جنوب غرب رام الله".
ومن المتوقع أن يدفن درويش، وهو أحد كبار الشعراء في العالم العربي، على مقربة من قصر الثقافة في أرض مطلة على مدينة القدس. وقالت مصادر إن السلطة الفلسطينية طبعت أكثر من خمسة آلاف علم عليها صورة درويش لكي يتم توزيعها خلال التشييع.
وقال وزير الخارجية في السلطة رياض المالكي إن دروش المولود في قرية البروة في الجليل سيدفن في رام الله "تبعاً لوصيته". وأكد "عدم الطلب من "إسرائيل" السماح" بدفنه في مسقط رأسه الذي دمر بشكل تام خلال حرب 1948.
واختارت السلطة الفلسطينية تلة جنوب رام الله تطل على مدينة القدس وتبعد عنها بضعة كيلومترات، لدفن محمود درويش إلى جانب قصر الثقافة.
وسيكون الضريح الى جانب المكان الذي ألقى فيه درويش آخر قصائده الجديدة (لاعب النرد) و(محطة قطار سقط عن الخريطة) في يوليو/تموز الماضي. وتم طبع أكثر من خمسة آلاف علم عليها صورة درويش لتوزيعها خلال التشييع.
وعقدت الحكومة الفلسطينية في رام الله بالضفة الغربية جلسة خاصة امس "وفاء لروح الراحل الكبير وأحد أعلام فلسطين وفقيد الثورة والشعب شهيد الوطن والثقافة الانسانية".
وقال سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني في بيان تلاه في بداية الجلسة "برحيل فارس الوطن والكلمة العذبة والجميلة يفقد الشعب الفلسطيني واحداً من أبرز بناة الهوية الثقافية والوطنية لشعب فلسطين الذي خلد بأشعاره الجميلة كفاح شعب ومعاناة أمة".
من جانب آخر تواصلت ردود الفعل العربية تجاه رحيل درويش حيث نعت المنظمة العربية للتربية والثقافة "الألكسو" الشاعر محمود درويش. وأكدت في بيان لها أمس ان درويش بقي ويبقى تراثاً شعرياً خالداً عبر الزمن مخلداً اسم فلسطين على كل شفة ولسان، فلسطين التي ابدها فنا شعرياً رائعاً حقيقة راسخة تتحدى محاولات الطمس التي يمارسها "الإسرائيلي" المحتل وتنتصر عليها.
وفي الإمارات قال الشاعر الإماراتي إبراهيم الهاشمي يتحدث عن الفراغ الذي سيتركه رحيل الشاعر الكبير محمود درويش على المستوى الإبداعي والشعري والإنساني: عندما قرأت ديوانه "لماذا تركت الحصان وحيداً" تأثرت كثيراً وظل الديوان هاجساً يمور في داخلي، سواء على مستوى تطويعه للمفردة لديه وتوظيفها، أو على مستوى رسم الصورة غير المألوفة والجديدة والحديثة في نفس الوقت، تلك الصورة التي تجسد الهم الخاص ومن ثم تنطلق نحو العام، وفعلاً قمت بتجربة جديدة استلهمتها من ديوانه فأقمت معرضي الأول في التصوير الفوتوغرافي من أجواء الديوان ومدى تأثري به، وكان المعرض في الشارقة في العام ،1995 وقد حضره محمود درويش شخصياً، وفي العام 2006 التقيته مرة أخرى، فإذا به يذكرني بالمعرض ومدى إعجابه وتأثره به، وهو ما يدل على تداخل الإبداعي بالإنساني في شخصيته وتجربته الحياتية والشعرية.
ويضيف إبراهيم الهاشمي: سنفتقد كثيراً لإبداع محمود درويش، نظراً للفراغ الذي سيتركه في الساحة الشعرية والأدبية العربية، فهو من القامات الشعرية الرائدة، التي أثرت في المشهد الشعري العربي عموماً، ولا توجد أي تجربة شعرية عربية تنتمي لأجيال السبعينات والثمانينات، إلا وتجد ذلك التأثير وتلك الدرويشية فيها.
لقد تعلمنا منه واستلهمنا الكثير من أسلوبه الفني والفكري، وأصبحنا من المنتمين للقضية العربية الرئيسية فلسطين، عبر قصائده وأشعاره، كما أن تأثيره تعدى وطننا العربي، إلى العالم عبر ترجمة أشعاره، وبالتالي التقيت بالعديد من الشعراء والمثقفين في أوروبا والعالم، الذين أكدوا أنهم يؤيدون القضية الفلسطينية من خلال دواوينه التي ترجمت إلى اللغات الحية الأخرى في العالم.
وقال الشاعر عبدالله السبب: حين يترجل شاعر عربي كبير مثل محمود درويش عن حصانه ليتركه وحيداً إلا من الشعر والنثر والنصر على الألم وعلى مقتفي أثر الفراشات في حقول الزيتون، فذلك أن وصية يمهرها الراحل بنبض قلبه وشعره وتراب وطنه المتأجج في أوردتنا جميعاً وفي مخيلات بنات أفكارنا وفي قصائدنا الرابضة في الوعي أو الراكضة في اللاوعي.. وعلى ذلك، علينا نحن المعنيين بالكتابة أن نعي تماماً كيفية الالتفات إلى تلك الوصية بحرص وحذر شديدين.
وفي بيروت قال أمين عام اتحاد الكتاب اللبنانيين الشاعر غسان مطر: عندما يغيب محمود درويش، تنكسر الأبجدية، ويصير الكلام الجميل عاطلاً عن العمل. هذا الفينيقي الفلسطيني العربي كان جرحاً دائم النزف، ومبسماً لم يقو عليه بيلاطس البنطي، ولأنه هكذا كان، فقد زرعناه فينا كقوس نصر، وكأن قلبه لم يحتمل ان يغتال أهله، فآثر الانطفاء كي لا يرى.
وقال الشاعر هنري زغيب: صدمنا غيابك يا محمود وانت مازلت على فوهة البركان، كيف تغيب، والبركان لم يخمد بعد، وهو قضية، وشهداء، وضحايا؟ بحاجة نحن بعد إلى قلمك المناضل المقاوم، ان الكلمة التي ناضلت بها، وقاومت بها، وشهرتها في وجه العدو "الإسرائيلي" كانت أوجع عليه من القنابل، والرصاص والصواريخ.
نحتاج كلمتك بعد يا محمود، لعل غيابك يعرف تعزية لنا، ودعوة إلى الشعراء كي يواصلوا ثورتهم إلى المقاومين كي يواصلوا مقاومتهم، والى فلسطين إلى النداء الذي لم تنفك تطلقه، حتى تعود القدس كما شئت، وكما نشاؤها جميعاً، إلى حضنها الأول في فلسطين.
ان غياب محمود درويش ليس غياب شاعر عادي، بالتالي سيسجل غيابه فراغاً كبيراً في ساحة الشعر العربي ، وأشعر بأننا سننتظر الكثير بعد حتى يعود الينا محمود درويش آخر، يملأ ما كان شاعرنا الكبير ملأه شعراً وأقماراً ناصعة في سمائنا.
محمود درويش أشعر بأنني خسرت صديقاً غالياً، وبأنني خسرت شاعراً متمكناً، وأنني سأشعر بفراغ كبير، لأن غياب الشاعر مغاير عن غياب الأصدقاء العاديين، غياب الصديق يعنيني أنا، أما غياب الشاعر فيعنيني أنا بقدر ما يعني غياب النجمة عن جمال الشعر.
وقال عمر فاضل: رئيس النادي الثقافي العربي في بيروت حزنت جداً للرحيل المفاجئ والمبكر للشاعر الفلسطيني العربي الكبير محمود درويش.
أشعر أن الأرض الفلسطينية المنكوبة ستزداد حزناً على حزن لغيابه كذلك الدنيا العربية ستزداد فقراً على صعيد الروح والوجدان، لقد كان الراحل الكبير يشكل بشعره الملهم وإطلالاته على الساحة العربية رافعة معنوية ووجدانية وثقافية لنا جميعاً لقد استطاع الراحل الكبير ان يرتفع بمستوى القضية الوطنية العربية الفلسطينية إلى مستوى الملاحم التي لامست مشاعر الإنسان في هذا العصر كذلك استطاع أن يرتفع بشعره إلى مستوى إبداعي لا يضاهى، فحقق لنا كسباً مزدوجاً ، كسباً لقضية الإنسان الفلسطيني الصامد في وجه الظلم وسياسات الإذلال والمتمسك بحقه الإنساني والوطني وكسباً لحركة الإبداع الأدبي والشعر، حيث بلغ شعره مستوى إبداعياً حقق مكانة عالمية عالية فترجم إلى لغات عدة ولا بد لي أن أقول ان محمود درويش قد اقتحم كل الحدود والسدود في عالمنا العربي الواسع ووصلت كلمته وعبارته إلى روح كل عربي وعربية في معرض الكتاب في الرياض الذي اقيم شهر مارس/ آذار الماضي، فقد نفدت مئات المئات من النسخ من دواوينه دليلاً على ما للشاعر الراحل من مكانة في الوجدان العربي القومي، إلاّ أن قافلة الإبداع العربي لن تتوقف، فكما خرج محمود درويش من قلب الحزن والمأساة ليعبر في أروع صورة عن الصراع الإنساني في وجه الاذلال والظلم ويبشر بغد الحرية والعدالة فكذلك سيولد من رحم الألم والصراع مبدعون آخرون يكملون الطريق، طريق محمود درويش الشاعر المثل والمثال شاعر الأمة الذي تبكيه الآن.
وقالت الشاعرة نور سلمان: أنا مازلت في حزن الخسارة، والخسارة تقلل كثيراً من الكلام لتكبر الصمت المتأمّل. لماذا تركنا هذا الكبير ألأن لكل شيء نهاية أم أن القلب لم يعد يستطيع تحمل هموم تفوق الحب. لقد كان محمود درويش مسكوناً بهموم القضية، وهو نسر في سماء الأدب مجدّد ليس في القالب فقط بل في المضمون، يعبّر بكلام سلس عن معان أكبر بكثير من الكلام!
انا حزينة، وحزينة جداً وخسارة الأدب العربي الحديث كبيرة لأن شعراء القضايا الكبرى قلّة ونخبة وهو في طليعتها شعره للخاصة وللعامة يهزّ السواكين ويوقظ الغفلات ويذكّر بقداسة الأرض التي منها قداسة الإنسان.
أكبر تعزية لمحمود هي جمهور محمود. أقبل على شعره بعفوية بدون دفع وصفق له بكل جوارحه. هذه ظاهرة، قد تكون للظواهر الكبيرة في عالمنا العربي قدر يجعل من عمرهم أقصر مما نطلب.
وقال الشاعر حسن عبد الله: برحيل محمود درويش يرحل آخر شاعر عربي يملك السرّ العميق والخفي للقصيدة العربية، كما انتهت الينا منذ قرون بعيدة، فالإيقاع الحقيقي والأصيل والخالد عبر الزمن لهذه القصيدة لم يكن يملكه أحد مثل محمود درويش، والصورة الشعرية المدهشة التي تختزل روح البلاغة العربية لم تتلألأ في شعر كما تلألأت في شعره. وهو من الشعراء العرب القلائل في هذا العصر الذين امتلكوا موهبة شعرية يمكن أن توصف بالعظمة. لقد وقع محمود درويش منذ بداياته في أسْر حبه لوطنه فلسطين وأعطى لفلسطين وللقضية الفلسطينية ما لم يعطه شاعر آخر لوطنه ولقضيته.
لقد وهب الآخرون لفلسطين الدماء والعرق والدموع أما هو فقد وهبها الجاذبية والجمال ورفعها في شعره إلى مرتبة مثالية بلغت حدّ القداسة، وجعلها قضية تستحق ما يبذل من أجلها من تضحيات. والآن بعد موت محمود درويش المفاجئ والفاجع، فإننا نودعه وهو يرحل عن هذا العالم لنذهب ونلاقيه حيّاً أبداً وجميلاً أبداً في شعره الذي يستحق عن جدارة صفة الخلود.
وقال الروائي الياس العطروني: محمود درويش ليس حالة شعرية ولا يجوز التحدث عنه كشاعر لأن في ذلك انتقاصاً من حالة نادرة يندر أن تجتمع في شخص واحد. محمود درويش كان صوت شعب بأكمله ومجسّداً لقضية من أنبل القضايا في العصر الحديث. لقد استطاع محمود درويش من خلال مزج سحري أن يوقظ الضمائر في شتى أنحاء الكوكب بعد أن ترجم إلى 44 لغة ومن هنا نستطيع أن نقول أنه نشر فلسطين في العالم وعمم مأساتها وهو بذلك قد استطاع إنجاز ما لم تستطع أجهزة الإعلام العربية بأكملها منذ تاريخ النكبة ولغاية الآن إنجازه.
وقالت الروائية أملي نصر الله: محمود درويش شاعر بكل كيانه وحضوره يتدفق شعره كما تتدفق مياه الينابيع ليعبر عن الشاعر والتزامه الذي لم يقلل أبداً من وهج شاعريته. وفاته المبكرة خسارة لأهله وأصدقائه كما للشعر والقضية الفلسطينية التي حملها دائماً في نور عينيه وبين شغاف قلبه.
قال الروائي والشاعر إبراهيم نصر الله "محزن للغاية ومصاب كبير، هذا الموت أصابنا جميعاً، أصاب أحلاماً بُنيت على أكثر من خمسين عاماً، وأصاب أملنا في مستقبل انتظرناه. محزنٌ الرحيل قبل أن تتحقق الأحلام، ومحزنٌ ونحن ننظر إلى هذا الواقع المتردي. هي تراجيديا ملهاة، نتأملها وطنياً وإنسانياً، وفي الحالين تصيبنا في القلب".
وعبر الشاعر جريس سماوي أمين عام وزارة الثقافة عن حزنه الفادح: "أشعر بالخسارة والفقدان على الصعيد الشخصي وعلى الصعيد الثقافي بفقدان محمود درويش، فلقد كان صديقاً قريباً وحميماً، وكان حالة تمثل الأكثر شفافية والأكثر نبلاً والأكثر إبداعاً. إن فقدان قامة عالية مثل درويش سيترك أثراً بالغاً في حركة الشعر العربي الحديث. لقد كان اختراقاً شعرياً وحالة استثنائية، واستطاع بإبداعه العالي أن يجرّ الجمهور إلى مساحاته الإبداعية وتخومه ضمن شروطه هو، لا شروط الجمهور.لم أكن أتوقع موته، وكنت أعد العدة بالترتيب معه لأمسية شعرية كبرى له في عمّان. لكن درويش أنهى الآن كتابة قصيدته بشكلها النهائي. لقد قدمتُه في أكثر من أمسية شعرية، وفي أكثر من توقيع كتاب، وعندما قدمته في توقيع كتابه (في حضرة الغياب) لاحظت الحضور الطاغي للموت في نصه، ذلك النص الجارح والحزين والمليء بالوجد".
واعتبر رئيس رابطة الكتاب الأردنيين سعود قبيلات أن "رحيل درويش خسارة كبيرة للحركة الثقافية العربية. لقد نقل القصيدة العربية إلى مستويات متطورة، وأصبح علامة مهمة في الأدب العالمي ككل، وعبّر عن قضية شعبه العادلة بلغة إنسانية وأدبية رفيعة، ولذلك سيبقى أدبه خالداً بعده، وسيصبح جزءاً مهماً من التراث الأدبي العربي والإنساني".
وقال الشاعر د. عز الدين المناصرة "عندما جاءني الخبر فزعت فزعاً شديداً، لأن علاقتي الشخصية بمحمود درويش، هي علاقة الصداقة العميقة في الحياة، وفي الشعر. وزاد من حزني عليه أننا افترقنا منذ سبع سنوات على خصومة ملتبسة لعب فيها بعضهم دوراً كبيراً، فلا هو عاتبني، ولا أنا عاتبته، لكنني لم أقل في أية لحظة أن درويش ليس شاعراً كبيراً، بل هو شاعر كبير موهوب، استطاع أن يوصل حداثته الشعرية الخاصة إلى الجماهير العريضة، التي أحبّت قصائده.
ونوه الروائي إلياس فركوح الى أنه "رغم حالة التوقع برحيل درويش، إلا أن الحدث بحد ذاته شكّل صدمة لا مهرب منها، إذ الوقْع تركَ في داخلي سؤال الفراغ كم هو كبير سيكون إذ رحل شاعرنا الكبير. ليس سهلاً استبدال شاعر بآخر، فكيف يكون الحال إذا ما غاب عنا صاحب قامة شعرية أرى أن الثقافة العربية لن تنتج مثيلاً لها عبر عقود وعقود. لم يكن محمود درويش مجرد شاعر، ولم يكن مجرد فلسطيني، ولم يكن مجرد نجم ثقافي. بل كان ذلك كله، إضافة إلى كونه أحد المثقفين العرب الأعمق معرفةً والأحرص على نقاء المفردة حين يرصفها إلى جانب غيرها في سطر لم يكتمل رغم مئات الصفحات التي ملأها. أرى أن درويش لم يكمل جملته بعد. ربما ترك البقية لنقولها نحن، لكنني على ثقة كاملة، بأننا مهما اقتربنا من تلك الجملة فلن تكون جملته هو. رحيل درويش خسارة كبيرة بحق الشعر العربي والشعر في العالم".
ويذهب الروائي جمال ناجي الى القول: "أنا واحد ممن فجعوا بهذا الخبر غير السار، وما أزال تحت وقع الصدمة، ليس بسبب مفاجأة الموت، وإنما بسبب الخسارة الفادحة التي مُني بها الأدب العربي جراء موت واحد من أصحاب المدارس الشعرية المجددة التي تأثر بها الكثيرون من الشعراء العرب، وشكلت ما يشبه الموجة التي امتد تأثيرها في أبيات وقصائد كثيرة، في كل أنحاء الوطن العربي، الأمر الذي يدعوني إلى القول إن هذا التأثير في صيغته المستقبلية قد توقف، وأصبح علينا أن نعيد قراءة أعمال درويش وتفسيرها واستيعابها، فهذه هي الطريقة الوحيدة التي نضمن خلالها بقاءه بيننا، دون أن نغفل الدور العالمي الكبير الذي اضطلع به شاعرنا في الدفاع عن الحق الفلسطيني، عبر القنوات والوسائل الإعلامية العالمية التي قدمت أفكاره التي كان لها أثر كبير في خدمة هذه القضية".
وقال الشاعر يوسف عبد العزيز: "بوفاة الشاعر العربي الكبير محمود درويش يكون الشعر قد تيتم تماماً، ليس هذا فحسب، تكون فلسطين قد تيتّمت على نحو خاص، فهذا الأب الشعري الذي انشغل منذ بداياته بتقديم فلسطين إلى العالم من خلال مشروعه الكبير رحل في أوج عطائه. في أعماله الأخيرة كان يبدو للجميع أنه يخاتل الموت الذي يتربص به في كل مكان، إلى الحد الذي كان يترك فيه الباب لأصدقائه دون المفتاح. إذا كان هذا الشاعر الكبير قد مات فلنا في شعره العظيم العزاء، فأعماله الكثيرة ما تزال تشع بكل ذلك الدفق والحنين والحب والجمال".
وقال الناقد د. محمد عبيد الله: "لا شك أن فقدان درويش يشكل صدمة للمثقف والإنسان العربي بشكل عام، فغيابه في هذا الزمن الصعب غياب لصوت الإبداع والحرية ولكل المعاني التي ارتبطت باسم محمود درويش كمرادف لفلسطين طوال العقود السابقة".
وفي اليمن تصاعدت أصداء رحيل الشاعر الكبير محمود درويش فإلى جانب بيانات النعي المتواصلة من غير هيئة ومنظمة وجمعية ومؤسسة ثقافية، هناك الكتابات والقصائد الرثائية، التي توالت تباعاً في مختلف الدوريات اليمنية، الثقافية وغير الثقافية منها، كما فتح اتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين، مقرات فروعه الأحد عشر بالمحافظات اليمنية، لاستقبال العزاء والمواساة ابتداء من أمس الأول وحتى اليوم.
وقد نعت الأمانة العامة لاتحاد الأدباء والكُتاب اليمنيين وفاة درويش، فوصفت رحيله بأنه "رحيل مؤلم وحزين وخسارة فادحة للفكر والأدب والثقافة العربية والإسلامية ويمثل خسارة جسيمة للإنسانية جمعاء (...) ويفقد الشعب الفلسطيني ومعه الأمتان العربية والإسلامية واحداً من فحول الشعراء الذين أسهموا في إثراء الساحة الثقافية والأدبية والفكرية بشكل لافت وأسهموا في خلق وعي ثقافي مختلف ومائز لأجيال متعاقبة".
ونعى بيت الشعر اليمني الشاعر الراحل، فعَده "من أساطين الشعراء العرب الرواد المجددين"، واعتبر أن "هذا العلم الشعري الكبير قد أدى رسالته في الحياة شاعراً رائداً مجدداً ومثقفاً ومناضلاً تجاه نفسه، وأهله، وقومه، وأمته، وثقافته، ولغته، وقضيته: قضيه الشعب الفلسطيني العادلة، والإنسانية جمعاء، وحمل قضيته ومظلومية شعبه الفلسطيني جاعلاً من أشعاره سلاحاً حقيقياً مرادفاً للبندقية في سياق الفعل النضالي المستمر بامتياز".
واصدر الحزب الحاكم في اليمن (المؤتمر الشعبي العام) بيان نعي إلى الشعب الفلسطيني والأمة العربية والعالم في "وفاة شاعر المقاومة الفلسطينية والحرية محمود درويش، احد ابرز العمالقة في سماء الشعر العربي"، مُعتبراً أن الفقيد "مَثلَ في حياته الشعرية قطباً مقاوماً ترعرعت على افياء أبياته كل معاني الحرية والنضال والسلام، وصوتاً منافحاً أوصل قضية الشعب الفلسطيني إلى كل بقاع العالم ثائراً وشاعراً ومقاوماً".
واختار المستشار الثقافي للرئيس اليمني ورئيس مركز الدراسات والبحوث اليمني الشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح "وحتى تهدأ العواطف وتجد الكلمات طريقها إلى البوح بما كانت ترغب في أن تبوح به" أن يوجه "عزاءً صادقاً من القلب إلى فلسطين وإلى الأمة العربية، وإلى الشعر والشعراء، بوفاة الشاعر الكبير محمود درويش.. عزاء لحيفا والقدس، ولصنعاء وبيروت ودمشق وللقاهرة وتونس، عزاء لكل العواصم العربية التي احتضنت بمحبة وإعجاب صوت هذا الشاعر المناضل".
ونعى وزير الإعلام اليمني الشاعر حسن أحمد اللوزي في حديث ل "الخليج": وفاة الشاعر الكبير محمود درويش ونقل عزاءه الخالص لكل القراء، وقال: "يصعب علي أن أختار من الكلمات ما يعبر عن ذلكم الحزن العميق والألم الجارح الذي تملكني وأنا استمع إلى دولة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض وهو يحدث دولة رئيس الوزراء اليمني د.علي محمد مجور على مائدة العشاء عن الحالة الحرجة التي وصل إليها الفقيد العظيم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.