الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
14 أكتوبر
26 سبتمبر
الاتجاه
الاشتراكي نت
الأضواء
الأهالي نت
البيضاء برس
التغيير
الجمهور
الجمهورية
الجنوب ميديا
الخبر
الرأي الثالث
الرياضي
الصحوة نت
العصرية
العين أون لاين
المساء
المشهد اليمني
المصدر
المكلا تايمز
المنتصف
المؤتمر نت
الناشر
الوحدوي
الوسط
الوطن
اليمن السعيد
اليمن اليوم
إخبارية
أخبار الساعة
أخبار اليوم
أنصار الثورة
أوراق برس
براقش نت
حشد
حضرموت أون لاين
حياة عدن
رأي
سبأنت
سما
سيئون برس
شبكة البيضاء الإخبارية
شبوة الحدث
شبوه برس
شهارة نت
صعدة برس
صوت الحرية
عدن الغد
عدن أون لاين
عدن بوست
عمران برس
لحج نيوز
مأرب برس
نبأ نيوز
نجم المكلا
نشوان نيوز
هنا حضرموت
يافع نيوز
يمن برس
يمن فويس
يمن لايف
يمنات
يمنكم
يمني سبورت
موضوع
كاتب
منطقة
فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025
الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014
انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية
وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي
مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع
حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..
"خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي
عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل
رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين
هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟
لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن
وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي
هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة
الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو
حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم
عن الصور والناس
أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت
الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم
إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"
النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا
البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع
اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش
رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!
غريم الشعب اليمني
مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة
الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب
درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية
جازم العريقي .. قدوة ومثال
دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام
العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن
إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي
مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين
تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل
معسرون خارج اهتمامات الزكاة
الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية
نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي
الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة
الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي
لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين
اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي
صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني
صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني
النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين
اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري
برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد
الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل
أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية
غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا
علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!
حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى
القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !
عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب
حضرموت والناقة.! "قصيدة "
حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة
الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة
ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل
يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!
دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
آمال عوّاد رضوان تفتحُ آفاقَ جَمالٍ جديدةً عبْرَ تجربتِها الشّعريّةِ!
وجدان عبد العزيز
نشر في
الرأي الثالث
يوم 22 - 10 - 2013
كلّ مرّةٍ أتوسّلُ ذلكَ الجَمالَ المُختفي في أعماقي، كنسيمٍ يُلامسُني حينَ انبلاجِ فجرٍ جديدٍ وقراءةِ الشّعر، أتوسّلُهُ بوُدّ، حتّى عاهدتُ الحبيبةَ في لقاءٍ مفتوحٍ على سفوحِ نهْرِنا الجميل، وبمنتهى الشّجاعةِ، أن أمنحَ العالمَ ما هو أكثَ بقاءً مِن الحُبّ، ذلك الصّدق المَسكون بوطنٍ يَجمعُنا..
هذا ما هامسَتني به أعماقي، وأنا أعيشُ لحظاتِ الشاعرة آمال عوّاد رضوان، في مساحاتِها الشّعريّةِ المُعشوشبةِ، في ديوانها "رحلةٌ إلى عنوانٍ مفقودٍ"، فتقول ص 10:
(آمَال؛ لَيْستْ سِوَى طِفْلَةٍ خَضْرَاءَ انْبَثَقَتْ مِنْ رَمَادِ وَطَنٍ مَسْفُوكٍ فِي عُشٍّ فِينِيقِيٍّ مُنْذُ أَمَدٍ بَعِيدْ! أَتَتْ بِهَا الْأَقْدَارُ، عَلَى مُنْحَنَى لَحْظَةٍ تَتَّقِدُ بِأَحْلاَمٍ مُسْتَحِيلَةٍ، فِي لُجَّةِ عَتْمٍ يَزْدَهِرُ بِالْمَآسِي، وَمَا فَتِئَتْ تَتَبَتَّلُ وَتَعْزِفُ بِنَايِ حُزْنِهَا الْمَبْحُوحِ إِشْرَاقَاتِهَا الْغَائِمَةَ، وَمَا انْفَكَّتْ تَتَهَادَى عَلَى حَوَافِّ قَطْرَةٍ مُقَدَّسَةٍ مُفْعَمَةٍ بِنَبْضِ شُعَاعٍ، أَسْمَوْهُ "الْحَيَاة"!).
يُشكّلُ (الشّعرُ والوجودُ عندها) بؤرةً رؤيويّةً تأويليّةً تعدّديّةً، تُدركُ الكينونةَ، بوصْفِها انفتاحًا للموجود، "على أنّ الإنسانَ لا يَستطيعُ معرفةَ ما لا يُمكنُ حسابُهُ، أي أنْ يَصونَهُ في حقيقتِهِ، إلّا انطلاقًا مِن مُساءلةٍ خلّاقةٍ وقويّةٍ، تُستمَدُّ مِن فضيلةِ تأمّلٍ أصيل.." )!
من هنا بدأتْ رحلتي، حيثُ تبدأ رحلةُ الشّاعرةِ آمال عوّاد رضوان، بقلقٍ مُستمرٍّ، متصاعدٍ، مُتفاعلٍ معَ أشياء الكوْنِ والحياة، وبمُساءلةٍ خلّاقةٍ وقويّةٍ، تُستمَدُّ مِن فضيلةِ تأمُّلٍ أصيلٍ.. ولا ألو جهدًا أنْ أبحثَ في مَظانّ أشعارِها، المُفعمةِ بالبحثِ الدّؤوبِ عن جَماليّةِ الحياةِ وكُنهِ الكوْن..
(الشعرُ صياغةٌ وضربٌ مِنَ التّصويرِ، "على حدِّ تعبيرِ الجاحظ، وانفعالٌ وجدانيٌّ يستجيبُ لنداءاتِ الطبيعةِ، مُعتمِدًا الإيقاعَ، اللّغةَ، الصّورةَ، مَحطّاتٍ تُساهمُ في إبداعِهِ وتَشَكُّلِهِ، وهي تحتضنُ مَضمونًا إنسانيًّا، إضافةً الى تقاناتٍ فنّيّةٍ مُضافةٍ، كالحوارِ المونولوجيّ، والتّذكيرِ، والتّذكُّر، والاستذكارِ، والتنقيطِ، والقناعِ، والرّمزِ، توظّفُها الشاعرةُ آمال لتقديمِ رؤيةٍ أو فكرةٍ مِن جانبٍ، وإضفاءِ جَماليّةٍ على نصِّها مِن جهةٍ أخرى، باسترجاعِ الأشياءِ الضائعةِ، عبْرَ حُلمِيّةٍ تعتمدُ اللّغةَ المُكثّفةَ المُتميّزةَ بانزياحاتِها عن المألوفِ، عبْرَ مَناخاتِها المُتجاوزةِ لمَوضوعاتِها والمُتقاطعةِ، وعبرَ عناصرِ الذّاكرةِ والواقعِ بكلّ موْجوداتِهِ..)!
تقولُ الشاعرةُ آمال عوّاد رضوان ص 15 بقصيدة "أقمْ محرقةَ أقمارِكَ بأدغالِ مائي":
غَبَشُ شَهْقَةٍ سَحَّها أَرِيجُ اللَّيْلِ عَلَى شَلاَّلِ غِيَابِكَ/ فَاضَتْ شَجَنًا خَرِيفِيًّا عَلَى مَرْمَى وَطَنِي/ هَا الْمَوْتُ كَمْ تَاهَ فِي نَقْشِ مَجْهُولٍ/ كَمْ هَدْهَدَتْهُ هَمَسَاتُ فُصُولِكَ/ وَبِسِكِّينِ وَهْمِهِ الْمَاضِي/ كَمْ قَصْقَصَ حِبَالَ ضَبَابِكَ! / يَااااااااااااه/ كَمْ رَاوَغَهُ هَمْسُ تَأَوُّهِكَ:/ أَقِمْ مِحْرَقَةَ أَقْمَارِكَ بِأَدْغَالِ مَائِي/ بِرُفَاتِ طَيْفِي الْمَسْلُوبِ/ وَتَبَدَّدْ بِفَرَاشِي الأَزَلِيِّ!/.
(وهنا تَحضرُ روحُ الشّاعرةِ آمال بجَمالها الفاضح، لتعيشَ غيابَ الآخرِ، تاهَ في نقشٍ مَجهولٍ، ولهذا كانتْ دعوتُها الانفعاليّةُ بقوْلِها:
(أَقِمْ مِحْرَقَةَ أَقْمَارِكَ بِأَدْغَالِ مَائِي)، وهنا تكمنُ رؤيتُها الجَماليّةُ، باتّخاذِها الماءَ قيامةَ حياة..
يقول هيجل: (إنّ للفنِّ هدفيْن: الأوّلُ أساسٌ، ويَتمثّلُ في تلطيفِ الهمجيّةِ بوجهٍ عامٍّ وتهذيبِ الأخلاق، والثاني نهائيٌّ، وهو كشفُ الحقيقةِ، وتمثيلُ ما يَجيشُ في النّفسِ البّشريّة)! إذن؛ الهدفُ يَكمنُ في الكشفِ عن كلِّ ما هو جَماليٌّ وجوهريٌّ في النفس، وتحفيزِها في مُؤثّراتٍ جَماليّةٍ مِن خلالِ اللّغة.
يقول عنها أدونيس:
(اللّغةُ أكثرُ مِن وسيلةٍ للنّقلِ أو للتّفاهمِ، إنّها وسيلةُ استبطانٍ واكتشافٍ، ومِن غاياتِها الأولى أن تُثيرَ وتُحرّكَ، وتَهزَّ الأعماقَ، وتفتحَ أبوابَ الاستبطان. إنّها تُهامسُنا لكي نصيرَ أكثرَ ممّا تهامسْنا لكي نتلقّن. إنّها تيّارُ تحوُّلاتٍ، يَغمرُنا بإيحائِهِ وإيقاعِهِ وبُعدِهِ. هذه اللّغةُ فعلٌ، نواةُ حركةٍ، خزّانُ طاقاتٍ، والكلمةُ فيها أكثرُ مِن حروفِها وموسيقاها، لها وراء حروفِها ومقاطعِها دمٌ خاصٌّ، ودورةٌ حياتيّةٌ خاصّة، فهي كيانٌ يَكمُنُ جوهرُهُ في دمِهِ لا في جلدِهِ، وطبيعيٌّ أن تكونَ اللّغةُ هنا إيحاءٌ لا إيضاحًا).
تقولُ الشاعرةُ آمال عوّاد رضوان ص28 في قصيدة "وحدكِ تُجيدينَ قراءةَ حَرائقي":
(أَنَا يَا ابْنَةَ الْمَاءِ/ مَنِ اغْرَوْرَقَتْ دَهَالِيزُ دَهْشَتِي بِغصَّةِ زَبَدِي/ اسْتَغَثْتُ:/ أَلاَ هُبِّي نَوَافِيرُ رَمْلِي/ اِسْتَحِمِّي بِبُحَيْرَةِ ضَوْءِ حَبِيبَتِي!/ كَظَبْيَةٍ دَافِئَةٍ/ رَابَطْتِ عَلَى حُدُودِ انْشِطَارِي/ وَعُيُونُ أَصْدَافِكِ تُطَارِدُ رِيحِي!/ أَيَا كَآبَةَ فَرَحِي/ لِمَ أَلْقَيْتِ بِيَاقُوتِ صَخَبِكِ عَلَى حَوَاشِي كَبِدِي/ وَوَلَّيْتِ تَرْقُصِينَ/ تُدَغْدِغِينَ بِقَوْسِكِ الْمَاسِيِّ/ شِرْيَانَ غُرُوبٍ يَنْزِفُنِي؟)
بهذهِ اللّغةِ الشّعريّةِ المُراوغةِ في فننٍ وارفٍ مِنَ الجّماليّة، تتبلورُ رؤيةُ الشاعرة آمال عوّاد رضوان، ولذلك، فإنّ (شوبنهور يَسمو بالقيمةِ الجَماليّة، ويَضعُها في أعلى مكانٍ ومستوى، يُمكنُ أن يَرقى إليهِ الإنسان).
فيُقرّرُ شوبنهور في كتابه "العالم إرادة وتمثّلًا": إنّ العالمَ حيثُ يَظهرُ ويتحوّلُ في إدراكِنا إلى تصوُّرٍ، ولكنّهُ في حقيقتِه وجوهرِهِ إرادةٌ، وانّ هذه الإرادةَ الّتي هي جوهرُ موجوداتِ هذا العالم وحقيقتُهِ، ما هي إلّا قوّةً عمياءَ غيرَ عاقلة، والغايةُ مِن الفنّ عندَ شوبنهور، هي الوصولُ إلى نوعٍ مِن الغناءِ التّامّ، أو الغبطةِ الشّاملةِ، الّتي تتحقّقُ إرادةُ الفنّانِ عن طريقِها، ومِن خلالِ إبداعِهِ الفنّيّ!
وكانتْ تُداخلُني عدّةَ أسئلة، مِن خلال استمراري في قراءةِ مساحاتِ آمال الشّعريّة، عبرَ تجاربِها الكثيرةِ الّتي تبلورَتْ عن إنتاجٍ عيانيٍّ مِن الشّعر، مُردّدةً: (وَكُنْتِهِ رَغْوَةَ لُؤْلُؤٍ/ كُنْهَ صَدَفَةِ رَبِيعٍ تَغْشَى شِفَاهَ تَوَسُّلٍ مَزَّقَتْنِي/ تَنْدَهُ مِلْءَ الشَّهْوَةِ)!
فشهوةُ آمال هي البحثُ عن الجَمال ومَلاذاتِ الحُبّ، ثمّ رؤيا الاقتراب مِن الآخر، كوْنه قطبًا كونيًّا مُعادِلًا لحقيقةِ الحياةِ، وسفينتُها المُبحرةُ في هذا هي اللغة، وبهذا التعبير عن الحُبّ، من خلال اللّغةِ الّتي يَقولُ عنها أدونيس:
(اللّغةُ أكثرُ مِن وسيلةٍ للنّقلِ أو للتفاهم، إنّها وسيلةُ استبطانٍ واكتشافٍ، ومِن غاياتِها الأولى أن تُثيرَ وتُحرّكَ، وتهزَّ الأعماقَ، وتفتحَ أبوابَ الاستبطان. إنّها تُهامسُنا لكي نصيرَ أكثرَ ممّا تُهامسُنا لكي نتلقّن. إنّها تيّارُ تحوّلاتٍ يَغمرُنا بإيحائِهِ وإيقاعِهِ وبُعدِهِ. هذه اللّغةُ فعلٌ، نواةُ حركةٍ، خزّانُ طاقاتٍ، والكلمةُ فيها أكثرُ من حروفِها وموسيقاها، لها وراء حروفِها ومَقاطعِها دمٌ خاصٌّ، ودورةٌ حياتيّةٌ خاصّة، فهي كيانٌ يَكمنُ جوهرُهُ في دمِهِ لا في جلدِهِ، وطبيعيٌّ أن تكونَ اللّغةُ هنا إيحاءً لا إيضاحًا).
إذن؛ إيحاءاتُ الشاعرة آمال عوّاد رضوان مِن خلالِ لغتِها الشفّافة، والمُنسابةِ إلى رُبى الروح، ترقصُ أبدًا في مِحرابها، لتتلوّنَ بالمُغايرة، وحسبَ قابليّةِ الشاعرةِ والموقفِ الّذي يَكتنفها.
ومِن هذه المَسارات، (اتّجهت القصيدةُ العربيّةُ الجديدةُ في سِياقاتِ تطوّرِها وتحديثِها المُتنوّعة، إلى الاشتغال على المعنى الشعريّ، بوصْفِهِ تجربةً تتجاوزُ حدودَ الدّلالةِ الكبرى، لتدخلَ في فضاءِ السيمياء، فكانَ المكانُ موضوعًا رئيسًا وأوّليًا مِن موضوعاتِ هذهِ التّجربة. وبما أنّ الجسدَ الشاغلُ الأساسُ للمكان، والمُنتجُ الأوّلُ للمعنى، فقد احتفتْ بهِ القصيدةُ الجديدة، وقاربتْهُ بمناخٍ مُختلفٍ ورؤى مُتعدّدةٍ، غيرَ أنّ ذلك لم يكنْ بالعمق والأصالةِ المطلوبَيْنِ عندَ الكثيرين، لكنّهُ عند البعض الآخر الواعي لحساسيّاتِ مُفرداتِهِ وخلفيّاتِها، كان عميقًا وأصيلًا ومُنفتِحًا على فضاء الموضوع.) ص138 تمظهرات.
تقول الشاعرة آمال عوّاد رضوان ص32 في قصيدة "طعمُكِ مُفعَمٌ بعِطرِ الآلهةِ":
:مُهْرَةَ رُوحِي الْحَافِيَة/ أَلاَ هُزِّي عَتْمَةَ وَجْهِي الذَّاوِيَة/ سَرِّحِيهَا نَوْرانِيَّةَ عَدَالَةٍ فِي مَسَامَاتِ جِهَاتِ مَوازينِكِ/ عَلَّنِي أَنْغَمِسُ بِكِ خُبْزَ بَرَاءَة/ لاَ تُقْصِينِي أَيَا طُوفَانِيَ الْمُشْتَهَى/ نَوَافِيرُ فَرَارِكِ فَجَّرَتْ ضَوْئِيَ اللَّيْلَكِيّ/ طَاغِيَةُ الْحُمْرَةِ بَاتَتْ شَهْقَاتُ خَيَالِي الْكَافِرِ/ كَجَذْوَةٍ مُجَمَرَّةٍ غَدَتْ خَفَقَاتِي!/
ثَنَايَا انْكِسَارَاتِي/ مَا فَتِئَتْ تُؤْنِسُنِي بِصَوْتِكِ الْمُتَهَجِّدِ/ حُضُورُكِ .. مَا انْفَكَّ يُبْهِرُنِي صُدَاحُهُ/ يَجْلِبُ لِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ الْمَطَرَ/ يَجْعَلُنِي أَذْرِفُ كُلَّ عَنَادِلَ لِبْلاَبِي/ مَنْ يُنْجِدُنِي مِنْ سَطْوَةِ صَوْتِكِ/ حِينَ تفْتَحُ لِي غِرْنَاطَةُ السَّمَاء؟/ أَو حِينَ أَنْهَمِرُ غُيُومًا عَلَى كُلِّ مَوْجَةٍ/ تَنْدَاحُ مِنْ شَفَتَيْكِ "حَيَاتِي"؟
هذه الانطواءاتُ الشّعريّةُ العازفةُ على إيقاع اللّغة، تُظهرُ بوضوحٍ مَدى تعلُّقِ الشاعرة بالبحثِ الجادِّ والمُقلق، عمّا يُعادل رؤاها من أمكنةٍ افتراضيّة، سواء جسديّةً أو من أمكنةِ الطبيعة، لتكونَ مَحلَّ تَزاوُرِ آمال ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشّمال، وأوراقُها مَبسوطةٌ أمامَها، تَستقبلُ احتراقاتِ الذّات..
أي؛ (أنّ الشاعرَ يُسَخّرُ كلّ ما يملكُ مِن طاقاتٍ فنّيّةٍ، في سبيلِ خلقِ الصورةِ، ونقلِها إلينا بكاملِ صِفاتِها وخصائصِها، وبما يَتلاءمُ وواقع تجربتِهِ في القصيدة، فهو "يُصوّرُ الأشياءَ كما يراها، يلتقط ظلالَها الهاربة، وأشكالَها المُتغيّرة، لكي يَجعلَنا نحسُّ بها، كما يُحسُّ هو بها"، بثباتِها، وحركتِها، وفعاليّاتِها المُتنوّعةِ والمُتعدّدةِ، وهي تخضعُ لطبيعةِ التجربة، وكيفيّةِ حضورِها الشعريّ في القصيدة.)!
وهنا لا بدّ مِنَ الالتفاتِ إلى مسألةِ الإدراك، (فوظيفةُ الإدراكِ والفهمِ هي التّمييزُ بينَ محتوياتِ الوعي وتصنيفِها، وبينَ اللّذات الّتي تُصاحبُ عمليّاتِ التّمييزِ والتّصنيفِ، هذه هي الّتي يتكوّنُ منها جَمالُ العالم المَحسوس)!
فقولُها: (نَوَافِيرُ فَرَارِكِ فَجَّرَتْ ضَوْئِيَ اللَّيْلَكِيّ)، عالمٌ لا مَحسوسٌ، يُقابلُهُ قولُها: (يَجْلِبُ لِي مِنْ كُلِّ فَجٍّ الْمَطَرَ/ يَجْعَلُنِي أَذْرِفُ كُلَّ عَنَادِلَ لِبْلاَبِي)، عالمٌ محسوسٌ بحضورِ مادّيتِهِ المَلموسةِ عبْرَ الجسدِ، وكلا القوليْنِ تَعاملتْ معهما بطريقةٍ مُغايرة، أفضتْ إلى انقلابِ الصّورة.. أي عمدَتْ إلى تحريكِ الصورة.
(وغالبًا ما يتّكئُ الشاعرُ على "الفعل"، في تحريكِ مُفرداتِ الصورةِ وتَشعيرِها، بوصفِهِ الأدلّةَ الأولى الفعّالةَ في تحريك مُفرداتِ الصورةِ الشعريّة، إذ يُشكّلُ "الوجه الظاهر لحركةِ الصورة، ومِن ثمّ افتقار الصورة إلى الفعل، يَسلبُها دون شكٍّ تلكَ الطاقة على الحركة، ويُكسبُها نوعًا مِن السكون"، لتستقرَّ في القصيدة، على أنّها صورةٌ ثابتةٌ تنعدمُ فيها قابلةُ الحركةِ والتفاعل) ص98 الأداة الشعريّة.
فالأفعال: هُزّي، سَرِّحيها، وغيرها من أفعال الحركة، جعلتْ مِن الصورة ذاتَ شِعريّةٍ مُنفعِلةٍ نحوَ التأسيس، بتبلوُرِ رؤيةِ وموقفِ تجاه الحياة..
وأبقى هنا أردّدُ ما قالَهُ المُبدعُ الكبيرُ أدونيس:
(التغيرُ لا الثباتُ، الاحتمالُ لا الحتميّة ذلك ما يسودُ عصرَنا، والشاعرُ الّذي يُعبّرُ تعبيرًا حقيقيًّا عن هذا العصر، هو شاعرُ الانقطاع عمّا هو سائدٌ ومقبولٌ ومُعمّم، هو شاعرُ المفاجأةِ والرفض، الشاعرُ الذي يَهدمُ كلّ حدّ، بل الذي يُلغي معنى الحدّ، بحيث لا يبقى أمامه غير حركةِ الإبداع، وتفجُّرِها في جميع الاتّجاهات. هكذا تتّجهُ القصيدةَ العربيّة، لكي تصبحَ ما أسمّيه "القصيدة الكلّيّة" القصيدة التي تُبطلُ أن تكونَ لحظةً انفعاليّة، لكي تصبحَ لحظةً كونيّة، تتداخلُ فيها مختلفُ الأنواع التعبيريّة).
من هنا، أجدُ هذا الزخم الانفعاليّ العقليّ الذي تمتاز به الشاعرة آمال عوّاد رضوان، أعطاها القدرةَ الواضحةَ والواثقةَ في صنع مُغايراتٍ شعريّةٍ، بثّت إشاراتٍ إلى تكوين رؤيةٍ وموقفٍ، امتدّا عبرَ تجربتِها الشّعريّةِ الكبيرة ..
مصادر البحث :
كتاب (تمظهرات القصيدة الجديدة)، أ.د.محمد صابر عبيد عالم الكتب الحديثة. إربد
الأردن
الطبعة الأولى 2013 م ص138.
كتاب (عضوية الأداة الشعرية) أ.د.محمد صابر عبيد، سلسلة كتاب جريدة الصباح الثقافي، رقم 14، 2008م، ص98.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
آمال عوّاد رضوان تفتحُ آفاقَ جَمالٍ جديدةً عبْرَ تجربتِها الشّعريّةِ! بقلم:وجدان عبدالعزيز
آمال عوّاد رضوان تفتحُ آفاقَ جَمالٍ جديدةً عبْرَ تجربتِها الشّعريّةِ!
الشاعر نمر سعدي : فوضوي جميل..يعيش بينَ أمكنة المرئي واللامرئي
التقنيّة الشعريّة في سلاماتٍ مطريّة! علوان السلمان
التقنيّة الشعريّة في سلاماتٍ مطريّة!
أبلغ عن إشهار غير لائق