التهافت على المنافع والمصالح ، التي تعتبر أضيق من عين الإبرة ، أمام القضايا الكبرى للأوطان والشعوب التي تحترم نفسها ، لم يعد مقبولاً ، بأي شكلٍ من الأشكال ، خصوصاً في ظلّ أوضاع ، صارت فيها أخبار قتل وجرح العشرات من الناس كل يومٍ ، ، في نظر البعض شبيهة بذلك البرنامج القديم " صور من بلادي " الذي كان ينظر له البعض ، من زاوية الملل ، وبدون أي اهتمام، حيث لم يكن يخلق تفاعلاً وإثارة، لدى شرائح واسعة من المشاهدين ،كما أن تلك الأخبار وصور القتل والدماء ،ربّما إنها قد غدت أكثر من طبيعية ، مثلها مثل أخبار تسريح مئات وآلاف العمال ، بشكل يومي من الشقيقة " الكبرى " أو إنضمام آلاف الأطفال والنساء لطوابير الفقراء والمشردين داخل البلاد ، وعلى الحدود الشمالية، ورفاقهم المكدسين والمنتظرين لفرص التهريب لدول الجوار، في أحواش تجّار الرقيق في منطقة " حرض " وغيرها، الذين يبذلون أغلى ما يملكه الإنسان وهو الكرامة والعرض، مقابل كسرة خبز وقيمة دواء .. ياإلهي لكم يبدو الجميع قساة وإنتهازيين وبشعين، ولإنسانيين.! ولكم يبدو الجميع ، وكأنهم وحوشٌ غير قابلة للترويض ،أو التأثر بمشاهد الضواري وهي تمزّق أشلاء رضيع غزالٍ، أو صغار حيوانات عاشبة ووديعة.. بالله عليكم ، إذا لم تحرّك فينا مشاهد القتل والدماء وطوابير الجوعى والمحرومين والمرضى والمحتاجين أبسط مقومات الحياة ، وأساسيات البقاء والعيش ، ولو بفتات من الكرامة، فماالذي سيحرك ، فينا ، وبصورةٍ أدقّ قلوب ومشاعر وضمائر أولئك المقتدرين والمسؤلين الفاسدين، الذين يشتري الواحد منهم في سفرية واحدة، درازن من آخر موديلات الهواتف النقالة وأدوات التجميل وملابس وكماليات لأولادهم وأنسابهم وحاشياتهم ، ما يمكن أن تعيش به مديرية كاملة لمدّة شهر ؟! بالله عليكم ،ماالذي سيحرك فيهم مشاعرهم المطمورة بين ركام الجشع ، ويبعث ولو عرق حياة في قيمهم وعواطفهم ورحمتهم الميتة، أكثر من أن ينظرون لوطنهم يتآكل بهذه الطريقة، ويتحول إلى ثكنات للإرهاب و مصدر، ومُصدّرٍ للخوف والبؤس والإجرام والجوع والأسى؟ رجاء قولوا جميعا وبصوت واحد قفوا أيها المتهافتون ، والمنحطّون والمحنّطون وميتو الضمائر ولصوص أقوات الشعب وناهبي الثروات والمال العام وقتلة الإنسان والحياة والحب والتسامح والجمال..!