إنها أيام اليمن الخليجية. هذا ليس عنوانا هاشم عبدالعزيز قاصرا على منافسات الدورة الخليجية الرياضية الكروية في نسختها ال20 التي يستضيفها اليمن، بل قائم على ما يمكن وصفة بالحدث التاريخي؛ لأن الدورة، بحق ومنذ لحظة انطلاق فعالياتها، أعادت تقديم اليمن لأشقائه في هذه المنطقة في خارطة من الإعجاب والاحترام والتقدير والثقة، وفي ذهول واندهاش قابلوا حقيقة اليمن بأوجهها العديدة غير تلك التي نسجتها خيوط وأخطبوط الخداع والتضليل حول اليمن إنسانا وطبيعة. * الدورة التي انطلقت في 22 نوفمبر الجاري وتستمر حتى ال5 من الشهر القادم لم تكن الأولى. هي لن تكون الأخيرة؛ لكنها الوحيدة التي واجهت تحديات كبيرة وخطيرة ومرت خلال الاستعداد اليمني بفترة مخاض قاسية وظالمة وأليمة. * ولهذا ستكون دورة مميزة قابلة لقراءات عديدة وحاملة لقدر فاعل على مستقبل علاقة اليمن وأشقائه في هذه المنطقة تنسجم والروابط المصيرية والمصالح الحيوية والاستراتيجية. * ما هو جدير بالإشارة في هذا الحيز وبعجالة، مفاجأة غير قليل من الأشقاء الذين قدموا من دول المنطقة إلى اليمن لمؤازرة منتخباتهم الوطنية، ليس زيف الخداع والتضليل عن اليمن في أوضاعه فقط بل كانت المفاجأة المؤثرة على مشاعرهم الحفاوة النابعة من القلب، حرارة الاستقبال الأخوي وبساطة اليمنيين وأخلاقهم الرفيعة، ليصير اليمن أيام تواجدهم على أرضه وبين أهله وحتى أثناء المباريات التي يكون فيها المنتخب اليمني طرفا فيها موطن إقامتهم بأريحية وسعادة ووطن انتمائهم بحق وحقيقة. * هذا اكتشاف في العمق، مأساة الاغتراب العربي، وهي إحدى إشكاليات هذا الانهيار الذي تعيشه الأمة والذي يستقيم مع ثرواتها الهائلة المنهوبة وإمكاناتها المعطلة وحقوقها ومصالحها المصادرة والضائعة. * لكن ما لم يكتشف للأشقاء هو لأبعد أن اليمنيين لم يكونوا في حرارة استقبالهم وأخوة مشاعرهم ونبل أخلاقهم يتعاطون مع ضيوف قدموا إلى بلدهم بل كانوا في ترحيب بلهفه وشوق لعائدين طال انتظارهم. * أبناء الجزيرة والخليج مسكونون في قلوب ونفوس اليمنيين الذين أقاموا في هذه البلدان وشاطروا أهلها في القدم شظف عيشهم وقاموا بواجبهم وساهموا بأعمالهم في النهضة التي شهدتها وكانوا بقيمهم النبيلة وأخلاقهم الرفيعة يتبادلون وأشقاءهم العلاقة الأخوية الحميمة. إلى دول هذه المنطقة كانت رحلة اليمنيين وهي ترحل معهم بعد عودتهم جارفة بمحبتهم الصادقة.