أجمع سياسيون على أن المحاولة الأخيرة لاغتيال رئيس الجمهورية السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح هي محاولة انقلابية مستوفية الأركان على رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي ونظام حكمه والمبادرة الخليجية ونسف مخرجات الحوار الوطني من قبل قوة سياسية معروفة تعيش مرحلة الانهيار. وقال السياسي البارز الدكتور محمد عبدالملك المتوكل لصحيفة اليمن اليوم إن العملية تأتي في سياق مخطط كبير ومن الخبل النظر إليها من زاوية الاستهداف الشخصي لعلي عبدالله صالح وأفراد أسرته، مشدداً على ضرورة الوقوف أمامها من قبل القيادة السياسية والمجتمع الدولي رعاة المبادرة الخليجية لضمان أن تكون هذه هي المحاولة الأخيرة لجر البلد إلى حرب أهلية. وأضاف المتوكل: هذه العملية استهدفت ضرب عصفورين بحجر واحد؛ التخلص من علي عبدالله صالح والمؤتمر الشعبي العام وقلب الطاولة على رؤوس الجميع وإدخال البلد في أتون حرب أهلية. وفصل المتوكل كل هدف على حدة قائلاً: التخلص من علي عبدالله صالح يضمن لتلك القوى التي بذلت جهوداً مضنية لإزاحته من رئاسة المؤتمر الشعبي العام ونفيه إلى خارج درب البلد، تحقيق هدفها الأكبر والمتمثل في الانقضاض على أهم عامل لتوازن القوى من خلال تدمير المؤتمر الشعبي العام، والتخلص أيضاً من ملف قضية تفجير مسجد دار الرئاسة إلى الأبد. الهدف الثاني من وراء هذه العملية -كما يرى المتوكل- هو خلط الأوراق وقطع الطريق أمام الجهود المبذولة لتنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبناء الدولة المدنية الديمقراطية العادلة.
وتابع: "هذه القوى تلقت ضربات موجعة في الآونة الأخيرة وهي التي توهمت أنها بعد التوقيع على المبادرة الخليجية تقترب نحو الانفراد بالحكم"، مشيراً إلى أن هذه القوى تشعر بمأساوية المآل الذي وصلت إليه وأنها تعيش بدء مرحلة الانهيار وبالتالي فإن إقدامها على عملية بهذا الحجم، اغتيال الرئيس السابق رئيس المؤتمر الشعبي العام وفي مثل هذا التوقيت من شأنه –بحسب اعتقادها- أن يشكل لها طوق نجاة، ولكن على حساب الوطن ككل بما في ذلك رئيس الجمهورية الحالي الذي رفض مؤخراً تسخير الجيش والأمن لصالح حروبهم مع أطراف أخرى.
وشدد المتوكل –أحد أبرز مؤسسي تكتل أحزاب اللقاء المشترك- في ختام تصريحه على ضرورة الوقوف بجدية ومسئولية عالية من قبل رئيس الجمهورية وسفراء الدول العشر رعاة المبادرة إزاء هذه العملية والتحقيق فيها وكشف من يقف وراءها للرأي العام، حتى لا نصحو يوماً على كارثة بهذا الحجم تقضي على آخر الآمال في بناء الدولة.
وفي السياق أكد عضو مجلس شورى حزب الإصلاح المستقيل حديثاً الشيخ عبدالسلام البحري أن عملية النفق لاستهداف الرئيس صالح لن تكون الأخيرة.
وكان البحري قال في مؤتمر صحفي قبل أشهر إن قيادات حزبه السابق سيكررون جريمة تفجير مسجد دار الرئاسة، وأن المسألة مجرد وقت.
وقال البحري ل"اليمن اليوم": أنا كنت أحد قيادات هذا الحزب (جماعة الإخوان) إلى قبل ثلاث سنوات وأعرف ما الذي يخططون له ويعزمون عليه وأعرف أنه لا أخلاق ولا قيم لديهم في العمل السياسي وأنهم على استعداد لارتكاب أي جريمة مهما كان حجمها، حتى لو أدت تداعياتها إلى انهيار البلد، وهو ما دفعني إلى تقديم استقالتي بعد مرور أربعة أشهر تقريباً من أحداث 2011م.
وأضاف: هم من خطط وارتكب مجزرة جمعة الكرامة لإسقاط شرعية النظام وتأليب الناس عليه، وعندما لم يصلوا إلى مبتغاهم من هذه العملية بدأوا في التخطيط لاغتيال الرئيس علي عبدالله صالح، وكانت محاولتهم المشئومة في أول جمعة من رجب 2011م.
وتابع: لم يتوقف مخططهم عند تلك الجريمة، وقلتها عبر وسائل الإعلام قبل أشهر أن هؤلاء سيكررون المحاولة أولاً من باب الخصومة، وكما هو معروف أن خصومتهم لعلي عبدالله صالح لا حدود لها، واللدود في الخصومة معناه الاستمرار في المحاولة، ثانياً أن بقاء علي عبدالله صالح حياً يعني بقاء المؤتمر الشعبي العام حزبا سياسيا رائدا وعائقا أمام طموحاتهم في الانفراد بالسلطة، وبناء ما يسمونها دولة الخلافة.
وأكد البحري في ختام تصريحه أن أنصار الشريعة وداعش في اليمن هي مشاريع إخوانية بامتياز، وأنها تعد إحدى أدواتهم للوصول إلى الهدف المنشود.
وفي إطار رؤية المؤتمر الشعبي العام وموقفه من العملية أكد عضو اللجنة العامة للمؤتمر الشيخ حسين حازب أن العملية تستهدف رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي في المقام الأول والوطن بأكمله.
وقال حازب ل"اليمن اليوم": عملية النفق لا يقف خلفها شخص عادي أو أن هدفه يقتصر على التصفية لشخص علي عبدالله صالح أو حتى قيادات المؤتمر والمؤتمر بشكل عام.
موضحاً أنه لمعرفة حجم من يقف خلف هذه العملية ينبغي النظر لما كان ستترتب عليه العملية في حال نجحت.
وأضاف: إن من خطط لهذا النفق لم يستهدف حياة علي عبدالله صالح وأسرته أو حتى قيادات المؤتمر، ولكنه استهدف وطنا بأكمله وفي المقدمة الرئيس عبدربه منصور هادي.
وتابع حازب: لا شك أن المستهدف الأول هو رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي سواء استهداف حياته ضمن مخطط استهداف رئيس وقيادات المؤتمر الشعبي العام أو استهداف مهمته الوطنية من خلال الدفع بالوطن في أتون حرب أهلية.
ولفت حازب إلى أن اهتمام الرئيس هادي شخصياً بمتابعة القضية إنما هو نابع من إحساسه بخطورة المخطط، مشدداً في ختام تصريحه على أهمية إسراع اللجنة المشكلة من قبل الرئيس في عملها وكشف نتائج التحقيقات للرأي العام.
من جهته حذر القيادي وعضو المجلس السياسي لأنصار الله "الحوثيين"، علي البخيتي، الرئيس عبدربه منصور هادي، من أن يكون هو الهدف القادم من عمليات محاولات الاغتيال.
وقال البخيتي، في تصريح لوكالة "خبر" للأنباء: يجب على الرئيس هادي أن يعرف أنه الهدف القادم في مثل تلك العمليات، وبالتالي فعليه التحقيق الجدي في جريمة حفر النفق، ومحاولة اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وكأنها كانت تستهدفه شخصياً، وإحالة المتهمين إلى القضاء، وفضحهم علناً, مشيراً إلى أن تلك الإجراءات ستحمي أمن الرئيس وتوجه رسالة واضحة للمجرمين أن يد العدالة ستطالهم.
وأوضح، أن المحاولة الجديدة لاغتيال الرئيس السابق، تثبت أن المنفذين نافذون في السلطة الحالية، ولولا الغطاء السياسي والعسكري والأمني لتحركاتهم وأعمالهم الإرهابية، ما تمكنوا من تنفيذ كل عمليات الاغتيال دون أن يتم اعتقال حتى شخص واحد.
وأشار إلى أنه سيسجل التاريخ أن محاولة اغتيال الرئيس السابق صالح، نفذتها شركة مقاولات كاملة, فطول النفق والهنجر المستأجر، تدل على أن وراء العملية جهات جندت العشرات لأعمال الحفر والتأمين والرقابة والحماية. موضحاً: عدم التحقيق الجاد في جريمة جامع النهدين المرتكبة في العام 2011م دفع نفس الجهات إلى تكرار العملية هذه المرة عبر نفق الغدر.
وقال إنه لم يسمع أو يقرأ في حياته عن غدر وحقد ونذالة بهذا الشكل, ففي نفس الوقت، بل اللحظة التي سعوا فيها إلى مصالحته ومصافحته في جامع الصالح، كانوا يحفرون نفقاً تحت بيته ليقتلوه, وقتله بعد المصالحة كان سيُبعِد التهمة عنهم ويوجه أصابع الاتهام إلى أطراف أخرى، على اعتبار أنها تضررت من المصالحة، هذا النوع من الإجرام لم يخطر حتى ببال الشيطان.
وأكد أن جريمة النفق وجريمة جامع النهدين لا يجوز المساومة حولهما, فهما جرائم إرهابية ولا يصح مقارنتهما بأي دورة من دورات الصراع والحروب السياسية, ولا يجوز أن يشمل أياً منهما قانون عفو أو حصانة.
إلى ذلك تواصلت بيانات الإدانة والاستنكار من كافة فروع المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الوطني الديمقراطي في المحافظات، واعتبر فرع المؤتمر الشعبي العام في محافظة عدن هذه العملية ضمن المحاولات المحمومة من بعض القوى لتصفية الزعيم علي عبدالله صالح وجر البلاد إلى حرب أهلية ونسف المبادرة الخليجية والتسوية السياسية وكل الجهود المخلصة الرامية إلى الوصول بالبلد إلى بر الأمان.
وقال بيان صادر عن فرع المؤتمر والتحالف في محافظة حجة إن أبناء المحافظة لن يقفوا مكتوفي الأيدي وسيقفون وبقوة ضد هذه الشراذم الساعية إلى تدمير الوطن، مطالبين الحكومة والجهات المختصة بسرعة البت في كل قضايا الإرهاب السابقة التي استهدفت الوطن وأمنه واستقراره كجريمة مسجد النهدين ومذبحة السبعين وجريمة العرضي وغيرها من الجرائم البشعة والتي ما زال المجرمون فيها يسرحون ويمرحون بعيداً عن العدالة وبالشكل الذي شجعهم على تكرار المحاولات.