لا يحتاج اليمنيون إلى حروب ونيران ولا تنقصهم الأسلحة والذخائر، لأنهم قد أمضوا ردحا من حياتهم في صراعات وفتن أهلكت الحرث والنسل:ذهبت أرواح،وسفكت دماء، وبددت أموال،وأهدرت إمكانات،وشردت أسر وجماعات،ولم يكسب الشعب من ذلك سوى الإحن والضغائن، ثم لا تمضي فترة حتى يجد المتصارعون أنفسهم في أمس الحاجة إلى نسيان الماضي والعودة إلى الوئام والتعاون والألفة. المنتصر لا تدوم فرحته،والمهزوم لا يستمر حزنه،تتغير الظروف وتتبدل الأحوال،سنة الله في الحياة الذي خلق الإنسان ليعمر الأرض لا ليدمرها.والآجال والأرزاق مقدرة ومحددة ليس بمقدور مخلوق أن يمنح أو يمنع رزقا أو عمرا أو جاها:"ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده" في تاريخنا الحديث نشبت حروب بين الملكيين والجمهوريين، وبين الشمال والجنوب قبل الوحدة، وبين الدولة والجبهة الوطنية، وستة حروب في صعدة، وحروب بين السلطة والقبائل، وحروب محلية متعددة، كلها انتهت بالبحث عن القواسم المشتركة والاتفاق على التعايش ويخطئ من يوغل في الخصومة أو يتشفى بالانتقام، وقد قال الله تعالى:"عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديت منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم" خلال خمسين عاما كم أنفق من ثروات اليمن في شراء أسلحة وذخائر لو أنها صرفت للبناء والتنمية لكانت البلاد قد انتقلت إلى مصاف الدول المتقدمة،ستنتهي البطالة سيرتقي الشعب اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا،سيفرض الشعب احترامه على كل دول العالم،ولا يحتاج أن يظل مادا يده ليعطى من فتات الآخرين ... تمر اليمن بمرحلة خطيرة،شعب يطالب بالتغيير،ونظام يصر على البقاء،تتسارع الأحداث،وكان العقلاء يبحثون عن الحلول الأقل كلفة،يريدون الحفاظ على دماء اليمنيين وإمكاناتهم، ومع الأسف أن التحدي والإصرار أوصل الأمور إلى طريق واحد حق الشعب في التغيير بعد أن طالت معاناته، وإصرار النظام على المواجهة المسلحة التي ستنتهي إلى أن الشعب سيبقى وسيذهب الأفراد. ليس من الحكمة والعقل إصرار أنصار النظام على الدخول في معارك مسلحة أو التلويح بها،فذلك نكران لجميل الشعب، وما حدث الأربعاء الماضي من ترويع للنساء والأطفال بإطلاق النار بمختلف أنواع الأسلحة وقتل وجرح عدد من المواطنين في أكثر من محافظة أعطى رسالة سلبية عن الحزب الحاكم وسوء استخدامه لإمكانات الدولة كما أنه عبث واضح بأموال الشعب. النار يطفؤها الماء ولا يزيدها الوقود إلا اشتعالا. الجيش بكل تشكيلاته ملك للشعب والأصل أن تكوينه من أجل حماية الشعب والدفاع عن الوطن،وندعوه أن يؤدي واجبه في توفير الأمن والأمان ولا يكون أداة للقمع أو الإرهاب. وليتذكر اليمنيون أنهم اليوم على بوابة مستقبل جديد يجب أن لا يبدأ بالعنف وعليهم أن لا ينتظروا أي حل أو مساعدة من الخارج الذي لا يفكر إلا بمصالحه،والتي قد تكون بقاء اليمن ضعيفا واهنا متخلفا. اليمنيون لا يحتاجون حروبا،ولا تخويفا ولا تسويفا،وبلادهم تتسع لهم جميعا وبالتسامح وحسن الإدارة وصدق النوايا والنزاهة وتطبيق العدالة والمساواة،وإيجاد آليات صحيحة للتداول السلمي للسلطة يمكنهم العيش بسلام وأمان. * [email protected]