[email protected] رمضان موسم البر والتقى, شهر الانتصار على شهوات النفس, وفرصة الخلاص من مكايد الشيطان, وخاب وخسر من لم يستفد في هذا الشهر الكريم.. سموا وارتقاء, صلاحا وفلاحا, قربا من الله، وتوددا لعباده.... يأتي رمضان هذا العام واليمن يشهد وضعا استثنائيا, هو نتاج لسنوات من محاولات الإصلاح والتغيير لم يكتب لها النجاح, ولم تجد استجابة، ولا تقديرا لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع, ودوام الحال من المحال, فكانت الثورة الشعبية السلمية التي كان يجب أن لا تواجه بالعنف والقوة, ولا بالقتل والاعتقال, وما لم يتم التراجع عن أسلوب القهر فلن تزداد النار إلا اشتعالا... نستقبل رمضان بانقطاع التيار الكهربائي, وأزمة المشتقات النفطية, وغلاء في الأسعار, وهي أزمات مفتعلة يمكن التغلب عليها, لكن ما يدمي القلب التلهي بتعذيب المواطن, وإلقاء المسؤولية على غير المسئولين, بل الفجور في الخصومة, وقلب الحقائق, واستخدام وسائل الإعلام الرسمية لتضليل الرأي العام, وتبقى الأجهزة الأمنية الممسكة بتلابيب البلاد مسئولة عن كل هذه المعاناة, ونتمنى أن تراجع أخطاءها حتى لا تتكرر المآسي والمساوئ. القتل والقتال والحروب التي تشنها قوات الحرس والأمن في تعز وأرحب ونهم وغيرها لن تؤدي إلا إلى مزيد من الرفض والمقاومة للاستبداد, ونتمنى على بقية العقلاء في النظام أن يوقفوا هذا الاندفاع الجنوني في سفك الدماء, فمن أجل ماذا تزهق الأرواح وتهدر الإمكانات, ويعبث بالأموال, وهل كان الجيش إلا للدفاع عن الوطن وحماية المواطنين؟! الإصرار على التعالي والسير الخاطئ أدى إلى ثورة شعبية عامة, ولابد من التداول السلمي على السلطة كمرتكز أساسي لنظامنا السياسي, والإصرار على تملك الشعب ومقدراته لن يكتب له الاستمرار, وما حدث حتى اليوم يكفي للتوقف عن قيادة البلاد نحو الاحتراب والدمار.. رمضان فرصة للاسترواح والمراجعة, ومحاسبة النفس, ومناسبة عظيمة يستعيد الجميع قدرتهم في الانتصار على ضعفهم وتجاوز رغباتهم, وهزيمة الشيطان. ومع إصرار المعتصمين في الساحات على الصمود فهم بحاجة أن يكثروا من الابتهال والدعاء واللجوء إلى الله, ولعل اليمنيين اليوم أكثر حاجة إلى التراحم والتعاون وبذل المعروف, فلعل رمضان ينقلنا إلى أفياء جديدة وارفة الظلال, بعيدا عن الاستكبار والطغيان, بعيدا عن الأثرة وحب الذات. علينا أن نخفف الآلام ونقطع أسباب الضغائن والأحقاد فالمستقبل واعد بالخير, ورمضان يحمل معه رياح التغيير والانتصار والارتقاء..