[email protected] كنا، وما نزال، وسنظل نؤكد أهمية ثقافة التسامح، والبعد عن العنف والانتقام، وضرورة البحث عن كل الوسائل السلمية لتسوية الخلافات، واليوم يجني اليمنيون الثمار المرة للإصرار والاستكبار والإعجاب بالرأي وعدم الاستماع لمنطق العقل والحكمة.. وجاءت الثورة الشعبية الشبابية سلمية، وستظل سلمية، ولن تنجر إلى العنف، ورغم أن أربعة أشهر قد مرت عليها لكن النظام لم يوفق في التعامل معها بحكمة، واعتمد أساليب القوة والقمع وإطلاق النار والغازات السامة، نتج عن ذلك مئات الشهداء سقطوا في ساحات الاعتصامات، ولم يغير ذلك من إرادة الشباب وطريقهم السلمي في البحث عن التغيير بعيدا عن العنف.. فجرت السلطة الموقف بالهجوم على منزل الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر واستخدمت كل الأسلحة لضرب حي الحصبة، وغادر كثير من سكان صنعاءالمدينة بحثا عن مكان آمن، ورغم المآسي التي عرفت والتي لم تعرف عن هذه المعركة غير المتكافئة، إلا أن ساحات الاعتصامات ما زالت تحتفظ بسلميتها على ما سببه ذلك من قلق وإزعاج وخوف.. ويأتي التفجير الذي حدث يوم الجمعة في مسجد النهدين بدار الرئاسة محاولا خلط الأوراق، وهو عمل مدان ومؤلم ومستنكر، عبر عن ذلك جميع اليمنيين وفي مقدمتهم أحزاب اللقاء المشترك وهيئة علماء اليمن، وقد يكون من أهدافه صرف الأنظار عن استحقاقات الثورة الشبابية التي اتخذت المنحى السلمي للمطالبة بالتغيير.. ورغم أننا لم نسمع من السلطة كلمة مواساة في الشهداء الذين سقطوا على يدها وهم بالمئات، والجرحى وهم بالآلاف، بل رأينا منها الاغتباط والتبرير بعد كل مجزرة، لكن ذلك يجب أن لا يقابل الشماتة على ما حدث في دار الرئاسة، فليس من شيم الكرام الابتهاج على جراح الآخرين، ويجب أن نؤسس لقيم التسامح وعدم الرغبة في الانتقام، ورغم الخلافات والتباينات في الرؤى، كنا نتمنى أن يغادر الرئيس السلطة بكامل صحته ليفرح بالسلامة من المسئولية، ويفرح الشباب بتحقيق مطالبهم في حياة جديدة ينعم فيها اليمنيون بالحرية والكرامة بعيدا عن الأحقاد والكراهية.. إن ما يحدث اليوم يؤكد أهمية وضرورة البحث عن وسائل آمنة للتداول السلمي للسلطة، دون عنف، أو دماء، ولعل اللحظة التاريخية التي تمر بها البلاد تدفع اليمنيين ليضعوا الأسس الصحيحة لحل الخلافات، وإشاعة ثقافة القبول بالآخر والتعايش معه، والشراكة الحقيقية في السلطة والثروة، وما نزال ننتظر لحظة إيقاف هذا الجموح والعنف فاليمن لا تنقصها المآسي، ولا بد أن يعترف الجميع بالجميع، ولا يحلم أي كان أنه لن يعيش إلا بموت الآخرين.. اللهم احقن دماء اليمنيين جميعا، (ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا)..