* حتى وقت قريب كان كثيرون هنا في وطن المقدسات وأرض النبوة لا يعرفون كثيراً عن الحوثيين، حتى أن بعض هؤلاء الكثيرين كان (يرى) أن ما يدور من قتال بين الحكومة الشرعية في اليمن الشقيق وبين (عصابات) الحوثيين إنما هو شأن داخلي وصراع مصالح وتقاسم نفوذ. * ولكن وبعد الاعتداء (السافر) من قِبل عناصر عصاباتية من الحوثيين لأراضي المملكة، وقتل وجرح عدد من رجال حرس الحدود السعوديين ظهر وتأكد للجميع أن ما يحدث في اليمن ليس صراعاً داخلياً فقط، بل هو صراع لقوى إقليمية تسعى إلى زعزعة استقرار المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وإشغال دول المنطقة بما فيها أكبر كيان جيوسياسي هو المملكة في حروب وصراعات مسلحة مع عصابات (تأتمر) بإمرة قوى خارجية. * والحوثيون وعصاباتهم إنما هم من ألاعيب (ملالي) إيران، وقصتهم تبدأ في نهاية الثمانينيات الميلادية من القرن العشرين الماضي في منطقة صعدة شمال اليمن وقريب من الحدود السعودية، وهم ينسبون إلى شيخهم بدر الدين الحوثي أحد علماء المذهب الزيدي الذي أحدث تغييرات جوهرية في مسلك أتباعه من الزيديين حينما بدأ يتقرب إلى مذهب الإمامة أو ما يعرف بالاثنى عشرية والتي تحكم إيران حالياً. * في خلافة مع علماء الزيدية عارض بدر الدين الحوثي بعضاً من فتاواهم وتقرب أكثر إلى الإمامية خاصة وأنه من فرقة تعرف بين الزيدية بالفرقة الجارودية، نسبة إلى أبي جارود زياد بن المنذر من أهالي الكوفة في العراق في القرن الثاني الهجري. والجارودية تتشابه مع الإمامية في رؤيتها (الشاذة) للصحابة رضوان الله عليهم. وهكذا تحوّل الحوثي إلى عامل جذب لدى ملالي إيران الذين كانوا ولازالوا ينتظرون هكذا (فرص) لنشر مذهبهم وبث أفكارهم الدينية والسياسية في المجتمعات التي يستهدفونها خاصة في العالم العربي. * وجد الحوثي دعماً إيرانياً مفتوحاً سياسياً ودينياً ومالياً وهو ما أدخله في إشكالات عدة مع السلطة الشرعية في دولة اليمن انتهت (بطرده) ولجوئه إلى إيران، حيث وجد (الحضن) الداعم. وبدعم منه ومن إيران تحولت حركة أتباعه بقيادة ابنه حسين إلى حزب (مليشاوي) معارض للسلطة في اليمن، انتهت أحداثها بمقتل حسين في 2004م رغم سماح السلطات اليمنية للأب بدر الدين بالعودة إلى اليمن. * استمر تمرد (الحوثيين) بقيادة أبناء بدر الدين وأشقاء حسين يحيى وعبدالكريم رغم عقدهم اتفاقية مع الحكومة اليمنية في (الدوحة) في عام 2008م لحل الأزمة. إلا أن عصابات الحوثيين وداعميهم من الخارج وتحديداً إيران لم يستكينوا لأن أهدافهم (التخريبية) لم تتحقق بعد؛ ولهذا ظهرت قبيل أشهر مرة أخرى عصابات الحوثيين تقتل وتخرب في شمال اليمن مع (تباكيها) على ضعفها وعدم نيلها لحقوقها السياسية كاملة. * ولكي تتحقق أهداف العصابات الحوثية والإيرانية في نقل أزماتهم الداخلية إلى خارج حدودهم كان تسللهم إلى الأراضي الطاهرة في المملكة، حتى وإن كانوا يعلمون أنهم لن يحققوا أي انتصارات عسكرية وميدانية لفارق (القوة) بين الطرفين، ولفارق التجربة، ولثقل واستقرار المملكة، فهدفهم الأساسي هو (خلخلة) وزعزعة الأوضاع على الحدود السعودية اليمنية خاصة مع قرب موسم الحج الذي تنشغل فيه المملكة بتقديم كافة الخدمات وتوفير أفضل السبل والوسائل المريحة لضيوف الرحمن. * الحوثيون كعصابات وداعميهم من ملالي إيران غير مدركين أنهم (بإجرامهم) بانتهاك أراضي المملكة إنما دخلوا (عش دبابير)، فالمملكة وبثقلها الإسلامي والسياسي وتجربتها العسكرية وقوة أسلحتها قادرة على (قطع) يد كل من تسول له نفسه الإقدام على هكذا خطوات. والخاسر في الأحداث الجارية فوق الأراضي السعودية لن يكون سوى الحوثيين وإيران، فكلا الطرفين في وضع (مأساوي) دفعه إلى اتخاذ خطوات وقرارات (غبية) انعكاساتها ستكون مدمرة عليهم، وهو ما سيتضح مع الأيام حتى وإن تباهى الإيرانيون بإماميتهم وعمائمهم.