وصفها (( حسني مبارك )) نهاية التسعينيات ب(( علبة كبريت )) .. ولم يكن ذلك من قبيل الامتداح بل تعريضاً يحمل روح الفكه المصري - بدور القناة في إشعال حرائق هائلة تتيح لمالكيها أن يختبروا نشوة الإحساس بكونهم كباراً ،ولو من خلال مطالعة ظلالهم المديدة التي تعكسها ألسنة اللهب على الشاشة .. حاولت (( الجزيرة )) حينها أن تهدم (( أهرام الجيزة )) بمعول (( غطرسة مذيعها الإخواني أحمد منصور )) وأن تعكر بثقالة دمه وسماجته مياه (( النيل )) ؛ولو كانت تقرأ التاريخ ،و تعيه لاتعظت من خيبة رجاء (( امبراطور فرنسا الأشهر بونابرت )) عندما قامر بشرف وهيبة مدافعه تحت أقدام (( أبو الهول )) ... حدث ذلك ذات حين من الدهر لم تك (( قطر )) خلاله شيئآ مذكورا .. أراد الإمبراطور تمريغ أنف (( أبو الهول )) في التراب ، فتمرغت سمعة المدفعية الفرنسية التي طوت خارطة العالم القديم طي الكتاب للسجل و وضعتها مثل (( شطيرة شاورما )) على مائدة (( بونابرت )) ! ولأن (( إمبراطورية قابكو )) لا تقرأ ولا تعي التاريخ ، فقد تمرغت كرامتها (( مع وضع علامة استفهام على مفردة كرامتها هذه )) أمام حزمة أقلام شريفة و وطنية في (( سطور )) .. و (( سطور)) مطبوعة دورية ثقافية فكرية مصرية لم يكلفها الرد على حملة (( الجزيرة )) سوى قنينة حبر ، عرفت كيف تدلقها بحرفية فوق علبة الكبريت فأعطبتها .. ومن حسن حظ ممولي القناة المترفة أن (( دورية سطور )) احتجبت عن جمهورها عقب فترة وجيزة لاحقة لزمن الاشتباك (( إياه )) بفعل شحة الموارد ، إذ أن فيضان قنينة حبر أخرى كانت ستعني (( قطر منطقة منكوبة )) حتما ً . يروق لي أحيانا ً أن أُعرِّج على (( برامج الجزيرة )) من باب التشفي أو كمن يعايد مريضا ً منبوذا ً في محجر للمجذومين طمعا ً في أجر القسوة على النفس الأمَّارة بالهجر و مخالفة الهوى .. فأجدها كما قال الشاعر (( إذا طَمِثَتْ لاطت و إن طَهُرَتْ زنت )). عشرون عاما ً من الاستحمام على مدار الساعة ولا تزال (( وسخة )) و تزداد وسخا ً وفقا ً لملاحظة ظريفة التقطها مشاهد مجهول .. لكن المؤكد أن ذخيرة علبة الكبريت من أعواد الثقاب بدأت تنفد .. و أمام حقيقة وشيكة كهذه أشعر بالأسى سلفاً لمصير شبكة جامعي القش من مراسلين مدروزين في كل أزقة الكوكب ، و نافخي النار المهرجين من مذيعين على غرار طوال العمر و الألسنة (( فيصل القاسم و منصور )) .. أي مكب نفايات إعلامية سيقبل باستضافة كائنات (( الجزيرة )) النافقة في حال سُرِّحوا بذريعة عدم الجدوى .. أعتقد أنه ثمة ملاذا ً واحدا ً وحيدا ً سيشرع أحضانه لهم من كل بد : (( دولة الخلافة الإسلامية داعش )) ... سيستقبلهم على مداخل ثغور الخلافة مجاهدو النكاح بالأناشيد و الدفوف و لافتات تقول : أهلا ً بأول من بايع خليفتنا من الرجال و النساء ... عدا ذلك فإنه لا ملاذ لهؤلاء سوى أن يُلقُوا بعود الثقاب الأخير في "حقول جزيرة الغاز" كأمل أخير للنجاة.