السيد جمال بنعمر تحدث بنبرة هجومية في مرافعته الأخيرة في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن. انتقد عاصفة الحزم التي أجهضت اتفاقا وشيكا كاد ان ينجزه اليمنيون خلال الحوار الذي قام يتيسيره في الشهرين السابقين على العاصفة. أكد أن اليمنيين _ ويقصد المكونات التي انخرطت في حوارات موفنبيك بعد 21 يناير 2014_ اقتربوا من انجاز اتفاق حول جميع البنود باستثناء بند الرئاسة. قال إن مسؤولية فشل العملية السياسية تتحملها الأطراف جميعها بدرجات متفاوتة. (كان سيكون محقا تماما لو أنه أقر بمسؤوليته هو كمبعوث أممي ومستشار للأمين العام) النبرة الهجومية التي اعتمدها المبعوث السابق تأخرت كثيرا. لعلها كانت لتفيد اليمنيين كثيرا لو انه اعتمدها خلال الأشهر الماضية ضد منتهكي الاتفاقات. حتى ميسري فعاليات منظمات المجتمع الدولي يتدخلون لضبط المشاركين وتنبيههم إلى أخطائهم، وتذكيرهم بالقواعد. لكن جمال بنعمر لم يكن ييسر منتدى محلي في اليمن بل حوار مرتكز على دستور يمني ومبادرة خليجية وقرارات دولية.
*** تمترس المبعوث الذي انفض من حوله أغلب المكونات اليمنية بعد "خراب صنعاء"، وراء خط دفاعه الأخير، وهو حوارات ما بعد الإعلان الدستوري للحوثيين. والسؤال الذي يحضر توا جراء مرافعة (أو زفرة) المبعوث الأخيرة، هو عن جدوى اتفاق جديد بين الفرقاء بين اليمن الذين سبق ان انجزوا آلية تنفيذية للمبادرة تنظم نقل السلطة تنتهي في فبراير 2014، ومخرجات حوار وطني مسنودة بوثيقة ضمانات تمدد للهيئات _ بما فيها مهمة جمال بنعمر نفسه_ واتفاق سلم وشراكة أسقطه المتفقون في شهره الأول! جمال بنعمر يتحسر على فرصة انجاز اتفاق جديد بين أطراف لم تلتزم قط بتعهداتها واتفاقاتها منذ 2011 بينما كان اليمن ينحدر بسرعة إلى الهاوية. كما درجت العادة، نبه بنعمر إلى أولوية القضية الجنوبية، ونوه بدور شباب ثورة 2011 وتطلعاتهم، وشدد على ان اي نجاح للحوار في اليمن مشروط بان يكون حوارا يمنيا دون إملاء من الخارج. صار الرجل نقديا بأكثر من أولئك الذين كانوا ينتقدون مسار العملية السياسية منذ خريف 2012، عندما عطّل هادي والمشترك والمؤتمر والحوثيون وممثلو الحراك المزعومون، أية فرصة لنجاح مؤتمر الحوار الوطني بالقفز على شروط انعقاده التسويف في تنفيذ النقاط ال20 (نقاط التهيئة) ثم تحويلها إلى لازمة نصوصية في كل البيانات والوثائق والاتفاقيات التي كان بنعمر يفاخر بها في تقاريره السابقة المقدمة إلى مجلس الأمن [هل تتذكرون المعجزة اليمنية؟] يبقى أن من الظلم تحميل الرجل، الذي تقدم كثيرا في العمر خلال الأسابيع الأخيرة، وحده المسؤولية عن الفشل بينما شركاؤه المحليون والدوليون (اصحاب النصيب الأوفر من مسؤولية الفشل) يلقون المواعظ من العواصم القريبة والنائية، وعبر الفضائيات الخليجية، عن "متطلبات الحوار الناجح".