أقبح ما في هذه الحرب الأهلية أن طرفيها يتشدقان بمخرجات حوار انبنت على وثيقة تفتت الهوية الوطنية وتفكك الدولة وتلغي المواطنة المتساوية. بمعزل عن العناوين البراقة والشعارات الطنانة والبكائيات الوطنية، فإن المعسكرين متشابهان من زاوية احتقارهما لفكرة المواطنة ورفضهما اعادة النقاش حول وثيقة بنعمر_ وهذا هو اسمها الاجرائي_ التي وقعوا عليها بحماس مطالبين دول الخليج ومجلس الامن اتخاذ الاجراءت الكفيلة بتنفيذها بما في ذلك فرض عقوبات. حسن! من هم الوطنيون السياديون الذين رفضوا التوقيع علي هذه الوثيقة الخيانية؟ لا يوجد. جميعهم ساهموا في صناعة اجماع على تقويض الدولة وتفتيت الهوية وتجزئة السيادة وانهاء المواطنة. لم ينجح أحد! للدقة، لم يرفض أحد. الأكيد ان الطرفين؛ هادي وجماعته من جهة، وصالح والحوثي من جهة أخرى، لا يختلفان على الوثيقة بل على بعض مخرجاتها. لكنهما لا يتورعا عن ادعاء الوطنية. هناك فروق كمية لا نوعية بين الطرفين. وهذا سبب احباط اغلب اليمنيين باستثناء المناصرين. هذا وصف حال لا حكم قيمة. وهناك فرصة لاستنقاذ البلد بإعادة مناقشة بعض البنود والتوصل الي صيغة توافقية بشأنها. لكنهم عصبويون، لصوصيون، واخر همهم هو الوطن الذي صار هراوة يهوون بها على رؤوس ناقديهم.