لا تزال مشاورات السلام اليمنية تراوح مكانها بسبب عدم القدرة على بناء الثقة طوال نحو ثلاثة أشهر من المفاوضات, التي يبدو أن فريق الانقلابيين ارادها للاستفادة في تحسين مواقعه، عبر آلاف الخروقات للهدنة، وهو ما عبر عنه بوضوح المخلوع الذي زعم وبنوع من الغرور السياسي القاتل, أنه مستعد للحرب 10 أو 12 سنة، فيما موعد نهاية المحادثات لم يعد بعيدا، فاذا أزف من دون الوصول الى حل فذلك يعني أن اليمنيين اضاعوا فرصتهم الاخيرة لاعادة بناء الدولة والاستقرار. لا شك ان كل يوم يمضي من دون الاتفاق يزيد مآسي الشعب اليمني، فكيف اذا كانت المشاورات حتى اليوم لم تصل الى مرحلة بناء الثقة جراء المواقف الانقلابية لفريق الحوثي – صالح، فيما وفد الحكومة يسعى الى تذليل العقبات حرصا على انهاء المعاناة التي تسبب بها الانقلابيون الذين يبدو أنهم يسعون الى ربط ازمتهم الداخلية بملفات المنطقة, تلبية للمطالب الايرانية، وهو ما عبرت عنه تصريحات عدد من المسؤولين في طهران، فإذا كان المخلوع علي عبدالله صالح يراهن على هذا الامر, فعليه العودة الى قراءة سيرة سيف بن ذي يزن وكيف تعامل معه الفرس بعدما سهل لهم دخول اليمن والاعتبار منه.
من الثابت ان للمفاوضات نهاية، فهي لن تستمر الى الابد، وبالتالي لن تبقى الحكومة الشرعية والمقاومة الشعبية ومعهما التحالف العربي اسرى الحرص على عدم المضي في الحل العسكري لمنع المزيد من الخسائر في الارواح، بعدما استطاعوا في سنة ونصف السنة دحر الانقلابيين من غالبية المدن والمحافظات التي احتلوها وحصرهم في صنعاء، وهذا يعني ان من يلوح باستمرار الحرب عقدا من الزمن قد فقد حنكته السياسية تحت وطأة حمى العودة الى الحكم من خلال رهن نفسه للمشروع التوسعي الايراني. على صالح والحوثي التيقن ان ما جرى خلال الاشهر الماضية كان الضربة القاصمة لظهر المشروع الايراني الذي جعل اليمن المفترض انه سعيد تعيسا, كي يبني من خرائبه وجماجم ابنائه رأس جسر للوصول الى الحرمين الشريفين، إلا أن التحالف العربي هدم كل أركان المشروع، وهو ايضا بمساندته للحكومة الشرعية والمقاومة الشعبية لم يبدد الاحلام الايرانية في الخاصرة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية فقط، بل في المنطقة كلها. اليوم وبعد نحو 75 يوما على بدء المشاورات اليمنية، نقرأ بين سطور تصريحات رئيس وفد الانقلابيين بيان نعي مسبقا للفرصة الاخيرة واستمرارا للحرب العبثية، لهذا ومن اجل انهاء المعاناة التي يسعى الى اطالتها الانقلابيون بات التأديب العسكري هو الحل الوحيد لأن إخر العلاج الكي حتى لا تبقى المفاوضات تراوح مكانها في طريق مسدود.