[email protected] جاء ظهور العميد أحمد علي عقب شهر ونصف من قرارات هادي الحاسمة في هيكلة الجيش والاختيارية المتوازية لقطبي الصراع والتي أوضحت في ردود أفعالها عن انكشاف سياسي حاد لتلك القوى المدعية للثورية أمام قبول وخضوع طرف الشرعية الدستورية والمؤتمر وأسرة صالح للقرارات " وغير قابل للمراوغة السياسية" وهو التحول الخطير الذي أملى على المجتمع الدولي متمثلاً بمجلس الأمن عقد جلسة استثنائية تاريخية في العاصمة صنعاء انتهت بتعنت وخسارة تلك القوى لمنطق الشرعية الثورية وفقدانها للوزن والمصداقية السياسية على المستوى المحلي والدولي، ناهيك عن التحالف وتعاطف الرئيس هادي والرأي المراقب العام ! لظهور العميد أحمد علي عبدالله، النجل الأكبر للرئيس السابق صالح المفاجئ وعودته كقائد لقوات الحرس الجمهوري على إثر محاولة الطرف الآخر إفشال قرارات الهيكلة وعقب أسبوع من مغادرة مجلس الأمن لصنعاء على صراع متفاقم بات يهدد الرئيس، دلالات هامة يجب استعراضها في إطار متسلسل من النقاط تناقش مضمون هذا الظهور ومحتوى ذاك الخطاب. تحليل مضمون عودة وظهور العميد/ أحمد علي : * محاولة اللواء " محسن " إفشال قرارات الهيكلة واتجاهه نحو التصعيد في مقابل إثبات العميد أحمد لدرجة عالية من المهنية العسكرية والالتزام بشرعية وقرارات هادي ونيله لقدر كبير من المصداقية والاحترام على المستوى المحلي والدولي. * سقوط الستار الثوري للقوى المستندة إلى منطق الشرعية الثورية وذلك أمام الرأي العام والرأي الإقليمي واتجاهها نحو تهديد الشرعية الدستورية وآليات التسوية أمام المجتمع الدولي . * عودة الرابطة المعنوية للمسمى التكويني لكيان مؤسسة الحرس الجمهوري كوحدة مسلحة وصنف عسكري نخبوي ذي اختصاصية مهنية في منظومة الجيش اليمني وآليات الدفاع الوطني. * التأكيد على أن مؤسسة الحرس الجمهوري هي الدرع العسكرية الحامية لهادي وصمام أمان للشرعية الدستورية. * عودة العميد أحمد علي عبدالله على رأس الحرس الجمهوري وظهوره كعسكري وسياسي محنك يلتزم الصمت واستحقاقات المهنة العسكرية، عودة بنكهة نصر سياسي معزز برضا وقبول من الرئيس هادي ومؤزر بتأييد الموقف الإقليمي والدولي المنزعج والمرتاب من موقف وتحركات "محسن" وحلفائه وفي ظل مستجدات متزامنة تشير إلى تورطه وشركاءه في مخططات تهدد الاستقرار في دول مجاوره.
تحليل مضمون خطاب العميد أحمد علي بدا العميد أحمد علي عبدالله، في اللقاء التشاوري الذي حضرته كافة القيادات والمفاصل الإشرافية بمكانة القائد العسكري المساهم والمشرف على تأسيس هذه الوحدات الأكثر تسليحاً وتدريباً وإعدادا في الجيش اليمني وفي هيئة الجندي الخالية بزته العسكرية من أي رتب عسكرية أو شارات تصنيفيه، والذي ظهر خلاله كرقم عسكري صعب في معادلة الصراع السياسي المحيط به، وقد ألقى خطاباً مقتضباً اتسم بدقة الكلمات التي اختيرت بعناية شديدة. خطاب ذو طابع عسكري صرف تفادى فيه استخدام أي من مصطلحات السياسية أو الأزمة القائمة ولكنه استطاع من خلال هذا الخطاب العسكري الدقيق الذي انطلق من مرجعية الدور المهني للقوات المسلحة في حالات عدم الاستقرار العام من إرسال رسائل عدة باتجاه مكونات وتوجهات الصراع السياسي القائم في البلاد وفي توقيت له دلالاته. وفي سياق الحيثيات السياسية والعسكرية السالف ذكرها فإن أهم النقاط التي تناولها الخطاب: v إرسال تحية عسكرية إلى كافة عناصر الحرس الجمهوري في كافة مواقع الشرف على امتداد الجمهورية اليمنية، وأكد حضوره اللقاء لمواصلة سبل التطوير ومسيرة التأهيل لقوات الحرس الجمهوري كصنف هام من صنوف القوات المسلحة وبقاءه على رأس مؤسسة الحرس الجمهوري القائمة. v إبراز قوة الحرس الجمهوري نوعياً وعقائدياً وتنظيمياً من خلال تركيزه على فكرة " التميز المؤسسي" لأنموذج الحرس الجمهوري وإظهارها بمظهر المؤسسة العسكرية النوعية ذات التكوين والتشكيل الوطني العام والمتسلحة بخطط تأهيل وتدريب متطورة وحديثة تضاهي مستجدات العصر مؤكداً بأن الروح القتالية لقوات الحرس ترتكز على عقيدة وطنية وأصول عسكرية تحصنها من التسخير السياسي. v التأكيد على التزام الحرس بشرف الواجب فقد خاض مواجهات بطولية وحقق انتصارات في مواجهة ثالوث الخطر الذي صنفه إلى "قوى الإرهاب والانقلابيين الخارجين على الشرعية الدستورية والخارجين على القانون". v اتهم بتحدٍ صارخ وبصورة واضحة ودقيقة وفي توقيت حرج ، قوى هذا الثالوث بإثارة الفتن والتخريب وتدمير محطات الكهرباء وأنابيب النفط وعسكرة الجامعات وقتل المواطنين الأبرياء واستهداف الحرس الجمهوري في إشارة واضحة وتلميح صريح إلى القوى السياسية المستخدمة لستار الثورة. v التأكيد على أن الحرس الجمهوري هو المؤسسة العسكرية التي حاول ثالوث الخطر تفكيكه، ومنوهاً في سياق سرده لمقومات التميز المؤسسي للحرس الجمهوري بأن الحرس الجمهوري مؤسسة عسكرية وطنية لم تكن " مليشيات أو مجاميع مجندة لقوى سياسية معنية تعمل على خراب اليمن وتمزيقه " في إشارة مقارنة للتنظيمات العسكرية التقليدية في الجيش اليمني والتي تقودها مراكز القوى التي تستهدفه، مطمئناً قيادات وجنود الحرس بأن كل محاولاتهم فشلت وستفشل. v طمأن وحذر عدة أطراف من خلال تأكيده على جاهزية والتزام وعزم الحرس الجمهوري على مواصلة دوره " مهما كانت التضحيات وفي مختلف الظروف وفي مختلف الأحوال" في التصدي لثالوث الخطر الممثلة بقوى الإرهاب ومحاولات الانقلاب على الشرعية الدستورية أو على الاستقرار العام وهي رسائل تطمينيه وجهت إلى كل من المجتمع الدولي ورئيس الجمهورية والمجتمع المحلي على التوالي . v وقد اختتم الخطاب وفي ظل الحيثيات السابقة بالتأكيد على احترام قرارات الهيكلة " مادامت في إطار المصلحة الوطنية "وعلى انتماء الحرس الجمهوري لمؤسسة الجيش اليمني وبأنه خاضع لأمر الشرعية الدستورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة. v بدقة متفانية تفادى الخطاب ذكر أي مصطلحات سياسية تخص عناوين الأزمة السياسية القائمة كالتغيير أو الشباب أو الثورة أو المبادرة أو الحوار أو الفساد أو الانفصال وذلك في تأكيد على طبيعة الخطاب العسكرية المهنية وبما يحصر الإسقاطات السياسية للعميد على خصومه في مراكز القوى السياسية التي تستهدفه وترفض الهيكلة وبمعزل عن دون ذلك. وإجمالاً فإن الصورة الكلية للخطاب قد أعلنت عن الكثير من تحولات المشهد السياسي اليمني ومدشنة مرحلة جديدة من التحالفات ومن هوامش الحركة على مسارات الصراع اليمني.