تعيش تونس على وقع موجة من الاحتجاجات والإضرابات في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد تحت حكم حركة النهضة الإسلامية التي ترفض الاستقالة. وشهدت ثلاث محافظات تونسية، أمس، إضرابا عاما شل الحركة الاقتصادية في البلاد، احتجاجا على فشل النهضة في تحقيق الوعود التي رفعتها حول سبل الخروج من أزمة البطالة، فضلا عن ارتفاع كبير للأسعار وتدني المقدرة الشرائية للمواطن.. وتأتي هذه التحركات الاحتجاجية في ظل انسداد الأفق السياسي في تونس مع إصرار حركة النهضة الإسلامية على اختيار أحمد المستيري (88 سنة) رئيسا للحكومة أو أن تبقي وزارات السيادة تحت "جناحيها"، وهو ما ترفضه المعارضة. وأعلن الاتحاد المحلي للشغل إن الإضراب في سليانة نجح بنسبة 90 بالمئة في الجهة وهو يأتي للاحتجاج ضد استمرار سياسة التهميش للجهة وغياب مشاريع التنمية وتهالك البنية التحتية. واحتشد آلاف المواطنين أمام مقر الاتحاد في المدينة رافعين شعارات منددة بحكم حركة النهضة الإسلامية ومطالبين بإقالة حكومة علي العريض ما حدا بقوات الشرطة إلى استعمال قنابل الغاز المسيل للدموع. وكانت محافظة سليانة الواقعة على بعد 140 كيلومترا من العاصمة عاشت أحداث عنف دامية العام الماضي بين مواطنين رافضين للمحافظ (المنتمي إلى حركة النهضة) وقوات الأمن سقط خلالها أكثر من ثلاثمئة جريح معظم إصاباتهم على مستوى العين. وفي محافظة قفصة (جنوب غرب) خرج الآلاف، أمس، في مسيرة انطلقت من مقر الاتحاد المحلي للشغل وجابت شوارع المدينة قبل التوجه نحو مقر المحافظة، حيث حاول عدد من المتظاهرين اقتحام المقر لكن قوات الأمن تصدت لهم بإطلاق الغاز المسيل للدموع، ما خلف حالات اختناق. وأفادت تقارير إعلامية بالجهة بأن متظاهرين اقتحموا مقر حزب حركة النهضة الإسلامية وعمدوا إلى حرق محتوياته. وفي قابس، خرج نحو 30 ألف شخص، بحسب التليفزيون الرسمي، في مسيرة شاركت فيها منظمات من المجتمع المدني وأحزاب سياسية. ويحتج المتظاهرون في قابس وقفصة أساسا ضد استثناء المحافظتين من مشاريع جامعية في القطاع الصحي أقرتها الحكومة مؤخرا في عدد من المحافظات وتشمل بناء كليات للطب والصيدلة، ما اعتبر استمرارا في سياسة الإقصاء. وتشهد شعبية الحكومة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية تآكلا ترجمه سبر الآراء الأخير الذي كشف أن نسبة الرافضين لحكومة "الترويكا الحاكمة" ناهزت 76 بالمئة. ويقول مراقبون إن الحل يكمن في قبول حركة النهضة بمبادرة اتحاد الشغل القاضية باستقالة حكومة العريض وتكوين حكومة مصغّرة من الكفاءات تتولى التحضير لانتخابات رئاسية وتشريعية جديدة.