"بعض الناس يحملون الإصلاح ما لا يحتمل ويريدون منه أن يقوم مقام الدولة في الأمور التي يرون أن الدولة لم تقم بواجبها نحوها متجاهلين أو راغبين في جره إلى التعاطي مع أساليب لم يتعود الانجرار إليها". من قراءة تجريدية لهذه العبارة على حائط اليدومي استنتج الغالبية إن لم يكن الجميع أن الإخوان يقرون بخذلانهم لأولاد الأحمر في مواجهات حاشد التي خسروها وخسروا معها مشيخية القبيلة التي ورثوها عن والدهم رحمه الله، وإن كان القليل فقط ممن استنتج ذلك قد صدق مقالة رئيس الإصلاح أن سبب هذا الخذلان هو التزام حزبه كتنظيم سياسي بالوسائل المشروعة لتحقيق أهدافه لأن الكثير يدرك أن هذه المثالية لا تستقيم مع تاريخ الحزب والتنظيم الدولي للجماعة ولا مع المألوف من ممارستهم في إدارة خصوماتهم السياسية.
الحقيقة تقول إن مواجهات حاشد لم تكن غير جبهة واحدة في معركة الإصلاح بقيادة علي محسن ضد أنصار الله جعل الإخوان واجهتها في عمران أولاد الشيخ كما كان السلفيون واجهتها في جبهة دماج وآل الأثلة وآل عبادة من وائلة في جبهة كتاف ومنصور الحنق في أرحب وهزام في الرضمة وقد أرسل الإخوان مقاتليهم إلى الجميع وتم التجييش الطائفي للجميع وساندت الألوية التابعة لعلي محسن كل جبهة قريبة منها وفي وضع كهذا قد تستشعر كل قيادة أهمية خاصة لجبهتها وتصطدم حساباتها بحسابات القيادة العامة التي تدير المعركة كاملة فتشعر بالخذلان.
لم تكن الخسارة في حاشد من الناحية الاستراتيجية أكبر من الخسارة في كتاف وإن كانت رمزية الأسرة التي قادت المعركة أعطاها الصدى الأكبر ولم يكن المقصود من عبارة اليدومي إيضاح هذه الحقيقة وإنما كان يسحب حزبه بعيداً عن التأثير الجماهيري لصدى الهزيمة المدوية، موجهاً مسئولية ما حدث باتجاه الدولة التي لم تدفع بالجيش للقتال في صفه.
ما قاله اليدومي هو استعداد لمعركة سياسية ضد هذه الدولة التي توقع الإصلاح أنه أحكم السيطرة على مفاصل القوة فيها وتخلى عن الكثير من شعاراتهم ليضمن قواتها في صفه في المعارك التي قرر أن يخوضها ثم وجد نفسه وحيداً على أكثر من جبهة انتهت جميعها بخسارات فادحة.
لم يخذل الإخوان أولاد الشيخ عبدالله ولم يتخلوا عنهم حتى الآن وإن كان ذلك محتملاً بعد ما حدث وإنما بدأوا الاستعداد لمعركة سياسية ضد الرئيس هادي في ال11 من فبراير، آملين أن يعوضوا في الساحات مع خصومهم ما خسروه في الجبهات على أيديهم.
لقد أغلقوا بالصلح آخر جبهات الحرب في أرحب وبدأوا أول جمعة ثورية وأعادوا بعث شعارات 2011م لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن تكون نتيجة معركة الساحات أفضل من نتائج المواجهات في الجبهات.