قال مقربون من رئيس الوزراء التونسي السابق حمادي الجبالي إن استقالته تأتي كردة فعل على سيطرة محسوبين على رئيس الحركة راشد الغنوشي على مقاليد التنظيم وتهميش قيادات تاريخية. وكشف هؤلاء أن الجبالي، الأمين العام الحالي (قبل البت باستقالته)، ورئيس الحركة في فترات سابقة، ليس الوحيد الذي استقال أو يفكر في الاستقالة بسبب هيمنة لوبي مقرب من الغنوشي وتهميش القيادات التي كانت مؤثرة قبل مواجهة مع الحكومة في 1991. وشهدت “النهضة” خلال الفترة الأخيرة موجة من التصريحات المعارضة للخط الرسمي، تزعمها القيادي التاريخي عبدالفتاح مورو الذي أعلن استقالته أكثر من مرة ثم تراجع تحت ضغوط من الغنوشي الذي تربطه به علاقة قوية باعتبارهما من الجيل المؤسس أواسط السبعينات. وأعلن الجبالي، في بيان توضيحي أصدره، أمس، أنّه تخلّى رسميا عن مهمة الأمانة العامة لحركة النهضة، مبيّنا أنّه تقدّم بطلب كتابيّ بالاستقالة يوم 5 مارس لرئيس الحركة، مبينا أنّ تخليه عن مهامه، وفي هذه الظروف بالذات لا يجب أن يفهم أنّه “محاولة لشق الحركة أو إضعافها أو التأليب عليها”. وأكد المقربون منه أنه يريد أن يتحرك كشخصية وطنية مستقلة، وأنه أسرّ في أكثر من مرة أن جبة النهضة أصبحت تمنعه من خدمة تونس. وأثار بيان انسحاب الجبالي موجة نقد شديدة بلغت حد التهجم على قادة “النهضة”، وصدرت خاصة عن قيادات وسطى سابقة ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي من منتسبي الحركة أو متعاطفين معها. وقال عكاشة عكاشة (قيادي سابق ومعارض للقيادة حاليا) في صفحته على فيسبوك إن الجبالي أمين عام بلا حقيبة ولا مهمة واضحة، وأن عبدالفتاح مورو، نائب رئيس بحقيبة فارغة، وأن الكل يعلم أن هذين الرجلين مقصيان منذ زمان ولا وجود لهما داخل الماكنة التنظيمية، هذه الماكنة التي حصدتنا كلنا لمجرد أننا خالفنا سيدي الشيخ" في إشارة إلى الغنوشي.
ويرى المراقبون أنّ حركة النهضة لم تعد قادرة على إخفاء الصراعات داخلها والتي تفاقمت منذ توليها الحكم رغم ما تتسّم به من صرامة تنظيميّة، فقد انشقت عن الحركة أسماء بارزة تستعد لتأسيس أحزاب مثل رياض الشعيبي ومنار إسكندراني.