في الوقت الذي كان فيه الإسلاميون السياسيون حلفاء وشركاء نظام الحكم في اليمن خلال العقود الماضية،كان هناك نساء ورجال يناضلون بجسارة لمجتمع ديمقراطي يؤمن بالحقوق والحريات والعدالة وبأقل الإمكانات المالية والحضور الاجتماعي والثقافي، وحيدون عدا دعم دولي بسيط وحذر وأحزاب سياسية صغيرة في مواجهة منظومة الحكم التقليدية الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وبدعم إقليمي! إلا أن الليبراليين استطاعوا أن يخلقوا تحالفات وتجمعات أفراد ومنظمات تنمو وينمو دورها وتأثيرها في مجال التوعية والمناصرة للحقوق والحريات ومواجهة انتهاكات المنظومة التقليدية في معارك تفوقوا في بعضها من بداية 2003 إلى 2011! حيث أصبحوا يستطيعون تغيير مواقف سياسية وقرارات وتعديلات دستورية وانتزاع مساحة تعبير إعلامية وسياسية ودينية كسرت السقف المسيطر حينها! وخدمهم في ذلك وحدة صفهم وانفتاح اليمن على العالم الخارجي واهتمامه في اليمن. وكانت أوج انتصارات التغيير الحقيقي في تاريخ اليمن بين 2009 -2010 عندما انتصر الليبراليون على مشروع قرار الرئيس صالح تشكيل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفق مقترحات من الشيخ الزنداني.. وإغلاق بعض المطاعم وقانون زواج الصغيرات من 2009 -2010 وعند التوثيق للمواقف خلال هذه المعركة سنجد إعادة اصطفاف تحدث لأول مرة! حيث بدأ الخلاف ينمو داخل كل طرف سياسي من (أسرة صالح وحلفائهم وقيادات الإصلاح) فالأول كان بين التقليديين في نظام صالح مع التيار الإصلاحي العقائدي بقيادة الشيخ الزنداني متحالفا مع اللواء محسن في منظومة الحكم وضد الليبراليين، والثاني تيار الشباب وحلفائهم في الحكم.. وفي الإصلاح تيار اليدومي وقحطان ومصالحهم أقرب إلى الليبراليين لمجتمع منفتح يستوعب حريات الآخر وتبرز فيه المرأة بشكل أكبر ليشجع الاستثمارات الخارجية والسياحة في اليمن! كما أن هذه الفترة شهدت أكثر أنشطة المجتمع المدني ازدهارا برغم الانتهاكات التي واجهتهم ! وكانت 2011م، حيث ظن الكثيرون أنها مرحلة التغيير الكبرى، وفقدت تحالفات المدنية ميزة اصطفافها السابق (القوى التقليدية والقوى المدنية) وأصبحت بين قوى الصراع لأجل الحكم مفرغه من قيم الحقوق والحريات الأولى القوى التقليدية التي ترفع شعار المدنية بلا رؤية واقعية أو مستقبليه وقوى الحكم التقليدية التي لها رؤيتها في الاستمرار بالحكم وتقاسموا الليبراليين والقيم والوطن ! وبعد كل هذه النضالات والضحايا يجد الليبراليون أنفسهم منتصرين شكليا فقط على الأصنام السياسية لتخضع لدمار الإرهاب الذي يغتال المدنية والحريات والحقوق أكثر من الأنظمة الديكتاتورية! وتنكمش مطالب المجتمع من حق التعبير بحرية والحقوق والديمقراطية إلى حق الحياة والأمان والغذاء والكهرباء!!! فهل يتعلم الليبراليون من هذا الدرس ويعيدون اصطفافهم بعيدا عن الأحلام والتنظير ويستندون على قيمهم أولا قبل القوى التقليدية والمجتمع الدولي وإن استخدموهم؟ وهل نستطيع أن نعيد الوعي الذي خلقناه سابقا لدى الناس وكفروا به بسبب سيطرة قوى الإرهاب؟