ما إن تطأ قدمك أي ساحة من ساحات التغيير في مختلف محافظات الجمهورية حتى يخالطك شعور بأنك أمام ميلاد جديد لوطن جديد يتشكل على همم و سواعد شباب الثورة في مختلف الساحات .. تقرأ ذلك في وجوه و ملامح الشباب الذين يرابطون في هذه الساحات منذ أكثر من خمسة أشهر ، همم عالية .. عزيمة و إصرار ليس له حدود .. إخاء و تعاون لم نشعر به من قبل .. و تعامل حضاري و راقي بين آلاف الشباب و المعتصمون من مختلف الأطياف و المشارب .. حيث لا إقصاء و لا عنصرية و لا عصبية سواء كانت حزبية أو مذهبية أو مناطقية فكلها قد تلاشت في هذه الساحات . ساحة التغيير بكورنيش المكلا حيث بدأ الاعتصام فيها منذ شهر مارس الماضي تعتبر واحدة من تلك الساحات في الروعة و الصمود و الإصرار و الحب . الكل فيها يعمل و يشارك في مختلف اللجان و التكتلات التي تضمها الساحة . هناك لجنة النظام و الحماية التي تقوم بحراسة الساحة و حماية المعتصمين حيث يشارك فيها كافة المعتصمون بالساحة و ذلك بتوزيع المشاركين في الاعتصام إلى فرق و مجموعات تتناوب في حراسة و تأمين الساحة من مختلف الجهات و المداخل وفق برنامج يتم إعداده من قبل من مسئول اللجنة . و في الجانب الآخر هناك لجنة الخدمات تقوم بتوفير كافة المتطلبات الضرورية للمعتصمين من مياه الشرب و مياه الوضوء و توزيع الغذاءات في حالة توفرها و غيرها و عندما يُطلب من أي فرد أن يشارك فيها لا تجد أي تردد أو تأخر ، الجميع ينطلق شاعرا للبهجة و السرور حيث أن الجميع لديه قناعة بأن أي جهد أو عناء تبذله لخدمة الشباب في الساحات هو مشاركة في صناعة مستقبل اليمن الجديد و من هذا المنطلق فالجميع حريص على المشاركة و التفاعل . أما عن تنظيف الساحة و العناية بها فما إن يتم الإعلان بأنه ستكون هناك حملة تنظيف للساحة حتى يأخذ يبادر الجميع لأخذ أدوات النظافة و البدء بتنظيف و ترتيب الخيام و الساحة و رفع المخلفات .. الجميع سواسية لا فرق بين بيهم و لا فضل لأحد على أحد .. إنهم يجسدون بذلك أروع صور التعاون و المشاركة و يرسمون أروع صورة للمجتمع الحضاري . الجوانب الإيمانية و الروحانية هي الأخرى متميزة في الساحة ، فالصيامات الجماعية في الأيام الماضية و الصلوات في جماعة و مدارسة القرآن الكريم هو أفضل ما يجعل القلب يهفو و النفس تشتاق للبقاء في الساحة كما يقول أحد الشباب ، أما اليوم و قد أقبل علينا شهر الصيام فقد تحولت الساحة إلى محراب للصيام و القيام و قراءة القرآن و المحافظة على النوافل و الأذكار فزادت الشباب حماساُ إلى حماسهم و عزيمة إلى عزيمتهم . الكل في ساحة التغيير يريد أن يكون مبدعا و متميزا و فاعلا ُ ، فمن خلال البرامج و الفعاليات الثقافية و الرياضية و الثورية و غيرها برز الكثير من الشعراء و المنشدين و المسرحين و القيادات الشبابية و تفجرت المواهب و اكتشفت القدرات و صقلت المهارات سواء من خلال إقامة العديد من الدورات الفنية و الإدارية و المهارية للشباب المعتصمون حيث قدمها مجموعة من المتخصصين أو من خلال المشاركة في الفعاليات اليومية التي تقام في الساحة . و هكذا هي همم و عزائم و أخلاق الشباب في ساحة التغيير بالمكلا صمود و إصرار و بقاء في الساحات رغم كثرة المعوقات و لكن عظمة الأهداف التي خرجوا ينشدونها تجعل الصعوبات تهون أمامهم – كما عبر احدهم – و بهذا الصدد فإنهم يهيبون بكافة الصامتين و القابعين في ديارهم بالخروج عن صمتهم و مغادرة منازلهم و اللحاق بركب الشرف و المجد … ركب الثورة و الثوار .