فالدم يأتي بالدم ومن استمرأ القتل طاش به سيفه فعجزت حجته وكثرت مبرراته وسقط في الوحل الذي لا نجاة منه إلا أن يشاء الله القتل ليس حلاً فأعداء الأمة ظنوا أن القتل حل لوأد الإسلام وكسر شوكته فقتل الخلفاء ومن برز بعدهم ومنوا أنفسهم بهزيمة المسلمين وضعف الأمة ففشلوا وخسروا فالأمة لا تزيدها الضربات إلا قوة ووحدة القتل ليس حلا للخلافات أكانت مذهبية أو عرقية فقد سعت أمم وشعوب وجماعات سالفة أن تحسم خلافاتها بالقتل ظنا منها أنها ستنهي النزاع وما دريت أنها إنما زادته ثورانا واشتعالا فلم يبق ولم يدر حتى وصلت إلى قناعة أن لا حل إلا بالتعايش واحترام الآخر والقبول بالخلاف . عندما جاء الإسلام قدس النفس الإنسانية أيا كانت فعصمت دماء الناس وأموالهم وأعراضهم إلا بحق وجاءت النصوص التي تبين خطورة هذا المسلك (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا) (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (لأن تهدم الكعبة حجراً حجراً أهون عند الله من أن يراق دم امرئ مسلم) وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم حريصا على حقن دماء حتى من أساء إليه وعذبه (أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله لا يشرك به شيئا) وقال (ادرؤوا الحدود بالشبهات)( لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت) ويسمو الإسلام بالناس إلى خلق السماحة والاحتساب وترك الانتقام (إذهبوا فأنتم الطلقاء) (لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرّاحِمِينَ ) بل أمر بالصبر والمصابرة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ) (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرك إِلَّا بِاَللَّهِ) صبرا على الابتلاء صبرا على التمحيص صبرا على الامتحان ، بل تبرأ الرسول من فعل من تساهل في الدماء (اللهم اني أبرأ اليك مما صنع خالد)( أقتلته وقد قال : لا إله إلا الله) القتل ليس حلاً بل بلية ورزية فكيف لو كان المستهدف حملة الشريعة وشيوخ الإسلام ورموز الأمة وقادتها . كم من امرأة ترملت وأطفال تيتموا وساد بين الناس الخوف وعم البلاء وانتشرت الجريمة وساد الهرج والمرج حتى صار لا يدري أحدهم من قتله ولم قتله واختلطت الأوراق واستغلت ممن تسول لهم أنفسهم إلى الإساءة إلى تعاليم الشريعة وحملة القرآن . الشريعة كلها رحمة الشريعة كلها عدل الشريعة كلها مصلحة لا مفسدة فيها .