عنجهية العليمي آن لها ان توقف    إقالة رشاد العليمي وبن مبارك مطلب شعبي جنوبي    إستشهاد جندي جنوبي برصاص قناص إرهابي بأبين    مدرسة بن سميط بشبام تستقبل دفعات 84 و85 لثانوية سيئون (صور)    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    من يصلح فساد الملح!    تربوي: بعد ثلاثة عقود من العمل أبلغوني بتصفير راتبي ان لم استكمل النقص في ملفي الوظيفي    البرلماني بشر: تسييس التعليم سبب في تدني مستواه والوزارة لا تملك الحق في وقف تعليم الانجليزية    السياغي: ابني معتقل في قسم شرطة مذبح منذ 10 أيام بدون مسوغ قانوني    شركة النفط بصنعاء توضح بشأن نفاذ مخزون الوقود    السامعي يهني عمال اليمن بعيدهم السنوي ويشيد بثابتهم وتقديمهم نموذج فريد في التحدي    نجاة قيادي في المقاومة الوطنية من محاولة اغتيال بتعز    التكتل الوطني يدعو المجتمع الدولي إلى موقف أكثر حزماً تجاه أعمال الإرهاب والقرصنة الحوثية    دولة الأونلاين    مليشيا الحوثي الإرهابية تمنع سفن وقود مرخصة من مغادرة ميناء رأس عيسى بالحديدة    احتجاجات في لحج تندد بتدهور الخدمات وانهيار العملة    جمعية التاريخ والتراث بكلية التربية تقيم رحلة علمية إلى مدينة شبام التاريخية    نتائج المقاتلين العرب في بطولة "ون" في شهر نيسان/أبريل    النصر يودع آسيا عبر بوابة كاواساكي الياباني    اختتام البطولة النسائية المفتوحة للآيكيدو بالسعودية    "الحوثي يغتال الطفولة"..حملة الكترونية تفضح مراكز الموت وتدعو الآباء للحفاظ على أبنائهم    شاهد.. ردة فعل كريستيانو رونالدو عقب فشل النصر في التأهل لنهائي دوري أبطال آسيا    وفاة امرأة وجنينها بسبب انقطاع الكهرباء في عدن    الهند تقرر إغلاق مجالها الجوي أمام باكستان    13 دولة تنضم إلى روسيا والصين في مشروع بناء المحطة العلمية القمرية الدولية    هل سيقدم ابناء تهامة كباش فداء..؟    هزة ارضية تضرب ريمة واخرى في خليج عدن    سوريا ترد على ثمانية مطالب أميركية في رسالة أبريل    مباحثات سعودية روسية بشان اليمن والسفارة تعلن اصابة بحارة روس بغارة امريكية وتكشف وضعهم الصحي    صدور ثلاثة كتب جديدة للكاتب اليمني حميد عقبي عن دار دان للنشر والتوزيع بالقاهرة    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حفظ الحياة والعقوبات الشرعية
نشر في الناشر يوم 16 - 10 - 2010

(اعلم أن الحدود يجب إقامتها في كل موضع غير مسجد على الإمام وعلى واليه وإنما يختص الإمام بولاية الحد بشرطين وهما أن يكون وقع سببها في زمن ومكان يليه فلو زنا قبل ولاية الإمام أو في المكان الذي لا تنفذ فيه أوامر الإمام فيه لم يلزمه الحد، وإذا زنا الإمام فلا حد عليه لأنها تبطل إمامته بأول الفعل فوقع زناه في غير زمن إمام وله إسقاطها عن بعض الناس لمصلحة بما فيها القصاص وحد السرقة إلا حد القذف وعن القاضي عبد الله الدواري أنه إذا قامت البينة بحد أو تعزير فإنه يجب على الإمام والحاكم الاجتهاد في استيفاء الحد منه ولا يجوز للمحدود مقاتلتهم في دفعهم عن نفسه وإن جاز له الهرب، ولا يجوز للمحكوم عليه التمكين من نفسه لإقامة ذلك عليه ويجب عليه الهرب والتغلب ما أمكن لأن دفع الضرر واجب،)[1]

الحد لغة: المنع وفي الشرع: عقوبة مقدرة من قبل المولى (سبحانه وتعالى) بالضرب حق لله (فخرج بهذا التعريف التعزير لعدم تقديره والقصاص إذ هو حق لأدمى) وقد يتضمن إتلاف النفس كالرجم و حد المرتد والمحارب،ولا كالسرقة والقذف والزاني البكر.( 1)
سنكتفي بمناقشة حدي زنا المحصن والردة، متوسعين نسبياً في الحديث عن الزنا كمثال لبيان وعي الفقه الإسلامي بخطورة الحكم بإهدار حياة الإنسان بل الحياة بصورة عامة، رغم تأثره بالواقع التاريخي الذي نشأ فيه الفقه، تجسد هذا الوعي على سبيل المثال في التشديد على الشروط التي وضعت لكيفية ثبوت الجريمة، ومسقطات الحد،والتشدد في عقوبة القاذف، حتى أن القذف هو الحد الوحيد الذي لا يجوز لذوي الولاية العامة إسقاطه، ولا تقبل بعده شهادة من اقترفه، ومع هذا يمكن القول في المقابل أن الفقه الإسلامي هو نتاج الواقع التاريخي الذي نشأ فيه ولذلك نجد التعدد والتنوع بتنوع البيئة التي نشأ فيها الفقهاء،حتى اشتهر أن للإمام الشافعي رضوان الله عليه (قولان) نتيجة لاختلاف البيئة في مصر عنها في العراق،إلا أن الاختلاف ولم يكن كبيراً، لأن الاختلاف بين قرن وقرن،ومصر وآخر لم يكن كبيراً، ولهذا نجد الاتفاق بين المذاهب المختلفة في الكثير من القضايا التي قد لا تجد لها سنداً من نص وسندها الوحيد هو الإجماع
من فضول القول التأكيد على أن العقوبات في الأصل لم تشرع إلا لحفظ الحياة، والحرية والعرض والمال والعقل أو توفير أسس للتعايش بما في ذلك عقوبة القصاص التي جاء النص صريحاً على أنه شرع لحفظها (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب) لأن الأصل كما هو معلوم من الدين ضرورة حرمة الدماء ويعني هذا عدم جواز قتل أي إنسان أو حيوان إلا بدليل شرعي وبناء على حكم شرعي بات ونهائي وليس بفتوى تمثل رأي فرد أو عصبة من الناس، (وأحكام الردة في الغالب هي رأي شخص أو جماعة من أتباع مذهب تصدر منهم ضد آخرين ممن يعتقدون أنهم على الإسلام أو توجه من سلطة لإرهاب معارضيها) ولذلك فإن من يبرر قتل شخص ما مطالب بتقديم الدليل ولا يمكن أن يقر من يدعي وجوب القتل على دعواه
لأن الأصل مع القائلين بحرمة الدماء والأعراض والأموال لعصمة دم الإنسان والحيوان
ولهذا شُرع للإمام أن يسقط العقوبات بما فيها القصاص إذا كان تنفيذها سيؤدي إلى ضرر أو إذا كان ثم مصلحة من عدم التنفيذ، بالإضافة إلى أن الأولى والأفضل لأولياء المقتول ظلماً وعدواناً لعفو ,ولو كان القتل واجبًا أو حتى مندوبا لما ندب العفو عن قاتل العمد لأن الحياة هي أعظم هبة أو منحة أعطيها الإنسان وحرمان حتى القاتل منها حرمان له من فرص الرحمة المتاحة له حتى آخر لحظة من حياته ولهذا علل القصاص بأن فيه حياة لمن سيكون عرضة للقتل ثأرًا وتداعياته لكن إن تم العفو وهو الأولى حفظت الحياة بالأولى وهنا مقصد الشريعة. .ونجد هذا المقصد واضحا في النص القرآني الصريح في أن حكم الأسير( إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً) إما المن وإما الفداء فقط لأن {إما أو}تعني الحصر والقصر ولا ثالث لهما والإسلام تجاوز الحرص على سلامة الأسير المحارب إلى الأمر بالإحسان إليه (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وأسيرا) والتعبير على حبه يوحي بأهمية استثنائية لإكرام الأسير ومكانة خاصة تتجاوز الواجب لأن حب الطعام أي الحاجة الشديدة لم تمنع من مدحهم الله هنا عن إعطاء الطعام لأسير كان مخالفا لهم في الدين وبذلك صار هذا المنهج في حفظ الحياة حتى لمن يخالف في الدين باعثا لجعل من فعله قدوة بأمر الله سبحانه فختم ذكرهم بقوله سبحانه ( إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا)
يؤكد هذا ما رواه الإمام الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين (قال عليه السلام حدثني أبي عن أبيه أنه سئل عن الذين لا يجوز قتلهم من الأسرى فقال: هم الذين أثخنهم المحقون بالوثاق، وقلنا له: وما الأسر؟ فقال: هو الوثاق والأطر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لتأخذن على يد الظالم فلتأطرنه على الحق أطراً))، فقيل له: يا رسول الله، وما الأطر؟ فقال: ((هو الرباط والعقد)).
والنص الأول صريح في أن من كتف لا يجوز قتله. فالأمر بالإحسان للأسير المحارب يتفق مع الأصل ويتناقض مع الثقافة التي مالت إلى التوسع في التشريع للقتل.
و روى ابن حزم عن مطيع بن الأسود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تغزى مكة بعد هذا العام أبدا ولا يقتل رجل من قريش بعد هذا العام صبرا)[1]،ورغم النهي قتل الكثير صبراً
(عن أبي سعيد الخدري أنه قال: بعث عليٌ وهو في اليمن بذهبية في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين أربعة نفر الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن حصن بن بدر الفزاري وعلقمة بن علاءة الكلابي وزيد الخيل الطائي فغضبت قريش والأنصار وقالت يعطي صناديداً همج ويدعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنما أعطيهم أتألفهم فقام رجل غائر العينين محلوق الرأس مشرف الوجنتين ناتئ الجبين فقال اتق الله يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ( فمن يطع الله إن عصيته أنا, أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني) فاستأذن عمر في قتله فأبى. ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يخرج من ضئضئ هذا قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان والله لئن أدركنهم لأقلتنهم قتل عاد)[2]. و استنتج ابن حزم من هذا النص ( إن قتل من ارتد كان حراما ولذلك نهى عنه عليه السلام ولم يأذن به لا لعمر ولا لخالد ثم إنه عليه السلام نذر بأنه سيباح قتله وأنه سيجب قتل من ارتد فصح يقينا نسخ ذلك الحال)[3] إلا أنه يمكن القول إن الردة المجردة دون مقاتلة لم تبح دمه ولذلك نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتله وفي نفس الوقت أوضح أنهم عندما يتحولون إلى محاربين يجب قتلهم والظاهر أن القول بأن هذا النص فيه نسخ توسع لا يتفق والزمن الذي قيل فيه العام السابع تاريخ وصول الإمام علي عليه السلام إلى اليمن ووجود خالد مسلما والنص في ذاته حمله ابن حزم ما لا يحتمل ناسخ ومنسوخ في نفس الوقت, ولم يبق إلا القول إن مجرد الردة لا توجب القتل حتى ولو كان المرتد كما في النص سيكون سببا في فتنة.وكأن الحكم بالقتل هو للحرابة التي سيمارسها الخوارج فيما بعد، وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام أبن تيمية كما ينقل عنه جمال البناء يعزز هذا أن من معاني الردة التعرب بعد الهجرة (العودة إلى حياة الأعراب بما تعنيه من قطع للطريق وحرابة...الخ).حتى لو لم ينكر ما أعلن الإلتزام به من أحكام الإسلام والأوضح من كل ذلك ما تضمنه صلح الحديبية من التزام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعدم طلب من عاد إلى قريش من المدينة كافراً (مرتداً).
(عن ابن تِعْلِي، قال:غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأُتِيَ بأربعة أعلاج من العدو، فأمر بهم فقتلوا صبراً). والقتل صبرا هو ما يسمى الإعدام.
قال أبو داود: أن عبد الرحمن بن خالد قتل أربعة : بالنبل صبراً، فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري فقال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهى عن قتل الصبر، فو الذي نفسي بيده لو كانت دجاجةٌ ما صبرتها، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب)([4])
(عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على النبيِّ صلى اللّه عليه وآله وسلم وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم، فأخذهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَلَماً ، فأعتقهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة} إلى آخر الآية)([5]).
ومما جاء في الروايات المتعلقة بتفسير آيات سورة الأنفال وبعض ما نسب إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من أمره بقتل بعض من أُسر أو إهداره لدماء بعض المشركين يجب أن يعاد النظر فيه من خلال دراسة نقدية لسند الروايات ومتنها لأن استنتاج الفقهاء منها جواز قتل الأسير إذا أعتقد الإمام وجود مصلحة في ذلك لا يتفق مع الأمر بالإطعام ومعارض للنص (إما المن أو الفداء) ومع هذا فقد قيد بالمصلحة أو إذا كان في الأصل ممن يصدق عليهم مفهوم (المحارب)وبالتعبير المعاصر(مجرم الحرب) لأنه في هذه الحالة مشمول بالحكم الوارد في نص الآية 33-34من سورة المائدة (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(33)إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(34)
وحكم المحارب لله والرسول الساعي في الأرض بالفساد غير حكم الأسير الحربي من الكفار غير الأسير من البغاة، والمحارب غير الحربي، والاستثناء الوارد في الآية( إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) يعبر أوضح تعبير على أن مقصد الشريعة هو الوصول إلى حالة السلم، وتوقف الملاحقات التي قد تسبب المزيد من إهدار الدماء وإشاعة الخوف، فتسليم المحارب لنفسه قبل القدرة عليه يمنحه العفو عما اقترفه، ولو كان الحد عقوبة لما جاز العفو عنه
والمحارب لله ورسوله والساعي في الأرض بالفساد هو أخطر وأشد جرماً من المرتد ومع هذا يمنح العفو إن هو توقف قبل القدرة عليه.
بل أن حرص الشريعة الإسلامية على الحياة تتعدى الإنسان إلى تحريم الشريعة قتل الحيوان وتوجب سد رمقه ولذلك جاء في كتب الفقه (ويجب سد رمق محترم الدم كالمسلم والذمي لا الحربي وكذا سائر الحيوانات التي لا تؤكل ولا يجوز قتلها،
وأما نفقة البهائم فيجب على مالكها أن يعلفها علفاً مشبعاً أو يبيعها أو يسيب في مرتع إذا كان خصيباً،أما التسييب في المدن فلا يكفي بل يجبر على إنفاقها،ويلزمه حفظها إذا خشي عليها السبع،ويجب على الشريك في العبد والبهيمة حصته وحصة شريكه الغائب والمتمرد وله الرجوع إذا نوى،)[6] فالشريعة التي توجب سد رمق الحيوان والإنفاق على الحيوان بقوة القانون أشد حرصاً على حياة الإنسان،الكافر والمسلم على حد سواء لأنهما من آدم بل هما آدم الذي مكن من الفعل ونقيضه، وضلت أبواب الرحمة مشرعة أمامه حتى آخر لحظة من حياته،

الردة

ذكرت الردة في كتاب الله في مواضع كثيرة منهاقال الله تعالى: {كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البيِّنات والله لا يهدي القوم الظالمين. أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون. إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم. إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفراً لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون} /آل عمران: 86 - 90/.
وقال: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردُّوكم بعد إيمانكم كافرين} /آل عمران: 100/.
وقال: {إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفراً لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلاً} /النساء: 137/.
وقال: {من يرتدَّ منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلَّة على المؤمنين أعزَّة على الكافرين} /المائدة: 54/.
{ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم. ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين. أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون. لا جرم - يقول: حقاً - أنهم في الآخرة هم الخاسرون - إلى قوله - إن ربك من بعدها لغفور رحيم} /النحل: 106 - 110/.
{ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون} /البقرة: 217/.
إلا أنه لا يوجد في كتاب الله نص على وجوب أو جواز قتل المرتد
والردة لغة : {هي الرجوع عن الشيء إلى غيره، ومنه قوله تعالى :(فَارتدا على آثارهما قصصا) ومع أنه لم يذكر في القرآن كيفية التعامل القانوني مع المرتد، إلا أن الفقهاء على اتفاق أن عقوبة المرتد هي القتل حداً، إلا ما روي بحسب علمنا عن سفيان الثوري من عدم تجويزه القتل وترجيحه الحبس، وكذلك عن عمر رضي الله عنه، ورغم إتفاقهم على العقوبة إلا أنهم اختلفوا في تحديد من هو المرتد؟ فبعضهم توسع في تحديد الأفعال والأقوال (أو ما يعبر عنهما) التي يعتبر معها المسلم مرتداً والبعض الآخر ضيق موجبات كفر المسلم بما ورد فيه النص الصريح. كما أختلف القائلون بقتل المرتد فبعضهم ذهب إلى القول بوجوب قتله وبعضهم بالجواز وبعضهم ذهب إلى وجوب قتله على الفور وبعضهم قال بوجوب أن يستتاب،كما أختلف هؤلاء في عدد مرات الاستتابة ......
ويستدل من ذهبوا إلى قتل المرتد بأخبار منها:-
ما رواه أبو خالد الواسطي رحمه الله قال:حدثني زيد بن علي عن أبيه عن جده علي(ع م) أنه كان يستتيب المرتد ثلاثاً فإن تاب وإلا قتله وقسم ميراثه بين ورثته المسلمين)
وبنفس السند قال:إذا أسلم أحد الأبوين والولد صغار فالولد مسلمون بإسلام من أسلم من الأبوين فإن كبر الولد وأبو الإسلام قتلوا وإن كان الولد كباراً بالغين لم يكونوا مسلمين بإسلام الأبوين)[7]

وفي البخاري:

6526 –عن ابن عبد الله بن عتبة: أن أبا هريرة قال:
لمَّا توفي النبي صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر، وكفر من كفر من العرب، قال عمر: يا أبا بكر، كيف تقاتل الناس، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله). قال أبو بكر: والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر: فو الله ما هو إلا أن رأيت أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق).
والظاهر من هذا الخبر أن الحكم الشرعي في التعامل مع (من أطلق عليهم مرتدين لامتناعهم عن تسليم الزكاة وعدم اعترافهم بشرعية سلطة المدينة) لم يكن مجمعاً عليه بين أبي بكر وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما،وبالتالي عند عامة الصحابة، فالنص حجة مشتركة للقائلين بعدم وجود نص يحدد كيفية التعامل مع المرتد، ولو كان ثم نص لما جهله عمر وغيره ممن اعترضوا على عزم أبي بكر القتال ولو جهلوه وعلمه الخليفة الأول لاستند إليه في تبرير قراره، وبين من يستندون إليه في جواز قيام الدولة بحمل الناس على أداء الواجب الديني،ومنه الزكاة،إلا أن الحرب التي شرح الله صدر أبي بكر لها بحسب تعبير عمر لم تكن ضد جماعة واحدة رفضت تسليم الزكاة إلى الخليفة مع إقرارها بوجوبها الشرعي بل شملت من ارتد عن الإسلام جملة كمسيلمة وسجاح والأسود العنسي الذي نسب إليهم ادعاء النبوة
روي في سنن البيهقي [ 16594 ] عن (أبو أمامه بن سهل بن حنيف وعبد الله بن عامر بن ربيعة قالا كنا مع عثمان رضى الله تعالى عنه في الدار وهو محصور وكنا إذا دخلنا ندخل مكانا نسمع كلام من بالبلاط فخرج عثمان رضى الله تعالى عنه يوما متغيرا لونه قلنا ما لك يا أمير المؤمنين قال إنهم ليواعدوني بالقتل فقلنا يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين قال وبم يقتلوني وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل كفر بعد إسلامه أو زنى بعد إحصانه أو قتل بغير حق فو الله ما زنيت بجاهلية ولا إسلام قط ولا قتلت نفسا بغير نفس ولا تمنيت بديني بدلا مذ هداني الله عز وجل للإسلام فبم يقتلوني )
[ 16595 ] عن مسروق قال: قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة أخرجه البخاري ومسلم في الصحيح من أوجه عن الأعمش
[ 16596 ] عن مسروق عن عبد الله قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي لا إله غيره لا يحل دم رجل مسلم يشهد أن لا إلا الله وأني رسول الله إلا ثلاثة نفر التارك الإسلام المفارق للجماعة أو الجماعة والثيب الزاني والنفس بالنفس قال الأعمش فحدثت به إبراهيم فحدثني عن الأسود عن عائشة بمثله رواه مسلم في الصحيح عن أحمد بن حنبل
[ 16597 ] عن عكرمة قال لما بلغ بن عباس رضى الله تعالى عنه أن عليا رضى الله تعالى عنه حرق المرتدين أو الزنادقة قال لو كنت أنا لم أحرقهم ولقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه ولم أحرقهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لأحد أن يعذب بعذاب الله رواه البخاري في الصحيح عن علي بن عبد الله عن سفيان
[ 16598 ] عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من غير دينه فاضربوا عنقه
[ 16599 ] قال أبو موسى أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وكلاهما سأل العمل والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت فقال ما تقول يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس قلت والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل قال وكأني أنظر إلى سواكه تحت شفته قلصت قال لن أستعمل أو لا أستعمل على عملنا من أراده ولكن أذهب أنت يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس فبعثه على اليمن ثم اتبعه معاذ بن جبل فلما قدم عليه معاذ قال انزل والقي له وسادة وإذا رجل عنده موثق قال ما هذا قال هذا كان يهوديا فأسلم ثم راجع دينه السوء قال لا أجلس حتى يقتل قضاء الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار وأمر به فقتل ثم تذاكر قيام الليل قال أحدهما معاذ بن جبل رضى الله تعالى عنه أما أنا فأنام وأقوم أو أقوم وأنام وأرجو في نومتي ما أرجو في قومتي رواه البخاري في الصحيح عن مسدد وأخرجه مسلم عن أبي قدامة وغيره عن يحيى
16606 ] عن عكرمة عن ابن عباس قال كان عبد الله بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل فاستجار له عثمان رضى الله تعالى عنه فأجاره رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 16607 ] عن عكرمة عن ابن عباس قال ارتد رجل من الأنصار فلحق بالمشركين قال فأنزل الله عز وجل { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق } إلى قوله { إلا الذين تابوا } قال فكتب بها قومه إليه فلما قرئت عليه قال والله ما كذبني قومي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الله عز وجل والله أصدق الثلاثة قال فرجع تائبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل ذلك منه وخلى سبيله
[ 16609 ] ورواه الحجاج بن أرطأة عن أبي إسحاق عن حارث بن مضرب أن فرات بن حيان ارتد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد قتله فشهد شهادة الحق فخلى عنه وحسن إسلامه




[ 16638 ] عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم رجل يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا أحد ثلاثة نفر النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة أخرجاه في الصحيح من حديث الأعمش
[ 16639 ] عن مصعب بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم فتح مكة آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وأمرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة وذكر الحديث في ردتهم ورجوع بعضهم وقتل البعض وذلك يرد بتمامه إن شاء الله
[ 16640 ] عن عكرمة عن ابن عباس أن أم ولد لرجل سبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلها فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن دمها هدر ورواه أيضا إسرائيل عن عثمان الشحام بطوله موصولا
[ 16641 ] عن عروة بن محمد عن رجل من بلقين أن امرأة سبت النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها خالد بن الوليد رضى الله تعالى عنه
[ 16642 ] عن جابر قال ارتدت امرأة عن الإسلام فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الإسلام وإلا قتلت فعرضوا عليها الإسلام فأبت إلا أن تقتل فقتلت في هذا الإسناد بعض من يجهل وقد روي من وجه آخر عن بن المنكدر
[ 16655 ] عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح مكة وعلى رأسه مغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوه رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأخرجه البخاري من وجه آخر عن مالك
[ 16656 ] عن مصعب بن سعد عن أبيه قال لما كان يوم فتح مكة آمن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن أبي سرح فأما عبد الله بن خطل فأدرك وهو متعلق بأستار الكعبة فاستبق إليه سعيد بن زيد وعمار بن ياسر فسبق سعيد عمارا وكان أشب الرجلين فقتله وأما مقيس بن صبابة فأدركه الناس في السوق فقتلوه وأما عكرمة فركب البحر فأصابتهم عاصف فقال أصحاب السفينة لأهل السفينة أخلصوا فإن آلهتكم لا تغني عنكم شيئا هاهنا قال عكرمة والله لئن لم ينجني في البحر إلا الإخلاص لا ينجيني في البر غيره اللهم إن لك علي عهدا إن أنت عافيتني مما أنا فيه أن آتي محمدا حتى أضع يدي في يده فلأجدنه عفوا كريما قال فجاء فأسلم وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح فإنه اختفى عند عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بايع عبد الله قال فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله فقالوا ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك قال إنه لا ينبغي لنبي أن يكون له خائنة الأعين
[ 16657 ] عن ابن إسحاق قال إنما أمر بابن أبي سرح لأنه كان قد أسلم وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فرجع مشركا ولحق بمكة وإنما أمر بقتل عبد الله بن خطل لأنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى يخدمه مسلما فنزل منزلا فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع له طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فعدا عليه فقتله ثم ارتد مشركا وكانت له قينه وصاحبتها فكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بقتلهما معه
[ 16665 ] أخبرنا أبو الحسين بن بشران ببغداد أنبأ أبو الحسن علي بن محمد المصري ثنا مالك بن يحيى ثنا علي بن عاصم عن داود بن أبي هند عن عامر عن أنس بن مالك قال لما نزلنا على تستر فذكر الحديث في الفتح وفي قدومه على عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه قال عمر يا أنس ما فعل الرهط الستة من بكر بن وائل الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين قال فأخذت به في حديث آخر ليشغله عنهم قال ما فعل الرهط الستة الذين ارتدوا عن الإسلام فلحقوا بالمشركين من بكر بن وائل قال يا أمير المؤمنين قتلوا في المعركة قال إنا لله وإنا إليه راجعون قلت يا أمير المؤمنين وهل كان سبيلهم إلا القتل قال نعم كنت أعرض عليهم أن يدخلوا في الإسلام فإن أبوا استودعتهم السجن وبمعناه رواه أيضا سفيان الثوري عن داود بن أبي هند

والمشهور عن سفيان الثوري القول بعدم قتل المرتد (عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة يقول: (عن سعد قال:لمَّا كان يوم فتح مكة أمَّنَ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس إلا أربعة نفرٍ وامرأتين وسماهم، فذكر الحديث قال: وأما ابن أبي سرحٍ فإِنه اختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا نبيَّ اللّه: بايع عبد اللّه، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً، كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: "أما كان فيكم رجلٌ رشيدٌ يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟" فقالوا: ما ندري يا رسول اللّه ما في نفسك، ألاَّ أومأت إلينا بعينك قال: "إنه لا ينبغي لنبيٍّ أن تكون له خائنة الأعين".
قال أبو داود: كان عبد اللّه أخا عثمان من الرضاعة، وكان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه وضربه عثمان الحدَّ إذ شرب الخمر)([8]). فلو كان حكم المرتد هو وجوب (القتل) لما شفع عثمان ولو شفع جهلاً لما قبلت شفاعته، لأن قتل المرتد على دعواهم حد والشفاعة في الحدود منهي عنها
ورغم الإجماع المتأخر على قتل المرتد، إلا أن الخلاف بين عمر وأبي بكر يفيد بأن الحد لم يكن مجمعا عليه بين الصحابة. ومن القواعد ا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.