يحكي الشيخ على الطنطاوي يقول: كنت قاضيا في الشام ،وحدث أن كنا مع مجموعة نقضي المساء عند أحد الأصدقاء ..فشعرت بضيق واختناق شديد فاستأذنتهم على الرحيل ،فاصروا على ان اكمل السهرة معهم ،ولكن لم استطع فقلت لهم: ان اريد ان امشي لكي استنشق هواء ،فخرجت وحدي امشي في الظلام بينما انا كذلك سمعت نحيبا وابتهالا آتي من خلف تله ! نظرت فإذا بامرأة يبدوا عليها مظهر البوس حيث كانت تبكي بحرقة وتدعوا الله ..فاقتربت منها وقلت لها :مايبكيكي يأختي؟ قالت: أن زوجي شخص قاسي وظالم طردني من البيت وأخذ أبنائي وأقسم أن لا أراهم بعد اليوم ، وأن ليس لي أحد والا مكان أذهب له. فقلت لها: ولماذا ما ترفعي امرك الى القاضي؟ .. بكت كثيرا وقالت: كيف بامرأة مثلي ان تصل الى القاضي؟ يكمل الشيخ وهو يبكي ويقول: المرأة تقول هذا وهي لا تعلم أن الله خرج القاضي(يقصد نفسه) من رقبته ليحضره اليها. سبحان الله من أمره بالخروج في ظلمت الليل ليقف أمامها بقدميه ويسألها هو بنفسه عن حاجتها.. أي دعاء دعته هذه المرأة المسكينة ليستجاب لها بهذه السرعة وبهذه الطريقة. فيا من تشعر بالبوس وتظن أن الدنيا قد أظلمت …أرفع يديك الى السماء ولا تقل كيف ستحل أفتضيق بعد هذا، بل تضرع لمن يسمع ذبيب النملة ،وكونوا على يقين أن هناك شيء ينتظركم بعد الصبر أن الله لا يبتليك بشيء إلا وبه خير لك حتى وأن ظننته العكس ..فارح قلبك فالولاء البلاء لكان يوسف مدلا في حضن ابيه ، ولكنه مع البلاء صار عزيز مصر. أي يضيق صدرك بعد هذا ! كونوا على يقين أن هناك شيء ينتظركم بعد الصبر ليبهركم فينسيكم مرارة الالم.