لقد تملَّك الحزن القلوب وسيطرت الهموم على النفوس , وتاهت الألباب في متاهات الأزمة التي أصابت المجتمع اليمني في مقتل دون أن تلتفت أطراف النزاع في البلد إلى معاناة الناس , وعظيم ما نزل بهم من البلاء . قلوب الناس مريضة وأفئدتهم مفجوعة مكلومة , وألبابهم تائهة يبحثون عن بصيص أمل يجدون معه لقمة عيش كريمة وجرعة ماء نقية . · تصحَّرت الإبتسامة في حالٍ يصيب المواطن اليمني الرعب وهو يُلقي نظرةً يومية على خزان المياه خوفاً من أربعة وخمسة آلاف ريال قيمة وايت الماء . · تبخرت الأحلام بمستقبلٍ أفضل وضاعت السعادة والمواطن اليمني يشعر بالفزع كلما قاربت دبة الغاز على النضوب خوفاً من ألف وسبعمآئة ريال قيمة الجديدة التي تعاني من السرقة . · يعاني المواطن اليمني وهو يعيش في الظلام كوابيس الحرب وأولاده بلا نوم , أو فزعوا من نومهم على أصوات لعلعة الرصاص والقذائف والصواريخ . شعبٌ مُحِقت حياته وسُلبت راحته وهو من كان يأمل الأحسن ليتفاجأ بالأسوء . نخاطب المواطن اليمني ونواسيه وفي القلوب تلالاً من الهَمِّ وجبالاً من الحزن والأسى . صار لزاماً علينا أن نتصبَّر ونتواسى ونتذكر البلاء والإمتحان والتمحيص , نتواسى بقول الحق جل وعلا : " ولنبلونكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " . حين نتأمل حياتنا وما نزل بنا من البلاء نتذكر : الخوف الذي نعيشه , الجوع الذي نعاني منه , نقص الأموال الواقع , الموت الذي يقتنص الأرواح , الشدة التي سلبت الثمار , ومعها نتذكر الثواب والجزاء مع الصبر والإحتساب " أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " . هذه العاقبة لن تكون إلا بالصبر , الصبر ولا شيئ سواه . أيها اليماني : يا من تملَّك الحزن قلبه , وكتم الهَمُّ نَفَسَه , وضيَّق صدره : يا من تكدَّرت به الأحوال وأظلمت أمامه الأمال : يا من ضاقت عليه الحياة رغم سعتها : يا من ضاقت به نفسه وأيامه وساعاته وأنفاسه : · لا تحزن فالبلوى تمحيص , والمصيبة إن شاء الله اختبار , والنازل ععليك بإذن الله امتحان , وعند الإمتحان يُكرم المرءُ أو يُهان . · لا تحزن فأنت المظلوم ومولاك قد وعدك بالنصر وتوعد ظالمك بالخذلان والذل " وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين " . · لا تحزن والفقر والحاجة والخوف والرعب كوابيس تحيط بك من كل جانب , ما عليك إلا الصبر والبشرى من الله : " ولنبلونكم بشيئ من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين " . · لا تحزن وبلاء الأزمة قد خنقك وكابوسها قد سيطر عليك . · لا تحزن وأنت ترى قَتَمَةً لا تُبشر بالخير تذكَّر : " إن مع العسر يسراً . إن مع العسر يسراً " . وبعد الليل فجر يرتسم . · لا تحزن فالبلاء جزءٌ لا يتجزأ من الحياة , لا يخلو منه غنيٌ ولا فقير ولا كبير ولا صغير , الكل مشتركون في وقوعه ومختلفون في كيفياته ودرجاته : " لقد خلقنا الإنسان في كبد " أي في عناء . · لا تقلق فالضائقة ستزول , هذا وعد الله : " إن الله لا يخلف الميعاد " " فإن مع العسر يسراً . إن مع العسر يسراً " . لا تحزن فإنما كرَّر الله اليسر في الأية الكريمة ليطمئن قلبك وينشرح صدرك حتى قيل : لن يغلب عسرٌ يُسرين . أيها اليماني : أطلب الطمأنينة بذكر الله : " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " . إفزع إلى الله بالدعاء , تضرع إلى الله في ظُلَم الليالي , لم يعد هناك من يسمع الصوت أو يشعر بالمعاناة إلا الله الذي بيده الخلاص . اللهم خلِّصنا من هذه الغمة وأزح عن قلوبنا الكربة وفرِّج عنا الأزمة . اللهم أنزل على قلوبنا السكينة واملأها طمانينة . " يا أيها الذين ءآمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " .