بعد أيام قلائل تحل ذكرى يوم 17 سبتمبر 1967م يوم تسلمت السلطة في حضرموت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني لما كان يطلق عليها آنذاك، ذلك اليوم المشئوم الذي غير وجه حضرموت المشرق وأصبحت قيادتها بيد شلة من المتهورين والجهلة الذين تسببوا في إضاعة الدولة الحضرمية والاتجاه بها نحو عدن لتصبح في ما بعد محافظة من محافظات الجنوب ثم اليمن. كانت حضرموت دولة بكل ما تعني الكلمة تحكمها أنظمة وقوانين وهوية، وكان الشعب لدية مساحة من حرية الكلمة والرأي والتعبير عبر الأحزاب القائمة، أو الصحف الصادرة فيها بالمكلا، أو التظاهر السلمي للتعبير عن ري من الآراء، وكان فيها قضاء مستقل مشهود له بالنزاهة والكفاءة، وتُحكم عبر مجالس بلدية منتخبة، ويحمل المواطن الجواز التابع للدولة القعيطية الحضرمية، ويسافر حيث يريد عبر ميناء المكلا أو مطار الريان أو عبر البر للسعودية وغيرها، ويحضون بالرعاية والترحاب أينما رحلوا. كل ذلك أصبح سراباً بعد تحكم أولئك برقاب الناس وسيطرة القادمين من المحافظات الأخرى عبر عملائهم في السلطة بحضرموت. قام هؤلاء العملاء مع أسيادهم بارتكاب المجازر لأفضل رجالات حضرموت، ولكل من قال لا لهم أو عارضهم، وحتى علماء الدين الذين هم ورثت الأنبياء لم يسلموا من بطشهم، حيث تم سحلهم وارتكاب ما يندى له الجبين في حقهم. وهاجر العديد من أبناء حضرموت إلى الخارج فراراً من تلك الطغمة، وهم كفاءات في التجارة والعلم ولديهم من الخبرات في مجالاتهم بما كان سيعود بالنفع على وطنهم حضرموت. إن التاريخ لن يغفر لمن كان السبب، وستظل اللعنة تطاردهم، ولن يفلتوا من العقاب إن شاء الله. منذ 67م وخير وثروات حضرموت تذهب لغير أبنائها الذين يجرعون مرارة القهر والظلم والشتات، فقد آن الأوان أن تستعيد حضرموت دورها الريادي وتاريخها الوضاء، ولن يكون ذلك إلا بيد أبنائها الخيرين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، ولم يشاركون في نهبها وضياعها، والحمد لله هم كثر، ولن يتركون المجال لمن خرجوا من الباب بالعودة من النافذة بأي صورة كانت، وهم فلول الاشتراكي البغيض وعملاؤهم، حتى وإن تخلوا عنه ولبسوا لباس الرهبان الواعظين فنحن نعرفهم ونعرف مقاصدهم، فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين، والذي يهدم لا يعمر، والذي يبع لا يشتري، فعلينا اليقظة والحذر حتى لا تنطلي علينا حيلهم مهما تقلبت ألوانهم وصورهم، فنحن أصحاب علم وخبرة، ونحن أدرى بأنفسنا لا نحتاج وصاية من أحد.