عندما يأتي مسؤول نزيه ، ويحاول الإصلاح في المؤسسة التي هو فيه ، أو الإدارة التي عين عليها ، لتطهيرها من الفساد والمفسدين ، وإصلاحها من الخراب والمخربين -حتى تكون هذه المؤسسة وتلك الإدارة في خدمة المواطن ، تعمل على تسهيل أمره ، وتنظيم شأنه ، وصيانة حياته – يثور عليه المفسدون ، فيُضربون عن العمل ، ويمنعون هذا المسؤول عن ممارسة عمله بلطجةً ، وعند ذاك تنتهي قصة الإصلاح ، وحكاية التغيير ، ويفرح المفسدون ،وتقرَّ أعينهم ، ويصبحون في مأمن من التطهير والإصلاح ، هل تعلم ماذا يسمى هذا كله ؟ إنه (( سم الإصلاح )) نعم هو السم القاتل لمنظومة الإصلاح ، وحركة التغيير التي تتغير معها حياة الناس للأفضل ، فهنيأً لكم أيها المفسدون ، فقد وجدتم بغيتكم ، فطيبوا نفسًا ، وقروا عينًا ، فقد إمتلكتم قنبلة ذرية ستنسف كل مصلح ومطهر، كما نسفت قنبلة أمريكا الذرية اليابان في منتصف القرن الماضي . عزيزي القارئ : إياك أن تقول لي : قد بالغت يا أبا محمد ، وهذا كلام إنشائي أكثر من أن يكون واقعي ، ودعني أقدم لك شاهد على كلامي ، ودليل قاطع على ما سطره بناني ، هل سمعت بخبر العقيد عبدالله ربيع بن شحنه ، هذا الرجل الذي عين مديرًا لإدارة المرور ، وما أدراك ما المرور ، فعزم الرجل من اللحظة الأولى على أن ينظم في سلك الإصلاح ، وأن ينتهج منهج التطهير ، فماذا كانت النتيجة ؟ لقد حورب الرجل ، وأوذي ، ونُشرت عنه الإشاعات ، قالوا : ضعيف لا يمكنه التغيير ، متسرع يتخذ القرارات دون الرجوع إلى أصحاب الخبرات في الإدارة ، ……… إلخ هذا الاتهامات المعلبة التي يرمى بها كل مصلح ينشد التغيير للأفضل ، إلا أن المفسدين قد شعروا بقوة الرجل ، وقدرته على إحداث التطهير ، فخافوا على مصالحهم ، وخشوا أن ينتهي الفساد ، ويقتصر مصدر الدخل على الراتب الشهري دون غيره وضع تحت هذه العبارة ألف خط وخط ، فما كان منهم إلا أن منعوا الرجل من ممارسة عمله بلطجةً وعنادًا ،فما النتيجة ؟ هل قام الشعب -الذي عمل بن شحنة من أجل الله أولًا ثم من أجل مصلحتهم –ودافعوا عنه ؟ الجواب : لا ، بل استخدموا المخدر الذي يستخدمونه دائمًا ( ما سيبي ) ، هذه الكلمة التي كرهتها كرهًا لاحدود له ، لأنها جلبت لنا ويلاتٍ ونكباتٍ ، وربما تجلب لنا في المستقبل اللعنات ، عندما يأتي أبناؤنا وأحفادنا ، فيقرؤون قصة أمثال هذا المصلح ، وكيف خذلناه وتركناه . ولا يفوتني هنا أن أشكر الذين شاركوا في الوقفة السلمية الحضارية أمام ديوان المحافظة رافضيًا الفساد الموجود في مرافق الدولة ، وتنحية القيادات التي تسعى للإصلاح المنشود أمثال العقيد بن شحنة ، إلا أن مثل هذه المناسبات تشهد حضورًا ضعيفًا عكس المفروض أن يكون ، فعلينا أن نتفاعل مع أمثال هذا الوقفات السلمية التي تكون الرسالة فيها مغزاها الوحيد (( القضاء على الفساد )) ، أما إن بقينا على سلبيتنا وتخاذلننا فالننتظر كل يوم ذهاب مسؤول نزيه وإحلاله بآخر سيئ يذيقنا أصناف العذاب ، ولنتذكر دائمًا قوله تعالى (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))