بقلم : اسامة حسن ساري : ربما لا تزال الفرصة مواتية للرئيس صالح ليعلن انضمامه وتأييده للثورة الشعبية ، -أسوة بزبانيته الذين تحولوا من مجرمي حرب وشركاء فساد إلى كرام بررة - قبل أن يتمكن شركاؤه في الفساد وجرائم القتل والاحتكار والتوريث لمراكز القرار من قلب الطاولة بكل أحمالها على رأسه.. النسبة الأعلى من مكونات النظام الذي يطالب الشعب بإسقاطه صار يتواجد في ساحة التغيير والحرية أمام جامعة صنعاء ،ليطالب مع الشعب بإسقاط الشعب..رموز الفساد استقالوا من الحزب الحاكم ومن مناصبهم ، وأعلنوا انضمامهم إلى شباب الثورة ، لم يبق مسنٌّ أو كهلٌ محدودب الضمير في أهرام السلطة إلا وأعلن انضمامه إلى الشباب ليتجدد عمره ، ويستعيد قواه ومتانة بنيانه من جديد.. أخشى غداً أن تُتهم أمهاتنا بارتكاب جرائم الحرب وقضايا الفساد المالي والإداري؟!. ضد من قامت الثورة الشعبية؟!.. في سبيل ماذا ضحى عشرات الشباب الأحرار بأرواحهم ودمائهم ووقتهم؟!.. كل يوم تتسع دائرة التأييد من رموز النظام لهذه الثورة دون أن يضع القائمون عليها ضوابط وخطوط سير وخطوط حمراء ، حماية للثورة وضماناً لنتائجها وسداً للثغرات التي تسلل منها النظام برمته إلى عمق ساحة التغيير ليعلن تأييده للثورة.. عدد من الوزراء التحقوا بشباب الثورة ، ولم يقدموا اعتذاراً حقيقياً للشعب اليمني ، أو يقدموا اعترافاً بمشاركتهم في جرائم الفساد والقتل في الشمال والجنوب طيلة السنوات الماضية حتى تصح منهم التوبة.. فهل يتخلص الفاسد من حبل المشنقة بمجرد أن يرى حبل المشنقة يقترب من عنقه فيهرب منه بإعلان الانضمام للثورة؟!..دون أن يكفر عن سيئاته.. لم يقدم وزير الأوقاف براءة ذمة تتعلق بمصير أراضي الوقف ، ولن تكون براءة ذمه له فقط ، بل لكل يمني خرج للتظاهر والثورة ، فالجميع مسئولون عن كل قطعة أرض لله تعالى ،.. ولا يخفى على أحد فساد الأوقاف ونهب أراضيها.. كما لم يعتذر عن تواطُئِه مع السفارات الأمريكية والأوروبية التي بادلهم وبادلوه الزيارات كل يوم ليقرروا إغلاق مدارس تحفيظ قرآن ،ويحذفوا آيات الجهاد من المدارس ، وليغلقوا مساجد ويفتحوا أخرى على الطريقة الأمريكية.. هناك ملفات تآمرية مع الخارج ضد الوطن داخل معظم الوزارات التي استقال مسئولوها أو تم حلها.. وعلى هؤلاء المسئولين ألا يخدعوا الثورة أو يتكتمون على تلك المؤامرات الخارجية التي أفسدت اليمن ودمرت اقتصاده وأفقرت أبناءه وأثارت الحروب الداخلية.. يجب أن تباشر الثورة التحقيق والتحقق من كل ملفات النظام السابق ورموزه وعلاقاته الخارجية حتى يفهم الشعب سبب الفساد والظلم والقتل ومن وراءه من خارج البلاد ولتتمكن الثورة من بناء مؤسسي سليم وإحداث تغيير جذري في كل المجالات بشكل يحفظ لليمن سيادته ويصون ثرواته ويحميه من الاختراقات الخارجية. لم أكن أنوي طرق هذا الموضوع الهام ، على اعتبار أن المطلوب هو أن تتداعى مؤسسات الدولة كي لا يتبقى لعلي صالح وبلاطجته أي ورقة شرعية.. لكن ، يوم أمس أعلن علي محسن الأحمر قائد المنطقة الشمالية الغربية وقائد الفرقة الأولى مدرع استقالته وتأييده ودعمه للثورة ، ومعه ابنه " الوارث للقوة العسكرية " قائد المنطقة الشرقية ، وأيضاً استقال صالح الضنين ، وحميد القشيبي ،وحسن خيران وغيرهم من القادة العسكريين ، الذين كانوا يداً إجرامية للنظام ، ولم يحملوا في قلوبهم ذرة من رحمة أو شفقة أو شعور بالإنسانية وهم ينهبون أراضي أبناء الجنوب ، ولا وهم يقتلون مئات الأطفال والنساء في محافظة صعدة وحرف سفيان والجوف ، ويرتكبون جرائم الحرب البشعة ، ويحرقون الممتلكات ويدمرون عشرات المدن والقرى فوق رؤوس قاطنيها الأبرياء ويشردون مئات الآلاف الذين ما زالوا حتى اليوم مشردين في الشعاب والجبال أو مقيمين مضطرين بين أنقاض منازلهم.. فمن أين تسللت الرحمة والشفقة إلى هذه القلوب الغليظة اليوم حتى نقول أنهم تعاطفوا مع خمسين شهيداً في ساحة التغيير واعتبروها جريمة ضد الإنسانية ، بينما دماء الآلاف من أبناء صعدة وسفيان والجوف والجنوب لا زالت عالقة بأيديهم ولن تجف حتى يتم محاكمتهم وينالون جزاءهم أمام محكمة الشعب ليقرر مصيرهم.. شباب الثورة في كل المحافظات رفعوا شعارات واحدة ، ويافطات ذات مضامين واحدة ، كلها تؤكد واحدية مطلب الشعب ، وواحدية قضيته ومظلوميته وتضامنه مع بعضه البعض من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال،.. بل وبرزت يافطات عملاقة في ساحة التغيير بصنعاء تؤكد أن جرائم الحرب في صعدة والجنوب لن تسقط بالتقادم.. لهذا أوجه الخطاب إلى كل الشرفاء شباب ورجالات الثورة ، هل تسقط القضية الجنوبية من مطالبكم ومن أجندة الثورة طالما ناهبوا أراضي الجنوب وقاتلوا أبنائه ومعذبوهم أعلنوا تأييدهم للثورة عندما رأوا حبل المشنقة يقترب من أعناقهم؟!.. ألم تعد محافظات الجنوب من اليمن ؟!.. ألم تعد محافظات عمران والجوف وصعدة من اليمن ؟!.. هل هذه المحافظات أسقطت من الثورة حتى تتهلل ساحات التغيير فرحاً واستبشاراً بحماية وتأييد السفاحين ومصاصي الدماء الذين استخدمهم علي صالح في كل جرائمه؟.. فهل تسقط الجرائم بالتقادم ابتداءً من يوم أمس؟!.. قامت الثورة ضد توريث السلطة؟!.. فهل هؤلاء الذين ورّثوا مراكز القرار لأبنائهم وأقاربهم ونهبوا المال العام مع الثورة اليوم حقاً؟!.. وما هو الهدف؟!.. هل يؤسس القادة العسكريون والمشائخ النافذون لمرحلة جديدة من المصالح الخاصة والسطوة والنفوذ تحت يافطات الثورة الشعبية التي قامت ضدهم؟!.. هل يبنون مستقبلهم تحت عناوين حماية الثورة ، فيصبحون رموزاً للثورة وتكون لهم الأولوية في تقديم المشورة حول من يكون الرئيس القادم الذي بلا شك لن يكون أحدهم ، لن يكون حميد ولا حسين ولا علي محسن ولا نجله محمد ، ولكنه سيكون آخر يعرفونه جيداً ويحمل نفوذهم ضمن أجندته.. النظام بكل ثقله صار متواجداً في ساحة التغيير ، فهل يسقط الشعب وتحيا ثورة جنرالات الحرب؟!.. لقد خرج الشعب إلى الشارع ليتحدى غطرسة واستكبار جميع هؤلاء الذين خرجوا مع الشعب ليتحدوا أنفسهم..!! لقد طالب الشارع بمحاكمة جميع هؤلاء ، فخرجوا معه حتى يحبط فرعون أعمال الثورة وأهدافها ، فتخجل محكمة الشعب من تقديم علي محسن والضنين وغيرهم من القادة العسكريين للعدالة أمام الشعب..!! كي تشفى جراح صعدة والجنوب.. كيف ستقوم الثورة التي يحميها علي محسن بإنصاف أبناء المحافظات الجنوبية؟!.. أخشى أن ترميز هؤلاء المطلوبين للعدالة سيكون سبباً في عودة المحسوبيات والوساطات والمجاملات حتى لا يغضب الجنرال أو يتهم الشعب بنكران الجميل عندما تستعيد منه محكمة الشعب الجزء الأغلب من أراضي الجنوب المنهوبة من قبله ومن قبل نجله.. ماذا ستفعل محكمة الشعب مع صالح الضنين ، هل تسقط الجرائم بالتقادم ، الجيش لازال بأيديهم ، وقد تتكرر العصيدة.. فلماذا لا تقوم الثورة بتعيين قادة جيش ومناطق عسكرية جدد لا يكونوا ممن شاركوا برصاصة واحدة في حرب صعدة ولا ممكن يدينون بالولاء لأحزاب أو لعلي محسن أو لحميد وحسين.. للأسف أن الثورة تفتقد لأهم الضوابط في هذا الخصوص.. فمن منصة ساحة التغيير صعد ضباط عسكريون أياديهم ملطخة بدماء أبناء صعدة الشرفاء ،ليتحدثوا - وقناة سهيل تكرر البث دائماً - بكل خيلاء أنهم أيدوا الرئيس في حربه على الحوثيين ولكنهم لن يؤيدوه في قتل المعتصمين.. مع أن المعتصمين خرجوا من أجل قضايا الفساد ومن اجل صعدة ومن اجل الجنوب.. ومعنى قولهم ذلك أن أحقادهم على صعدة لم تزل ،.. ولديهم اعتقاد أنها كانت حروباً شرعية.. وهذا الاعتقاد يؤثر على مستقبل الثورة.. في شرع الله أن الساكت عن القتل شريك فيه " قاتل " ، وأن المؤيد للقتل قاتل ، وأن المشارك ولو بكلمة أو بريال في حدوث القتل قاتل.. حتى أن الله تعالى اتهم بني إسرائيل في عهد محمد صلى الله عليه وآله وسلم وحتى تقوم الساعة بقتل الأنبياء ، لأنهم لم يعلنوا موقفاً رافضاً لمن كان قبلهم من المفسدين والقتلة والمجرمين بل تمسكوا بهم ووضعوا لهم اعتباراً ورمزية.. بالتالي سنخالف شرع الله تعالى لو قلنا أن المطلب الوحيد للثورة هو محاكمة علي عبدالله صالح على جرائمه دون شركائه الآخرين الذين ما كان ليرتكب جريمة لولا مساندتهم له.. كما أن ثورة الشعب قامت لتحاكمهم على كل جرائمهم السابقة جميعاً ، حتى من تاب يجب أن يتطهر ويعترف لتصح توبته ، ولم تخرج الثورة من أجل المطالبة بمحاكمة الرئيس على جرائمه ضد المعتصمين.. فلا ينبغي أن تقدم الثورة مبرراً للمفسدين وشركاء الرئيس كي يؤيدوها ويطالبون بمحاكمة الرئيس ضد جرائمه بحق المعتصمين.. فتلك الجرائم لم يرتكبها الرئيس وأعوانه إلا لأن الثورة خرجت لتقيم المحاكمة ضد الرئيس وشركائه.. ومن ينادي بالمحاكمة فقط على جرائم ضد المعتصمين فإنه يسهم في انحراف هذه الثورة والإطاحة بها. عموماً ، لقد كان السيد عبدالملك الحوثي كريماً مع هؤلاء القادة العسكريين إلى أبعد حد احتراماً منه لثورة الشعب اليمني ، وسداً لأي ثغرات قد يستغلها الأعداء ، فتجاهل كل القادة العسكريين الذين تلطخت أيديهم بدماء أبناء المحافظات الشمالية ، وأصدر بياناً يومنا هذا الاثنين 21 مارس 2011م تحت عنوان "عاجل / ندعو علي محسن الأحمر للاعتذار للشعب عن الماضي الأسود" وينص البيان على : " ندعو علي محسن الأحمر أن يبرهن على مصداقيته بالانضمام إلى خيار الشعب، بأن يقدم الاعتذار للماضي الأسود الذي كان فيه يداً إجرامية ظالمة لعلي عبد الله صالح، وارتكب أبشع الجرائم في المحافظات الشمالية، وأن يعلن استعداده لتحكيم الشعب ليرى رأيه تجاه ذلك. وما لم يعتذر إلى الشعب فإن موقفه سيحسب أنه التفاف على الثورة وركوباً للموجه، واستغلالاً للثورة لتحقيق طموح شخصي في خلافة علي عبد الله صالح". المكتب الإعلامي للسيد / عبد الملك بدر الدين الحوثي 16 / ربيع الثاني / 1432ه".. وهنا يمكن للحقيقة أن تظهر ولملفات الحروب أن تقفل ، ولصفحة الماضي أن تُطوى.. المطلوب اعتذار ، وليس بداية لمرحلة جديدة من التحريض والقتل والطائفية.. وهنا عبدالملك الحوثي لم يطالب الثورة اليمنية بتسليم علي محسن الأحمر ليحاكمه بنفسه ، بل بأن يتم تحكيم الشعب اليمني " الثورة " وهذا الشعب هو الذي سيقرر.. فكل مواطن في محافظة صعدة وسفيان والجوف تنزف جراح قلبه من سهام علي محسن.. وكل بيت يئن من علي محسن.. فهل يعيد الجنرال نظره في موقفه؟!.