*جرح أبين يخوض الجيش اليمني معركة مع ما يسمى تنظيم القاعدة في اليمن منذ عدة أشهر ، كان أهم حدث فيها ما تناقلته وسائل الأعلام في الأيام القليلة الماضية عن مشهد الحسم الذي حققه الجيش في أهم منطقتين كان يتمركز فيهما أنصار القاعدة ( جعار ..زنجبار). تلقيت الخبر من الفضائيات وقرأته في الصحف ، رأيت كيف كان أفراد الجيش بجوار الدبابات يهتفون ونشوة الحسم ترتسم فوق وجوههم ، مثل الخبر بالنسبة لي صدمة لا أستطيع توصيفها ، كنت أتأمل تلك النشوة المرتسمة على وجوه الجنود وهم يقتربون من تدمير آلة القتل التي كانت تُعصر فيها دمائهم وأرواحهم ،وفجأة وعلى شكل مقطع فيديو ظهرت أمامي كل مشاهد التشريد والقتل والتنكيل للأبرياء من أبناء تلك المناطق بمختلف فئاتهم وأعمارهم ، وبت أمام كم هائل من الخراب والتدمير للمساكن والمنشئات والتي كانت تنبض بالحياة ، زاد من صدمتي حضور كل تلك الأصوات التي كانت تتقاذف وتتبادل التهم في تحديد هوية القاعدة ومن يقف خلفها ومن هو المستفيد ولماذا هذا التوقيت وووو...لاسيما وأن المعركة لم يقودها الجيش اليمني وحده ولكن أدارت رحاها الطائرات الأمريكية بدون طيار وشاركت البوارج الأمريكية التي كانت تبخر سماء أبين بصواريخ الكروز، شعرت في نفس اللحظة أن من أوجب الواجبات حضور الحزن والألم على ملامح الحكومة كعربون بسيط لضمان تضميد ذلك الجرح العميق الذي أصاب الجسد اليمني فاليمن تشبه جروحه جروح مرضى السكري المزمن. *جرح عصر *جرح آخر أصاب الجسد اليمني يضاهي جرح أبين رغم أنه يفوقه في نظري ، كانت ساحته أحد أحياء عصر، الجبل الذي يطل على صنعاء جهة الغرب ، خطورة ذلك الجرح أنه جديد على المجتمع اليمني من حيث البشاعة وقمة الوحشية ولكنه في كل جزئيه من جزئياته انعكاس للواقع الذي يهيمن على المجتمع اليمني بكل أركانه. الضحية هي (طفلة) من أسرة يمنية فقيرة تقطن أحد الأحياء في عصر باغتت براءتها مجموعة من الوحوش والذئاب وحاشا الذئاب والوحوش أن ترتكب مثل هذا الجرم ، هم شياطين في هيئة بشر اختطفوا تلك البراءة واقتادوها إلى صرح علمي ليغتصبوها ويغتصبوا معها الطفولة والتعفف والعلم. حدق في وجوه تلك الشياطين وأنظر بتمعن سوف ترى قطبين حادين هما من يُشَوَه اليمن ويُنحَرُ بسوء استغلالهما (الشيخ...الفندم)..توجه إلى ساحة الجريمة لترى الضحية وهي ستلخص لك وبدون أي عناء الحالة التي وصل إليها الإنسان في اليمن. براءة الطفولة تئن وتصرخ حتى تفارق الحياة وأهل الحل والعقد مشغولون بتوظيف الأحداث وتبادل الاتهامات، الفقر يسحق هوية اليمنيين ويمتهنهم في شرفهم وكرامتهم وأصحاب النفوذ يمارسون سلطة الجبت والطاغوت لقتل العدالة ومصادرتها. سررنا كثيراً بالأمر والتوجيه الذي صدر عن الرئيس هادي بخصوص مصاصين الدماء وشياطين هذه الجريمة النكراء ولكن الذي لا نتمناه هو أن يكون إعراب ما بعد ((وَجَهَ)) لا يزال نفس الأعراب المبني للمجهول والإهمال الذي عشناه ولمسناه في السابق القريب. هذه الحادثة هي بمثابة طوفان ليس كربيع بوعزيزي وإنما طوفان كطوفان نوح عليه السلام ليس لليمنيين فيه إلا سفينة القصاص والعدالة ينجون من خلالها ابتداءً من الرئيس عبدربه منصور مروراً بالحكومة ووزير الداخلية وأجهزة الأمن وانتهاءً بالشعب وأولئك الطلاب الذين أطلوا على البراءة وهي حاسرة تسبح في دمائها. الجريمة لا تمس فتاة بعينها ولا أسرة بذاتها الجريمة تمس روح المجتمع اليمني بكل خلفيات الكلمة من كرامة ودين وشرف ونخوة وغيرة وبالتالي نحن نقف أمام سؤالين مصيريين هما: س1:الجيش يحسم في أبين فهل سينتحر الأمن والداخلية والشعب في عصر!!!؟؟؟؟ س2:هل سوء استغلال الموقع (الشيخ...الفندم) سيشنق في اليمن أم أن صراخ الضعيف والمسكين واستغاثة البراءة والقيم هي من ستموت في صدورنا وحناجرنا!!!؟؟؟ عندما نجيب أفعالاً على هذين السؤالين سنكون قد عرفنا وعرفنا مصيرنا إما إلى جحيم الشياطين أو إلى روضة ملائكة العدل والإنصاف والمساواة.