كان الشعب اليمني فيما مضى إن رأى فسادا أو سمع به أو اشتمه أنفه أو سربه مغرضون مع عدم وجوده،أو تناقله مخادعون للنيل من أقرانهم. تجد جميع أفراد الشعب الصغير قبل الكبير والأنثى قبل الذكر تجدهم جميعا ينتقدون ذلك الفساد وينقمون على مرتكبه وينعتونه بأبشع الألفاظ ويتناقلون ذلك كله في مقايلهم وأسواقهم ومقار أعمالهم حتى يرتدع ذلكم الفاسد عن فساده وإن كان نزيها لايضره تشويهم شيئا.. أما اليوم فأصبح الأمر مختلفا تماما فقد أصبح للفساد أنصارا ومعاونون وورثة وأحفاد ينتشرون في كل أصقاع اليمن شماله وجنوبه. فما تكاد أن تتحدث عن فاسد أو فساد في أي جانب من جوانب الحياة رأيته وتأكدت منه سواء الفساد من وزير أو مدير أوخلافه إلا وتجد صارخا في وجهك وناقما لكلامك ومكذبا لحديثك ومشاجرا وقاتلا لك إن احتدم النقاش أو أصريت على إثباته وبرهنته.. وإياك ثم إياك أن تفتح مواضيعا كهذه إلا بعد أن تتلفت يمنة ويسرة فإن لم ترى أحدا من أولئكم القنابل الموقوتة التى ملأوها غلا وحقدا على كل من لم يعتنق حزبهم ويشهد بشهادتهم ويؤمن بقياداتهم.. ذلكم الصارخ والناقم تجده بارعا في تقليب الأمور وإلتماس الأعذار والجدل والمراء والكذب والتزوير والشهادة بما لم يرى والمقارعة فيما لايعلم حتى وإن كان وحده وكل من حوله ضده.. فهو قد اتخذ من قيادات حزبه وكل من ينتسب لطائفته ملائكة وأنبياء منزهون عن الخطأ مبرءون من العيوب والذنوب لايأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم.. حتى وإن كان معك في نفس الوظيفة ولديه نفس المصلحة ويعاني من ظلم وفساد ذلكم الوزير أو المدير كما تعاني.. ودفاعك ذلك كان عن الجميع0لكنه مع كل ذلك تجده يكابر ويعاند ويفسر ويؤل ويحلل ويركب من أجل أن لا يعترف بخطئه عندما وضع ثقتة في ذلك الشخص وحزبه وكي لا يبان بأنه كان مضللا .. عندها يبست شفتاي وتضاءل تفاؤلي واضمحل رجائي في محاربة الفساد وإشهاره والقضاء عليه لأنه بعد كان وحيدا أصبح لديه جمهور عريض وشباب مريض حديثه كريض وقلبه بغيض وبغير الباطل لايفيض.