شهور طويلة والقنوات الفضائية تحرص و تصر علي استضافة نفس الوجوه من النخبة التي لا تجيد سوي التنظير و التفلسف بشكل أصاب المواطن بالملل والإحباط , ف هذا خبير إستراتيجي وذاك فقيه دستوري و محللين سياسيين و نشطاء و ناشطات و بهوات أحزاب و مثقفين و إخوان منشقين أصبحوا بقدرة قادر باحثين متخصصين .. و غيرهم من محترفي الفذلكة و التنطيط من قناة لأخرى علي مدار ال 24 ساعة. ظهور شبه يومي للنخبة علي شاشات التلفاز و رغم ذلك فشلت في التعبير عن نبض الشارع و احتياجات المواطن الذي لا يري فيها سوي شخصيات مريضة بداء الشهرة وحب الظهور تستغل الأحداث للدعاية و التلميع .. إلي أن جاءت الحاجة عواطف "أم أشرف" _المصرية حتى النخاع_ لتغير أطراف المعادلة و تعيد تشكيل المشهد و تنحي النخبوية جانبا و تلقمهم حجرا وتفتح المجال أمام المواطن للتعبير عن ذاته و أوجاعه دون الحاجة إلي وسطاء و تعطي للنخبة درسا في مفهوم الولاء و الانتماء و الوطنية الخالصة لوجه الله.
الحفاوة التي أستقبل بها المصريون كلام الست" أم اشرف" الأمية التي لا تجيد القراءة ولا الكتابة و التفاعل مع حديثها العفوي ذو اللهجة الصعيدية لم يحدث مع أكثر النخبوية ثقافة وعلما ,حيث استطاعت بتلقائيتها أن تكون لسان حال الملايين ف عبرت ب بسطتها عن خوفهم علي البلد وحذرت ب لسانهم من الانسياق وراء الطابور الخامس الذي يكيد للجيش وتحدثت باسمهم عن خيبة الأمل في الحكومة المرتعشة الضعيفة العاجزة .. كما نجحت الحاجة "عواطف"فيما فشلت فيه الخارجية ف أعلنت موقف مصر الغاضب من " قطر,حماس,تركيا,أمريكا" و أرسلت رسائل قاسية حاسمة أشفت غليل المصريين المقهورين غيظاً من المواقف الرخوة للدولة.
تلك السيدة العجوز الفقير مادياً الغنية بحب بلدها و إيمانها تمثل الوجه الحقيقي للثورة و أبطالها و جنودها المجهولين الذين ظلوا في الشوارع أيام و شهور _رغم ظروفهم المعيشية الصعبة _ طمعاً في مستقبل أفضل لمصر و في نهاية المطاف جني غيرهم الثمار ومع ذلك لم يتزحزح إيمانهم بواطنهم قيد أنملة .. أم أشرف جعلها الله سبباً لإسقاط الأقنعة و ورقة التوت عن النخبة التي حصدت كل المكاسب و لم تقدم لمصر سوي الثرثرة في برامج التوك شو و مهاجمة الجيش و الشرطة و ترديد شعارات عدائية تدمر المؤسسات و تزيد الوطن انقساماً.
لعلي ظهور"الحاجة عواطف" كنموذج مشرف للمواطن الكادح الذي يتمتع بثقافة فطرية و حس وطني و غيرة علي سمعة بلادة يكون بمثابة الدرس لوسائل الإعلام ل تكف عن الركض خلف النخبة الكارتونية و الوجوه التي باتت محروقة لدي المشاهد و تمتنع عن استضافتهم لفترة و تنزل الشارع لتستمع إلي المصريين البسطاء و تبحث عن الكنوز المدفونة تحت وطأة أعباء الحياة ربما تجد من بين آراء هؤلاء المهمشين الحلول للكثير من المشكلات التي عجزت النخبة عن وضع حلولاً لها.