حياتنا مليئة بأنواع الظلم والتسلط والجبروت حيث يظلم القوي الضعيف،والغني الفقير،ولكن عندما يصل ذلك الى فلذات اكبادنا هُنا يكون الأمر مختلفاً،عندما يتعمد بعض الآباء الذين أعماهم الطمع والجشع بتزويج بناتهم القاصرات بحجة ان قاصرة صغيرة افضل من أن تصل الى مرحلة العنوسة،والبعض يقول سعة الرزق في الزواج المبكر،ويبالغ الأب عندما يقوم بتزويج طفلته برجل أكبر منها،بينما هي لم تبلغ مبلغ النساء بعد حتى تكون قادرة على تحمل مسئولية الزواج،ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فهي مستعدة وقادرة على تقديم شيء لا يتوفر لديها،ولا تفقه أي حياة جديدة قادمة اليها، لكنها تشعر بالخوف الذي لا تعلم سببه،وفي هذه الحالة تجد الأب والزوج هما المستفيدان من هذه الزيجة فيما الفتاة "الطفلة" تحرم من ابسط حقوقها كالتعليم مثلاً واستشارتها في تحديد معالم مستقبلها لأجل ماذا ايها الأب؟ هل نسيت ان هذه الطفلة الصغيرة ابنتك؟وهي أمانة عليك في تعليمها وتربيتها التربية الاسلامية الصحيحة ومن ثم تستأذن في أمر الزواج بعد ان تكون قد كبرت ونضجت واصبحت قادرة على التمييز ،ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم هو من امر باستئذان المرأة في تزويجها،فلماذا ايها الأب تظلم ابنتك؟ انها ليست سلعة معروضة للبيع.. فلا تظلمن اذا ما كنت مقتدراً والظلم آخره يأتيك بالندم وما من يد الا يد الله فوقها وما ظالم الا سيبلى بأظلم ناهيك عن ان يشكل ذلك تأثيرات من حيث التكوين الاجتماعي والصحي على حياة فلذة كبدك..وقد ذكرت احصائية ان معدل وفيات الامهات في اليمن بلغ 430 حالة وفاة لكل 100 الف من المواليد الاحياء جراء الزواج المبكر اضافة الى ارتفاع عدد الاطفال المعاقين والذين لديهم تشوهات خلقية.. ادهشني فعلاً موقف بعض الكتل البرلمانية لحزب الاصلاح وهم يرفضون تحديد سن الزواج للفتاة مع ان قانون كهذا كفيل بحماية المرأة والطفل،فعلى ماذا الاختلاف؟ علاوة على ان موضوع الزواج المبكر ينعكس على النظام والوضع الصحي والاجتماعي والاقتصادي للاسرة بشكل عام. قد يسخط بعض الآباء مما طرحته معلقا على ذلك بقوله "لقد تزوجت عائشة وهي صغيرة وبالمثل فاطمة الزهراء" وغيرهن من اللاتي تزوجن صغيرات ايام صحابة رسول الله.. في الحقيقة هذا صحيح ولكن ثمة فرق كبيراً فهل هناك وجه شبه بين زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وعلي بن ابي طالب رضي الله عنه، حتى يقارن بزواج هذه الأيام؟ثم اننا لا نحرم مثل هذا الزواج ولكن لنذهب الى ارض الواقع الآن تكبر الصغيرة وتتعلم ،بعدها تقرر في أمر زواجها،فلا تكره المرأة ابداً في موضوع زواجها كما قال رسول الله..لكن هناك بعض المتشددين الذين ينظرون الى ان موضوع الزواج المبكر غير قابل للنقاش والمجادلة ويستنكرون على بعض الدساتير التي تجعل من الاب والزوج ظالمين عندما يقومان بدفع طفلة الى ممارسة حياة النساء..فهل نسوا او تناسوا انها طفلة وانسانة من لحم ودم ولها احاسيس ومشاعر مثل الكبار،كما انها امانة في عنق والدها ولكنه لم يقم بحق الابوة تجاه تلك المسكينة المجهولة المصير، فهلاّ تخيلت ووضعت نفسك ايها الأب ولو لدقائق مكان طفلتك ماذا سيكون شعورك حينها؟ ارجع الى ابوتك..ابنتك امانة فحافظ عليها وارحمها واشفق وارأف بضعفها حتى لا تسأل عما ارتكبته في حقها،ولا تحرم ابنتك من ممارسة حقها القانوني والاسلامي في الحياة.