المتأمل الى وضع اليمن الذي لم يعرف الاستقراروالهدوء منذ زمن بعيد سيجد ان هناك اطماع تيارين متباعدين تقف وراء كل مشاكل هذا الوطن،ولّدت فيه نوبات صراع مزمنة تنشط بصورة متكررة بين الحين والآخر. وطبعاً تتمثل هذه الاطماع في اطماع "سياسية" حول اليمن على السلطة والسيادة او من اجل الحصول على اكبر نسبة في الكسب والربح اللامشروعين،وكليهما على حساب الوطن وأمنه واستقراره ومستقبله. هذان التياران معروفان في الوسط اليمني ولكل منهما انصاره وجنوده وهما: 1- تيار الاماميين: المتمثل بمن يسمون انفسهم ب"آل البيت" الذين جعلوا من انتمائهم زوراً وبهتاناً الى هذا البيت اولياء يحج الناس اليهم ويعتمدون عليهم،لقد استغل هذا التيار جهل الشعب في تلك الحقبة القديمة البائدة من الزمن واستطاعوا من خلالها ان يفرضوا احكاماً وعقائد في عقول كثير من عامة الناس تمنحهم الحق في الطاعة والولاء وتصور غيرهم كما لو كانوا "اعداء محمد" ومن صنف الانجاس ،كما ان للمعتقد الديني لدى هذا التيار الذي ولد فيهم اطماع السلطة والسيادة والخلافة كونهم -حسب معتقدهم- ،كما يدعون من سلالة السبطين عليهما السلام ،وموضوع السلطة في افكار هذا التيار انه لا تجوز إلا لمن هو من هذه السلالة الطاهرة، ولا يحق لغيرهم ابدا قيادة الامة وتولي امرها وبذلك يكونون قد تجاوزوا قوله تعالى"وامرهم شورى بينهم" واثبتوا بأنهم اعداء مقنعين للديمقراطية وزيد منهم بريء. 2- تيار المشيخة:- هذا التيار هو الشق الآخر والذي يؤمن بأحقية الملك والامارة لمشائخ بعض القبائل التي كان لها وزن والذين نصبوا انفسهم امراء وملوكاً وقادة يتجمع حولهم الناس وهم يحتشدون خداماً واتباعاً وقت السلم وجنودا مدججة بالسلاح والعتاد وقت الحمية وعند ساعة الطلب كما جعلوا من حصونهم وقلاعهم وسجونهم مزارات شريفة يزورها ابناء القبيلة يومياً لاثبات الولاء لهم. وللاعراف والتقاليد القبلية دور كبير في توسيع نفوذ هذا التيار وفتح رقعة شهيته لاطماعه السياسية التي يرى هذا التيار ان لسمو مكانته الاجتماعية وتسلسله القبلي الحق في السلطة والطاعة والسيادة واعتلاء المناصب الكبيرة في الوطن،مستغلين ولاء القبائل وخضوعهم لبرنامج التيار التعسفي لسياسة مولاهم الامام الكهنوتي الذي اعتمد هذه السياسة الانعزالية ليضمن بقاءه وتمسكه بالملك والامامة فترك لهم الحبل على الغارب وبهم يضرب هذه القبيلة بتلك. - ايضا لو عدنا بالذاكرة قليلاً وراجعنا اسباب الحرب الاهلية والصراعات التي نشبت في الثمنانينيات في المناطق الوسطى من الوطن سنجد ان اطماعاً شريرة لبعض من اسموا انفسهم مشائخ قبليين يحاولون الوصول الى مراكز السلطة او الحصول على اكبر نسبة من الربح اللا مشروع. - اما اذا نظرنا الى ما يجري الآن في الساحة اليمنية من فتنة تمرد في قمم الجبال وبوادي عاصمة السلام والأمان –محافظة صعدة- وما خلفت وراءها من القتلى والجرحى وتدمير المنازل والبنى التحتية واحراق المزارع الخضراء ونزوح الكثير من الناس لست سنوات وتوشك السابعة ان تندلع بفعل تعنت المتمردين وعمالتهم. - كذلك لو نظرنا الى هذا الوضع المؤلم لوجدنا ان وراءها شيخ يبحث عن سلطة بائدة وجاه مفقود وفرض سيادة من نوع آخر ،غرّته حفنة دراهم حارقة ،خدعته وعود وهمية من قبل الصغرى الكاذب رغم ان هذا العميل المتمشيخ كان بالامس القريب احد اكبر انصار النظام اليمني واعوانه. - وهو كذلك الحال ما يجري في بعض المحافظات الجنوبية من فوضى دعا اليها شيخ متسلطن طالباني النزعة اضطره الى ذلك الدعوة خلاف عند اجراء قسمة غنائم معينة او ان اسمه سقط سهوا من كشف لعين، لكنه في نظره مهم ومهم جداً..من يدري أي من ذلك يكون السبب الرئيس لهذا التنكر العجيب؟ رغم صلته العميقة سابقاً برموز السلطة ،فقد كان له مواقف مع النظام بالوطنية المحسوبة فما سبب هذا التنكر؟ لا شك انها اطماع مشائخية لا غير. - اما التقطع والاختطاف الذي تمارسه احدى القبائل القريبة من النطاق الجغرافي للعاصمة والمعروفة بقبيلة بني ضبيان وخولان..فالسبب ان جميع ابناء هذه القبيلة يعتبرون انفسهم مشائخ ولكل منهم اطماعه وحساباته الخاصة والمجربة ..فأي مشائخ هؤلاء؟ . خمسة أمثلة سريعة لمن يقف وراء مشاكلنا ومن كانوا السبب في تناحرنا وتأخرنا عشرات السنين عن بقية شعوب العالم.. في اعتقادي لن نتمكن من ولو لخطوة واحدة بطيئة ما دام هذان التياران يستخدمان المواطنين الابرياء ادوات رخيصة لتنفيذ مخططاتهم الجهنمية ولتحقيق اهدافهم من اجل اشباع رغباتهم وجشعهم المزمن. في ظل ضعف ووهن قوة الدولة اليمنية وغياب دولة النظام والقانون وأيضاً في ظل عدم تجسيد دستورها على ارض الواقع وابرازه الى حيز الوجود. أؤكد ان اليمنيين لن يجدوا نور الحياة ابداً وسيظلون يبحثون عن امل ضائع في نفق مظلم ما دام وهذان التياران موجودَيْن ومتمسكان بأفكارهما البالية وما دام تعطشهم للمال والسلطة لم يروِهم ولن يرويهم قط..ونحن هنا لا نعمم ولكن القبيلة اذا لم تغير من عقلياتها ستظل عقبة امام التطور والنهوض.