خلال ربع قرن مضى مكثت في المهجر وعلى مدار تلك السنوات الجميلة وفي كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم وشهر وسنة وانا احلم باليوم الذي اعود فيه الى بلدي وموطني ومسقط رأسي ، وطني الحبيب اليمن السعيد الذي عملت جاهداً طيلة تلك السنوات من عمري وأنا اجمل صورة بلادي امام ابنائي واحاول زرع حب الوطن في قلبوهم وأغرس فيهم روح التعلق به . وكنت اعمل كأي وطني غيور على بلده واخلاصها لها كنت اباهي ببلدي واتفاخر بها . هذا الذي كنت ارتبه في مخيلتي وارسم سطوره في ذهن ابنائي على الرغم أن اغلبهم لم يولدوا فيه " سنعود يا أبنائي الى وطنكم الأم اليمن الحبيب وسننعم بخيراته وسنعيش في هناء ووو الخ . حتى اتى اليوم الموعود لعودتنا ولنسميه ان شئنا ( اليوم المشئوم ) هو عودتنا الى ارض الوطن الغالي والأرض الطيبة والبيت والأهل والأصدقاء ويا فرحة ما تمت حيث كان الأمل يحدونا في ان نجد الأحضان الدافئة والحقوق المصانة والكرامة والعدل والإنصاف والحرية في بلدي ومسقط رأسي ،كل هذا والأمل يرافقني عملت على اخذ جميع مستحقاتي وحقوقي لفترة طويلة قضيتها في بلد الغير وافنيت فيها اجمل سنوات العمر .. كنت احسب حسابات مختلفة منها التشبع بالروح الوطنية التي زرعتها من صغري والعاطفة الجياشة لحب الارض والوطن ، بالإضافة الى ما نشاهده من الفضائيات عن الاستثمار والسياحة والكلام المعسول. فقررت ان استثمر لي مشروعاً صغيراً في ارضي وملكي وملك آبائي ليدر على بالمال ويوفر لي حياة كريمة وآمنة ويساعدني على توفير لقمة العيش المناسبة في زمن غلاء الاسعار والجدب وشظف العيش،فهنا كانت المفاجئة الكبرى التي لم تدخل في حساباتي وهي ان يأتي انسان كان من اعز الأصدقاء الينا وقد اصبح دكتور جامعي ويمتلك من النفوذ والجاه والسلطان واللباقة ما يمكنه من سلب الآخرين حقوقهم فيمنعني من مكتسباتي حقي ،ملكي ،أرضي - وبمساندة من أصحاب الجاه والسلطان في المحاكم وإدارة الأمن . فيزج بي في ادارة امن المديرية بدمت ويتم توقيفي لعدة ساعات مستخدماً تلك الصفات المذكورة والأساليب الملتوية والدعاوي التي لا تمت الى الحقيقة او الواقع بصلة وهي عارية من الصحة تماماً. ثم تنتقل القضية الى المحكمة فيستخدم نفس الأسلوب ويلعب نفس الدور اضافة الى اساليب لم اتمكن من وصفها إلا انها خالية من صفات الانسانية وحسب. فتبدأ الجلسة تلو الجلسة وتبدأ الحقائق تظهر للحاكم ولمن حالفه الحظ لحضور الجلسات . ولكن ما الفائدة ؟!،بعد ان نفذ السم واستشرى مفعوله فمنذ شهر 11/2008م والجلسات تعقد بالمحكمة والمغالطات مستمرة وتزداد تعقيداً. تارة بالتأجيل وتارة اخرى بالتضليل واضحت آمالي تتلاشى واصبحت أحلامي تتبخر ،وغربة عمر بطاقاتها وعدتها وعتادها تذهب سدى ،يوم يذهب وآخر يأتي وقضيتي تشبه موج البحر بالمد والجذر وتشبه السلعة بالمزاد،واصبحت امام خيارين لا ثالث لهما ،اما البيع الذي يساوموني عليه بيع الأرض وقد حدث ذلك مرات عديدة والمساومة جارية او ان تستمر الشريعة كما هي في اروقة المحكمة من المهد الى اللحد. والعجيب الذي يدهش حقيقة ان المحكمة في دمت لم تتمكن من الفصل بالقضية فتم إحالتها القضية الى محكمة استئناف الضالع،لتقوم بدورها بتعيين محكمة في مديرية اخرى للفصل في القضية .ومنذُ ذلك الحين والى وقتنا الراهن تسعة عشر شهراً وقضيتي تلف وتدور في اروقة المحاكم وبين سماسرة القضاء وأمام عيون وانظار اصحاب النفوذ ومافيا الأراضي في دمت - الذين استشروا بشكل يبعث الريبة ويثير الخوف،فالذي يهدف هؤلاء هو ارغامي بأي طريقة على ترك الأرض برداًَ وسلاماً فقد تعودوا على ذلك واحتالوا على مقلب القمامة في دمت السياحية وهم يعلمون علم اليقين انها املاكي التي ورثتها عن آبائي ولكن يأبى الباطل ان يعترف بالحق ونحن نقول عندما يتأتى الحق جاء الحق وزهق الباطل ان الباطل كان زهوقا. والحقيقة المرة التي اقولها صراحة وهي" يجب ان تعتذر نفسي لنفسي وتقر بإن الحساب كان خطاءاً " فقد اتيت من النعيم الى الجحيم ،اتيت من بلاد البشر الى غابات الذئاب الغجر ،ومن موطن القانون الى قانون الغاب ، فتساقطت الآمال وتبخرت الأحلام وذهبت الملايين الذي كنت اود فيها الاستثمار وعمل شيء ما يفيدنا ويفيد وطني ويمّن عليه وكل هذا ذهب هباءاً منثوراً بسبب اصحاب النفوس الطماعة والمريضة والبطون الواسعة الذي لم تشبع ولن تشبع ابداً .. والمصيبة انهم يدعون الاستقامة والفضيلة والأمن والأمان .. فهل نحن في الزمن الذي وصفه الرسول (ص) بتقلب المعاني والأحوال.ولا نملك إلا الاستعانة بالله ولا حول ولا قوة الا بالله ولكن فالحق لا يضيع وبعده مُطالب.