أصبح للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش ساحة باريسية تحمل اسمه، دشنها اليوم عمدة العاصمة الفرنسية برنار دولانوييه والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وتأتي الخطوة كحل وسط بعد رفض دولانويه إطلاق اسم الرئيس الراحل ياسر عرفات على شارع في العاصمة الفرنسية، أسوة بإطلاق إسم السياسي الإسرائيلي ديفيد بن غوريون على حديقة مطلة على نهر السين في أبريل/ نيسان الماضي. غير أن تكريم درويش لم ينه مطالبة اليسار والخضر ومؤيدي القضية الفلسطينية بتكريم عرفات بساحة أو حديقة خاصة به. لا أحد يسكن في ساحة محمود درويش على الضفة اليسرى لنهر السين. لا شرفات ولا مخازن أو مقاه باسم الشاعر الراحل. ولن يتلقى أحد رسائل على الإطلاق في جوار الساحة، التي لا يدل على وجودها فوق مثلث إسفلتي صغير سوى لوحة زرقاء "ساحة محمود درويش ، شاعر فلسطيني ,1941 2008". واختار موظف العناوين في البلدية، أن يضيف لوحة بلاستيكية، وأن يختصر عليها، للعابرين في الركن الذي يرتاده الآلاف من السياح، شاعرية درويش وقصائده في عبارة واحدة: "نحن نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا". ويجاور درويش في ساحته الباريسية الصغيرة، جدار الأكاديمية الفرنسية الشهيرة، أعلى هيئة ثقافية فرنسية. كما يطل على الضفة المقابلة من السين لمتحف اللوفر، ويفتتح رصيفا طويلا تتوالى فيه المعارض الفنية والعناوين الراقية في قلب باريس الثقافية، التي أحبها الشاعر عندما نزلها عشرة أعوام متتالية قبل رحيله. وفي ساعة واحدة، أنجز رئيس البلدية برنار دولانويه، والرئيس الفلسطيني، محمود عباس، احتفال تدشين الساحة المتواضعة بخطابين مقتضبين، قبل أن يجذبا يدا واحدة، حبلا صغيرا وستارا كشف عن لوحة تحمل اسم درويش. وفيما اعتبر محمود عباس أن "درويش كان راوي ملحمة الشعب الفلسطيني "، رأى برنار دولانويه أن تكريم درويش بساحة في باريس "لحظة حب وعرفان بالجميل للرجل الذي يعرف أنه لم يكن لعذاب شعب أن ينفي عذاب شعب آخر". وبعد إنتقادات من يسار المجلس البلدي من الشيوعيين والخضر ومؤيدي القضية الفلسطينية، واتهامات بالانحياز لإسرائيل، وافق دولانويه على تكريم درويش، وليس عرفات دون أن يرضي المطالبين بتكريم الرئيس الراحل. ويتذرع دولانوييه بأن زمنا طويلا لم يمض على وفاة عرفات، كما أنه لم يقم فيها، كما فعل بن غوريون. وتحمل شوراع كثيرة في باريس أسماء لم ير أصحابها يوما العاصمة الفرنسية. كما أن اسم اسحق رابين شريك عرفات في التوقيع على اتفاقية أوسلو وفي حيازة نوبل للسلام، يتربع منذ سنوات وبدون منازع فوق أحد أجمل حدائق العاصمة الفرنسية. ورفضت البلدية تحت ضغوط الجالية اليهودية أن يتقاسم حاملا نوبل للسلام، الحديقة نفسها.