الزواج السياحي يمثل احدى الظواهر السلبية التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة وبدأت تنتشر في بعض المحافظات. ورغم عدم وضوح هذه الظاهرة في بداية الامر باعتبارها حالات فاشلة او غير ناجحة حدثت هنا وهناك،إلا ان ارتفاع عدد فشل زواجها وقعت ضحيتها شابات في مقتبل العمر،لا ذنب لهن بذلك،غير انهن حلمن بزواج سعيد واسرة يحيط بها الدفء والاستقرار ،إلا ان ما حدث لهؤلاء الفتيات نتيجة هذا الزواج شيء يدمي القلب ويئن له الضمير فقد بعن كسلعة رخيصة الثمن لجلاء هرم يسمى السائح،ليعبث بها غير مكترث بما تفعله رغبته الشيطانية التي استغلت حاجة البسطاء لدراهم معدودة او لوعود مستقبلية كاذبة سرعان ما تتبخر لينكشف المستور وتبدأ رحلة المعاناة الحقيقية التي قد تستمر لسنوات طويلة او ما بقى من العمر. باعني زوج امي البداية التي كانت مع الاخت "هند" احدى ضحايا الزواج السياحي التي ابدت رغبتها بشرح هذا النمط من الزواج لتحذر منه كل فتاة وكل اب حتى لا تتكرر قصتها مرة اخرى هنا او هناك حسب قولها حيث بدأت حديثها:ما دفعني لهذا النوع من الزواج هو اني عشت طفولة مليئة بالمعاناة فقد تطلقت امي من والدي وعمري لم يتجاوز الثانية،وقبل اقل من عام تزوجت امي برجل آخر لأعيش عند جدتي لامي واخوالي يوما هنا ويوماً هناك،وعندما بلغت التاسعة من العمر هربت للعيش عند امي تاركة دراستي وكل شيء طمعاً بحضن امي الذي لم يكن ملاذي الآمن كما كنت اظن فقد عانيت من تسلط زوج امي علي وتفضيله ابنائه وابكائي دونما سبب.. ست اعوام عشتها عانيت خلالها اصناف الذل والحرمان وخنوع امي لزوجها رغم تألمها لمعاناتي امام عينيها وقبل خمس سنوات من الآن خرج زوج امي الى السوق وعاد ومعه ضيف قال انه عزيز على قلبه لانه من دول الجوار عرفه عن طريق صديق له،وفي نفس اليوم عرض عليّ الزواج به بعد ان قيل لي انه طيب وسوف يعوضني عن ايام الحرمان،فقبلت دون تردد قائلة لنفسي لعل هذا الرجل الذي يكبرني ب"40" عاما مخرجي الوحيد مما اعانيه،وفي اليوم الثاني تم الزواج وقضينا عشرون يوما نتنقل هنا وهناك ليسافر بعدها الى بلده قائلاً انه سوف يعود ليأخذني معه ولكن بدون جدوى،فقد مرت تسعة اشهر ولم يات ،مكتفياً خلالها بإرسال مصاريف كنت اسمع عنها فقط،ولكني لا ارى لها اثراً،ثم عاد بعد ذلك ليقضي شهراً آخراً ويسافر مرة اخرى على امل ان يعود ليأخذني معه،وحلف انه سيفعل وبعد ثلاثة اشهر علم انني حامل فثارت حميته،وقرر طلاقي عبر التلفون وانقطعت اخباره منذ ذلك اليوم وحتى الآن ثلاثة اعوام مضت دون جديد...طفلان يكبران كل يوم،واب لا نعلم عنه شيئاً،ومستقبل ليس له أي ملامح او بصيص امل..
الاخت "صباح" ذات السادسة عشر ربيعاً سمعنا حكايتها فذهبنا الى منزلها ..طرقنا الباب فخرج والدها الذي عرفناه بأنفسنا وسبب زيارتنا،فرفض التجاوب معنا بحجج كثيرة فقالت له لابد ان تعرف الناس بما يجري لابنتك لكي لا يقعوا بمثل ما وقعتم به...انصرف من امامنا ليعود وبجانبه "صباح" شابه صغيرة ناحلة العود منهكة القوى،لا تقوى على السير غير انها متكئة على كتف والدها..سألناها عما جرى فلم تجب،كررنا السؤال فقالت ضربني وتركني في الفندق..تركني في المستشفى..كررت هاتين العبارتين مراراً لتجهش بالبكاء ليذهب بها والدها ويعود ليقول انا لم اوافق على زواجها ابدا فقد ذهب الوسيط الى جدها وأمها،وحضر جدها مع الوسيط وهما يتعارفان ومن قرية واحدة،وقد كذب الوسيط على الجميع حين قال ان الزوج طيب ومطوع وسوف يأخذها معه الى السعودية وسوف يزورنا كل عام شهرين على الاقل،ولكن ما حدث هو العكس فقد اخذها الزوج بعد الزواج الى احد الفنادق بأمانة العاصمة وبعد اسابيع كان يضربها من المساء حتى الصباح وكان ينام على السرير بينما ابنتي تنام على الأرض،وفي احد الايام ضربها ضرباً مبرحاً اضطر بعدها لنقلها الى المستشفى وتركها هناك ليسافر الى السعودية دون ادنى اكتراث او وازع من ضمير. ويضيف:اخبروني ناس من الاهل ان ابنتي ترقد في المستشفى منذ ايام فذهبت إليها وأخذتها وبعد ذلك ذهبنا الى الوسيط الذي تحول الى وكيل للزوج وبعد ثلاثة اشهر عاد الزوج يزعم انه يريد ان يأخذ زوجته معه حسب ما خطط له وكيله الوسيط لأنه يعرف انها متعبة ولن نوافق على سفرها معه وعندما رفضنا طلب الزوج فلوسه التي دفعها لنا رغم اننا خسرنا أضعافها في علاجها. ويواصل:عندما رفض طلاق ابنتي اضطررت الى بيع مساحة من الارض كنت امتلكها فدفعت له نصف المبلغ الذي دفعه فطلق ابنتي بعد ان تركها حطاماً. والدي يكره طفلي وتتحدث الاخت "حنان الآنسي" فتقول لقد تعرف والدي على زوجي الغائب ان جاز لي ان اسميه من خلال جارنا التاجر الذي دائما ما يسافر الى السعودية حيث قام جارنا بالتعريف بالسائح السعودي الذي اصبح فيما بعد زوجاً لي حيث قال عنه انه رجل طيب ومستقيم ويخاف الله افضل من غيره،وفوق ذلك فهو رجل ثري،وتحت هذه الاوهام وقع القبول وتم الزواج بدون اعتراض مني وبعد الزواج ذهب زوجي ولم يعد حتى الآن،وعندما ذهبنا الى جارنا الوسيط اعترف انه لا يعرف عنه شيئاً غير انه جاء يطلب الاستجمام بعد ان تعرف عليه عبر صفقاته التجارية في تجارة البطانيات والخيام الشراعية. وتضيف:لقد اصبح حالي اشبه بالكابوس،خاصة وان والدي بعد ان صرف الفلوس في المقايل وغيرها اصبح يكره طفلي الذي لا ذنب له غير انه خلق بدون اب-أي اب غائب. تتوقف عن الحديث وتنظر لطفلها في حجرها وتضمه الى صدرها لتغطيه ببكاء شديد.
زواج يخلف الدمار
الحديث عن الزواج السياحي قد يكون عند البعض امراً غير معروف ولم يسمع به من قبل بينما البعض الآخر يكون قد سمع عنه وعرف آثاره ونتائجه المدمرة،بل مرات طمعا بقليل من الدراهم وهذا ما حدث للاخت "نور"احدى ضحايا الزواج السياحي التي تتحدث قائلة: الزواج السياحي واثاره المدمرة يكاد يكون ليس بجدية خاصة وان الآباء لا يتعلمون ولا يتعظون مما يجري لبناتهم،وتقول:سبق قبل عدة اعوام ان رجل خليجي جاءنا وطلب الزواج بأختي الكبيرة ودفع لوالدي مبلغا من المال وتم الزواج بسرعة كبيرة وسافرت اختي الى بلده وبعد اقل من شهر اختفى الرجل وبقيت اختي وحيدة لولا بعض الاهل الذين قاموا بإعادتها الينا لوحدها ومع ذلك فقد حدث ان جاءنا شخص آخر يبلغ من العمر 65 عاما وطلب الزواج بي مقابل مبلغ من المال وفيزة لوالدي للدخول الى السعودية للعمل هناك براتب جيد حسب زعم العريس،وتقول وامام ضغط والدي عليّ وافقت على الزواج منه وبعد اتمام الزواج سافر الى بلده وخلال العام الاول زارنا ثلاث مرات وتواصل معنا،وبعد آخر زيارة له بشهرين علم انني قد وضعت له طفلاً فوعد بالزيارة قريباً،ولكنه لم يأت حتى الآن منذ ما يزيد عن عامين دون ان نعلم عنه شيئاً. وتتساءل نور عن سبب غياب الدولة في وضع القوانين الرادعة لوقف هذا النوع من الزواج الذي هو تجارة اكثر من كونه زواج،والذي يخلف وراءه الدمار. مدح العريس الاخت"فائزة" طالبة جامعية-حينما سألناها عن قصة زواجها قالت انها ستتحدث من اجل ان تستفيد الاخريات حيث تقول: لقد جاء الوسيط الى ابي وهو رجل من عندنا يعمل سائقا في السعودية ولم يقصر في مدح العريس واقنع ابي بأنه يسافر الى اليمن كل سنة اكثر من ثلاثة اشهر للنزهة وانه سوف يستأجر بيتاً للزواج لكن النهاية كانت تنكره لطفله وتطليقه لي عبر التليفون.