في الحلقة السابقة قطعنا شوطاً في عرض ملحمة الشاعر " يسلم بادييخ " وها نحن نستكمل عرضنا لما بقي منها .فبعد إن صوَّر الشاعر في ملحمته ما آل إليه حال حكام " تريم " بعد هزيمتهم نراه يعود القهقرى ليبين لنا شجاعة منقذ المدينة وجيشه. فيصفهم بالذئاب الغاضبة المؤتلفة في جيش عرمرم لا تغمض للعدو أجفان من هيبته يقوده السلطان / عبود بن سالم من آل عمر بن جعفر الكثيري . وسماهم الشاعر بآل عبدالله الذين حاصروا المدينة " تريم " ليحرروها فيقول : أتتهم بنوعبدالله أهل الشجاعه سراحين غضبا يقصر الموت دونها بجيش عرمرم دونه الويل والنقم وهضل النعم من خوفه اجفت جفونها خدوا سبعة اشهر لم يروا سنة الكرى وأجفانهم بالنوم لم يغمضونها مصابيحهم لهب الدخائر إذا أظلمت عليهم حناديس الدجى يثعرونها ثم يصف المعارك التي دارت بين الطرفين في تصوير ملحمي خيالي بقوله: بهادر نوادر في الملاقي تبادرت بحملاتهم روس الهبب يطحنونها وأصطكت الجبلين في يوم عابس كما يوم نفخ الصور شدة غبونها وأشتب كير الحرب ياصاح بينهم بنيران تتهطل وهم يضرمونها وثارت معاكيها وعلاَّ شرارها ودارت رحى الحرب الغزر في شطونها وقد رجعت الأبطال عن كل مصدر وهجت فوارسها وضاقت عيونها لاحظوا صورتي ( بهادر نوادر ) و(روس الهبب يطحنونها ) فالصورة الأولى توحي بوصف المحاربين بالأسود النادرة في شراستها . أما الثانية فيعني بها إن المحاربين يطحنون اعدائهم في ومضة البرق أو في الساعة الأخيرة من الفجر .كما يصور التقاء الجيشين عقب فك الحصار وبدأ الهجوم مثلما أصك جبلان من قوة شراستهم ويصوره كذلك بيوم النذير من شدة الغضب .وفي هذا المقطع تشعر بتمازج الصورة مع الصوت أو المؤثرات الصوتيه . وهو تصوير ملحمي ندر ما أتى به شاعر . وفي الأبيات التالية يصف لنا الشاعر حكمة وذكاء القائد الكثيري " عبود " وسماه هنا " عباد " في كسر الحصار ومفاجأة اعداءه حين لجأ إلى حفر الخنادق حول المدينة وعبأها بالبارود الذي سماه " مذلحات القامزي " وهو بندقية قديمة . الأمر الذي أوقع الجيش المحاصر في فخ لم يكن يحسب له حسابا فنراه يقول : فلله در الطاهش ابن الطواهش نقية بني مالك مجلي حزونها عباد الأسد لي شد عضوه بصنوه وصاروا سوا أرواحهم يسعرونها ولما رأى السلطان تلك الوقائع فحادى على شوكته لا يكدمونها أتاهم بحكمة يقصر المكر دونها ضرب ضربة في الحرب لم يزهدونها أمر بعد ماعاين ببحث الخنادق ومن مدلحات القامزي يترسونها ولم يعلمون إلا بوقع الزلازل والأرض والنيران يعلو رشونها وفرت بهم في الجو مثل الحوايم وهدمت مراتبهم وهم ينظرونها وفي ختام هذه الملحمة يصورالشاعرربيع سليم الهزيمه والاستسلام وطلب العفو والندم على ما فعلته يافع في حق سكان تريم من ظلم وهتك المحارم.. يقابله من السلطان الكثيري العفو عند المقدره والوفاء للكلمة وغرس العدل في تريم الغنا والدرس من عاقبة الظلم فيقول : فهابوا ورقوا من هجوم الفجايع وذلت شجاعتهم وقصرت ظمونها فدّوا لسلطان الوفاء معدن الكرم وطلبوا أمانه والمكالف يصونها وأن لايؤاخذهم على فعل قد مضى وأن لايخلِّد بعضهم في سجونها عفى عفو قادر والوفاء عادة الدول فكم زلة بعد الغضب يصفحونها ويختم ملحمته كعادة معظم الشعراء الشعبيين بالصلاة والسلام على المصطفى وآله وصحبه بعد قوله: ولكن سيف الظلم بدد جموعهم وهتك المحارم جرعتهم منونها ونسأل إله العرش رب البريه بأن يرحم الغنا ويرفع شئونها وفي ذلك الساحات يلتم شملنا بأصحابنا والنفس تسلى شجونها & ( نقلاً عن الجمهورية )