السعودية والإمارات سبب معاناة المواطنين ومبادرة مياه الحوبان تواجه بتقاعس    40.6 مليون نسمة سكان اليمن في 2030    اليمن يعيد رسم خرائط النفوذ والسيطرة في المنطقة    إيران: اكتشاف شرائح تجسس في أحذية مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية    مناقشة خطة جامعة البيضاء للعام 1447    خلايا جذعية لعلاج أمراض الكبد دون جراحة    الانهيار الكارثي للريال اليمني: أزمة تهدد وجود المواطنين    القوة الأسيوية والطموح النازي الغربي    السكان يضربون 5 لصوص حتى الموت    إيجا تُدخل بولندا قوائم أبطال ويمبلدون    تاريخ مواجهات تشلسي وسان جيرمان قبل مواجهتهما بنهائي كأس العالم للأندية    "صالح" أم الإخوان.. من أسقط اليمن في الفوضى؟    سلطة شبوة تفتقد للوفاء والإنسانية ... مات الدكتور الصالح دون اهتمام    حقيبة "بيركين" الأصلية تسجل أغلى حقيبة يد تباع في التاريخ، فكم بلغت قيمتها؟    مبعوث أمريكا يهدد لبنان: تسليم سلاح حزب الله أو ضمكم لسوريا    عقوبات تنتظر الهلال حال الانسحاب من السوبر    بعد 98 عاما.. بريطانيا تكسب «زوجي» ويمبلدون    اقرار دولي بمشروعية العمليات اليمنية في البحر الاحمر    - جريمة مروعة في محافظة إب: طفلة بريئة تتعرض للتعذيب على يد خالتها وزوجة أبيها    - بلاغ من سكان صنعاء للضبط المروري بشأن إزعاج الدراجات والسيارات المعدّلة    يا بن بريك.. من لا يملك حلاً فعليه أن يتنحّى    لقاء سوري إسرائيلي مرتقب في اذربيجان    ما وراء الكواليس: تفكيك لغز الصراع اليمني    عُهرٌ سياسيٌ بذاكرةٍ مثقوبة.. من الذي لم يَفعل..!    خبير انواء جوية يتوقع هطول أمطار غزيرة على المرتفعات وامتدادها إلى اقصى شرق البلاد    باقزقوز يهاجم الحارس القضائي ويطالب بإيقافه وتسليم مهامه إلى لجنة حكومية    تغاريد حرة .. عصر فاقد للوعي والموقف والضمير    صنعاء .. البنك المركزي يكشف مواصفات العملة المعدنية الجديدة    ألكاراز يتأهل إلى نهائي ويمبلدون للمرّة الثالثة توالياً    مودريتش لريال مدريد: إلى لقاء قريب    الحكومة تحمل الحوثيين مسؤولية جريمة العرسوم بتعز وتدعو المجتمع الدولي لإدانتها    -    إدارة المبادرات المجتمعية في إب تتسلم خزان مياه للشرب في ذي السفال    سعر الدولار في عدن وحضرموت اليوم السبت 12يوليو 2025    نيوكاسل الانجليزي يعلن تعاقده مع إيلانغا في صفقة ضخمة    رئيس الوزراء يدشن الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين    الرئيس الزُبيدي يُعزّي بوفاة المناضل اللواء محمد بن محمد عسكر    شيرين وفضل شاكر في دويتو غنائي جديد    خاطرة عن الفضول في ذكراه    متوسط أسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 12 يوليو/تموز 2025    وسط تحذيرات من انهيار الوضع الصحي.. تزايد حالات الإصابة بالأوبئة في ساحل حضرموت    بيان صادر عن القيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة المهرة    اليوم بعدن.. انطلاق الجولة الأولى من الحملة الوطنية الطارئة للتحصين ضد مرض شلل الأطفال    - صاعقة تضرب منزلًا في عمران وتحذيرات لسكان الأرياف من مخاطر البرق*     قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    القبض على عنصرين متورطين في 3 تفجيرات بعدن    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    العثور على نوع جديد من الديناصورات    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    عن بُعد..!    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المجاري» «ميليشيات» من نوع آخر في صنعاء
نشر في مأرب برس يوم 04 - 05 - 2019

لا تزال العاصمة صنعاء، الخاضعة لسيطرة الميليشيات، تعيش وضعاً مأساوياً يهدد بكارثة بيئية جراء استمرار طفح المجاري في معظم شوارعها وحاراتها، التي أصبحت، بحسب كثيرين، مهدّدة بإغلاق بعض المنازل والشوارع نتيجة توسعها يوماً بعد آخر.
وشكا سكان أحياء «القاع، والتحرير، وهائل، ومذبح، وشملان، والسنينة، وباب اليمن وغيرها» بالعاصمة صنعاء من تفاقم مشكلة طفح المجاري أخيراً، بسبب ما قالوا إنه الإهمال الحوثي الذي ساعد في عملية انتشارها على أوسع نطاق.
وأفاد السكان بأن موسم الأمطار التي شهدته صنعاء منذ مطلع أغسطس (آب) الماضي ضاعف هو الآخر من مشكلة طفح المجاري، وسط تجاهل الميليشيات المسيطرة على زمام الأمور بالعاصمة. وأشاروا في احاديث متفرقة ل«الشرق الأوسط» إلى أن أحياءهم تواجه اليوم كارثة بيئية حقيقة تستوجب التدخل العاجل لمعالجتها.
وتحدثت ربة منزل يمنية اكتفت بترميز اسمها «ي.أ» عن معاناتها وعائلتها الشديدة كسكان جراء طفح مياه الصرف الصحي ومدى التدهور الكارثي للوضع البيئي والصحي الذي يعيشون فيه، الأمر الذي يجعلهم وأسرهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفتاكة.
وقالت «ي.أ» التي تقطن حي مذبح، ل«الشرق الأوسط» إنهم طالما طالبوا الجماعة الحوثية بوضع حلول ومعالجات لكارثة الصرف الصحي وتراكم النفايات في الحي، لكن مطالباتهم «لا تلقى آذاناً صاغية كون الميليشيات لا تأبه كثيراً لما يحدث لهم ولغيرهم».
وحمّل مهندس في مشروع مجاري صنعاء الميليشيات الحوثية مسؤولية استمرار طفح المجاري في أحياء العاصمة. وقال ل«الشرق الأوسط» إن «سنوات الانقلاب التي رافقها عبث وإهمال الحوثيين أدت لانهيار شبكة الصرف الصحي في صنعاء».
وأشار المهندس، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إلى تغاضي الميليشيات المتعمد عن إجراء صيانة دورية للشبكة، وقال: «هي فقط تصبّ جل اهتماماتها في جباية وتحصيل الإيرادات والرسوم تحت تسميات عدة مثل (الضرائب، رسوم خدمات، واجبات زكوية، مجهود حربي، رسوم نظافة وتحسين مدينة، إحياء فعاليات طائفية)».
الأمر الذي أكده أيضاً علي قادري، صاحب محل تجاري بصنعاء، بتجاهل الميليشيات لمشكلة طفح المجاري التي نغصت حياة السكان. ويقول ل«الشرق الأوسط»: «بُحّت أصواتنا من كثر مطالباتنا للميليشيات بوضع حلول لطفح المجاري، لكنها لا تأبه لمناشداتنا ومعاناتنا».
عبد الله مرعي يسكن حي الصافية، ويعمل على سد أنفه أثناء خروجه من منزله كل صباح نتيجة تسرب المجاري في حيِّه، وهو، في الوقت ذاته، حال كل المارة يومياً من هذا الحي الذين يستخدمون السلوك نفسه، ويعقدون جباههم ويتمتمون بكلمات غاضبة، وعلى وجوههم تظهر علامات «القرف» من الروائح الكريهة التي تخنقهم باستمرار.
ويصف الحاج عبد الله، المشهد، بقوله إن «روائح كريهة ومقززة تنبعث بشكل متواصل في هذا الحي نتيجة طفح المجاري وتكاثر للبعوض والذباب دون أي تحرك من قبل الجهات المعنية. ويضيف: «منذ سنوات لم أرَ هذا الحي خالياً من مياه المجاري، وهذا يعكس مدى إهمال المسؤولين ومدى صبرنا كمواطنين على تقاعسهم».
ويتابع عبد الله حديثه وهو حبيس الأنفاس: «للأسف أصبحنا كسكان في صنعاء مستسلمين لهذا للواقع السيئ الذي نعيشه، حيث تنفجر مجاري مياه الصرف الصحي في أي حي وتستمر أياماً بل وشهوراً وأعواماً على الحالة ذاتها، دون أن نصرخ على أقل تقدير في وجه سلطة الحوثيين لتقوم بواجبها».
ودخل سكان صنعاء - عقب اجتياح الانقلابيين لها في معاناة كثيرة، تمثل أبرزها ونتيجة للقصور والتسيب الحوثي، في تهالك شبكات مياه الصرف الصحي التي تنفجر بين الحين والآخر في أحياء العاصمة المكتظة بالسكان، وتتسرب مياهها الكريهة مسببة لهم كثيراً من الأمراض.
ويؤكد مسؤولون بمؤسسة المياه والصرف الصحي الخاضعة لسيطرة الانقلابيين، تحويل مؤسسة المياه من قبل الميليشيات إلى ملكية خاصة تابعة لها.
وكشفوا ل«الشرق الأوسط» عن مصادرة ونهب الميليشيات عقب اقتحامها للمؤسسة لكل أصولها وأرصدتها ومخصصاتها من الوقود والأثاث ومعدات التشغيل وغيرها. وقالوا إن الجماعة الحوثية لم تترك شيئاً داخل المؤسسة، إلا بضعة موظفين تحتاج إليهم بين الفينة والأخرى لتنفيذ أجندتها ومشاريعها وأهدافها الطائفية.
ويقول مدير إدارة في مؤسسة المياه، أقصته الميليشيات من عمله أخيراً إن «المؤسسة لم تعد قادرة اليوم على إدارة سيارة واحدة من أصولها دون إذن مسبق من الميليشيات». ويضيف: «لهذا السبب وغيره تغرق اليوم الكثير من أحياء العاصمة صنعاء بمياه المجاري ولا قدرة للمؤسسة على التعامل معها».
تعتبر شبكات الصرف الصحي من أساسيات البنى التحتية اللازمة لتأمين ظروف معيشية ملائمة للسكان، إلا أن الميليشيات الإيرانية لم تُجرِ أيّ إصلاحات في هذه الشبكة منذ 4 أعوام على انقلابها.
وتعاني صنعاء من طفح المجاري وتكدس القمامة في معظم شوارعها وأحيائها، الأمر الذي ساعد في انتشار الأمراض والأوبئة الفتاكة، كالإسهالات والكوليرا والدفتيريا والتيفوئيد والتهاب الكبد الوبائي، وغيرها من الأمراض الخطيرة التي كان للعاصمة صنعاء، بحسب منظمة الصحة العالمية، النصيب الأكبر منها بنسبة 34.6 في المائة من الحالات المَرَضية على مستوى المناطق اليمنية.
ويحذر أحد أطباء مستشفى السبعين بصنعاء، من خطورة استمرار غرق بعض الأحياء السكنية في صنعاء بفيضانات الصرف الصحي، الأمر الذي أكد أنه يهدد نحو 8 ملايين مواطن بموجات جديدة من الأمراض والأوبئة الخطيرة.
وأفاد الطبيب، الذي رفض الكشف عن اسمه، ل«الشرق الأوسط»، بأن مياه الصرف الصحي تتسبب ب15 مرضاً خطراً ومميتاً، نتيجة احتوائها على أنواع متعددة من الكائنات الحية الدقيقة كالبكتيريا والفيروسات والطفيليات، والمواد السامة المستخدمة في الغسل، التي تزيد خطورتها، بحسبه، عند اختلاطها بالمياه الخارجة من المستشفيات بمحتواها من الدماء والمواد الكيماوية والعضوية الضارة. وأشار إلى أن المياه العادمة تسبب أمراضاً وأوبئة كثيرة كالكوليرا والملاريا والالتهابات، وأنواعاً أخرى من الطفح الجلدي، كما أن روائحها الكريهة تحمل سميةً وتلوثاً غير مرئيين. وقال إن المياه الملوثة تُعدّ العامل الأكبر لانتقال الكوليرا، بنسبة تصل إلى 90 في المائة.
واعتبر الطبيب اليمني أن جميع طرق الوقاية والسلامة التي تقدمها عدد من المنظمات الدولية اليوم بصنعاء تبوء بالفشل، نتيجة عدم معالجة المشكلة الأم، وهي طفح مياه المجاري في صنعاء.
وفي الصدد ذاته، أرجعت مصادر محلية تردي الأوضاع الصحية وانتشار الأوبئة في مناطق سيطرة الانقلابيين عموماً، وفي العاصمة صنعاء على وجه التحديد، إلى حالة الإهمال واللامبالاة التي تمارسها جماعة الحوثي الانقلابية.
وتحدث المنظمات الدولية أخيراً عن أرقام مهولة لوفيات وإصابات بالكوليرا في اليمن. وبحسب الأمم المتحدة، فإنّ إجمالي عدد الإصابات والحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا خلال العام الماضي (2018) بلغ 295 ألف حالة مشتبهة، توفي منها 400، ثلثها لأطفال ما دون الخامسة.
وأعلنت الصحة العالمية مطلع الشهر الماضي عن ارتفاع عدد الوفيات بمرض الكوليرا في اليمن إلى 291 حالة منذ بداية العام الحالي وحتى 28 مارس.
وقالت إن إجمالي الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا بلغ خلال الفترة ذاتها 148 ألف حالة مشتبهة. وتصدرت العاصمة صنعاء وريفها، حسب الإحصائية، أعلى نسبة إصابة بالمرض على مستوى اليمن حيث سجلت 58 حالة وفاة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.