خطوة عسكرية مفاجئة للإمارات مع اقتراب حرب جديدة ضد الحوثيين باليمن    الرئيس العليمي يصدر توجيهات عاجلة بشأن المنخفض الجوي في محافظة المهرة    بيان حوثي جديد: دول التحالف العربي ومناطق سيطرة الحكومة الشرعية ضمن أهداف "الجولة الرابعة للتصعيد"    وكلاء وزارة الشؤون الاجتماعية "أبوسهيل والصماتي" يشاركان في انعقاد منتدى التتسيق لشركاء العمل الإنساني    عيدروس الزبيدي يصل عدن رفقة قيادات عسكرية بارزة.. والمجلس الانتقالي: غدا يوم تاريخي!    بالفيديو.. داعية مصري : الحجامة تخريف وليست سنة نبوية    برشلونة قد يهبط للمستوى الثاني اوروبيا والخطر قادم من ليفركوزن    د. صدام عبدالله: إعلان عدن التاريخي شعلة أمل انارت دورب شعب الجنوب    فالكاو يقترب من مزاملة ميسي في إنتر ميامي    الكشف عن كارثة وشيكة في اليمن    أمين عام الإصلاح يعزي في وفاة أمين مكتب الحزب بوادي حضرموت «باشغيوان»    الوزير البكري يعزي الاعلامي الكبير رائد عابد في وفاة والده    التلال يفوز بكأس إعلان عدن التاريخي على حساب الوحدة    خادمة صاحب الزمان.. زفاف يثير عاصفة من الجدل (الحوثيون يُحيون عنصرية أجدادهم)    45 مليون دولار شهريا يسرقها "معين عبدالملك".. لماذا لم يحقق مجلس القيادة فيها    ميلاد تكتل جديد في عدن ما اشبه الليله بالبارحة    مارب.. وقفة تضامنية مع سكان غزة الذين يتعرضون لحرب إبادة من قبل الاحتلال الصهيوني    البنتاجون: القوات الروسية تتمركز في نفس القاعدة الامريكية في النيجر    كارثة وشيكة ستجتاح اليمن خلال شهرين.. تحذيرات عاجلة لمنظمة أممية    وفاة امرأة عقب تعرضها لطعنات قاتلة على يد زوجها شمالي اليمن    تعز تشهد المباراة الحبية للاعب شعب حضرموت بامحيمود    انتحار نجل قيادي بارز في حزب المؤتمر نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة (صورة)    عاجل..وفد الحوثيين يفشل مفاوضات اطلاق الاسرى في الأردن ويختلق ذرائع واشتراطات    صحيح العقيدة اهم من سن القوانين.. قيادة السيارة ومبايض المرأة    دوري المؤتمر الاوروبي ...اوليمبياكوس يسقط استون فيلا الانجليزي برباعية    لماذا يُدمّر الحوثيون المقابر الأثرية في إب؟    طقم ليفربول الجديد لموسم 2024-2025.. محمد صلاح باق مع النادي    بعد إثارة الجدل.. بالفيديو: داعية يرد على عالم الآثار زاهي حواس بشأن عدم وجود دليل لوجود الأنبياء في مصر    أيهما أفضل: يوم الجمعة الصلاة على النبي أم قيام الليل؟    غضب واسع من إعلان الحوثيين إحباط محاولة انقلاب بصنعاء واتهام شخصية وطنية بذلك!    ناشط من عدن ينتقد تضليل الهيئة العليا للأدوية بشأن حاويات الأدوية    دربي مدينة سيئون ينتهي بالتعادل في بطولة كأس حضرموت الثامنة    الارياني: مليشيا الحوثي استغلت أحداث غزه لصرف الأنظار عن نهبها للإيرادات والمرتبات    رعاية حوثية للغش في الامتحانات الثانوية لتجهيل المجتمع ومحاربة التعليم    استشهاد أسيرين من غزة بسجون الاحتلال نتيجة التعذيب أحدهما الطبيب عدنان البرش    "مسام" ينتزع 797 لغماً خلال الأسبوع الرابع من شهر أبريل زرعتها المليشيات الحوثية    إعتراف أمريكا.. انفجار حرب يمنية جديدة "واقع يتبلور وسيطرق الأبواب"    أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة    الصين تجدد دعمها للشرعية ومساندة الجهود الأممية والإقليمية لإنهاء الحرب في اليمن    صدام ودهس وارتطام.. مقتل وإصابة نحو 400 شخص في حوادث سير في عدد من المحافظات اليمنية خلال شهر    ضلت تقاوم وتصرخ طوال أسابيع ولا مجيب .. كهرباء عدن تحتضر    تقرير: تدمير كلي وجزئي ل4,798 مأوى للنازحين في 8 محافظات خلال أبريل الماضي    الخميني والتصوف    انهيار كارثي.. الريال اليمني يتراجع إلى أدنى مستوى منذ أشهر (أسعار الصرف)    جماعة الحوثي تعيد فتح المتحفين الوطني والموروث الشعبي بصنعاء بعد أن افرغوه من محتواه وكل ما يتعلق بثورة 26 سبتمبر    15 دقيقة قبل النوم تنجيك من عذاب القبر.. داوم عليها ولا تتركها    أولاد "الزنداني وربعه" لهم الدنيا والآخرة وأولاد العامة لهم الآخرة فقط    دورتموند يفوز على سان جيرمان بذهاب نصف نهائي أبطال أوروبا    انتقالي لحج يستعيد مقر اتحاد أدباء وكتاب الجنوب بعد إن كان مقتحما منذ حرب 2015    مياه الصرف الصحي تغرق شوارع مدينة القاعدة وتحذيرات من كارثة صحية    إبن وزير العدل سارق المنح الدراسية يعين في منصب رفيع بتليمن (وثائق)    كيف تسبب الحوثي بتحويل عمال اليمن إلى فقراء؟    المخا ستفوج لاول مرة بينما صنعاء تعتبر الثالثة لمطاري جدة والمدينة المنورة    النخب اليمنية و"أشرف"... (قصة حقيقية)    عودة تفشي وباء الكوليرا في إب    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقيه يكشف في دراسته
الأنظمة الرئاسية والأنظمة البرلمانية..نقاط القوة والضعف
نشر في مأرب برس يوم 14 - 12 - 2007

تضمنت مبادرة الأخ رئيس الجمهورية الخاصة بالتعديلات الدستورية الإشارة صراحة إلى تغيير شكل النظام السياسي للجمهورية اليمنية من شكله الحالي الذي تسميه السلطة «مختلط» إلى «رئاسي».
والمقصود بشكل النظام السياسي هو الكيفية التي يتم بها توزيع السلطة وتحديد العلاقة بين الفرع التشريعي والذي يختص بسن القوانين، وهو في الحالة اليمنية مجلس النواب، والفرع التنفيذي والذي يختص بتطبيق القوانين ويتمثل في الحالة اليمنية في كل من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء (رئيس مجلس الوزراء والوزراء). وهناك ثلاث طرق لتوزيع السلطة وترتيب العلاقة بين الفرعين. فإذا تم الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وأعطي كل منهما الأدوات اللازمة ليتمكن من منع الفرع الآخر من زيادة سلطاته فإن شكل النظام عندئذ يكون «رئاسيا» كما في الولايات المتحدة. أما إذا تم دمج السلطتين التشريعية والتنفيذية فإن النظام يكون «برلمانيا» كما في بريطانيا والهند. وفي حالة الأخذ ببعض خصائص النظام الرئاسي وبعض خصائص النظام البرلماني فإن النظام الناتج يكون «مختلطا» كما في فرنسا.
خصائص النظام الرئاسي:
يمكن تعريف النظام الرئاسي بأنه «نظام للحكم يقوم على مبدأ فصل السلطات»، ويطلق على هذا النظام صفة رئاسي لأن الرئيس هو القائد الوحيد على المستوى الوطني الذي يملك تفويضا شعبيا واسعا يمكنه من التحدث باسم الأغلبية باعتباره منتخباً من قبل الشعب. وتعتبر الولايات المتحدة مهد هذا النوع من الأنظمة السياسية الديمقراطية والدولة الصناعية الوحيدة التي تتبنى النظام الرئاسي بنجاح وعلى نحو مستمر.
وتأتي الأمثلة الأخرى على النظام الرئاسي من دول في العالم الثالث التي أثرت فيها الولايات المتحدة ثقافيا أو عسكريا. وباستثناء الولايات المتحدة فإن الأنظمة الرئاسية ارتبطت تاريخيا بالأنظمة السلطوية غير المستقرة في العالم الثالث. ويقوم النظام الرئاسي على مبدأ الفصل بين السلطات مع إعطاء كل سلطة الأدوات التي تمكنها من الرقابة على السلطات الأخرى. وقد كتب جيمس ماديسون، احد مؤسسي الولايات المتحدة في الورقة الفدرالية رقم 51 في تبرير اختيار الدستور الأمريكي لمبدأ فصل السلطات يقول: «إن أعظم حماية من التركيز التدريجي للسلطة في فرع معين هو إعطاء القائمين على كل فرع الأدوات الدستورية المناسبة والدافعية لمقاومة محاولات الفروع الأخرى الانقضاض على اختصاصات ذلك الفرع».
وصمم النظام الرئاسي الأمريكي بطريقة تمكن كل سلطة من السلطات من الحد من قدرة السلطتين الأخريين على اتخاذ القرارات على نحو منفرد، وبالتالي منع أي جماعة من الحصول على سلطة قوية. وبذلك فإن الدستور الأمريكي قد جعل من الصراع إحدى الركائز التي يقوم عليها النظام. فالسياسات التي يقترحها الرئيس في الولايات المتحدة لا بد من موافقة الكونجرس عليها وإصدارها على شكل قوانين. ولا يخرج قانون من الكونجرس حتى يقره مجلسا الكونجرس (النواب والشيوخ) بنفس الصيغة. ولا يصبح القانون نافذا حتى يتم إصداره (الموافقة عليه) من قبل الرئيس الذي يمكنه استخدام حق الفيتو ضد القانون المقر أو رفض التوقيع عليه. وسلطة الرئيس في استخدام حق الفيتو أو في رفض التوقيع على أي قانون ليست مطلقة، ففي حالة استخدام حق الفيتو على الرئيس إعادة القانون إلى الكونجرس الذي يمكنه بأغلبية الثلثين (في المجلسين) إصداره كقانون دون الحاجة إلى موافقة الرئيس. أما إذا رفض الرئيس التوقيع على القانون ولم يعده إلى الكونجرس فإنه يصبح قانونا بعد عشرة أيام.
أما السلطة القضائية فتتمتع بما يعرف بحق المراجعة القضائية ويقصد به حقها في إلغاء القوانين التي يسنها الكونجرس والأفعال التي يقوم بها الرئيس وغيره من المسئولين التنفيذيين إذا وجدت أنها مخالفة للدستور. لكن حق السلطة القضائية في عمل ذلك يمكن الحد من تأثيره عن طريق قيام الكونجرس بتعديل القانون الذي وجدته السلطة القضائية غير دستوري. أما الخيار الآخر، فيتمثل في اقتراح تعديل الدستور وهي عملية تتصف بالتعقيد وتحتاج إلى سنوات.
وتتكون السلطة التنفيذية في النظم الرئاسية من الرئيس فقط الذي يعمل كرئيس للدولة وللحكومة في نفس الوقت وهو بذلك يجمع بين السلطات الرمزية والفعلية. و يختلف مفهوم الحكومة في النظم الرئاسية. فليس هناك رئيس وزراء، والرئيس هو الذي يشكل الحكومة، ويكون الوزراء مسئولين أمامه، وهو بدوره مسئولاً أمام الشعب. والقيد الوحيد على الرئيس في اختيار كبار المسئولين هو موافقة مجلس الشيوخ. ولا يجوز في النظام الرئاسي، وكنتيجة مباشرة لمبدأ الفصل بين السلطات، الجمع بين عضوية أكثر من سلطة في نفس الوقت وعلى أساس أن المشرع يجب أن يختلف عن المنفذ وعن القاضي حتى يكون هناك قدر معقول من الحماية للحقوق. كما أن فترة الخدمة للرئيس وللبرلمان محددة ولا يستطيع الرئيس حل البرلمان كما لا يستطيع البرلمان إسقاط الرئيس إلا في حالة الخيانة العظمى. وفي النظام الأمريكي تتحدد فترة خدمة الرئيس بأربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة. أما فترة خدمة عضو مجلس الشيوخ الذي يمثل الولايات فهي ست سنوات. وتم تحديد فترة خدمة عضو مجلس النواب بسنتين فقط حتى يكون مسئولا أمام ناخبيه في الدائرة على نحو مستمر.
وبقدر ما يعظم النظام الرئاسي من القدرة على حماية الحقوق والحريات عن طريق التوازن والرقابة المتبادلة فإنه قد يؤدي في حال سيطرة نفس الحزب على التشريع والتنفيذ وفي حال وجود التزام حزبي قوي إلى خلق نظام شمولي أشبه ما يكون بالأنظمة التي حكمت ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي. ومن عيوب النظام الرئاسي أنه يفرز نظاما يأخذ فيه الفائز بكرسي الرئاسة كل شي، وهو بالتالي لا يسمح بتمثيل مختلف الجماعات الموجودة على الساحة، ويؤدي إلى تركيز السلطة وخصوصا إذا تم تبنيه في دولة غير فدرالية. ويحدث هذا بشكل خاص عندما يتم تبني نظام الدائرة الفردية ذا الأغلبية النسبية كنظام انتخابي وعندما يكون هناك حزب واحد فقط يسيطر على الحياة السياسية.
وفي حال اتباع نظام الأغلبية النسبية في انتخاب الرئيس فقد يقود ذلك إلى انقسام شديد بين الناخبين كما كان عليه الحال في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي عقدت في عام 2004. ولا يناسب النظام الرئاسي الدول التي ترغب في تحقيق النمو الاقتصادي أو بناء الديمقراطية لأن مبدأ فصل السلطات يؤدي إلى شل قدرة الحكومة على الحركة وخصوصا عندما يكون الحزب المسيطر على السلطة التشريعية مختلفا عن الحزب المسيطر على السلطة التنفيذية. ولأن فترة الخدمة بالنسبة للرئيس وأعضاء البرلمان محددة فالنظام يفتقر إلى المرونة اللازمة التي تمكنه من الدعوة إلى انتخابات مبكرة. ففي حالة حدوث أزمة بين الرئيس والبرلمان مثلا فإنه لا مفر أمام الجميع من الانتظار حتى مجيء الانتخابات القادمة. كما أن تركيز السلطة التنفيذية بيد شخص واحد يتناقض تماما مع مبدأ المشاركة وبناء الديمقراطية ولا يساعد على بناء التحالفات الوطنية التي تساعد على الدمج السياسي والاجتماعي وتعزز من التماسك الوطني. ويؤدي تبني النظام الرئاسي في مجتمع يتصف بالتعددية الاجتماعية (أي عدم التجانس السكاني) ويفتقر إلى التماسك الوطني ويفضي إلى تعزيز النزعات العرقية والمناطقية والانفصالية.
خصائص النظام البرلماني :
يمكن تعريف النظام البرلماني أو نموذج «وست منستر» كما يسمى أحيانا نسبة إلى مقر الحكومة البريطانية، بأنه «نظام سياسي يتم فيه دمج السلطتين التنفيذية والتشريعية».
وقد نشأ هذا النوع من الديمقراطية وترعرع في المملكة المتحدة (بريطانيا) وهي الدولة التي فرضت هيمنتها على ربع العالم في القرن التاسع العشر. ولا غرابة بعد ذلك أن يكون هذا النوع من الديمقراطية هو الأكثر انتشارا في العالم وأن تكون المستعمرات البريطانية السابقة مثل كندا، استراليا، نيوزلندا، الهند وغيرها هي أبرز الأمثلة عليه.
وتقوم الديمقراطية البرلمانية على مبدأ دمج السلطات. فرئيس الوزراء هو عادة عضو في البرلمان ورئيس الحزب صاحب الأغلبية في البرلمان أو رئيس الحزب القادر على تشكيل حكومة ائتلافية. وتعتبر سلطة تحديد شخص رئيس الوزراء حقاً للبرلمان أو على نحو أدق للأغلبية فيه سواء أكانت تلك الأغلبية لحزب أو لتحالف من الأحزاب. وبما أن رئيس الوزراء هو الذي يختار وزرائه فإنه غالبا يختارهم من بين أعضاء حزبه في البرلمان أو من أعضاء الأحزاب المؤيدة له. ومع أن رئيس الوزراء يمكن أن يختار أشخاصا من خارج البرلمان كوزراء إلا أن حاجته إلى الاحتفاظ بالأغلبية البرلمانية التي انتخبته تجعله يختار الوزراء من بين أعضاء البرلمان.
وتنقسم السلطة التنفيذية في الأنظمة البرلمانية إلى قسمين هما رئيس الدولة، ورئيس الحكومة، بالنسبة لرئيس الدولة (الملك أو الرئيس أو الأمير أو السلطان، ...الخ) في النظام البرلماني فيمارس عادة سلطات اسمية ورمزية مثل التوقيع على القوانين والقرارات والمعاهدات واستقبال رؤساء وسفراء الدول الأخرى وافتتاح البرلمان وغير ذلك من الأمور التي يطلب منه رئيس الوزراء القيام بها. ورئيس الدولة في ممارسته لتلك السلطات لا يملك الكثير من السلطة في تقرير أي من تلك الأمور في معظم الأحيان. فبالرغم من أنه يصدر القرار الذي يحدد شخصية رئيس الوزراء الذي سيشكل الحكومة إلا أن دوره في الواقع هو تحصيل حاصل فهو «يكلف» ولا «يعين» رئيس الوزراء.
لكن ما سبق قوله لا يمنع من أن يكون لرئيس الدولة بعض السلطات. فالأنظمة البرلمانية ليست صور كوبونية عن النظام البريطاني الذي يتم الحديث عنه كنموذج، بل تختلف فيما بينها إلى حد كبير. فإذا كان هناك نظام برلماني يتم فيه انتخاب الرئيس انتخابا مباشرا من قبل الشعب كما في النمسا فإن ذلك يعني أن الرئيس لابد وأن يتمتع ببعض السلطات الفعلية. أما إذا كان الرئيس منتخبا بطريقة غير مباشرة (أي من قبل السلطة التشريعية أو أي ترتيبات مؤسسية أخرى) فإن ذلك يعني أن دوره قد يكون محدودا كما هو عليه الحال في الهند وألمانيا. ودور رئيس الدولة، في النظام البرلماني، هو أن يكون رمزا للدولة وأن يمثل الأمة ككل وليس حزباً معيناً وأن يقوم بدور المحكم في أوقات الأزمات السياسية. فملكة بريطانيا مثلا تمثل رمزا للبريطانيين وعلامة من علامات وحدتهم ودليلا قويا على استمرارية تاريخهم. ويلعب الرئيس في الأنظمة البرلمانية، بسبب حياده الحزبي، دورا هاما في تعزيز الوحدة الوطنية والتأكيد على المبادئ الوطنية المشتركة بين الناس. وعلى العكس من ذلك فإن الرئيس في النظام الرئاسي وبسبب حزبيته وتركيز السلطة في يده يمكن أن يتحول إلى عامل تمزيق لوحدة البلاد وتماسكها.
وبالنسبة للجزء الثاني من السلطة التنفيذية والمتمثل في رئيس الوزراء والوزراء (الحكومة) فهم الممارس الفعلي للسلطة ويقومون بصنع السياسة العامة معتمدين على مناصبهم في الحكومة وعلى عضويتهم في البرلمان الذي يعتبر في دول مثل بريطانيا والهند وهولندا وألمانيا واليابان المؤسسة الوحيدة المنتخبة مباشرة من قبل الشعب. وتعتبر الحكومة مسئولة عن سياساتها أمام البرلمان مسئولية تضامنية وفردية. وتعني المسئولية التضامنية أن كل عضو في الحكومة مسئول عن التصرفات السياسية التي تقوم بها الحكومة ككل. وتتصل هذا النوع من المسئولية بالسياسات العامة التي يتبناها مجلس الوزراء والتي تخلق مسئولية تضامنية بغض النظر عن رأي أي وزير من الوزراء. فما تتبناه الأغلبية داخل الحكومة يعتبر ملزما للأقلية التي عليها الدفاع عنه والمشاركة في تحمل مسئوليته. ويترتب على المسئولية الجماعية عقاب جماعي للحكومة حيث قد يتم سحب الثقة منها.
أما المسئولية الفردية فهي مسئولية كل وزير على حدة عن تصرفاته الشخصية. وعادة ما يلجأ الوزراء الذين يرتكبون أخطاء معينة إلى تقديم استقالاتهم ليجنبوا الحكومة ككل الإحراج ولكي لا تتحول المسئولية الفردية إلى مسئولية جماعية يمكن أن تؤدي إلى سحب الثقة من الحكومة. وتحدد الأنظمة البرلمانية حداً أقصى لبقاء الحكومة (غالبا خمس سنوات). لكن البرلمان يستطيع سحب الثقة من الحكومة وبالتالي إسقاطها في أي وقت. كما أن رئيس الحكومة يمكنه أن يطلب من رئيس الدولة حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات جديدة في أي وقت أيضا. وهذا يختلف عن النظام الرئاسي الذي يعتبر الوزراء فيه مسئولين سياسيا أمام الرئيس فقط.
وتمتاز الأنظمة البرلمانية بأنها تساعد في الحفاظ على تماسك الدول التي يتصف تركيبها السكاني بالتعددية (قبائل، مذاهب، مناطق، أعراق) وذلك من خلال قدرتها على تمثيل مختلف الفئات الاجتماعية في العملية السياسية وبالتالي الحفاظ على الاستقرار السياسي. كما تساعد الأنظمة البرلمانية الدول المتخلفة اقتصاديا على تحقيق التنمية بشكل أسرع لأن دمج السلطات يوفر ميزتين في نفس الوقت: التمثيل السياسي والسرعة في اتخاذ القرارات وذلك على عكس الأنظمة الرئاسية التي تتصف بالبطء الشديد في اتخاذ القرارات. وقد يصل ذلك البطء إلى الجمود التام في بعض الحالات.
وفيما يخص العيوب فإن الديمقراطية البرلمانية قد تركز السلطات في يد رئيس الوزراء وتضعف الرقابة في حالة وجود انضباط حزبي قوي. كما قد تؤدي إلى صعوبة في اتخاذ القرار وإلى إضعاف الحكومة في حالة التحالفات المعقدة والى عدم الاستقرار السياسي في حالة تعدد الأحزاب داخل البرلمان وعدم حصول أي منها على الأغلبية.
انتشار النظامين:
عند النظر إلى الأنظمة الديمقراطية المستقرة في العالم فإن الملاحظ أن أربعة منها فقط تحكم بأنظمة رئاسية وهي الولايات المتحدة الأمريكية، كولومبيا، كوستاريكا، وفنزويلا، وهناك 24 دولة محكومة بالنظام البرلماني وهي: استراليا، النمسا، باربادوس، بلجيكا، بوتسوانا، كندا، الدنمرك، ألمانيا، أيسلندا، الهند، ايرلندا، إسرائيل، ايطاليا، جاميكا، اليابان، ليتوانيا ، لوكسمبورغ، مالطا، هولندا، نيوزلندا، النرويج، السويد، ترينداد وتوباجو، بريطانيا، وهناك 4 دول فقط محكومة بأنظمة مختلطة هي فنلندا، سويسرا، وفرنسا. وباستثناء الولايات المتحدة فإن الدول الثلاث الأخرى التي تتبنى النظام الرئاسي حول العالم تنتمي إلى العالم الثالث. وعلى العكس من ذلك فإن النظام البرلماني ينتشر في الكثير من الدول المتقدمة.
وتبين نتائج بعض الدراسات أنه من بين 93 دولة حصلت على استقلالها بين 1945 و1979م فإن معظم الدول التي حافظت على ديمقراطيتها خلال الفترة كاملة كانت أنظمة برلمانية. كما تؤكد أيضا أن نسبة نجاح الأنظمة الرئاسية في بناء الديمقراطية تبلغ حوالي 23% مقارنة بنسبة نجاح قدرها حوالي 60% للأنظمة البرلمانية. وبالنسبة للعالم الثالث فإن هناك ثماني دول فقط حافظت على الديمقراطية لخمسة وعشرين عاما متتالية على الأقل وذلك حتى عام 1992 ومن بينها خمس دول تحكم بأنظمة برلمانية وثلاث منها تحكم بأنظمة رئاسية.
* إشارة
يتلقى الكاتب الملاحظات على بريده الإلكتروني [email protected]
* عن الأهالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.