تفجير تعز.. قيادات إصلاحية تربوية تدفع ثمن مواقفها الوطنية    هجوم جوي يستهدف قوات الانتقالي في حضرموت    خبير في الطقس: برد شديد رطب وأمطار متفرقة على عدد من المحافظات    ميرسك تعبر البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين وتدرس عودة تدريجية    تقرير أممي: ثلثا اليمنيين يعانون انعدام الأمن الغذائي ومعدلات الجوع تسجل ذروة غير مسبوقة    حضرموت.. إحباط زرع عبوات ناسفة على الطريق الدولي المؤدي إلى منفذ الوديعة    اليمنيون في مسيرات مليونية: القرآن خط أحمر وفلسطين قضية الأمة    هيئة رعاية أسر الشهداء تعلن صرف إعاشة أبناء وآباء وأمهات الشهداء والأرامل وزوجات المفقودين    تقرير أممي: تصعيد الانتقالي في حضرموت أجبر آلاف الأسر على الفرار والنزوح    جريمة إرهابية مروعة    المتحدث الرسمي للقوات الجنوبية : ثلاثي الإرهاب يرد على خسائره باستهداف قواتنا بطائرات مسيّرة    أبناء أبين يؤدون صلاة "جمعة الثبات والتمكين" في ساحة الاعتصام بزنجبار    حين يرفع الانتقالي علم الدولة وتمسك السعودية ختم الدولة... رحلة الاعتراف الدولي للجنوب    قيادة السلطة المحلية بالبيضاء تنعي حاتم الخولاني مدير مديرية الصومعة    شرطة المرور تعلن إعفاء أكثر من ثلاثة ملايين مخالفة مرورية    قراءة تحليلية لنص "نور اللحجية" ل"أحمد سيف حاشد"    مهرجان ثقافي في الجزائر يبرز غنى الموسيقى الجنوبية    أمطار شتوية غزيرة على الحديدة    معارك ليست ضرورية الآن    بوتين يؤكد استعداد موسكو للحوار ويشيد بتقدم قواته في أوكرانيا    الموسيقى الحية تخفف توتر حديثي الولادة داخل العناية المركزة    "المحرّمي" يُعزِّي في وفاة السفير محمد عبدالرحمن العبادي    الأرصاد تتوقع أمطارًا متفرقة على المرتفعات والهضاب والسواحل، وطقسًا باردًا إلى بارد نسبيًا    بالتزامن مع زيادة الضحايا.. مليشيا الحوثي تخفي لقاحات "داء الكلب" من مخازن الصحة بإب    الأوبئة تتفشى في غزة مع منع دخول الأدوية والشتاء القارس    "أسطوانة الغاز" مهمة شاقة تضاعف معاناة المواطنين في عدن    قوة أمنية وعسكرية تمنع المعتصمين من أداء صلاة الجمعة في ساحة العدالة بتعز    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    الحبيب الجفري يحذّر من تسييس الدين: الشرع ليس غطاءً لصراعات السياسة    أزمة خانقة في مخابز عدن.. المواطن يعاني والانتقالي يبيع الأوهام    خبير دولي: على الانتقالي التركيز على الإعلام الخارجي بالإنجليزية لبناء التفهم الدولي لقضية الجنوب    الذهب يسجّل أعلى مستوى له في التاريخ    كأس ملك اسبانيا: تأهل اتلتيك بلباو وبيتيس لدور ال16    صحيفة أمريكية: خطاب ترامب الأخير .. الأمور ليست على ما يرام!    السبت .. انطلاق سباق الدراجات الهوائية لمسافة 62 كم بصنعاء    الحرية للأستاذ أحمد النونو..    المغرب يتوج بطلاً لكأس العرب بانتصاره المثير على منتخب الاردن    انعقاد الاجتماع الفني لبطولة مديريات محافظة تعز - 2026 برعاية بنك الكريمي    القرفة في الشتاء: فوائد صحية متعددة وتعزيز المناعة    تجار تعز يشكون ربط ضريبة المبيعات بفوارق أسعار الصرف والغرفة التجارية تدعو لتطبيق القانون    صنعاء.. البنك المركزي يعيد التعامل مع شبكة تحويلات مالية    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    نادية الكوكباني تفوز بجائزة نجيب محفوظ لأفضل رواية عربية للعام 2025    سان جيرمان يتوج بكأس القارات للأندية لأول مرة في تاريخه    طائرة شحن إماراتية محمّلة بالسلاح تصل مطار الريان بحضرموت    أرقام فلكية.. الفيفا يعلن عن الجوائز المالية لكأس العالم 2026    بين الاعتزاز والانسلاخ: نداءُ الهوية في زمن التيه    شرطة أمانة العاصمة تكشف هوية الجناة والمجني عليهما في حادثة القتل بشارع خولان    اتحاد كرة القدم يعلن استكمال تحضيراته لانطلاق دوري الدرجة الثانية    روائية يمنية تفوز بجائزة أدبية في مصر    صباح عدني ثقيل    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    صباح المسيح الدجال:    مأرب.. السلطة المحلية تكرم فريق نادي السد لكرة القدم بمناسبة الصعود لدوري الدرجة الثانية    تأكيداً على عظمة ومكانة المرأة المسلمة.. مسيرات نسائية كبرى إحياء لذكرى ميلاد فاطمة الزهراء    جوهرة الكون وسيدة الفطرة    بدعم سعودي.. مشروع الاستجابة العاجلة لمكافحة الكوليرا يقدم خدماته ل 7,815 شخصا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا حضارم يا أبيض يا أسود.. والهبة الحضرمية الثانية
نشر في نجم المكلا يوم 31 - 12 - 2013

هناك أمور لا تنفع فيها أنصاف الحلول ولا ينفع معها اللون الرمادي .. إما أبيض وإما أسود. . والذي أقصده أن الهبة حضرمية 100% لا دخل فيها للفصائل من الجنوب العربي التي لا تريد لحضرموت أن تستقل وتعيد مجدها التليد .. لماذا تحشر جماهير الحراك الجنوبي أنوفهم في هذه الهبة الحضرمية الثانية التي لا ناقة لهم فيها ولا جمل . الهبة كلمة بدوية حضرمية معناها ثورة سلمية فمثلا نقول ((هب يا فلان )) أي تحرك يا فلان . الهبة مصطلح حضرمي مثل الحراك مصطلح جنوبي والانتفاضة مصطلح فلسطيني . المفروض من الأخوة في الحراك الجنوبي وبالذات فصيل البيض أن يلتزموا بأدبيات وأخلاقيات وثوابت الهبة الحضرمية الثانية ومنها عدم رفع العلم الشيوعي بالعلامة الحمراء لتلك الأيام السوداء التي عانى منها شعب حضرموت خلال السنوات العجاف من الحكم الاستبدادي المرعب أو رفع أي شعارات أخرى لا تخص حضرموت . هل يريدوا أن يسرقوا الهبة الحضرمية وينسبوها لهم . نحن نعيش في عصر لا قيم ولا أخلاق فيه .. عصر الغطرسة والصلف والعنجهية . كنت أود لو أن الأخوة في الحراك الجنوبي والفصائل الأخرى أن يتجاوبوا مع الهبة الحضرميةThe Sudden Hadhrami Wave of Awakening)) بأسلوب حضاري لا لف فيه ولا دوران ولا غش ولا خداع ولكن ((ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن )) وكأن أتباع الحراك الجنوبي يريدوا أن يقول في رسالتهم نحن أصحاب الهبة وليست القبائل الحضرمية . فليعلم هؤلاء الأقزام أن أهل حضرموت بباديتها وحضرها أكثر تعقلا و دهاء في جميع المجالات السياسية والعلم والفكر من هؤلاء المتحركشين .. حتى هذا القبلي البسيط الذي يلتحف جو الصحراء القارص شتاء وشديد الحرارة صيفا في غيل بن يمين الباسلة .. أشجع وأرجح عقلا منهم.
أن الحضرمي صاحب حضارة 5000 عام يجب أن يكون انتماؤه أولا وأخيرا لحضرموت الهوية والأرض والتاريخ والثقافة والتقاليد والعادات.. بينما الجنوب العربي هويته لا تتجاوز 60 عام بخلاف اليمني لحضارة لا تتجاوز 3000 عام . ومنذ نعومة أظفاري وأنا لا أعرف وطنا غير حضرموت الحبيبة إلى قلبي وكل كياني . لا تزال حضرموت بالنسبة لي كل شئ في حياتي.. ربتني الأخلاق الحميدة وعلمتني العلم والمعرفة من أوسع أبوابها و لا أعرف بلدا آخر غير حضرموت . فالحضرمي الأصيل هو الذي يحسم أمره ويكون انتماؤه حضرميا ولا يتبع للجنوب العربي أو الجمهورية العربية اليمنية .. إما أبيض وإما أسود فهذه أنصاف الحلول لا تجوز طالما يتعلق الأمر بالهوية الحضرمية . أحب الممثل الراحل نظيم شعراوي .. وأضحك كثيرا كلما تذكرته وهو يعنّف عادل إمام بصوته الرخيم في مسرحية (( شاهد ما شفشي حاجة )) قائلا : ( يا أبيض يا أسود .. اللون الرمادي ده أنا مبحبوش) .
إن التاريخ يعيد نفسه في الهبة الحضرمية الأولي في معركة الدحر والتي تعد إحدى المعارك والملاحم الوطنية التي خاضها رجال القبائل الحضرمية وخاصة قبائل الخامعة وآل الحيق والعصارنة والحامديين (قبائل سيبان ) ضد قوات السلطنة القعيطية في 19 يوليو1961م خلال الستة العقود الأولى من القرن العشرين الميلادي . لقد تجلت بشكل واضح المواقف البطولية خلال هذه المعركة والتي سطرها رجال القبائل وتصديهم في معركة غير متكافئة للقوات الحكومه الكثيرة والمزودة بالأسلحة الحديثة والعتاد العسكري والقتالي اللازم , برزت فيها وبشكل واضح موقفان , موقف رجال القبائل الذين ظلوا متمسكين بموقفهم الرافض لإجراءات الحكومة القعيطية التي شعروا إنها تهدد كيانهم القبلي ووضعهم الاقتصادي بالعفوية والتلقائية ولكنه موقف ثابت أما موقف الحكومة التي أرادت فرض كثير من الإجراءات هي في الأساس تنسجم مع الاتجاه الموضوعي لقانونية التطور التاريخي ولكن الحكومة تريد فرض هذه الإجراءات بالقوة وبشكل تعسفي دونما الإعداد والتحضير لمجموع المجتمع القبلي لتقبل هذه الإجراءات , ويؤكد هذا الرأي التقرير التقييمي الذي أعده مساعد المستشار البريطاني لشئون البادية عن أشكال مواجهة ورفض القبائل لإجراءات الحكومة . أن السبب المباشر هو قرار الحكومة خطر أطلاق النار في المناطق المأهولة بالسكان وهو حق مشروع للدولة لا جدال فيه . أما الأسباب الغير مباشرة في تمسك البادية بما تعده في نظرها حقوقها الموروثة في تقسيم البلاد إلى مناطق ملكية لها ولكل قبيلة منطقة بما تحتويه من جبال وقرى ووديان وإصرارها على قيام الارتباطات بينه وبين الحكومة على الأحلاف باعتبارها كيان قائم بذاته يعامل الحكومة معاملة الند للند وحرصها على أن تخضع الحكومة لحقوقها المعروفة , وأحلافها فيما تنوي القيام في تلك المناطق من مشاريع ومنشئات عمرانية كمد الطرق وسير المواصلات ومدارس ومستشفيات ومطارات وغيره .لقد اعتقدت القبائل أن حظر إطلاق النار في نطاقه الضيق هذا مقدمة وتمهيد لنزع السلاح منها وذلك في كسر لشوكتها وضياع لحقوقهم .
لقد سعت وعملت الحكومة وبمختلف الطرق والوسائل إلى تفتيت وحدة القبائل هذه الوحدة التي عكستها كل اللقاءات التي عقدتها القبائل فيما بينها ابتداء من لقاء واجتماع السويرقة الذي انعقد في 14/1 / 1951م مرورا بلقاءات شهورة ووادي حويرة وآخر لقاء شرج حيح الذي انعقد في 4/1/1961م واستخدمت الحكومة الأساليب المختلفة من أجل إغراء القبائل وقد أدت هذه السياسية إلى تضييق دائرة القبائل المناوئة للحكومة بحيث لم يشترك في معركة المدحر إلا عدد محدود من القبائل وهي ( قبائل الخامعة ' ووآل الحيق , والحامديين والعصارنه ) مع موقف مؤيد ومساند لهذه القبائل من بعض القبائل الأخرى وهي ( قبيلة الحالكة, وقبيلة بازار العوبثانية ' وبن كردوس , و بن الجبلي ) كل هذه القبائل هي التي تعرضت في حادثة المدحر وما بعدها للتنكيل ووجهة بحقها الضربات العسكرية المؤلمة والمدمرة وتعرض عدد من مقادمة ورجالات هذه القبائل للمحاكمة .
بعد الاجتماع المشهود الذي عقد في 1مايو 1961م الذي حضرته عدد من قبائل سيبان من أهمها قبائل الخامعه و المراشدة من جهة والحكومة من جهة أخرى شكل هذا الاجتماع المحاولة والفرصة الأخيرة التي سعت الحكومة من خلالها إلى الوصول لاتفاق عام بين الحكومة والقبائل المناوئة لها وبذل الوفد الحكومي جهوداً كبيرة للوصول إلى مثل هذا الاتفاق أو إلى تفتيت وحدة الصف لهذه القبائل قدر الإمكان . لقد حدث تحول مهم على إثر الاجتماع هذا في مجرى الصراع الدائر بين الحكومة والقبائل وتمثل هذا التحول في موقف المقدم / سعيد سالم بانهيم المرشدي الذي كان وحتى لحظة هذا الاجتماع زعيماً وقائداً لكل هذه التمردات القبلية ليس على مستوى قبائل سيبان فقط بل شمل نفوذ قبائل نوح والديني و العوابثة وحتى قبائل الحموم وتجلى موقف بانهيم بقوله بالصلح مع الحكومة واعترافه بالمطالب والشروط التي طرحها وفد الحكومة وأبدى التزامه بها ، هنا جرى الفرز وحدث الشرخ العميق الذي هز كيان الموقف القبلي الواحد ضد الحكومة وإجراءاتها .
ووفقاً للخطة العسكرية التي أعدت تحركت القوات باتجاه المحاور الثلاثة وبلغ العدد الكلي لهذه القوة وفي المحاور الثلاثة 800 جندي وضابط مع أسلحتهم الخفيفة والمتوسطة وبلغ عدد المدرعات التي اشتركت مدرعتين من جيش البادية . أما العدد الكلي لأفراد القبائل 500مقاتلبقيادة المقدم سالم الجويد باسلوم(يلقب ب مليل ) من الخامعة. ولقد كانت الغلبة للقوات العسكرية الحكومية والتي استعملت سلاح الطيران الملكي البريطاني من مطار خور مكسر بعدن حيث لجأ مقاتلي القبائل إلى المغارات و الكهوف في الجبال .. وبالرغم من ذلك العدد الصغير من القبائل ولكنها تمكنت من قتل 14 من جيش النظام وجرح 27 جنديا وضابطا من بينهم قائد جيش النظام احمد عبدالله اليزيدي والملازم أول حسن سالم القطيبي قائد السرية الثالثة أما من جيش البادية قتيلان و6 جرحى . في الحقيقة لم تحدث وفيات كثيرة في صفوف القبائل كونهم انسحبوا من المناطق المأهولة بالسكان ولجئوا إلى مناطق بعيدة من الأودية أو أنهم كانوا يلجئون إلى المغارات والكهوف التي تكثر في هذه المناطق في أثناء القصف الجوي ولكن قتل 5 من القبائل ومن بينهم القائد المقدم سالم الجويد باسلوم (مليل) وجرح 3 منهم في هذه المعركة. لقد تمكن رجال القبائل من إسقاط إحدى الطائرات المغيرة .استمرت كل العمليات العسكرية البرية والجوية خلال الفترة من 19/7/1961م وحتى 26/7/1961م . وأخيرا استسلمت القبائل بشكل متوال بدءاً باستسلام قبيلة العوابثة بعدها العصارنه ثم الحالكة ، والحامديين ، وآل الحيق وانتهاءً بالخامعة ، وتم اعتقال مقادمة هذه القبائل وحقق معهم لتقديمهم للمحاكمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.