حضرموت.. قنابل ضوئية على محيط مطار سيئون واتهامات متبادلة بشأن اشتباكات الشحر وحدتها تتصاعد    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    إدانات واسعة تجاه اعتراف العدو الصهيوني بإقليم " أرض الصومال "الانفصالي.. اسرائيل تناور بالاعتراف هروباً من الحصار    هنأ الشعب بمناسبة جمعة رجب.. قائد الثورة: لابد أن نكون في حالة يقظة مستمرة وروحية جهادية عالية    هل حان الوقت لتجريم الاستعمار    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    قوات النجدة بأمانة العاصمة تستعيد 3 دراجات نارية مسروقة    وكيل وزارة الخارجية يشيد بدورالصليب الأحمر في ملف الأسرى    فلسطين الوطن البشارة    الشؤون الخارجية بالانتقالي تبحث التعاون مع المفوضية السامية وتؤكد احترام المجلس لحقوق الإنسان    العرادة يدشن حزمة مشاريع خدمية وتنموية لتعزيز البنية التحتية في مأرب    جوائز غلوب سوكر: باريس والبرتغال ويامال الأفضل    مطالب حضرمية لمجلس الأمن بالتحقيق في مصافي الخشعة وتمويل الإرهاب    سياسي جنوبي يثمّن شراكة التحالف مع الجنوب ويؤكد: النصر في 2015 صُنع بوضوح الموقف لا بالمساومات    اغتيال جار الله عمر.. اللحظة التي دخل فيها ملف الإرهاب في اليمن دائرة التوظيف السياسي    الأرصاد: سحب منخفضة كثيفة على سقطرى والسواحل والمرتفعات المحاذية    تشييع جثمان الشهيد المقدم توفيق العسيقي في التعزية    مدارس أمانة العاصمة تحتفي بعيد جمعة رجب    مركز البحر الأحمر للدراسات يصدر كتابين جديدين حول الهجرة الأفريقية غير الشرعية إلى اليمن والقضية الفلسطينية    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    الشتاء يتحول إلى كارثة إنسانية: 20 وفاة وآلاف النازحين بالعراء في غزة    عاجل: أهم نقاط البيان.. سيئون تجدد العهد لاستعادة دولة الجنوب وتفوض الانتقالي خيارًا نهائيًا بلا تراجع أو مساومة    ورشة حول الصحة والسلامة المهنية بصنعاء    ميلان يقسو على فيرونا بثلاثية ويعتلي صدارة "الكالتشيو" مؤقتاً    أمين العاصمة يتفقد أعمال صيانة شارع سبأ بمشاركة مجتمعية    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    تحت شعار الهوية والانتماء.. جامعة صنعاء تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    صنعاء.. صدور حكم استئنافي في قضية الصحفي محمد المياحي    صنعاء: المكاتب التنفيذية تُحيي ذكرى "جمعة رجب"    الصين: تأسيس أكثر من مليون شركة جديدة في 11 شهرا    هل بات قادة اوروبا يخشون "سلام ترامب" في أوكرانيا؟!    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    الاعتراف الإسرائيلي بالصومال خطر يهدد الجنوب العربي وخليج عدن    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    هروب    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    في صنعاء.. هل ابتلعنا "الثقب الأسود" جميعًا؟    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    القوات المسلحة الجنوبية تضبط مصفاة غير قانونية لنهب النفط داخل مزرعة متنفذ شمالي في الخشعة    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    مأرب تحتفي بتخريج 1301 حافظًا وحافظة في مهرجان العطاء القرآني    القيادة التنفيذية العُليا تناقش الجهود المبذولة لتأمين الخدمات للمواطنين ومراقبة أسعار الصرف    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب مصلى العيد بسيئون : نطالب بإعلان وادي حضرموت ولايةً مستقلة في الإقليم الحضرميّ القادم
نشر في نجم المكلا يوم 28 - 07 - 2014

الدكتور باحميد يدعو إلى اصطفافٍ مجتمعي في وجه التحديات التي تعصفُ بحضرموت
خطيب مصلى العيد بسيئون : طالب بإعلان وادي حضرموت ولايةً مستقلة في الإقليم الحضرميّ القادم
دعا خطيبُ مصلّى العيدِ بمدينةِ سيؤن الدكتور:عادل محمد باحميد إلى اصطفافٍ مجتمعيٍّ لكلّ مكوّنات المجتمع الحضرمي تجاه ما أصاب حضرموت من فتنٍ وفسادٍ وانفلاتٍ أمنيٍّ غير مسبوق، بدت مظاهره واضحة في انتشار القتلِ وسفكِ الدماءِ وترويع الآمنين المطمئنين ، ودعا كافة أطياف المجتمع والعقلاء فيه إلى المسارعةِ للالتقاء والتنازل لبعضهم وتغليب خطاب التقارب والتعايش والتصالح مهما كان حجم الخلاف فالقادم أخطر على الجميع ولن يستثني أحداً حدّ قوله.
كما حذّر الخطيبُ من أبواق نشر الفتنةِ وإشاعة أجواء الكراهية بين مكوّنات المجتمع الحضرمي الواحد والتي تعمد إلى تلفيق الاتهامات بالعمالة والضلالة والتخوين بغية بث الفرقة والبغضاء ، وكذا نشر الشائعات والأكاذيب التي تنشر الرعب والقلق في المجتمع وتعمل على إضعافه من الداخل، وأكد على أهمية الإسراع في تنفيذ مُخرجات الحوار الوطني بالرغم من أنها دون المستوى المطلوب ، لكنها على حد قوله تمثل سقفاً معقولاً يلبّي تطلعات أبناء حضرموت ، داعياً إلى جعل وادي حضرموت ولايةً مستقلة لها كامل صلاحياتها في إدارة شؤونها وثرواتها.
وطالب الدكتور باحميد السلطات في المحافظة والوادي بتقديمِ برنامج عملٍ للناس وحشد كافة طاقات المجتمع معها في سبيل خروج المحافظة مما هي فيه، وحثها على ضرورة سرعة لملمةِ أمرها وقيامها بدورها في حفظ أمن البلاد والعباد وإرجاع كثيرٍ من الخدمات التي يعاني الناس في الوادي من انقطاعها كالكهرباء والوقود ومرافق البريد والمطار.
وكانت خطبة العيد قد تركّزت حول الواقع المرير الذي يعانيه المجتمع في حضرموت في ظل الأوضاع الأخيرة المتسارعة ، داعيةً جموع المؤمنين إلى الرجوعِ إلى الله والتوبة من كل ذنبٍ والثبات على الإيمان والعمل الصالح باعتباره المُنجي من الفتن والموجب لرحمة الله ونصره ، كما دعا الدكتور باحميد إلى نصرة أهلنا في قطاع غزة الصامد ودعمهم بالدعاء والمال ما استطعنا.
وفي نهاية الخطبة تم تقديم التهاني بالعيد السعيد بحضور العميد الركن عبدالرحمن عبدالله الحليلي قائد المنطقة العسكرية الأولى ومدير عام الأمن العام والشرطة بوادي حضرموت والصحراء العميد سعيد علي العامري ومدير عام الأمن بالوادي والصحراء والأستاذ : سعيد مبارك دومان عضو مجلس النواب والمهندس : هادي محمد باجبير عضو مؤتمر الحوار الوطني والمهندس : حسين سالم بامخرمه الامين العام للمجلس المحلي بمديرية سيئون واعضاء المجالس المحلية .
وفيما يلي النص الكامل لخطبتي العيد:
بسم الله الرحمن الرحيم
خطبة عيد الفطر شوّال 1435ه بمصلى العيد بسيؤن
الخطبة الأولى:
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..
﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
أيها المؤمنونَ والمؤمنات .. يا أصحابَ النفوسِ المؤمنةِ التي ألقت حِملَها وعادت من رحلتِها الرّبانيةِ الإيمانيّةِ الخالدةِ رحلةِ (لعلّكم تتقون) .. ها هي الأيامُ الفاضلاتُ قد طُويت .. وها هي سوقُ الرحماتِ قد انفضّت .. ربحَ فيها من ربح وخسرَ فيها من خسر .. رحلَ رمضانُ بأعمالِنا إلى ربّ العزّةِ ذي الجلالِ والإكرام .. وما ندري من المقبولُ المعتوقُ منّا فنُهنّيه .. ومن المحرومُ المطرودُ منّا فنعزّيه:
رمضانُ ما أحلى سُويعاتِ اللقاء
وأمرُّ ما نلقاهُ يوم نودِّعُ
آهٍ على تلك الليالي إنّها
مرّت كومضِ البرقِ لمّا يلمعُ
فعساكَ ربي قد قبلتَ صيامنا
وعساكَ من خيراتِ جودِكَ توسِعُ
ها أنتم قد أنهيتم موعداً مع ربّكم طيلةَ ثلاثينَ يوماً وليلة .. كانت بمثابةِ الاصطفاءِ من ربّ العزّةِ لكم أنتم عبادَه الموحّدينَ لتزدادوا إيماناً وتُقىً ويقيناً وثباتاً .. لتمضوا مرةً أخرى في طريقكم الدنيويّة العابرةإلى ربِّكم وإلى مستقرِّكم في الآخرة بعد أن تزوّدتم في رحلةِ (لعلّكم تتقون) بخيرِ زادٍ، زادِ التقوى يُعينكم على طولِ الطريقِ الذي تمضون فيه ويثبّتكم في أزمانٍ تشتدّ فيها الفتنُ وتدلَهمّ فيها الخطوبُ ويُصبحُ فيها الحليمُ حيران، ويتساقطُ النّاسُ في الفتنِ بين قليلٍ وكثير إلاّ من عصمَه اللهُ برحمتِه ونجت به تقواه وإيمانُه .. فالتقوى والإيمانُ والتمسّكُ بكتابِ اللهِ وسنّةِ رسولهِ وطريقته هُنّ المُنجياتُ المثبّتاتُ الحافظاتُ للعبادِ في زمنٍ كهذا وفي فتنٍ كهذه ..
فاللهَ اللهَ في حصيلةِ التقوى .. واللهَ اللهَ فيما اكتسبت النفوسُ من إيمانٍ وخشيةٍ لله .. من قُربٍ وعلاقةٍ مع الله .. فكم نحن بحاجتها .. فذاكَ هو المُنجي وذاكَ هو الحافظُ المثبّتُ لعباد اللهِ .. ولا يكونُ ذاكَ الحفاظُ وحُسنُ الاستثمارِ لما حصّلناهُ من زادِ التقوى في رمضانَ إلاّ بشُكرِ هذه النعمةِ الغالية، بالمداومةِ على الطاعةِ والاستمرارِ فيما عوّدنا أنفسَنا عليه في رمضان من عبادةٍ وتلاوةٍ ودعاءٍ وصلّةِ رحمٍ وصدقةٍ وتقاربٍ وتراحمٍ وتآخٍ وتحسّسٍ لبعضنا وعفةٍ في قلوبنا وألسنتِنا وحُسنِ أخلاقِنا وتهذيبِ سلوكِنا .. أن نبقى على صفاءِ العلاقةِ مع الخالقِ المقدّرِ الرازقِ المهيمنِ الحافظِ المدبّر .. لا إله إلاّ هو سبحانه .. فبتلك الحصيلةِ وذاك الزّاد سنكونُ أقدرَ على مواجهةِ ما نحياهُ اليومَ كأفرادٍ ومجتمعات ..
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
عُدنا من رحلةِ التزوّدِ (لعلّكم تتقون) .. لنُبحرَ مرّةً أخرى في ذات السفينةِ الواحدةِ التي تحملنا وتمضي بنا جميعاً، تُبحرُ بنا في خِضَمِّ هذه الحياةِ، تتلاطمها أمواجُ المتغيّرات والابتلاءات، وتعصِفُ بها عواصفُ الفتنِ والمِحن، والمجتمعُُ كلُّهُ في ذاتِ السفينةِ، كُلّنا في ذات السفينة، فإنّ نجونا نجونا جميعاً، وإن هلكنا هلكنا جميعا، هذا قدرُ المجتمعات، ومنها مجتمعنا الذي تعصِفُ به مظاهرُ الفوضى وعمّت فيه مظاهرُ الشقاءِ والعناء، مجتمعنا الذي فقد الأمنَ والأمان، كما افتقد النظامَ والخدماتِ من كهرباء ووقودٍ وكثيراً من مقوّماتِ الدولةِ والاستقرار، مجتمعُنا الآمنُ المسالم الذي ما عاد كذلك بعد أن شاعَ فيه القتلُ والترويعُ والاعتداءُ على الناسِ بغيرِ الحقّ، كما شاعَ فيه التفكّكُ والتفرّقُ، وضياعُ الأخلاقِ والقيمِ، والاستهتارُ بحرُماتِ الله، وكلُّ تلك المظاهر إنما هي ثقوبٌ غائرات بل شروخٌ وتصدّعاتٌ كبيرات في جسدِ السفينةِ التي تحملُنا جميعاً.
عباد الله .. إنّ الأمرَ ما عادَ بالهيّن البسيط، وإنّ تلك الشروخَ والتصدّعاتِ في جسدِ سفينةِ مجتمعِنا باتت تُهدّدنا جميعاًَ بالغرق، جميعاً بلا استثناء، أفراداً ومكوّناتٍ وعوائلَ وتوجّهاتٍ وقبائلَ وجماعات، لأنّنا في ذاتِ السفينة، فلا مناصَ لنا ولا بديلَ لنا عن أمرينِ بهما ستكونُ بإذن الله النجاةُ ممّا نحنُ فيه، النّجاة التي دلّنا عليها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي تركناعلى المحجّةِ البيضاء ليلُها كنهارِها لا يزيغُ عنها إلاّ هالك، فأوصانا بأبي هو وأمّي بكتابِ الله وسنّته وعِترته وقال (عليكم بسُنَّتي وسنّةِ الخلفاءِ الراشدين المهديّينَ تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ(، فهذا كتاب الله عزّ من قائلٍ كريم يقول فيه: ( ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)، فأيّ فسادٍ أكثرُ من القتلِ وسفكِ الدماء وترويع الآمنين، أيّ فسادٍ أكبر من الفوضى وغياب الأمنِ والنظام، وغلبة قانون الغاب فالبقاء للأقوى والأبطش، ليذيقهم بعضَ الذي عملوا، هو نتاجُ ما نحنُ عليه، هي مؤشراتٌ من ربّ العالمين وإنذاراتٌ لما وصلت إليه أحوالُنا معه سبحانه ومع شرعِه ومنهجِ نبيِّه، إنذاراتٌ لعلّهم يرجعون إلى حِمى ربّهم فيستغفرونه ويلوذون به، ويقول سبحانه: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )
ما نشهدهُ اليومَ عبادَ الله وما نعانيه بعيداً عن التحليلات العقيمة والسياسة المقيتة يتطلّبُ العودةَ السريعةَ إلى حمى الرحمن، ففي حماهُ كلُّ بلاءٍ يُرفع، وكلُّ شرٍّ يُدفع، وكلُّ باغٍ ومُعتدٍ يُردع، ما ينزلُ البلاءُ على المجتمعاتِ والأممِ إلاّ بذنبٍ ولا يُرفعُ عنها إلاّ بتوبة، هُزمَ المسلمونَ يوم أُحد وهو قائدُهم صلى الله عليه وسلم ويُدمى بأبي هو وأمي لأنّهم عصوه وخالفوا أمرَهُ، ويُهزمون يومَ حُنين حين يرتكبون معصية الكِبْرِ والاعجابِ بالكثرةِ والاعتدادِ بها ) وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ( ، وقارنوا ذلك عبادَ اللهِ بيومِ الخندقِ يوم وقفَ المؤمنونَ بإيمانهم واعتصموا جميعاً بحبلِ ربّهم فرغم عظمة البلاءِ والخطب ) إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً( لكنّهم في حمى القوىّ العزيز بإيمانهم وطاعتهم فنَصَرَهم) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا(، لقد نزل البلاءُ على بني إسرائيل فمُنعوا قطرَ السماء بذنبِ رجلٍ واحدٍ منهم، ثم إذا هم يُمطرونَ برحمةِ الله بتوبةِ ذاتِ الرجل، التوبةُ والطاعات والعمل الصالح التي أنقذت الثلاثةَ في الغارِ يوم سدّت طريقَ خروجِهم صخرة، إنّ شعار المرحلةِ اليومَ هو الثباتُ على طاعةِ اللهِ، إنّ واجبَ المرحلةِ اليومَ هو الثباتُ على تعظيمِ حرُماتِ الله، الثباتُ على كتابِ الله ومنهجِ رسولِ الله، شعار المرحلةِ (يا عبادَ الله اثبتوا .. يا عبادَ الله اثبتوا) .. إثبتوا على غيمانكم .. إثبتوا على تقواكم .. إثبتوا على طاعاتكم .. على تعظيمِ الله في قلوبكم .. وهنا يأتي دورُ العُلماءِ والوعّاظِ بحضّ الناسِ وحثّهم على ذلك مراراً وتكرارا ..
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
وأمّا الأمرُ الثاني فهو بالاعتصامِ بحبلِ اللهِ جميعاً .. امتثالاً للأمر الإلهي ) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا( هو بأن نُدركَ أنّنا في ذات السفينةِ معاً .. ولن يقومَ بأمرِ السفينةِ أحدٌ دونَ أحد .. وإن غرقت فلن يغرقَ أحدٌ دون أحد .. إنّما هو ما اخبر به الهادي المصطفى صلى الله عليه وسلم (فإنّ نجوا نجوا جميعا، وإن هلكوا هلكوا جميعاً):
لا بدّ لنا أن نوثّق عُرى الأخوةِ بيننا، (إنَّما المُؤمنونَ إِخْوَة)، أن نُشيعَ لغةَ التقاربِ والتَعايشِ والتّصالُحِ مهما قد صار بيننا وحصل، فما يجمعُنا أكثرُ ممّا يفرّقُنا.
أن نحذر وننتبه لكلّ داعٍ للتفرّقِ والتشرذمِ وتفكيكِ الصفِّ والُّلحمةِ المجتمعيّة، ومن أخطرِ ذلك أبواقِ الشحنِ بالكراهيةِ والعداوةِ والبغضاء بيننا، الأبواق التي ترمي الآخرينَ بالتخوينِ والعمالةِ وغيرها من التّهم فيُثيرون الفتن التي تقطعُ حِبالَ الودّ والأخوّة في المجتمع الواحد، الأبواق التي تثير مكامن الخلاف وتنفخُ فيها فتؤلّب المجتمعَ على بعضه.
أن نُقيمَ فريضةَ الأمرِ بالمعروفِ والنّهيِ عن المُنكرِ ولكن بأصولها وضوابطها وطُرقها الشرعيّة إزاءَ ما يحدثُ في المجتمعِ، أن نقف في وجه الظالمِ والمعتدي، في وجهِ من يخرِقُ في السفينةِ خرقاً سيُهلكنا ويُغرقنا جميعاً، وهنا يأتي دورُ الدولةِ والعلماء والدّعاةِ والأحزابِ ومنظمات المجتمعِ المدني وكلّ من له استطاعةٌ وقدرة.
أن نُوقفَ بثّ الشائعات والأخبار الكاذبة أو السيئةِ وترويجها وتناقلها، فهي مما يُضعف المجتمع ويبثّ فيه الوهنَ والضعف والخوف والقلق ..
إنّها دعوةٌ أطلقها لعقلاءِ هذه البلدةِ الطيّبةِ وهذا الوادي المسالم، ما الذي يؤخّرُ اجتماعكم، ما الذي يمنعكم أن تلتقوا وتجتمعوا لتتدارسوا ما الناسُ فيه من ضيقٍ وخوفٍ وكرب، يا كُلّ العلماء والجماعاتِ والأحزابِ والكياناتِ والمنظمّاتِ والوجهاءِ والمشائخِ والشخصيّات، لا يُصبحُ النّاسُ فوضى لا سُراةَ لهم .. ولا سُراةَ إذا جُهّالُهم سادوا .. فتحركوا وبادروا عسى اللهُ أن يجمعَ بكم كلمتَنا ويوحّدَ بكم صفَّنا ويجدّدَ بكم أخوّتنا..
أقول ما سمعتم .. واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية:
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..
وفي عيدنا هذا دعونا نتوجهُ برسائلَ قصيرةٍ عاجلة ..
أولاها: إلى السلطةِ في بلادِنا وخاصةً في محافظتِنا ووادينا، نقول لهم متى تلملمُ السلطةُ أمرَها وتقوم بدورها في حفظِ أمنِ البلادِ والعباد، متى تُسرع في رفع الضيقِ عن الناس من مآسي الكهرباء والوقود وأزمة البريد والمطار، متى تُقدّم للناسِ برنامجَ عملٍ يجتمعونَ حوله ويؤيّدونه ويساندونه ويعملون به.
لقد استبشرتُ النّاسُ خيراً بمخرجات الحوارِ الوطني رغم أنّها أقل من المطلوب، ولكن كانت تُمثّل سقفاً معقولاً، فلا مناصَ عن التعجيلِ بها والإسراعِ بتنفيذها لتخرجَ البلادُ من محنتها، ونحنُ في هذا الوادي كم استبشرنا بإعلانِ حضرموت إقليماً ولكن نُطالبُ بأن يكون الوادي ولايةً مستقلّةً فيه تحظى بصلاحيّاتها وحقوقها وإدارةِ ثروتها وشؤونها .. وكم نُبارك اليوم الدعوات التي تُطلق للاصطفافِ الوطني فما أحوجنا إليه ..
والرسالةُ الثانية: لشبابِنا الرائعين الذي بثّوا روحَ التطوّعِ والمبادرةِ في المجتمع، بملتقياتٍ ومنتدياتٍ وفرقٍ ومبادراتٍ تطوّعيّة تملأ البلاد، تنشرَ الخيرَ والمحبة، أخلصوا لله وداوموا على فعل الخير وانشروهيُبارك لكم ويتقبل منكم.
ورسالتُنا الثالثةُ: لمن استوصى بهنّ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم خيراً، أمّاً وزوجةً وأختاً وبنتاً،داومن على طاعةِ الله ورسوله، وشاركنَ في صيانةِ هذا المجتمع بنشر الفضيلةِ والأخلاقِ، وتربية الجيل على الإيمانِ والقرآن والفضائل وحبّ الخيرِ والوسطيّة.
الله اكبر .. الله اكبر .. الله أكبر ..
أيها المؤمنون ..
العيد فرصة لتدفق الأمل في قلوبٍ أحبطها اليأس، ونفوسٍ أحاطَ بها القنوطُ، لا سيما ونحنُ نرى ما يُصيبُ مجتمعَنا وأمتَنا من بلاءٍ وكربٍ واستضعافٍ وتآمرٍ وتكالب عليها، ولكن ها هي نفحاتُ اللهِ وبشائرُ الخيرِ تأتينا من أرضِ الرباطِ ومسرى نبينا، ها هم إخواننا أبطال الإسلامِ برغمِ كلّ المعاناة والقهر والخذلان يرفعون رؤوسنا بما يجترحونه من بطولاتٍ وشجاعةٍ وعزمٍ وإرادةٍ أذهلتِ العدوَّ والبعيدَ قبل الصديقِ القريب، ما أعظمهُ شعبُ فلسطين الصامدِ في غزّةَ هاشم، مقاومةٌ باسلة وشعبٌ صامدٌ صبور، هم من نورِ الله الذي لن ينطفئ مهما نفخَ فيها الأعداءُ والحاقدون (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، هم كتائب بيت المقدسِ وأكنافِ بيتِ المقدسِ التي بشّر بها محمدٌ  لا يضرّهم من خالفهم ولا من خذلهم، فلندعوا لهم ونقف معهم وإخواننا المستضعفين في كلّ مكان، فما أحوجهم إلى ذلك، وعسى أن يكون الفرجُ قريبا.
عباد الله ..
ونحن ننفضّ إلى عيدِنا .. فلنعمّق المحبةَ والتآخيي بيننا، لنتغافر ونتسامح، ونتصافح ونهنئ بعضنا، ونحن نتصافح ونمسك بأيدي بعضنا دعونا نقفز حواجز الاختلاف ونقفز حواجز الكراهية والاحقاد، ولنصل أرحامنا ونوسّع على أهلنا، وكذا ينبغي ألاّ ننسى من حبسهم العذرُ عن الوقوف معنا وبيننا من القائمين بواجباتهم من رجال الأمن والجيش والمناوبين في مرافقهم ودوائرهم وأعمالهم برغمصعوبةِ الظرفِ والأحوال، وكذا من نسأل الله لهم الشفاء من الممددين على فراش المرض والإعاقة، ومن هم في السجون، ولا ننسى ولن ننسى في عيدنا من نسأل الله أن يتقبلهم عنده شهداء ويغفر لهم ويرحمهم ويخفف عن ذويهم ويلهمهم الصبر والسلوان ويخلف عليهم بالخير، كلَّ من سال دمُه وأُزهقَت روحُه فيما مررنا به من أحداث ..
اللهم تقبّل منّا الصيام والقيام، واكتبنا في عتقائك من النار، اللهم اعد علينا رمضانَ أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة في خير ويسر وبركة وعافية يا رب العالمين، اللهم الطف بنا وببلادنا، اللهم ولِّ علينا خيارنا، وعجّل بخيرنا وأمننا واستقرارنا، اللهم الطف بكل إخواننا الفقراء والمساكين والمستضعفين في كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم فرّج عن المسلمين .. اللهم فرّج عن المسلمين .. اللهم فرّج عن المسلمين ..
قوموا إلى عيدكم .. قوموا إلى فرحتكم التي تفضّل ربكم بها عليكم، أصنعوها .. أنشروها .. عيشوا بها ..
تصافحوا .. تعانقوا .. تغافروا .. تسامحوا .. عسى الله أن يغفر لنا ويرحمنا برحمته ..
سبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.