الاتصالات تنفي شائعات مصادرة أرصدة المشتركين    رئيس بوروندي يستقبل قادة الرياضة الأفريقية    استبعاد لامين جمال من منتخب إسبانيا بعد اعلان برشلونة اصابته    مصر تخنق إثيوبيا دبلوماسياً من بوابة جيبوتي    أوقاف وإرشاد الحديدة تنظّم ندوة ثقافية إحياءً للذكرى السنوية للشهيد    الشاذلي يبحث عن شخصية داعمة لرئاسة نادي الشعلة    الذهب يحلق والنفط يتراجع... تباين في أداء أسواق السلع العالمية    مليشيا الحوثي الإرهابية تقتحم مقر هيئة طبية دولية بصنعاء وتحتجز موظفيها    منظمة:اختطاف د. العودي تصعيد خطير يستهدف ترويع المجتمع وإسكات الفكر الحر    جولف السعودية تفتح آفاقاً جديدة لتمكين المرأة في الرياضة والإعلام ببطولة أرامكو – شينزن    صلح قبلي ينهي قضية قتل بين آل سرحان وأهالي قرية الزور بمديرية الحداء    القبض على المتهمين بقتل القباطي في تعز    بدء الاقتراع في سادس انتخابات برلمانية بالعراق    لماذا يحتضن الجنوب شرعية شرعية احتلال    حكاية وادي زبيد (2): الأربعين المَطّارة ونظام "المِدَد" الأعرق    قوة "حماية الشركات"... انتقائية التفعيل تخدم "صفقات الظلام" وتُغيب العدالة!    تنبيه من طقس 20 فبراير    ريال مدريد يقرر بيع فينيسيوس جونيور    نائب وزير الشباب والرياضة يطلع على الترتيبات النهائية لانطلاق بطولة 30 نوفمبر للاتحاد العام لالتقاط الاوتاد على كأس الشهيد الغماري    لصوصية طيران اليمنية.. استنزاف دماء المغتربين (وثيقة)    إحباط عملية أوكرانية-بريطانية لاختطاف مقاتلة روسية من طراز «ميغ-31»    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    البروفيسور الترب يحضر مناقشة رسالة الماجستير للدارس مصطفى محمود    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    قواتنا المسلحة تواجه حرب من نوع آخر    قوة سلفية تنسحب من غرب لحج بعد خلاف مع قوة أخرى في المنطقة    رئيس تنفيذية انتقالي شبوة يدشن مهرجان شبوة الأول للعسل    لملس يناقش مع "اليونبس" سير عمل مشروع خط الخمسين ومعالجة طفح المجاري    الدراما السورية في «حظيرة» تركي آل الشيخ    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    صنعاء.. تعمّيم بإعادة التعامل مع شبكة تحويلات مالية بعد 3 أيام من إيقافها    الجدران تعرف أسماءنا    اليوم العالمي للمحاسبة: جامعة العلوم والتكنولوجيا تحتفل بالمحاسبين    قراءة تحليلية لنص "خصي العقول" ل"أحمد سيف حاشد"    قرارات حوثية تدمر التعليم.. استبعاد أكثر من ألف معلم من كشوفات نصف الراتب بالحديدة    تمرد إداري ومالي في المهرة يكشف ازدواج الولاءات داخل مجلس القيادة    أبين.. حادث سير مروع في طريق العرقوب    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    وزارة الخدمة المدنية توقف مرتبات المتخلفين عن إجراءات المطابقة وتدعو لتصحيح الأوضاع    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    تسعة جرحى في حادث مروع بطريق عرقوب شقرة.. فواجع متكررة على الطريق القاتل    سؤال المعنى ...سؤال الحياة    بوادر معركة إيرادات بين حكومة بن بريك والسلطة المحلية بالمهرة    إحباط عملية تهريب أسلحة للحوثيين بمدينة نصاب    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الدوري الايطالي: الانتر يضرب لاتسيو في ميلانو ويتصدر الترتيب برفقة روما    ثقافة الاستعلاء .. مهوى السقوط..!!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    تيجان المجد    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    قراءة تحليلية لنص "مفارقات" ل"أحمد سيف حاشد"    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطيب مصلى العيد بسيئون يطالب بتوحيد الكلمة في وجه من ثروات البلاد
نشر في التغيير يوم 19 - 08 - 2012

أدى المصلون بمدينة سيئون صباح اليوم الأحد الأول من شهر شوال 1433ه الموافق 19/8/2012م صلاة عيد الفطر المبارك بمصلى العيد حيث ألقى خطبتي العيد الدكتور / عادل محمد باحميد الذي تطرق فيهما إلى كثير من القضايا التي يعاني منها المواطن ، حيث ركز في خطبته على مشكلة الكهرباء التي عانى منها الناس طيلة الشهر الكريم وما قبله .
وقال الخطيب " لا نملك أن نغفلَ الوضع المزري، والعذاب المتكرر، والمعاناة اليوميّة للناس في شأن الكهرباء، وما أدراك ما الكهرباء، حيث ذهبت كلُّ الأصواتِ هباء، تضرر منها الصغير والكبير، والسليم والمريض السقيم،تضرر منها العامل الشاقي وتضرر منها المقعد في بيته".
وأشار في سياق حديثه عن مشكلة الكهرباء إلى الغموض الذي يكتنف هذه المشكلة قائلا : والأكثرُ إيلاماً من ظلام الكهرباء ظلام الجهل بما يجري في كواليسها، ودهاليزها، نفتقر إلى الشفافيّة من سلطتنا المحلية حيال ما يجري وما يدور، ونعاني أشد ما نعاني من ممارسات المكايدة والكيد السياسي الذي يستحيل وبالاً على المواطنِ في أمنهِ ومعيشته .. ولكنها والله ستكونُ وبالاً على من تسبب فيها أو كايدَ بها فظلمات يومِ القيامة بعضها فوق بعض، وحرّ النار أشدّ لو كانوا يعلمون ..
كما تحدث خطيب مصلى العيد بسيئون عن ما يعانيه الوطن عموما وحضرموت على وجه الخصوص فقال : لا يغفلُ أحدٌ منّا عمّا يعانيه مجتمعُنا اليومَ في الوطن عموماً وفي حضرموت على وجه الخصوص، ما نعانيه من آثار ما عصفَ ببلادنا من محنةٍ وابتلاء، ظهرت آثاره في انفلاتٍ أمنيٍ لم نشهد له مثيلاً، أرواحٌ تُزهق ودماءٌ تسيل وكرامة للمواطن تُنتهك وحقوق ٌ تُسلب ومظاهراتٌ تُقمع دونما رحمةٍ ودونما رقيبٍ أو حسيب، ضربٌ في الأرضِ وقصفٌ من السماء، وغيابٌ لهيبة الدولةِ وتشجيعٌ لمنطق الغابِ وأخذ الحق باليد دون رجوعٍ لنظامٍ أو لقانون .
وأشار إلى أن هذا عسى أن يكون بمثابة.. آلامَ المخاضِ لميلادٍ جديد، في دولةٍ يسودها العدل والحق والقانون، تُنهي هذه المعاناة التي نعيشها، والتي امتدت لتشمل مناحي حياتنا كلها، ونلمسها في كل شؤوننا العامةِ والخاصّة.
مؤكدا أن المخرج من ذلك كله يتطلب منا رص الصفوف وتوحيد الجهد والكلمة لتحقيق المطالب والغايات، و تمتين النسيج الاجتماعي بنشر معاني المحبة والأخوة والوئام ونبذ سبل الفرقةِ والشحناء والكراهية والبغضاء، ضُعفنا اليوم .. وقلّة حيلتنا اليوم وهواننا أمام الغير، هو لأننا مشرذمون أمام من يغتصبُ حقنا، متفرقون أمام من يسلبنا أمننا واستقرارنا، متنازعون أمام من يهين كرامتنا ويقتلُ شبابنا ويعبث بثرواتنا .. لا نجتمعُ على كلمةٍ واحدة حتى ولو كانت فيها مصلحتنا.
كما أثنى الدكتور عادل باحميد على الجهود الشبابية الطوعية التي قام بها ثلة من أبناء هذه المدينة وذلك عندما تخلت الجهات المسئولة في السلطة عن القيام بأداء واجبها تجاه المواطنين ، فنظم هؤلاء الشباب حملات التنظيف للشوارع والساحات وقاموا بتنظيم الأسواق والختومات خلال شهر رمضان ومنعوا استخدام المفرقعات ( القراطيس ) شاكرا لهم عملهم ذلك.
النص الكامل للخطبة :
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..
الله أكبر .. ما فرح الصائمون بصومهم ..
الله أكبر .. ما فرح الصائمون بفطرهم ..
الله أكبر .. ما فرح المسلمون بعيدهم ..
((قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا، هو خير مما يجمعون))
معاشر المؤمنين الكرام، معاشر من صام وقام، معاشر من استضاف بفضل الله ضيفاً عزيزاً كريماً طوال ثلاثين يوماً وليلة ، أنار خلالها ضيفُنا الديار، وعمّر فيها المساجد بين مرتلٍ ومعتكفٍ راكعٍ وساجد، امتلأت فيه بالخير نفوسُنا، ورقّت به طبائعُنا وقلوبُنا، وُصِلَت في أرحامُنا، زَكَت فيه أخلاقنا، حَسُنت فيه عباداتنا، تُليت فيه مصاحفنا، وما أنِ تعودتُ الأرواحُ على ضيفها وآنست به وبضيافته، إذا بالضيف يستأذنها بالرحيل ويرحل، فقد آن أوانُه، وانقضت لياليهِ وأيامُه، بعدما شُرع صيامه وقيامه، فتشبّث المضيفُ بضيفه، وحزن الحبيب على حبيبه، ووقف يناجيه مبتهلاً:
رمضانُ .. أيها الضيفُ تمهّل .. كيف ترحل؟! .. والحنايا مثقلاتٌ والمطايا تترجل .. هل عُتقنا؟ .. هل قُبلنا ؟ .. أم بقينا في المعاصي نتكبّل؟ .. أيها الشهرُ تمهّل .. خذ فؤادي حيث سرتَ فحنيني يتنقّل .. أي فوزٍ غير فوزك .. والأماني حين نُقْبَل ..إيه يا ربي تقبّل ..
رحل رمضانُ ومقدّرٌ له أن يرحلَ فهو كما وصفه ربُّه وربُّ الشهورِ كلِّها (أياماً معدودات) .. لكنه رحل بعدما أنجز ما أمره به ربُّه وكلّفه، عمل على تأهيل الأمةِ وتدريبها، وصقلها وتهذيبها، رحل رمضان بعد أن رفع مستوى التقوى والإيمان في قلوب أبناءها .. لأنه ما أحوجنا وأحوج الأمة اليوم وهي تمرّ بظروفٍ عصيبةٍ لا يعلمها إلاّ الله، ما أحوجها إلى مرشد الإيمان والتقوى ليخرجها من الظلماتِ إلى النور، وليعبر بسفينتها إلى بر الأمان والأمن والتنمية والاستقرار ..
ما أحوجنا ايها الأحبةِ وأحوج الأمة إلى دروس الصبرِ في رمضان، في ظل المعاناة وضيق الابتلاءات والأزمات، ما أحوجنا وأحوج الأمة اليومَ إلى دروس التكافل والتآزر والتراحم من رمضان، تلك الدروس التي انتفعنا جميعاً بها فقراء واغنياء، محتاجين وميسورين، ولا زلنا بحاجةٍ إليها في كل وقت وزمانٍ وحين ..
لقد استودعَ فينا رمضانُ ودائعَ وأمانات، ما أعظمها وأغلاها، حريٌ بنا الحفاظَ والمداومةَ عليها، عسى أن يمنّ الله علينا أجمعين أن نكون من المقبولين، وممن يبلّغون رمضان القادم بحفظهم لأماناتِ رمضان وصونهم للعهد والميثاق ..
الله أكبر .. الله أكبر ..الله أكبر ..
رحل موسمُ خيرٍ، وبفضل الله وبرحمته حلّ موسمُ خيرٍ جديد، له مظهرٌ فريدٌ اٌقرّه الله لنا وشرّعه، إنها الفرحة وموسم الفرحة، ((قل بفضل الله وبرحمته، فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون))، هي الفرحة التي يهدينا إياها رمضان لحظة وداعه وفراقه فهو أكرم الشهور، قال عنها المولى سبحانه: ((ولِتُكملوا العدّةَ ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلهم تشكرون))، وقال عنها خيرُ من صلّى وصام: (للمؤمن فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ر به فرح بصومه).
ولربما يقولُ قائل: عيدٌ بايّ حالٍ جئت يا عيدُ، الجراح من حولنا والمنغصّات تلفّ شؤون حياتنا، كدرٌ هنا وهمٌ هناك، نكدٌ هنا وضيقٌ هناك، منغصاتٌ أمنيّة واخرى معيشيّة حياتيّة، حالةٌ من الارتياب والغموض في الحاضر وفي القادم المجهول، وأمّا عن حال الأمة وبلدان المسلمين ففيها من البلايا والرزايا ما ينغّص العيش ويحزّ في النفس ويكدّر الفؤاد، من بورما إلى سوريا إلى غيرها من ديار المسلمين، ويتساءل البعضُ، أيحق لنا وسط ذلك كلّه ان نفرح؟ أيطيبُ لمؤمنٍ فرحٌ وسط كل هذه المآسي والأحزان؟! ..
نقولها نعم .. نعم .. العيدُ موسمُ فرحةٍ للأمةِ وللفرد المسلم في كل أحواله، شرعه لنا الدين وعمل بذلك خير المرسلين ..
فيفرح العبد بنعمة الله عليه ببلوغ رمضان وتمامه ..
يفرح العبد بإنسانيته وتكريمه ..
ويفرح بنعم الله تعالى عليه في النفس والأهل والمالوالحال..
ويفرح بأن أوزعه الله شكر نعمته؛ فبالشكر تدوم النعم..
الفرحة هبةٌ من الله، للفرد والأمة، تتجدد فيها الأنفس والأرواح، وتقوى فيها الهمم والعزائم، هي محطةتمنح الإنسان الأمل بالله سبحانه، والأمل بالفرج، حتى في الأمور التي هي أشبه بالمستحيل:
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ بها الفَتى ... ذَرعًا وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها ... فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
العيد أيها الأحبة ليس مناسبة لاجترار الآلام والأحزان، والتباكي والنحيب على أوضاعنا، لنعط إجازة للحزن والكآبة وللهم والغم، ولتكن إجازة طويلة مفتوحة، ولنستشعر الفرحة بنهاية الصوم، وبإكمال العدة، وبتكبير الله على ما هدانا، وبهداية الله لنا إلى هذه الشريعة.
أقول ذلك عباد الله .. لأنه لا يغفلُ أحدٌ منّا عمّا يعانيه مجتمعُنا اليومَ في الوطن عموماً وفي حضرموت على وجه الخصوص، ما نعانيه من آثار ما عصفَ ببلادنا من محنةٍ وابتلاء، ظهرت آثاره في انفلاتٍ أمنيٍ لم نشهد له مثيلاً، أرواحٌ تُزهق ودماءٌ تسيل كثيرٌ منها لشبابٍ أبرياء لا تزالُ أرواحهم تتساءل (بأيّ ذنبٍ قُتلت)، وكرامة للمواطن تُنتهك وحقوق ٌ تُسلب ومظاهراتٌ تُقمع دونما رحمةٍ ودونما رقيبٍ أو حسيب، ضربٌ في الأرضِ وقصفٌ من السماء، وغيابٌ لهيبة الدولةِ وتشجيعٌ لمنطق الغابِ وأخذ الحق باليد دون رجوعٍ لنظامٍ أو لقانون ..
لا نملك أن نغفلَ أيضاً عن الوضع المزري، والعذاب المتكرر، والمعاناة اليوميّة للناس في شأن الكهرباء، وما أدراك ما الكهرباء، حيث ذهبت كلُّ الأصواتِ هباء، تضرر منها الصغير والكبير، والسليم والمريض السقيم،تضرر منها العامل الشاقي وتضرر منها المقعد في بيته، والأكثرُ إيلاماً من ظلام الكهرباء ظلام الجهل بما يجري في كواليسها، ودهاليزها، نفتقر إلى الشفافيّة من سلطتنا المحلية حيال ما يجري وما يدور، من المتسبب فيما جرى ويجري، أين التحقيقات الشفافة، أين نتائج لجان التحقيق التي تم تشكيلها، أين الفاسدون الذين ساموا الناس سوء العذاب؟، لا زلنا أيها الإخوة والأخوات نعاني أشد ما نعاني من ممارسات المكايدة والكيد السياسي الذي يستحيل وبالاً على المواطنِ في أمنهِ ومعيشته .. ولكنها والله ستكونُ وبالاً على من تسبب فيها أو كايدَ بها فظلمات يومِ القيامة بعضها فوق بعض، وحرّ النار أشدّ لو كانوا يعلمون ..
إن ما نحنُ فيه اليوم، عسى أن يكون آلامَ المخاضِ لميلادٍ جديد، في دولةٍ يسودها العدل والحق والقانون، تُنهي هذه المعاناة التي نعيشها، والتي امتدت لتشمل مناحي حياتنا كلها، ونلمسها في كل شؤوننا العامةِ والخاصّة، لكنّ هذا الميلاد الاستثنائي بحاجةٍ إلى جهودٍ استثنائية، ونفسيّات استثنائية لأن وضعنا استثنائيٌ بامتياز، هو يحتاج إلى مزيدٍ من الهمّة والعمل الذي يحدوهُ الأمل، هو يحتاج إلى رص الصفوف وتوحيد الجهد والكلمة لتحقيق المطالب والغايات، هو بحاجة إلى تمتين النسيج الاجتماعي بنشر معاني المحبة والأخوة والوئام ونبذ سبل الفرقةِ والشحناء والكراهية والبغضاء، ضُعفنا اليوم .. وقلّة حيلتنا اليوم وهواننا أمام الغير، هو لأننا مشرذمون أمام من يغتصبُ حقنا، متفرقون أمام من يسلبنا أمننا واستقرارنا، متنازعون أمام من يهين كرامتنا ويقتلُ شبابنا ويعبث بثرواتنا ..لا نجتمعُ على كلمةٍ واحدة حتى ولو كانت فيها مصلحتنا، لأننا في علاقتنا مع بعضنا ونحن أهل مكانٍ واحد ومجتمعٍ واحد، علاقتنا تقوم على البحث عن مكامن الاختلاف بيننا، لا عن نقاط الاتفاق والالتقاء فيما بيننا، لا زلنا نبحث عمّا يفرّقنا لا ما يجمعنّا ويقوّي من شوكتنا، فكل الناس تختلف وكل الناس لها توجهاتها وأفكارها ومرئياتها التي تختلف عن الآخرين، وهذا حقٌ مشروع واختلافٌ مقبول، ولكن لابد وان توجد نقاطٍ نلتقي عليها ونتفق حيالها، فلما لا نعمل عليها لنقوّي بعضنا بعضاً ويشدّ بعضُنا من إزر بعضٍ ونحقق المصالح المشتركة، بدلاً من تقطيع كل الحبال والصلات ونسفِ نسيجنا الاجتماعي الذي يمكّن كل معتدٍ من تحقيق مآربه منّا وأهدافه ..
أيها المؤمنون ..
ليس العلاج لمشاكل واقعنا المرير بالوجوم والحزن والاكتئاب طول الدهر.. ان التورع بالهم ما حرر ارضا ولا أشبع جوعا ولا اغاث لهفة ولا كسا عاريا... وإن لعن الظلامِ كل يومٍ خيرٌ منه إيقاد شمعةٍ واحدة تبدد تلك الظلمات، عباد الله إنها ليست دعوة لتجاهل الصور السلبية في الأمة والمجتمع ولا الى التهوين من قضايا الأمة والتفاعل مع مشكلاتها ولكنها دعوة الى التوازن والاعتدال، ربنا عز شأنه هو الذي أضحك وأبكى، ولكل مقام مقال، وعلاج المشكلات ليس بالحزن والتباكي، ولكنه بالرأي السديد والعمل الرشيد والابتهاج بالعيد والشجاعة أمام الأخطار وليس بقتل كل فرحة والالتفاف بالغموم والهموم وبالأحزان،فكم هو جميل ان نضبط نهجنا التربوي ونتوسط في تعاملنا ومواقفنا.
أقول ما سمعتم .. واستغفر الله لي ولكم فاستغرو إنه هو الغفور الرحيم ..
الخطبة الثانية:
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ..
ومن معالم العيدِ بالفرحةِ والأمل، أن نفعل الخير ما استطعنا، وننشر الخير ما قدرنا، وإن كان في مثل هذه الأحوال والأوضاع، فأوضاعنا مهما ساءت ومهما تكدّرت لن تكون أهولّ ولا أدهى من قيام الساعة ويوم القيامة التي قال عنها سبحانه ((والساعةُ أدهى وأمر)) ومع ذلك فقد علمنا رسول الخير ومعلم الخير صلى الله عليه وسلم حينما قال: (لو قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، فما بالكم في هذه الأيام .. كلنا يستطيع أن يكون فاعلاً للخير بحسب قدرته ومستطاعه وإمكانيته، التي جعل حدها النبي صلى الله عليه وسلم متناسباً مع كل الناس: (لا تحقرنّ من المعروفِ شيئاً، ولو أن تلقى اخاكَ بوجهٍ طلق) ..
رسالة الشباب:
وهذا المعروف والعمل والمبادرة في الخير في المجتمع أخاطب به أول ما أخاطب، الشريحة التي عليها أعوّل ويعوّل المجتمعُ بأسره، الشباب الباذل الطموح المعطاء، شبابنا الذين لم ولن يخذلونا ولن يخذلوا مجتمعهم، لن يخذلوا آباءهم وأمهاتهم وأسرهم، لن يخذلوا معلميهم ومربيهم، لن يخذلوا قبل ذلك قائدهم ومعلمهم ونبيهم ورسولهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال عنهم مفاخراً (نصرني الشباب)، ونحن نفاخر بهم اليوم في مبادراتهم التطوعية الجميلة التي ازدانت بها مدننا وأحياؤنا، في حملات النظافة في الأحياء في ظل التراخي والتخلي من قبل الجهات المختصة عن واجب النظافة،نفاخر بهم يوم نظموا وأمّنوا الختومات في رمضان، نفاخر بهم يوم أقاموا الأنشطة العلمية والثقافية، نفاخر بهم يوم نظموا الافطارات، نفاخر بهم يوم أقبلوا على حلقات التحفيظ والاعتكافات، نفاخر بهم يوم حققوا أعلى المراتب في بطولات العلم والاختراعات، جميلٌ هو شبابنا يوم يرتقي خلقاً وديناً وعلما، رائع هو شبابنا يوم يرتقي بخدمة الآخرين ويخفض الجناح للمسلمين، ويقتفي هدي خير المرسلين.
نفاخرً بكم شبابنا ونفرح يوم تبتعدون عن أسوأ العادات، القات وما أدراك ما القات، الشجرة الخبيثة، الشجرة الغريبة عن مجتمعنا وعاداتنا وثقافتنا، الشجرة التي دمّرت أخلاقنا وقيمنا وعاثت فينا الفساد، ابتعدوا عنها وعن أخواتها من مخدرات ومنشّطات هي الهادمات لكم ولصحتكم ولمستقبلكم .. وكم هي جميلةٌ رائعة تلك المناشط الشبابية التوعوية والرياضية التي تنظّم في مدينتنا ومدنٍ أخرى لمكافحة القات وتعاطيه، فللقائمين عليها كل شكرٍ وتقدير ..
وللمرأة رسالةٌ خاصة خاصّة ..
للأم والزوجة والإبنة .. يا من كنتِ صانعة للفرحةِ في بيوتنا، ولا تزالين تصنعين الفرحة والسعادة وتنشرين السرور من حولنا، فإن كنتِ أماً فأنت الحضن الدافئ والصدر الحنون الذي إليه نأوي، وإن كنت زوجةً فأنت الحبيبة القريبة الصابرة المصابرة المخففة للهم والأحزان، وإن كنت بنتاً فأنتي نوّارة البيت ومصدر الحنان والعطف والبسمة فيه، حفظكنّ الله بحفظه، وجزاكنّ الله عن الرجال خيراً، فلولا كنّ لما كانوا، ولولاكنّ لما نجحوا، فهنيئاً لكنّ الدور الذي حباكنّ به الله رب العالمين، في تنشأة الأسرة المسلمة والفرد المسلم، تمسكن به وأبدعن فيه، وداومن على الطاعة والبذل في الخير، وعليكنّ بالصدقة فهي وصية الحبيب صلى الله عليه وسلم إلى معاشر النساء، تعلمن أمور دينكن ودنياكن، وما زلنا في وادينا نطمحُ إلى رؤية المعلمة منكنّ ، والطبيبة منكن، والمربية منكن، وحافظة القرآن والعالمة منكن، والكاتبة المثقفة منكنّ، والاعلامية منكنّ لتنشرن الخير وتؤدين الرسالة الخالدة في المجتمع.
الله اكبر .. الله اكبر .. الله أكبر ..
أيها المؤمنون ..
العيد فرصة لتدفق الأمل في قلوب أحبطها اليأس، ونفوس أحاط بها القنوط، والنفس الجادة الناجحة تحتاج الى قدر من الراحة والابتهاج الذي يروحها ويريحها فابتهجوا بعيدكم فالعيد شكر على إتمام العبادة يقولها المسلم بلسانه ويعيشها في جنانه رضا وطمأنينة وفرحا ..
لنفرح بنعمة الله، لنفرح بلقاء الأصدقاء والأقارب والناس،لنبتهج بفرحة الأطفال وبسماتهم وضحكاتهم وبراءتهم، وأن يكون ثمة فرحٌ بالقلب، فالقلوب المليئة بالكدر أو الحقد أو الحسد أو البغضاء أو الكراهية لا تفرح ولا يعرف الفرحُ طريقها؛ لنتخلص من هذه المعاني فورًا دون إبطاء، ولنملأ قلوبنا بالمشاعر الإيجابية وتوقُّع الأفضل في قادمات الأيام، في شخصياتنا وأسرنا ومجتمعاتنا وأمتنا، وللعالم أجمع.
ونحن ننفضّ إلى عيدِنا .. ينبغي ألاّ ننسى من حبسهم العذرُ عن الوقوف معنا وبيننا من القائمين بواجباتهم من رجال الأمن والجيش والمناوبين في مرافقهم ودوائرهم وأعمالهم، وكذا من نسأل الله لهم الشفاء من الممددين على فراش المرض والإعاقة، ومن هم في السجون، ولا ننسى ولن ننسى في عيدنا من نسأل الله أن يتقبلهم عنده شهداء ويغفر لهم ويرحمهم ويخفف عن ذويهم ويلهمهم الصبر والسلوان ويخلف عليهم بالخير، كلِّ من سال دمُه وأزهقت روحه فيما مررنا به من أحداث ..
اللهم تقبّل منّا الصيام والقيام، واكتبنا في عتقائك من النار، اللهم اعد علينا رمضانَ أعواماً عديدة وأزمنةً مديدة في خير ويسر وبركة وعافية يا رب العالمين، اللهم الطف بنا وببلادنا، اللهم ولِّ علينا خيارنا، وعجّل بخيرنا وأمننا واستقرارنا، اللهم الطف بكل إخواننا الفقراء والمساكين والمستضعفين في كل مكانٍ يا رب العالمين، اللهم فرّج عن المسلمين .. اللهم فرّج عن المسلمين .. اللهم فرّج عن المسلمين ..
قوموا إلى عيدكم .. قوموا إلى فرحتكم التي تفضّل ربكم بها عليكم، أصنعوها .. أنشروها .. عيشوا بها ..
تصافحوا .. تعانقوا .. تغافروا .. تسامحوا .. عسى الله أن يغفر لنا ويرحمنا برحمته ..
وسبحان ربك رب العزة عمّا يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين ..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.