ينتشر أصحاب العظمة في تفاصيل حياتنا اليومية , فقد يكون صاحبها حاكماً كبيراً, أو موظفًاً صغيرا, أو عبقرياً, أو مجنوناً, وكلُّ واحد منهم حرٌ في عظمته! فتجد صاحب العظمة هذا – الذي يظن أنه فعلا صاحبها أو هي صاحبته – لا يغمره شك في أنه أرفع شأنا من الآخرين أو أن الآخرين أدنى شأنا منه, لأنه يرى ما لا يراه المبصرون وغير المبصرين ويسمع أفضل مما يسمعون,ويفهم أعمق مما يفهمون لهذا فهو يستحق أكثر مما يستحقون. هناك مَن تُطلق عليه هذه (الطلقة) بوصفها خطا مرسوما, وقدرا محتوما, وكثيرون يطلقونها على أنفسهم ليلا ونهارا, ويستشعرونها سرا وجهارا,فهم أولى بأن يأتيهم الناس أذلة مخضوعين , لا يتكلمون إلا من أذن لهم (الحجاب) وعليهم أن يصبروا ولو مسهم نصب من عذاب. يجد بعضهم سعادته في تعذيب خلق الله فعندما ترتبط مصالحهم ومتابعاتهم مع عظمته، يغيب إن حضر الناس ويحضر عندما يغيبون، يصلي في وقت العمل ويهرب بعد الصلاة، فهو عظيم عندما يبحث عنه الناس. وآخرون تجدهم في مواطن العلاج والشفاء، فالمريض عندهم في امتحان عسير وعليه أن يجيب على قدر الأسئلة, حرام عليه أن يستفسر, أو يئن , كلماتهم من ذهب ولفتاتهم على مضض, لِمَ لا وقد حازوا علم الأولين والآخرين!! ومنهم صنفٌ من علماء الدين نذروا للشيطان صوما ألا يكلموا إلا مسئولا ويقولون له قولا معسولا. من حقك أيها المواطن صغيرا كنت أم كبيرا أن تكون صاحب العظمة وليس ساحبها أو تكون صاحب الفخامة أو صاحب المعالي أو صاحب العزة أو أي صاحب أو صاحبة تريدها ولكن كن فعلا ما تريده وأهلا له. إن العظمة بلا صاحب تتقرب إلى الناس الذين يستحقونها, وتندفع لذلك الحاكم الذي جاء برضا الناس فاستمر بحب الناس، القوي ضعيف عنده إذا كان الحق عليه والضعيف قوي عنده إذا كان الحق له , يعمل لأجل الناس ويأكل بالحق من خيرهم, يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، يعود إلى الصواب إن جانبه, قريب من الناس، لا يذل عنده سائل ولا يهان، بطانته تصدقه القول ولا تصدقه القول, وسائله للعظمة العدل ولو على نفسه وأهل بيته, والصدق مع الله ومع المواطنين, سجيته الحلم والتواضع لخلق الله. وصاحب العظمة قد يكون موظفا صغيرا عافت نفسه (رشوة) هو في حاجة إليها, وصاحبة العظمة امرأة رفضت أن تبيع أثمن ما تملك، وقنعت بالقليل الحلال, ورجل ذابت ذاته في ذوات الآخرين وعمل من أجلهم وعاش على ذلك, وصاحب العظمة مدرس عشق فصل الدرس ومن يسكنه, وصاحب العظمة كل من اؤتمن على أمر فقام به - قدر استطاعته – خير قيام, وفي مستودع مكارم الأخلاق والمتمسكين بها ستجد نماذج من أصحاب العظمة ما لا يخطر على بال. وتعظيم سلام لأصحاب العظمة , والعظيم هو السلام