ليس بخاف على أحد ، ولا يمكن أن يختلف اثنان حوله حين يتحدث المرء إن وضع الجنوب في المرحلة الراهنة يقع تحت نير الاحتلال اليمني المشين ، كان بدء مرحلته الأولى تكمن في طمس بمعول القومية التي تبنته الجبهة القومية بالأداة اليمنية في تبنيها شعار : ( تحرير جنوب اليمن المحتل ) بستينات القرن الماضي وصولاًً الى إعلان تغيير إسم الجنوب في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م الى : ( جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية ) حين انتزع من بريطانيا استقلاله الوطني ، كان ذلك بقرار مركزي دون استفتاء شعب الجنوب عن تغيير هويته والعبث بتاريخه لصالح اليمن الشقيق ، ولكننا بالمقابل ندرك جيداً بأن الجنوب لم تسقط عنه هويته العربية بذلك القرار .. إن للجبهة القومية فضائل لا يمكن تجاهلها بالرغم من تلك الأحداث تمثلت في تصدي اللجنة التنفيذية للجبهة القومية للدمج القسري الذي حاول اليمنيين فيه القيام بدمج الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل قسراً بمنظمة تحرير جنوب اليمن المحتل ليكونا تنظيماً جديداً بإسم : ( جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل ) في الثالث عشر من يناير عام 1966م تحت مبرر تشكيل إطار موحد لقيادة ثورة الجنوب لتحقيق الاستقلال حتى تقوده وتقدمه على طبق من ذهب الى باب اليمن في أحضان الجمهورية العربية اليمنية ، وبدون أن يتم تشكيل دولة جنوبية مستقلة لتترسخ وجهة نظر اليمنيين باعتبار أن الفرع عاد الى الأصل ، ولو تم تحقيق ذلك الدمج القسري لما كان للجنوب دولة مستقلة بعد الاستقلال ولكان قد ضم الجنوب مع اليمن في الثلاثين من نوفمبر عام 1967م وانتهى الأمر بخاتمته ، لذا فالفضل دون شك يحسب لقيادة الجبهة القومية التي رفضت الدمج آنذاك . التاريخ يعيد نفسه : إن شعبنا في هذه الأيام يرى بأن التاريخ يعيد نفسه باختلاف الزمان والمكان والوسائل من خلال الأزمة الخطيرة التي يعيشها الحراك السلمي الجنوبي كما يسميه البعض أو الثورة السلمية الشعبية الجنوبية كما نسميها نحن ، ليرى بأن البعض في زماننا هذا يريد أن يحل قضايا الحراك بنفس الأهداف والوسائل وواقع الثالث عشر من يناير 1966م لوأده وبنفس الاسلوب للتوحد القسري في الستينات بإيصال الحراك في آخر المطاف الى باب اليمن في نظام الاحتلال اليمني بالجمهورية العربية اليمنية من خلال الحزب الاشتراكي الذي لم يستفد من التاريخ ، عبر آلية إدارة عمله من وراء الستار بنفس الأساليب والطرق القديمة لعله يأخذ الجنوب في غفلة من أهله بخدع وشعارات قد عفى عنها الزمن من منطلق الإصلاح والتغيير ( لتعود حليمة لعادتها القديمة ) ليس إلاّ ، إنها لعبة بأداة قديمة ولباس جديد إلاّ أن رونقها قد انكشف بعد أن كان مخفياً فيصعب عليها أن تمرر لعبتها هذه المرة بعد سقوط مئات الشهداء والجرحى وآلاف المعتقلين وما تعرضوا له من تعذيب .. إن شعب الجنوب قد أصبح يعي مصالحه ويستوعب ما يريد تحقيقه ، إنه يريد التحرر والاستقلال واستعادة الهوية والوطن ودولته المستقلة كاملة السيادة .. من أجل ذلك نهض شعب الجنوب من المهرة شرقاً الى باب المنذب غرباً ضد المحتلين الجدد الذين حولوا الأرض والثروة الجنوبية ملكية خاصة بهم دون الإنسان الجنوبي الذي لا يعنيهم أمره ، بل يعتبرون شعب الجنوب صاحب الأرض والحق عبارة عن مجموعة من الانفصاليين الخونة والهنود والصومال والاحباش ومجاميع لا قبيلة لهم ، وقد أطلق حميد الأحمر على أبناء عدن بأنهم غير يمنين ، وهذه نقطة إنصاف ، فهم محقين في طرحهم ذلك ، فهم حقيقة غير يمنيين لأن شعب الجنوب على مدى التاريخ شعب مستقل له هويته وتاريخه السياسي والحضاري المستقل بعيداً عن اليمن ، شأنه شأن اليمن وشعوب الجزيرة والخليج والعالم ، إن تاريخ الجنوب واليمن تاريخ صراع ولا يمكن الاستقرار الاّ بعودة الجنوب الى هويته ودولته المستقلة واليمن كذلك حتى يعيشا شعبين متجاورين يحترم كل منهما استقلال الآخر . نلتقي بكم في ( ج 2 3 ) سالم عبدالمنعم باعثمان المكلا حضرموت