هيئة مكافحة الفساد تُحيي ذكرى الشهيد وتكرم أسر الشهداء من منتسبيها    وزير الصحة: نعمل على تحديث أدوات الوزارة المالية والإدارية ورفع كفاءة الإنفاق    قبائل ريمة وإب تستنفر بلقاءات ووقفات مسلحة لمواجهة أي تصعيد    في بطولة البرنامج السعودي : طائرة الاتفاق بالحوطة تتغلب على البرق بتريم في تصفيات حضرموت الوادي والصحراء    تدشين قسم الأرشيف الإلكتروني بمصلحة الأحوال المدنية بعدن في نقلة نوعية نحو التحول الرقمي    جناح سقطرى.. لؤلؤة التراث تتألق في سماء مهرجان الشيخ زايد بأبوظبي    صنعاء.. البنك المركزي يوجّه بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    اليمن تشارك في اجتماع الجمعية العمومية الرابع عشر للاتحاد الرياضي للتضامن الإسلامي بالرياض 2025م.    شبوة تحتضن إجتماعات الاتحاد اليمني العام للكرة الطائرة لأول مرة    رئيس بنك نيويورك "يحذر": تفاقم فقر الأمريكيين قد يقود البلاد إلى ركود اقتصادي    وزير الصناعة يشيد بجهود صندوق تنمية المهارات في مجال بناء القدرات وتنمية الموارد البشرية    كتائب القسام تسلم جثة ضابط صهيوني أسير بغزة للصليب الأحمر    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة الشيخ أبوبكر باعباد    الكثيري يؤكد دعم المجلس الانتقالي لمنتدى الطالب المهري بحضرموت    إصابة 4 مواطنين بانفجار لغمين من مخلفات مليشيات الحوثي غرب تعز    رحلة يونيو 2015: نصر الجنوب الذي فاجأ التحالف العربي    بن ماضي يكرر جريمة الأشطل بهدم الجسر الصيني أول جسور حضرموت (صور)    الحراك الجنوبي يثمن إنجاز الأجهزة الأمنية في إحباط أنشطة معادية    رئيس الحكومة يشكو محافظ المهرة لمجلس القيادة.. تجاوزات جمركية تهدد وحدة النظام المالي للدولة "وثيقة"    خفر السواحل تعلن ضبط سفينتين قادمتين من جيبوتي وتصادر معدات اتصالات حديثه    ارتفاع أسعار المستهلكين في الصين يخالف التوقعات في أكتوبر    حزام الأسد: بلاد الحرمين تحولت إلى منصة صهيونية لاستهداف كل من يناصر فلسطين    علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    تركتمونا نموت لوحدنا    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    "مفاجأة مدوية".. ألونسو مهدد بالرحيل عن ريال مدريد وبيريز يبحث عن البديل    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    عين الوطن الساهرة (1)    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    الوزير البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في العاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم افضل أداء    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    لاعبة عربية تدخل قوائم المرشحين لجوائز "فيفا"    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    المحاسبة: من أين لك هذا؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الصحفي مطر الفتيح يطمئن على صحة الإعلامي القدير عبدالسلام فارع بعد رحلة علاجية في مصر    قياسي جديد.. 443 ألفا انتظار حفل مجيد    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انقسامات.. دمج.. صراع دموي
علاقات الأحزاب السياسية خلال ثورة 14 أكتوبر
نشر في الجمهورية يوم 14 - 10 - 2013

في خمسينيات القرن العشرين تأسست الحركة النقابية ونشأت الحركة الوطنية في عدن، حيث ظهرت التنظيمات ذات الامتداد القومي وحركة القوميين العرب والناصريين كما تشكلت أولى خلايا الماركسيين وبدأت بالبروز اتجاهات لنضالات جديدة كانتهاج الكفاح المسلح سبيلاً لنيل الاستقلال عن بريطانيا المحتلة للجزء الجنوبي من اليمن.. قبل قيام ثورة 26 سبتمبر كان الاحتلال مطمئناً للنظام الملكي في الشمال المرتبط معه باتفاقية وتفاهمات عامي 1934و 1951 وبسطوع ضحى الثورة السبتمبرية وفرت جمهورية سبتمبر خلفية وقاعدة انطلاق للثورة ضد الاستعمار البريطاني، فصارت مدينة تعز قاعدة لانطلاق الثورة من الشمال إلى الجنوب ومركزاً لتجميع المقاتلين والفدائيين وجيش التحرير في الجنوب المحتل.. وفي سياق التحضير للثورة المسلحة وبمبادرة من فرع حركة القوميين العرب وجهت الدعوة لممثلي الفصائل لمناقشة المسألة .. وفي 24 مارس 63 عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر للقوى الوطنية حضره أكثر من 100 ممثل للوطنيين المستقلين وممثلي الضباط الأحرار وقادة حركة القوميين العرب اتفقوا على توحيد جميع القوى الوطنية التي تؤمن بضرورة الكفاح المسلح في جبهة موحدة ومكتب مهمته وضع مسودة ميثاق مؤقت للتنظيم وأقر تسمية هذه الجبهة جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل وقد شكل 11 شخصاً على رأسهم قحطان الشعبي.
إطار جبهوي
وبقيام ثورة 26 سبتمبر 1962 كان الحماس الثوري يعم مدن اليمن، وعلى الأخص عدن التي تصاعد بأس الناس فيها مع تطور الأحداث ومواقف الأحزاب السياسية منها.
وفي مارس 1963 تحاور ممثلو أحزاب البعث والشعب الاشتراكي الذي نشط الأول من خلاله كحزب علني وبعد ذلك تحاورت تنظيمات سياسية سرية وعلنية على رأسها حركة القوميين العرب، وفي اللقاء تقرر قيام جبهة على أساس الثورة الشعبية المسلحة أسلوباً فعالاً لتصفية الاستعمار سميت “جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل” والتي صار اسمها في أغسطس الجبهة القومية بعد لقاءات في صنعاء وضمت: الناصريين، المنظمة الثورية، جبهة الإصلاح اليافعية ، الطلائع الثورية، المنظمة السرية لأحرار الجنوب ، وانضم لاحقاً الضباط الأحرار، تشكيل القبائل.
وكان حزب الشعب حينها يتكئ في ممارسة نشاطه العلني ووجوده السياسي على مؤتمر عدن للنقابات أما حزب رابطة أبناء الجنوب فقد نأى بنفسه عن دائرة القوى ذات الموقف الواضح من أسلوب الكفاح المسلح.
بعد نحو شهر من تشكيل الجبهة القومية وانطلاق الكفاح المسلح بدءاً بشرارة ثورة 14 أكتوبر من ردفان كانت المعارك الجانبية تشغل القوى المناضلة رغم التسليم بخطورة المخطط البريطاني لإجهاض استقلال الجنوب، إذ كان حزب الشعب الاشتراكي يعتقد أن الفرصة ماتزال واسعة أمام الحل السلمي لقضية الجنوب الوضعية العلنية لحزبهم تحول بينه وبين الاشتراك في جبهة شعبية تقود نضالاً مسلحاً لابد أن يعرض قادة الحزب المكشوفون إلى أعمال انتقامية من قبل بريطانيا ثم إن الثورة المسلحة لابد أن تعتمد على الشعب في الإمارات مادية بشرية كقوة تنهض بأعبائها وليس لحزب الشعب وجود فعلي أو حتى شكلي في هذه الإمارات، لذلك فهو عاجز عن أن يشكل رافداً حقيقياً للثورة المسلحة.
مكايدات
نقطة ثالثة أكدها قادة في حزب الشعب هي الشك بأن تقدم الدول العربية المساندة وأن الجمهورية العربية المتحدة “مصر” تقدم وعوداً للمواطنين لا يعدو عن كونها محاولة لتخفيف الضغط السياسي على الشمال.
تدخل عربي
في عام 64 والعام التالي كانت انتصارات الكفاح المسلح ترسم ملامح مستقبل المنطقة.
فيما كانت الاتصالات مستمرة بين أنصار النضال السياسي (حزب الشعب، الرابطة) فيما أدى تدخل الجامعة العربية إلى تشكيل لجنة توفيق بين الأطراف الوطنية المختلفة وكانت اللجنة من مخرجات قمة 64 الثانية.
اجتماع القاهرة
بناءً على توصية الجامعة العربية دعيت الأطراف إلى عقد اجتماع في القاهرة في مارس 65 لمناقشة أسلوب توحيد الحركة الوطنية وحضرت الجبهة القومية بوفد كبير على رأسه قادة عسكريون من مناطق القتال وإلى جانبها كان هناك حزب الشعب الاشتراكي وحزب الرابطة وبعض السلاطين.
صراع الجبهة وحزب الشعب
وبتشكيل منظمة التحرير دخلت علاقة الصراع بين الجبهة القومية وحزب الشعب الاشتراكي مرحلتها الجديدة، وتحدث عبدالله الاصنج من جديد عن توحيد العمل الوطني مجدداً اتهاماً سابقاً بأن القومية تقفل أبوابها أمام الآخرين.
قيام منظمة التحرير
“منظمة تحرير الجنوب المحتل” تكونت عام 1965م وتوقع كتاب سياسيون أنها لن تنجح، كونها تضم تنظيمات وشخصيات بينها خصومات عميقة سابقة فحزب الشعب الاشتراكي يعتبر أن الرابطة قد انتهت بقيام المؤتمر العمالي عام 56 ثم بقيام حزب الشعب عام 62 والذي تسلم قيادة الحركة الوطنية بينما كانت الرابطة تعتبر نفسها التنظيم الأصيل في المنطقة كما أن حزبي الشعب والرابطة كانا يختلفان حول العديد من القضايا أبرزها قضية الوحدة اليمنية وهناك طرف ثالث بالمنظمة هم السلاطين والمشائخ وبعضهم ينحاز إلى حزب الرابطة والآخر يتخوف منها لوجود السلطان علي عبدالكريم الذي اعتبر طامعاً برئاسة دولة الجنوب.
في المؤتمر المؤتمر الثاني لمنظمة التحرير في يوليو 65 أقصيت الرابطة والسلطان علي عبدالكريم من المنظمة وبقي حزب الشعب وبعض السلاطين والأمراء والمشائخ وبعض المستقلين.
وكانت التطورات وأثرها العميق في الواقع وتزايد شعبية أسلوب الكفاح المسلح وتلاحم ثورتي أكتوبر وسبتمبر يدفع القوى السياسية لتطوير مواقفها إزاء مخططات الاستعمار فكان التحرير السياسي على المستوى الخارجي ضد أي محاولة بريطانية لمنح الشعب استقلالاً منقوصاً.
دمج الجبهتين
تأكيداً لرغبات ومواقف دعت إلى وحدة النضال وتكوين جبهة تضم مختلف القوى المناضلة ضد الاستعمار أعلن مساء 13 يناير 1966 دمج الجبهة القومية ومنظمة تحرير جنوب اليمن المحتل وميلاد “جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل” مثل ذلك انعطافاً في مسار ثورة 14 أكتوبر جاء إثر متغيرات طرأت على سياسة الأحزاب والتنظيمات المعارضة لأسلوب الكفاح المسلح وأقرت ذلك بخطوات عملية على صعيد المشاركة في الثورة المسلحة من قبل حزب الشعب الاشتراكي وهيئة تحرير جنوب اليمن وبعض الشخصيات والسلاطين وحزب الرابطة من إطار ما كان يسمى منظمة التحرير.
الجبهة القومية رفضت الدمج الذي أعلن في القاهرة ووقعه من جانب علي السلامي ومن جانب منظمة التحرير عبدالله عبدالمجيد الأصنج “حزب الشعب” “القومية” اعتبرت الدمج تصرفاً فردياً من قبل السلامي وكان يمكن ان يسفر عنه اتفاقات تخدم القضية الوطنية وتحقيق الوحدة الوطنية على أسس سليمة.
د. أحمد عطية أحد أبرز الكتاب الذين تناولوا القضية بالتحليل السياسي أوضح أن بيان الدمج أحدث دوياً مختلف الأبعاد بين أطراف الحركة الوطنية، فقد أوضح بيان جبهة التحرير أن عدة لقاءات تمت بين الأطراف من أجل تجسيد وحدة العمل الثوري، ومن الأسباب لتوقيعه خطة بريطانيا لإيجاد دستور جديد للجنوب ينتهي إعداده في فبراير 66 هدفه الإسراع في إعلان استقلال مزيف وضرب ثورة الشعب.
وأكد البيان أن اتفاق الجبهتين يهدف إلى إنهاء تمزق القوى الوطنية في مواجهة الاستعمار ومخططاته وهي التي تقف ممزقة ومتصارعة وكان هذا حالها ولا يزال منذ عام 1950 ولهذا اتفقت الجبهة القومية ومنظمة التحرير على الاندماج في تنظيم ثوري واحد وقيادة واحدة من أجل تحقيق الأماني الوطنية ويحمل التنظيم اسم “جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل”.
وثائق الدمج
الوحدة الوطنية كضرورة ثورية لإحراز النصر في المعركة ضد الاستعمار وهي وحدة القيادة ووحدة الشعب ووحدة الأرض وهو ما يفتح صفحة جديدة أمام أبناء شعب الجنوب الذين ناشدهم البيان تناسي خلافاتهم، هذه الجزئية عن الوحدة الوطنية احتلت حيزاً كبيراً من الاهتمام.
أهداف الجبهة
أيضاً حدد البيان أهداف الجبهة ب التحرر والوحدة والتقدم والنضال ضد الاستعمار بشكليه القديم والجديد أي بكافة صوره العسكرية والسياسية والاقتصادية والقضاء على الحكم الفردي المستبد وإقامة حكم الجماهير على أساس الحق والعدل والديمقراطية.
قمة صراع القوى
لم تستطع جبهة التحرير أن تجسد الوحدة الوطنية لأنها قامت عن طريق الضم القسري والوحدة المفروضة في رأي بعض القوى فلم تعم عبر لقاء طبيعي يمر بمراحل الحوار الضرورية بين مختلف القوى الثورية ما أدى إلى انسحاب الجبهة القومية الأمر الذي فتح باب الصراع الأشد عمقاً وأثراً بين عدة قوى في ساحة جنوب اليمن المحتل بينها قوى صاعدة وأخرى هابطة بعضها ثوري وبعضها قوى تقليدية وعمد الاستعمار، إلى تغذية مخططه الرئيسي في المنطقة بدعم أصدقائه من أجل أن يجدوا لهم مكاناً في مجتمع ما بعد الاستقلال السياسي وهو مخطط أخذ يتلاشى تحت ضربات الثورة المسلحة وتحت وطأة الظروف المناوئة للوجود الاستعماري كما أن قيادة الثورة المسلحة ممثلة بالجبهة القومية وقيادة جبهة التحرير التي حاولت منازعة الجبهة القومية على زعامة حركة التحرر في الجنوب المحتل وقد وصل الصراع إلى قمته عند تصادم هذه القوى الرئيسية الثلاث وخاصة بإضافة حركة القوى الثانية في الساحة مثل الجيش والأمن العام والجهاز الإداري وتأثير العوامل الخارجية وكانت محصلة كل ذلك انهيار مخطط الاستعمار وسقوط قيادة جبهة التحرير وسيطرة الجبهة القومية واستيلائها على السلطة.
قرار الأمم المتحدة
فترة الصراع اتسمت بتطورات من أبرزها قرار الأمم المتحدة بإرسال بعثة أممية لزيارة عدن من أجل تقديم توصيات عن التدابير العملية الكفيلة بتطبيق القرارات الأممية السابقة.
دوافع انسحاب الجبهة
وثيقتان من وثائق الجبهة القومية أوضح دارسوها دوافع انسحاب الجبهة القومية من خلال تصور أن الدمج أفرز سلبيات أعاقت الثورة المسلحة وأثرت بشكل ضار على القضية الوطنية من حيث ارتباك القوى الثورية وعدم الانسجام الذي لم يحقق نمواً من معدل العمل العسكري في أجواء التوترات والمنازعات داخل معسكر الثورة وهو ما تطلب من الجبهة القومية العمل على إزالة تلك الآثار.
ورأت “القومية” أن الدمج لم يلتزم بشروط الوحدة الوطنية السليمة التي يمكنها تحقيق أهداف الثورة، وقد أسفرت محاولة قواعد الجبهة القومية إلى حل التناقض مع القيادة وتمهيد الطريق لعقد المؤتمر الثالث الذي صادق على الخطوة الانقلابية من قبل قيادات الصف الثاني في 141066.
دور التنظيم الشعبي
أما جبهة التحرير فقد وصفت خطوة الانسحاب بأنها تهدف إلى :
أن تعمل الجبهة القومية في الاتجاه السياسي وتبتعد عن النضال المسلح مثل حزب الرابطة الذي فصل من منظمة التحرير.
الإبقاء على المصالح الشخصية الانتهازية لمن يقفون وراء الانسحاب.
بيان التنظيم الشعبي لجبهة التحرير
بدوره أصدر التنظيم الشعبي للقوى الثورية لجبهة التحرير بياناً وصف فيه مؤيدي الانسحاب بأنهم “فلول الحزبية” وكان هذا التنظيم قد قدم نفسه بأنه لا يمثل أية انتماءات حزبية، كما وصفهم بالمفلسين وبأنهم يتلقون تعليمات من الخارج في إشارة إلى حركة القوميين العرب في بيروت “القيادة المركزية” التي تعاملت مع الجبهة القومية عندما أعلنت انسحابها من جبهة التحرير رغم الحركة شجبت الانسحاب.
هذا الهجوم ضد “القومية” في تحليل د. محمد المصري أثبتت الأحداث خطأه، إذ عززت الجبهة القومية قرار انسحابها بتكثيف العمل العسكري وطرح قضية الوحدة الوطنية وكانت هذا أولى نتائج الانسحاب ميدانياً وقد وجه الانسحاب أيضاً ضربة للتسوية السياسية ومفهومها في الوقت الذي كانت عدد من القوى تتهيأ لقبولها وهدفها إقامة حكم ائتلافي في المنطقة تؤيده بريطانيا وكانت منظمة التحرير تخشى الإقدام على هكذا خطوة خوفاً من فقدان كثير من أنصارها إلى صف الجبهة القومية.
الوحدة الوطنية قضية أعيد طرحها بعد فشل الدمج لاسيما وأن جبهة التحرير أصبحت عدة جبهات داخل إطار الدمج بسبب الصراعات هي : الجبهة القومية حزب الشعب ومجموعته التنظيم الشعبي جماعات أخرى لا منتمية.
وأعلنت الجبهة القومية إيمانها بالوحدة الوطنية على أساس سليم يبدأ بتنسيق مرحلي بين القوى الثورية يصل إلى علاقة جبهوية لن تكون دائمة لأن هذه العلاقة ستزول بقيام التنظيم الثوري التقدمي الواحد.
وفي المؤتمر الثالث للجبهة القومية في ديسمبر 1966م تحركت قيادات الجبهة الملتزمة بخط جبهة التحرير التي رفضت الانسحاب وقدمت تقريراً تحدد تصوراتها على النحو التالي :
إن الوحدة الوطنية السليمة توفرها جبهة التحرير والخروج على هذا الإطار يظهر الثورة بشكل ممزق.
المطلوب الآن مع خطوة الانسحاب من تصحيح أوضاع الجبهة القومية وإعادة تنظيمها على أسس سليمة.
إلا أن التنظيم الشعبي للقوى الثورية لجبهة التحرير رفض اللقاء المرحلي المقترح من “القومية” معتبراً أن المساومة في قضايا المصير خيانة وتآمر وأن الموت جزاء الخونة المتآمرين وهو اتجاه خطير عبر عنه بيان التنظيم ويحمل بذور الاقتتال الأهلي بين الجبهتين والبيان بهذا الشكل يرفض أيضاً التخلي عن إطار جبهة التحرير كممثل وحيد لشعب الجنوب.
بعد الاستقلال
وبتغلب الجبهة القومية استطاعت إقامة “جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية” بعد قيادة المفاوضات مع بريطانيا وقد واجهت القلاقل والانفجارات من مطلع عهدها فنسبتها إلى طبيعة التوتر أيام الاستعمار، وحسب صاحب كتاب «اليمن الجمهوري» فإن “القومية” كانت تواجه مقاومتين من الأكثر يسارية في داخلها ومن عناصر جبهة التحرير التي كانت تتلقى المدد من قياداتها في تعز.. فارتأى “قحطان الشعبي” أن ضمان الاستقرار يكمن في تحريك عناصر الجبهة القومية في الشطر الشمالي.. فشهدت الشهور الأخيرة من عام 68 والشهور الأولى من عام 69م عدة أحداث بين حدود الشطرين وفي داخل الشمال، فأشارت اتهامات “صنعاء” إلى “قحطان الشعبي” بأنه يحدو زحفاً على صنعاء” وهو الذي حظي باهتمام كبير في بداية عهد الثورة السبتمبرية.
بناء دولة المؤسسات
اليوم وفي الذكرى ال 50 لثورة 14 أكتوبر وال51 لثورة 26 سبتمبر يعكس الواقع صوراً مفزعة للخلافات بين القوى والتيارات وكأننا لم نع تاريخنا وصراعات الأمس هذا ما أشار إليه أحمد قحطان الجنيد الذي أكد على أولوية بناء دولة المؤسسات وتطبيق القانون على الجميع والتوافق على أسس الدولة ونظام الحكم المنشود حتى يغادر اليمنيون بكامل إرادتهم مشاكل الماضي ويبدأون صفحة جديدة تنتهي مع الصراعات التي تورد موارد الهلاك وهذا هو المأمول من مؤتمر الحوار الوطني بآلياته وأسسه غير المسبوقة.
لنتذكر من ضحوا
من جانبه قال حسين أحمد ناصر الردفاني:
الحديث في هذه المناسبة الغالية حديث ذكريات ووفاء وعرفان بما قدمه الرجال الشجعان من أبطال الثورة اليمنية ومفجري شرارة ثورة 14 أكتوبر ومن سار على دربهم وهم لا يمتلكون سوى السلاح الشخصي ورصاصات حصلوا عليها من حكومة الرئيس عبدالله السلال والدعم المصري بقيادة جمال الناصر الذي حمل الثورة العربية وتحقق الكثير.
وقال الردفاني : أولئك الرجال الذين فجروا شرارة الثورة في ردفان واجتازوا كل الصعوبات وفتحوا باب جهنم على الاحتلال وفتحت بعد ثورتهم جبهات حالمين والضالع ويافع ودثينة والصبيحة حتى وصلت قلب عدن حتى تحقق الاستقلال في 30 نوفمبر 1967.. علينا كدولة وحكومة ان نوليهم الاهتمام اللازم, فمنهم من طحنهم الفقر هم وأبناوهم ومنهم المريض الذي يعاني الأمرين ومن كان يستلم منهم راتباً فلا يزيد عن عشرة آلاف ريال.
ودعا الردفاني إلى معالجة قضية ال170 من هؤلاء الذين أوقفت رواتبهم قبل نحو شهر في ردفان و 40 في لحج رغم أنهم عينوا وكيلاً وقدموا ملفاتهم إلا أن لجنة الصرف أوقفت رواتبهم وأعادتهم إلى صنعاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.