الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة أكتوبر لم تأتِ بمحض الصدفة القدرية بل جاءت عبر نضالات طويلة
نشر في الجمهورية يوم 15 - 10 - 2008


جمال الحكيمي :
في الخمسينيات أنشئت تنظيمات سياسية هزيلة أبرزها الجمعية العدنية
رابطة أبناء الجنوب تشكلت من عناصر إقطاعية وكانت تؤهل نفسها لخلافة المستعمر
اضطرت بريطانيا للتفاوض مع الجبهة القومية من القاهرة إلى جنيف والتوقيع على اتفاقية الاستقلال في 03نوفمبر 1967م
القوى السياسية الوطنية كان لها دور متعاظم أسهم في إسقاط المشاريع الاستعمارية بالمنطقةثورة 41أكتوبر عام 3691م لم يكن لها أن تأتي بالصدفة القدرية بل جاءت عبر نضالات عديدة خاضها شعبنا اليمني بمختلف قواه الوطنية الثورية التحررية ضد الوجود الاستعماري السلاطيني آنذاك، والذي عمل آنذاك على ممارسة شتى أنواع التنكيل والتعسف ضدها ولكن هيهات لم يثن جماهيرنا من مواصلة كفاحهم ونضالهم ضد المستعمر المحتل بل خاضت غمار نضالها ضده في كل مناطق جنوب الوطن لاسيما بعد أن استقلت نيران الثورة من جبال ردفان الشماء، وبالذات بعد قيام ثورة 62سبتمبر عام 26م والتي سندت الثورة الشعبية في الجنوب ومدتها بكل الإمكانات، الأمر الذي هيأ الظروف المناسبة للثوار في توجيه ضرباتهم الشديدة ضد المستعمر وإخضاعه للتفاوض، ومن ثم الاستسلام لثوار الجبهة القومية، وانسحاب آخر جندي له في ال03من نوفمبر7691مم..
حول هذه المناسبة الأكتوبرية «الجمهورية» التقت الأستاذ جمال عبدالله محمد الحكيمي رئيس فرع الحزب القومي الاجتماعي بتعز- حيث حاولنا أن نعرف منه بداية عن نشوء الحركة الوطنية والظروف التي هيهأت لقيام ثورة 41 أكتوبر، ودور القيادة المصرية بتعز.. حيث قال:
تنظيمات سياسية هزيلة
سبق نشوء الحركة الوطنية الديمقراطية قيام عدد من التنظيمات السياسية الهزيلة ففي 0591م برز مجمع سياسي في عدن وأعلن عن تأسيسه تحت مسمى الجمعية العدنية، ثم توالى إنشاء العديد من التجمعات السياسية الصغيرة تحت مسميات متعددة لاتمتلك من مواصفات الأحزاب شيئاً سوى أنها كانت تدافع عن مصالح قوى البرجوازية الطفيلية بما فيها من الأصول الأجنبية في داخل عدن والمرتبطة بالاستعمار البريطاني وسياسته في المنطقة أمثال الحزب الوطني الاتحادي وغيره.. كما أن الجمعية العدنية كانت التعبير الواضح من مجموع تلك الأحزاب.
الجمعية العدنية
تولت عناصر الجمعية العدنية الوظائف الإدارية الهامة في الإدارة الانجليزية الاستعمارية لعدن، وكانوا يرفعون شعار«عدن للعدنيين» وسعت الجمعية العدنية إلى إعطاء الحكم الذاتي لعدن في اطار دول الكومنولث البريطاني، كما نادت التحالف مع الاستعمار البريطاني ورفعت في صحفها «فتاة الجزيرة» و«القلم العدني» و«الأخبار» للمشاريع الاستعمارية البريطانية في عدن وجنوب اليمن.
كما اهتمت بنشر الثقافة البرجوازية ووقفت في الضد من المصالح الوطنية للشعب وبفضل تزايد الوعي الوطني اتخذت الجماهير اليمنية موقفاً معادياً لسياستها فأدى ذلك إلى تقلص نفوذها وفشلت في تحقيق مآربها، الأمر الذي ساعد نشوء تجمع سياسي آخر يتجاوز مواقف الجمعية العدنية وأطروحاتها السياسية.
رابطة أبناء الجنوب العربي
تأسست رابطة أبناء الجنوب العربي في عام 0591م من عناصر اقطاعية متنورة «لحج أبين وحضرموت» وأخذت تفكر في تأهيل نفسها لخلافة المستعمر وكانت تطمح في أن تحل محل البرجوازية الأجنبية في المدينة ومن شرائح عريضة من أبناء البرجوازية الصغيرة «والاقطاع المتنور» وقد رفعت شعارات توحيد أجزاء الجنوب، وقد اجتذبت تلك الشعارات كثيراً من الوطنيين إليها فتوسع نفوذها خاصة في كل من عدن ولحج وأبين وحضرموت إلا أن الرابطة وبحكم التركيب الإقطاعي لقيادتها لم تمثل في التحليل الأخير سوى الارتباط بالمصالح الاستعمارية في المنطقة إذ وافقت في عام 5591م على الدخول في انتخابات المجلس التشريعي التي قاطعتها القوى الوطنية والنقابات العمالية فكشفت بذلك أمام الجماهير ارتباطها بالسياسة الاستعمارية ومواقفها الانفصالية من وحدة الوطن اليمني، الأمر الذي أدى إلى خروج كل الوطنيين من الرابطة والانضواء بعد ذلك في الجبهة الوطنية المتحدة وقد تبنت كافة المطالب والشعارات التي رفعها العمال عند مقاطعتهم لانتخابات المجلس التشريعي، كما أكدت على وحدة اليمن شمالاً وجنوباً غير أنها لم تستمر لفترة طويلة حيث مارست الإدارة الاستعمارية الانجليزية في عدن أعمالاً تعسفية وانتقامية ضد عناصرها.
إسقاط المشاريع الاستعمارية
ولكن رغم تلك الممارسات فقد كان للقوى السياسية آنذاك بمختلف فصائلها الوطنية المتمثلة بالحركة العمالية، وحركة القوميين العرب وحزب البعث العربي الاشتراكي والاتحاد الشعبي الديمقراطي دوراً متعاظماً امتد على ساحة الوطن اليمني كله شمالاً وجنوباً، فساهمت في اسقاط المشاريع الاستعمارية في المنطقة، وحافظت على تثبيت الخط النضالي السياسي للحركة العمالية ومنعته عن الانحراف والانغماس في المطالب الاقتصادية ووقفت في سياق ذلك في الصد من القيادات الانتهازية للنقابات وساهمت في نشر الوعي المعادي للاستعمار والرجعية وأيقظت الشعور الوطني بالوحدة اليمنية.. كما أوجدت بذور الوعي الطبقي العمالي وشكلت نقلة نوعية جديدة في النضال الوطني للشعب اليمني إذ ساعدت على تطور النضال من مجرد مقاومة الاستعمار إلى النضال ضد حلفائه وأعوانه من الطبقات الرجعية كالاقطاع والبرجوازية الكمبرادورية، و تميزت بنشاطات تنظيمية أكثر فاعلية وقدرة في مضمار رص الصفوف الجماهير وتوعيتها والزج بها في معمعة الكفاح لتغيير وجه التاريخ في اليمن وعملت الحركة ذاتها في بلورة العديد من الشعارات الوطنية وأهمها قضية التحرر من الاستعمار وتحقيق الوحدة اليمنية.. كما أن جُملة نشاطاتها شكلت مزيداً من التراكمات الضرورية لانبثاق عمل نضالي ثوري جديد يكون المرحلة الأرقى في المسيرة النضالية لشعبنا اليمني من أجل الحرية والوحدة والسلام والديمقراطية والتقدم الاجتماعي.
ثورة سبتمبر خلقت الظروف المناسبة
لقيام ثورة أكتوبر
وبالإشارة إلى ذلك يمكن القول إنه بعد قيام ثورة 62سبتمبر 2691م وإعلان الجمهورية وسقوط الإمامة ووجود القوة المصرية في الشمال توفر المزيد من الفرص الكفاحية الملائمة لقيام ثورة الرابع عشر من أكتوبر ويمكن القول بأن الظروف التي نجمت في عموم اليمن شمالاً وجنوباً بعد انتصار الثورة في الشمال قد جعلت من فكرة الكفاح المسلح ضد بريطانيا في الجنوب أمراً ملحاً تفرضه ضرورات الدفاع عن الثورة اليمنية خاصة وأن الإنجليز بتحالفهم مع الملكيين قد وجهوا عن طريق منطقة «حريب» عدداً من الأعمال التخريبية ضد سلطة الجمهورية الفتية، وفي ضوء ذلك فإن قرار القيام بالكفاح الشعبي المسلح في الجنوب إنما يكتسب موضوعيته من تلك الظروف.
وفي البداية قامت حركة القوميين العرب بفتح حوارات مع التنظيمات السياسية الأخرى الموجودة آنذاك في عدن من أجل تكوين جبهة واسعة تقود الثورة المسلحة فوقف حزب الشعب الاشتراكي ورابطة أبناء الجنوب العربي في الضد من الفكرة ورفضوا بشدة الكفاح المسلح كأسلوب نضالي ناجح لتصفية الوجود الاستعماري.. ولما كانت القناعة بالكفاح المسلح لدى حركة القوميين العرب قد بدأت حواراً جديداً في صنعاء مع عدد من التنظيمات السياسية الأخرى السرية، وفي مايو 3691م تم الاتفاق معها على قيام الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني على قاعدة الإيمان بالكفاح المسلح طريقاً للثورة ولتصفية التواجد الاستعماري السلاطيني في الجنوب وقد تكونت الجبهة القومية من التنظيمات السياسية التالية وهي:
1 حركة القوميين العرب.
2 تشكيلات القبائل.
3 جبهة الإصلاح اليافعية.
4 الجبهة الناصرية.
5 التنظيم السري للضباط والجنود.
6 الجبهة الوطنية.
7 المنظمة الثورية.
عند عودة أبناء ردفان إلى منطقتهم قادمين من شمال الوطن حيث كانوا هناك يدافعون عن ثورة 62سبتمبر 2691م جابهتهم أوامر من السلطات البريطانية وعملائها وكانت تقضي بأن يسلموا أسلحتهم، ومن المعروف أن ردفان ظلت حتى ذلك الحين خارج نفوذ الانجليز وقد اكتسبت تلك الحادثة أهميتها التاريخية.
الخروج عن الإطار العفوي
وبتأسيس الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل قد جعل منها حادثة واعية خرجت عن اطار العفوية خاصة وأن تلك التشكيلات من القبائل المحاربة كانت واحدة من التجمعات التي كونت الجبهة القومية فاعتبرت الانتفاضة في 41اكتوبر3691م أول شرارة للثورة وكان لراجح بن غالب لبوزه شرف الريادة في أن يكون شهيدها الأول فانتشر الكفاح المسلح في كافة أرجاء الريف وانتقل إلى مدينة عدن ففتحت جبهات قتال عديدة بعدها في كل من الضالع والحواشب والمنطقة الوسطى والشعيب وحالمين ولحج والصبيحة وبيحان والواحدي والعوالق.. وفي أوائل 4691م تم نقل العمل الفدائي إلى عدن وكانت أولى العمليات الفدائية الجريئة القنبلة التي انفجرت في مطار عدن العسكري وتوالت بعد ذلك سلسلة العمليات الفدائية ضد الاستعمار البريطاني وشملت كل الأماكن التي يوجد فيها الجنود البريطانيون ومعسكراتهم وقد شكل انتقال الكفاح المسلح إلى المدينة نقلة نوعية هامة في مسار الثورة الشعبية المسلحة حيث ازدادت انتصارات الجبهة القومية وعجل ذلك من اقتراب موعد هزيمة بريطانيا العظمى في جنوب اليمن.
دور كبير للقيادة المصرية في تعز
وكيف تقرأون دور القيادة المصرية في تعز تجاه دعم ثوار 41اكتوبر؟
كان للقيادة المصرية في تعز دور كبير في دعم ثوار 41أكتوبر من خلال إمكاناتها الكبيرة آنذاك وتواجدها في شمال الوطن وبشكل متزايد، خاصة وفي 82سبتمبر وصلت قوات مصرية بالطائرات إلى صنعاء وتعز وقوات خاصة من المظليين لحراسة الرئيس السلال وفي اليوم الثاني مباشرة رست باخرة مصرية في ميناء الحديدة تحمل جنوداً ودبابات ومدافع وسيارات ومعدات عسكرية أخرى حيث بلغ عدد الجنود والضباط المصريين مايقارب 0003وازدادوا في منتصف نوفمبر حتى ثمانية آلاف، كما تم تكوين جيش يمني على نمط الجيش المصري بلغ تعداده سبعة آلاف مقاتل وحتى نهاية 5691م بلغ تعداد القوات المصرية في اليمن سبعين ألف مقاتل لمختلف أنواع الأسلحة ونتيجة للدعم المصري للثورة اليمنية ازداد هذا الدعم إلى ثوار 41أكتوبر نحو الكفاح المسلح وتصفية الاستعمار البريطاني من جنوب اليمن وبرزت قوتان رئىستان في هذا الكفاح المسلح الجبهة القومية وجبهة التحرير إلا أن الأخيرة ترك قيامها آثاراً سلبية على مسار الكفاح المسلح ومجمل العملية النضالية الثورية في تلك الفترة تمثلت في :
تفتيت العمل المسلح وتعطيل الانتقال إلى مرحلة المجابهة المباشرة في الاقتتال مع الانجليز بعد أن أثبت العمل الفدائي السري نجاحه.
كما توقفت حركة الجدل الفكري داخل الجبهة القومية وتعرقل بروز الاتجاه الراديكالي كجناح غالب.
وشهد العمل الفدائي العسكري ضعفاً وركوداً.
رفض التعامل مع السلاطين
فعقدت الجبهة القومية في مدينة جبلة بعد إعلان الدمج «المؤتمر الثاني» وناقش المؤتمرون تقرير القيادة العامة حول التطورات وموقف الجبهة من مسألة الدمج وتقرير البقاء في جبهة التحرير على أسس جديدة أهمها رفض التعامل مطلقاً مع السلاطين وقادة الأحزاب السياسية التي رفضت الكفاح المسلح.
ولكن قبل ذلك كله بعد فشل المؤتمرات الدستورية التي عقدتها بريطانيا في لندن لحل أزمتها في جنوب اليمن ونفخ الروح في جثة الاتحاد الفيدرالي الميتة وذلك في 4691م أعلنت تسليم الاستقلال الوطني لحكومة الاتحاد الفيدرالي المزيف وضمان بقاء قاعدتها العسكرية.
كما اتخذت قراراً في يونيو 5691م باعتبار الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل منظمة ارهابية خارجة عن القانون بايعاز المستعمرين وكما أثبتت ملابسات الأمور بعد ذلك هروب زعماء الأحزاب السياسية التي عارضت الكفاح المسلح وعدد من السلاطين الذين انسحبوا من حكومة الاتحاد الفيدرالي ورئيس وزراء عدن عبدالقوي مكاوي إلى شمال الوطن وأعلنوا عن تأسيس منظمة التحرير في أغسطس 5691م وبتواطؤ من الاستخبارات المصرية في اليمن والتي كانت لاترضى عن الجبهة القومية بحكم استقلاليتها وعدم انصياعها لهم فمورست ضدها ضغوط كبيرة لتحقيق اندماجها قسراً مع منظمة التحرير.
آثار سلبية
غير أن هذا المطلب للقوى المناوئة للكفاح المسلح والتي مستها الخشية كذلك من وضوح المضمون الفكري والسياسي التقدمي للجبهة القومية قد ترك اثاراً سلبية على مستوى تماسك الجبهة القومية؛ إذ برزت من الآراء بصدد المسألة اتجاهات ثلاثة تمثلت في الرفض القاطع للاندماج أوالاندماج الكامل دون شروط أو الاندماج بشروط أولها استبعاد كافة العناصر التي لفظها شعبنا وتعاملت مع الاستعمار من منظمة التحرير وجرت بصدد ذلك مفاوضات في القاهرة ولما لم تنجح مورست أساليب قهرية ضد الجبهة القومية فتم إعلان موافقة الدمج وتأسيس جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل دون موافقة قواعد ومعظم قيادة الجبهة القومية وذلك في 31يناير 6691م وقد ترك قيام جبهة التحرير آثاراً سلبية على الكفاح المسلح.
وفي الاحتفالات بالذكرى الثالثة لقيام ثورة 41أكتوبر قامت قواعد الجبهة القومية وجماهير الشعب بمظاهرات كبيرة طالبت خلالها بالانسحاب من جبهة التحرير واستجابة لذلك عقد المؤتمر الثالث في نوفمبر 6691م للجبهة القومية في مدينة خمر بشمال الوطن واتخذ قراراً بالانسحاب، كما أعلن المؤتمر بأن الجبهة القومية ستستمر في مواصلة الكفاح المسلح ضد الاستعمار بشكل مستقل، ونتيجة لذلك عملت المخابرات المصرية على وقف الدعم عن الجبهة القومية ومنع كافة المساعدات عنها من قبل مصر وحكومة الجمهورية في الشمال كما حوصرت إعلامياً إلى درجة نسب العديد من العمليات العسكرية التي كانت تقوم بها إلى جبهة التحرير كذباً وبهتاناً.
وبالاعتماد على الجماهير الشعبية الكادحة ومن خلال النشاط السياسي في أوساطها تمكنت الجبهة القومية من قيادة الكفاح المسلح وتجاوزت جملة العراقيل والصعوبات التي وقفت أمامها فتزايدت العمليات العسكرية من قبلها ضد الوجود الاستعماري وأصبح لها حجم ووزن سياسي كبير وحضور نضالي رائع في عموم مناطق اليمن الجنوبي الأمر الذي مكّن من تحقيق الاستقلال الوطني بقيادتها.
ويواصل الأستاذ جمال الحكيمي حديثه في هذا الصدد.. قائلاً: لذلك شهد العام الأخير من الكفاح المسلح ضد الوجود الاستعماري أحداثاً متلاحقة وبوتائر متسارعة.. ففي 02يونيو 7691م وبعد النكسة العربية أمام اسرائيل في 5يونيو 7691م تمكن ثوار الجبهة القومية من تحرير مدينة كريتر واستعصى على البريطانيين دخولها على مدى اسبوعين فوقفت عاجزة خارج أبواب المدينة الباسلة، وشكّلت أحداث 02يونيو 7691م وتحرير مدينة كريتر وفي ظل أجواء عربية انحسر فيها مد حركة التحرر الوطني العربية شكلت نقلة نوعية في مسار الثورة الشعبية المسلحة وسارت المسألة بعد ذلك أن تحررت الضالع في 22يونيو 7691م وتمكنت فيه الجبهة القومية من الاستيلاء على كل المناطق الريفية وتحرير حضرموت وبيحان.
وعقب ذلك في يونيو انفجرت الحرب الأهلية عندما قامت عناصر تابعة لجبهة التحرير باغتيال عبدالنبي مدرم أحد قادة العمل الفدائي للجبهة القومية وأبرز العناصر المناضلة في تحرير كريتر.. كما أقدمت جبهة التحرير بعد ذلك على ملاحقة العديد من عناصر الجبهة القومية ومحاولة اغتيالهم، فجرت مفاوضات في القاهرة لإيقاف الاقتتال بين الطرفين، غير أن ازدياد حجم وتأثير الجبهة القومية على الساحة النضالية وخلال تحرير المناطق دفع بجبهة التحرير إلى تجديد الاقتتال وتفجير الحرب الأهلية مرة أخرى في سبتمبر 7691م وقد شملت هذه الحرب كل أجزاء منطقة عدن والعقارب ولحج فقط، حيث لم تشهد بقية الأجزاء الريفية وذلك بحكم الوجود الضئيل جداً لجبهة التحرير وظلت بريطانيا في الحياد أملاً منها بأن تسفر تلك الحرب استنزاف قوى الجبهتين غير أن رجحان كفة الجبهة القومية بشكل واضح لم يترك فرصة للإنجليز لتحقيق أمانيهم في الساعات الأخيرة من بقائهم في عدن، فحاولت الالتفاف على الجبهة القومية وأعلنت أنها ستعمل على تسليم الاستقلال للجيش، وفي 6نوفمبر 7691م وبعد تحذير الجبهة القومية لقيادات الجيش بعدم الدخول في صراعات خاسرة معها انحازت القوات المسلحة آنذاك إلى الجبهة القومية، وبالنظر إلى القوة الجماهيرية الشعبية للجبهة القومية وسيطرتها على كل مناطق جنوب اليمن وحسم الصراع لصالحها في الحرب الأهلية وانحياز الجيش إليها فأصبحت هي القوة الوحيدة على الساحة.
الأمر الذي اضطرت بريطانيا للتفاوض مع الجبهة القومية من القاهرة إلى جنيف لحضور المباحثات حول الاستقلال مع الوفد البريطاني المكلف في 22نوفمبر 7691م، وبعد أيام من التفاوضات تم التوقيع على اتفاقية الاستقلال وانسحبت الجحافل الأخيرة من القوات البريطانية من عدن عشية 03نوفمبر7691م وأعلن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.