بدء اعمال مخيّم المشروع الطبي التطوعي لجراحة المفاصل ومضاعفات الكسور بهيئة مستشفى سيئون    التوظيف الاعلامي.. النفط نموذجا!!    عدن تواجه ظلام دامس الساعات القادمة لنفاد الوقود    المركز الوطني لعلاج الأورام حضرموت الوادي والصحراء يحتفل باليوم العالمي للتمريض ..    المبعوث الأممي يصل إلى عدن    مصرع وإصابة 20 مسلحا حوثيا بكمين مسلح شرقي تعز    وفاة أربع فتيات من أسرة واحدة غرقا في محافظة إب    مقتل "باتيس" في منطقة سيطرة قوات أبوعوجا بوادي حضرموت    مايكل نايتس يكشف ل«العين الإخبارية».. كيف دحرت الإمارات «القاعدة» باليمن؟    تتويج الهلال "التاريخي" يزين حصاد جولة الدوري السعودي    جدول مباريات وترتيب إنتر ميامي في الدوري الأمريكي 2024 والقنوات الناقلة    لهذا السبب الغير معلن قرر الحوثيين ضم " همدان وبني مطر" للعاصمة صنعاء ؟    مصادر سياسية بصنعاء تكشف عن الخيار الوحيد لإجبار الحوثي على الانصياع لإرادة السلام    نادي الخريجين الحوثي يجبر الطلاب على التعهدات والإلتزام بسبعة بنود مجحفة (وثيقة )    لو كان معه رجال!    ميليشيا الحوثي تجبر أعضاء هيئة التدريس وموظفي جامعة صنعاء بتسجيل أبنائهم بالمراكز الصيفية    الحوثيون يسمحون لمصارف موقوفة بصنعاء بالعودة للعمل مجددا    الدوري الايطالي ... ميلان يتخطى كالياري    مفاجأة وشفافية..!    القوات الجنوبية تصد هجوم حوثي في جبهة حريب وسقوط شهيدين(صور)    "هذا الشعب بلا تربية وبلا أخلاق".. تعميم حوثي صادم يغضب الشيخ "ابوراس" وهكذا كان رده    فوضى عارمة في إب: اشتباكات حوثية تُخلف دماراً وضحايا    عاصفة مدريدية تُطيح بغرناطة وتُظهر علو كعب "الملكي".    الحوثيون يطورون أسلوبًا جديدًا للحرب: القمامة بدلاً من الرصاص!    الدوري المصري: الاهلي يقلب الطاولة على بلدية المحلة    أفضل دعاء يغفر الذنوب ولو كانت كالجبال.. ردده الآن يقضى حوائجك ويرزقك    بعد فوزها على مقاتلة مصرية .. السعودية هتان السيف تدخل تاريخ رياضة الفنون القتالية المختلطة    كوابيس أخته الصغيرة كشفت جريمته بالضالع ...رجل يعدم إبنه فوق قبر والدته بعد قيام الأخير بقتلها (صورة)    بلباو يخطف تعادلًا قاتلًا من اوساسونا    إطلاق سراح عشرات الصيادين اليمنيين كانوا معتقلين في إريتريا    شاهد:ناشئ يمني يصبح نجمًا على وسائل التواصل الاجتماعي بفضل صداقته مع عائلة رونالدو    أطفال غزة يتساءلون: ألا نستحق العيش بسلام؟    الاحتجاجات تتواصل في الحديدة: سائقي النقل الثقيل يواجهون احتكار الحوثيين وفسادهم    احتكار وعبث حوثي بعمليات النقل البري في اليمن    مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع في غزة وتلوح بإلغاء اتفاقية السلام    بالفيديو...باحث : حليب الإبل يوجد به إنسولين ولا يرفع السكر ويغني عن الأطعمة الأخرى لمدة شهرين!    المبيدات في اليمن.. سموم تفتك بالبشر والكائنات وتدمر البيئة مميز    هل استخدام الجوال يُضعف النظر؟.. استشاري سعودي يجيب    سلطة صنعاء ترد بالصمت على طلب النائب حاشد بالسفر لغرض العلاج    توقعات بارتفاع اسعار البن بنسبة 25٪ في الاسواق العالمية    اليمن يرحب باعتماد الجمعية العامة قرارا يدعم عضوية فلسطين بالأمم المتحدة مميز    قل المهرة والفراغ يدفع السفراء الغربيون للقاءات مع اليمنيين    القيادة المركزية الأمريكية تناقش مع السعودية هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية مميز    أمين عام الإصلاح يعزي رئيس مؤسسة الصحوة للصحافة في وفاة والده    مثقفون يطالبون سلطتي صنعاء وعدن بتحمل مسؤوليتها تجاه الشاعر الجند    هناك في العرب هشام بن عمرو !    قوات دفاع شبوة تضبط مُرّوج لمادة الشبو المخدر في إحدى النقاط مدخل مدينة عتق    هل الموت في شهر ذي القعدة من حسن الخاتمة؟.. أسراره وفضله    اكلة يمنية تحقق ربح 18 ألف ريال سعودي في اليوم الواحد    في رثاء الشيخ عبدالمجيد بن عزيز الزنداني    بسمة ربانية تغادرنا    بسبب والده.. محمد عادل إمام يوجه رسالة للسعودية    عندما يغدر الملوك    قارورة البيرة اولاً    ولد عام 1949    بلد لا تشير إليه البواصل مميز    وزير المياه والبيئة يبحث مع اليونيسف دعم مشاريع المياه والصرف الصحي مميز    في ظل موجة جديدة تضرب المحافظة.. وفاة وإصابة أكثر من 27 شخصا بالكوليرا في إب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الظرف الموضوعي لنضال شعبنا ضد الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن
عدد من المفكرين والمختصين

اللواء السعدي :عندما بثت إذاعة صنعاء بيان قيام الثورة هبت الجماهير في عدن لتأييدها
د.فؤاد البعداني:لعب الشيخ الحكيمي دوراً فاعلاً في غرس البعد الوحدوي بين أحرار الشمال وثوار الجنوب وتوحيد الهم الوطني وتنسيق الجهود الثورية
د.محمد مظفر:ثورة سبتمبر كان من أهدافها مقاومة الاستعمار البريطاني ودحره من جنوب الوطن وقيام اليمن الموحد
نصر حسن البعداني:بريطانيا رأت أن قيام ثورة 62 سبتمبر يشكل خطراً على وجودها في عدن فحشدت قواتها للمواجهة
يحتفي شعبنا اليمني في هذا الظرف الفرائحي بالذكرى ال54لثورة ال41من اكتوبر وقد تحققت للوطن كثير من الآمال والطموحات، وقطف الشعب ثمار التضحية التي بذلها الثوار والمناضلون في شمال الوطن وجنوبه ضد حكم الإمامة والاستعمار البريطاني..بهذه المناسبة يتحدث عديد من أساتذة جامعة إب عن واحدية الثورة اليمنية وأبعادها التاريخية للنضال المشترك منذ أزمنة بعيدة.
ارتباط وثيق
?يقول اللواء علي محمد السعيدي:
عن العلاقة بين ثورتي 62سبتمبر و41اكتوبر بأنها علاقة قديمة وجديدة علاقة ولاء وطني أخذت تنمو من صباح السادس والعشرين من سبتمبر..فبعد اذاعة أول بيان بثته اذاعة صنعاء بقيام الثورة وبالقضاء على النظام الملكي في شمال الوطن اشعلت مشاعر ابناء الجنوب والزلزال المدمر على الاستعمار البريطاني فقد هبت الجماهير بقيادة القوى الوطنية والمنظمات العمالية والاحزاب السياسية في عدن وغيرها بالمظاهرات ورفع البرقيات المؤيدة للثورة ونشرت الصحف تأييد وفرحة أبناء الشطر الجنوبي لهذا الحدث التاريخي الذي كان له أكبر الأثر على الاستعمار البريطاني الذي قام بحشد قواته وبسرعة محمومة وجمع حلفائه داخل الجنوب وخارجه من أول يوم لقيام الثورة وحرك قواته على طول الحدود من كرش إلى بيحان ودفع المال والسلاح للسلاطين والأمراء والخبراء البريطانيين لتمويل القبائل غير الموالين للثورة للتعاون مع قواته وقوات الأمراء المرابطة على الحدود للزحف والسيطرة على المناطق الحدودية وكان أهم هذه المناطق الراهدة وقعطبة والبيضاء وحريب ومأرب بهدف القضاء على الثورة وإعادة النظام الملكي بالتعاون مع دول الجوار.
إدراك القوى الوطنية بخطورة المخطط الاستعماري
وما أن عرفت القوى الوطنية بخطورة المخطط الاستعماري حتى قامت بدفع الآلاف من الشباب بالتطوع للدفاع عن الثورة الأم والتي طوقها الأعداء من كل الجهات وبدأ الرهان حيث تحرك الاستعمار بقوة من بيحان نحو حريب ومأرب وصرواح ومن الضالع نحو قعطبة ودمت عن طريق عملاء وخبراء بريطانيين...عندما بلغ قيادة الثورة بصنعاء هذا التحرك عينت المناضل الشهيد أحمد أحمد الكبسي..قائداً لمحافظة إب والذي كان من أولى مهامه إخماد التمرد الذي حصل في مديرية قعطبة بواسطة مجموعة من المشائخ كانوا يعدون بالأصابع وانتهى التمرد بفضل تعاون أبناء المحافظة وبفضل تعاون ثوار الرابع عشر من أكتوبر الذين التقوا بالقائد بعد إخماد التمرد وأكدوا له أن إمارة الضالع ومشيخة الشعيب وردفان وسالمين لن تكون وكراً للملكيين و أنهم سيتصدون لهم وللاستعمار الداعم لهم وسيعملون على إفشال مخططهم في هذا المحور، وفعلاً نفذوا ما وعدوا وطلبوا المشاركة للدفاع عن الثورة إلى جانب إخوانهم من أبناء محافظة إب وشاركوا في عدة جبهات وبقيادة الشهيد أحمد الكبسي في فتح طريق صنعاء أول عام 3691م في محافظة حجة في المحابشة وفي محور حجة مع اللواء أحمد عبدالرحمن قرحش عادوا من هذه الجبهات ليفجروا ثورة 41اكتوبر36م من قمم ردفان.
الانضمام إلى جيش التحرير
وتحدث السعيدي قائلاً: عاد الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية الذين كانوا في بقية الجبهات والذين انضموا إلى جيش التحرير والتحق العديد منهم بالكليات العسكرية في الشمال وبوحدات الصاعقة والمظلات وألوية المشاة الأخرى ليشكلوا قوة مع إخوانهم أبناء المحافظات الشمالية تحارب وتدافع عن الثورة وتدرب جيش التحرير إلى جانبهم أبناء ثورة 32يوليو ابناء جمهورية مصر العربية وبهذا التلاحم انتصرت الثورتان وتحقق لهم نصر الثلاثين من نوفمبر بالاستقلال وبجلاء الاستعمار ويوم 11من فبراير بهزيمة الملكيين وفك حصار صنعاء بعد خمس سنوات من النضال انتصرت فيها إرادة الشعب اليمني شماله وجنوبه رغم تفوق اعداء الثورة عدداً وعدة ورغم رهان كبار المحللين على عدم قدرة الثورتين على الصمود أمام قوة الاستعمار وحلفائه صدق وعد الله سبحانه بنصر المظلومين وتواصلت المسيرة باتجاهين معاكسين حتى جاء رجل المرحلة ربان السفينة المناضل المشير علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والذي حقق أهداف الثورتين يوم ال22من مايو عام 0991م وحافظ على المنجزات التي تواجه ولا تزال مؤامرات الطامعين والحاقدين.
البداية الجديدة لتاريخ شعبنا
يقول نصر حسن محمد البعداني:
إن تفجير ثورة 62سبتمبر كان استجابة لتطلعات وطموح وآمال شعبنا اليمني في التخلص من الاستبداد الإمامي كمحطة أولى وضرورية لتطهير أرض الوطن من دنس الاستعمار البريطاني محدثة تغييراً جذرياً في الساحة اليمنية قالبة المعطيات الداخلية والإقليمية رأساً على عقب ويقدر أحد قادة «أكتوبر» عبدالفتاح اسماعيل هذا الحدث بقوله أنه مثل”...البداية الجديدة لتاريخ شعبنا” وشكلت الثورة اليمنية«62أيلول/سبتمبر» الظرف الموضوعي لنضال شعبنا ضد الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن باختصار أتاحت ثورة الشمال قاعدة لاغنى عنها لانطلاق وتطور وانتصار ثورة الجنوب فكانت بهذا المعنى الثورة الأم.
وأهداف الثورة الستة خير دليل على ذلك فالهدف الأول للثورة هو التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما وتأكيداً وتوضيحاً لذلك نص الهدف الخامس”العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة”.
وبهذا الانجاز العظيم تصاعد نضال شعبنا لتحرير الأرض والإنسان من الاستعمار فمنذ اللحظة الأولى لانطلاقة الثورة والتي كانت بمثابة الصاعقة بالنسبة للمحتل واذياله باشر المناضلون بالتحرك من صنعاء والعودة إلى ساحة النضال في الجزء المحتل من أرض الوطن بعد أن اطمأنوا على ثورة ايلول والرد على الموقف البريطاني المعادي للثورة في الشمال.
العمل السياسي:
عندما قامت ثورة 62سبتمبر انتقل العمل السياسي من السر إلى العلن وبعد حوارات تمت مع تنظيمات سياسية صغيرة مدنية وعسكرية وحدت على مستوى اليمن حيث أعلنت تسمية الجبهة القومية والتي تمثل العمود الأساسي حركة القوميين العرب وتم إعلان أيضاً جمعية الاصلاح اليافعية وهيئة تحرير الجنوب وغيرها.
وقال إذا كان معظم هذه التنظيمات قد تشكلت في الشمال وعلى رأسها الجبهة القومية فإن ذلك لايذهب في اتجاه اطروحاتها الوحدوية اليمنية فحسب وإنما ينسجم مع موقف السلطات الاستعمارية البريطانية من ثورة الشمال نفسها فهل لم تعترف بالنظام الجمهوري واعتبرته معادياً لها وخطراً على نفوذها في الجنوب الأمر الذي أدى بطبيعة الحال إلى تحرير المسئولين في صنعاء من أي التزام دولي تجاه بريطانيا وبالتالي بذل أقصى الجهود من أجل طردها من الجنوب.
ومن جهة أخرى كان لتأسيس التيارات الوطنية الراديكالية: الاتحاد الشعبي الديمقراطي وحزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب كان لها مؤثر هام على تجذر ونضج العمل الوطني في الجنوب..وأن طريق الكفاح المسلح كوسيلة وحيدة لاجلاء المستعمر قد أصبح سالكاً..لذلك يمكن أن نجعل من العوامل التالية مبرراً لما ذكر آنفاً:
خبرة حزب البعث في ميدان العمل الثوري العربي.
وضوح الرؤى والمواقف السياسية للاتحاد الشعبي الديمقراطي.. قوة وصلابة تنظيم حركة القوميين العرب وخبراته الثورية البارزة في فلسطين والجزائر وغيرها من المناطق.
وهكذا كانت ثورة سبتمبر 2691م..هي الأساس والقاعدة التي انطلق منها الثوار لخوض حرب التحرير الشرسة.
أدوار فاعلة في غرس البعد الوحدوي
يقول الدكتور فؤاد البعداني إن كثيراً من رواد الثورة اليمنية وأعلامها البارزين بذلوا الأدوار الفاعلة في غرس البعد الوحدوي في نفوس أبناء اليمن وفي رحم الثورة اليمنية، لاسيما في إطار الوطنية اليمنية قبل ثورة 8491م وبعدها.. وتعد حركة الأحرار اليمنيين أنموذجاً متميزاً في العمل الاصلاحي.. النضال الوطني والهم الوطني،فقد حملت اليمن كلها هماً وقضية بمختلف المجالات والجوانب على حد سواء إذ لم تكن مجرد معارضة سياسية أو حركة ثورية،بقدر ما كانت إصلاحاً شاملاً وبناء متكاملاً، تعاملت مع جميع مشكلات اليمن الواحد ومعاناة أبناء اليمن قاطبة شمالاً وجنوباً على حد سواء،ومع تباين الرؤى والمواقف وتعدد الاتجاهات الاصلاحية،لعل أبرزها المنطلق الفكري الإسلامي والوطني الثوري ومقارعة الاستبداد والاستعمار، ثم إعادة ترميم البيت اليمني ونبذ التفرق الوطني والصراع الاجتماعي ومحاصرة التمزق القبلي والمنطقي والطائفي،ونشدان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية ولملمة أجزاء الوطن المبعثرة والتغلب على حالة التشطير والتمزيق الذي يعاني منه الوطن الواحد.. وكان من أوليات أحرار اليمن خلال مسيرتهم النضالية العمل على ردم الفجوات بين أبناء اليمن وسد الثغرات وإزالة الاختلالات وتقريب المسافات وتوثيق الروابط وتمتين العلاقات وتجميع الرؤى وتوحيد المواقف وتحفيز الهم الوحدوي المشترك.
بتتبع سريع لمسيرة حركة الأحرار اليمنيين يمكن استشفاف البعد الوحدوي الذي تجلى من خلال صور متعددة وملامح كثيرة:
أولاً:- عدن بؤرة النضال المشترك
فقد كانت عدن هي الملجأ لأحرار الشمال اليمني الذين توجهوا إليها فراراً من ضيق الاستبداد وكهنوت الإمامة وتسلط الاسياد وجور السلطان،وكانت عدن تستعر بالحس الثوري والعمل النضالي، فتجمع الأحرار فيها واتخذوها بؤرة للعمل النضالي واشعال فتيل الثورة اليمنية وفيها ظهر النشاط العلني المعارض للحكم الإمامي،لاسيما بعد أن ابتدأ بالفرار إليها الشيخ عبدالله الحكيمي لتواتر الأخبار لديه برغبة ولي العهد أحمد بالقضاء عليه وعلى مجموعة من الأحرار في تعز، ثم تمكنه من إقناع الآخرين بالنزوح من تعز وصنعاء وإب وغيرها من المناطق اليمنية إلى عدن وتشكيل حركة معارضة وطنية علنية ضد الأسرة الإمامية وبالفعل اقتنع الجميع برؤية الشيخ الحكيمي وبدأت أوائل عام 4491م جموع الأحرار تتوافد إلى عدن وفي مقدمتهم الأستاذ الزبيري والشيخ مطيع دماج والأستاذ زيد الموشكي والشيخ مطيع دماج والشيخ عبدالله حسن أبو راس وأحمد محمد الشامي وعقيل عثمان وغيرهم وفيها تم تأسيس حزب الأحرار برعاية الشيخ الحكيمي المرشد الروحي والمواجه الفكري للأحرار.
ثانياً:- دعم أبناء عدن للأحرار
سعى الشيخ الحكيمي بدوره إلى ترتيب لقاءات للتعارف وتبادل الرأي والخبرة بين أحرار الشمال ومجموعة كبيرة من الشخصيات البارزة في عدن والمحميات من العلماء والمثقفين والسياسيين والتجار والشخصيات الاجتماعية في سبيل تعميق الروابط الأخوية وتوحيد الهم الوطني وتنسيق الجهود الثورية.. وحصل أحرار الشمال بالفعل على الدعم والتأييد والمساندة من أبناء عدن والجنوب عموماً وبدأ تواكب بين النضالين وامتزاج بين الثورتين،انعكس تفعيلاً للبعد الوحدوي وتوأمة للثورة اليمنية ضد طغيان الاستبداد الإمامي وهيمنة الاستعمار البريطاني.
الصحافة النضالية المشتركة
وهذا ملمح آخر يتجلى من خلاله البعد الوحدوي عند رواد الثورة اليمنية،من خلال الدور المشترك للصحافة اليمنية آنذاك في تبني قضايا الوطن الواحد سواءً أكانت الصحف الصادرة عن أحرار الشمال مثل صوت اليمن والسلام أم الصحف الصادرة عن الجمعيات والهيئات العدنية، والتي كان أغلبها الصوت الناطق لدعوة الأحرار وأخبارهم ومطالبهم وأنشطتهم خصوصاً صحف الفضول والقلم العدني وفتاة الجزيرة، وقد قمت بتصفح تلك المرحلة فوجد أن اهتماماتها تكاد تتساوى بين شمال الوطن وجنوبه.
توحيد الصف الوطني بعد 84م
بعد إخفاق ثورة 8491م الدستورية فر جمع كبير من أحرار الشمال إلى الجنوب ليبدؤوا فيها صفحة جديدة من النضال ويزداد الشعور لدى الجميع بأهمية الوحدة في تطلعات وجهود رواد الحركة الوطنية الذين نجوا من المجزرة الإمامية ويعد الشيخ الحكيمي الرائد الأول والداعية الأبرز للوحدة اليمنية بجهوده المتنوعة في هذا الصدد إثر عودته من بريطانيا إلى عدن في يناير 3591م وتزعمه للحركة الوطنية حيث ركز على بعض الأوليات والتي كان من أبرزها جمع الكلمة وتحقيق الوحدة بين جميع أبناء اليمن وتخليصهم من نزاعات الطائفية والمناطقية والعنصرية والتفرق التي غذاها حكام اليمن آنذاك من الإماميين والمستعمرين.
الدعوة إلى الوحدة اليمنية
وقد ألقى الحكيمي خطاباً تاريخياً شهيراً كان كقنبلة انفجرت في وجه السلطتين صرخ فيه منادياً اليمانيين بإرساء معالم التوحيد أولاً قبل التطلع لتحقيق أي هدف من أهدافهم ووقف طويلاً أمام الهم الذي يحمله ألا وهو الدعوة إلى الوحدة اليمنية وكان مما قاله:« إننا ندعوكم يا أبناء اليمن إلى الوحدة والاتحاد إلى نبذ الضغائن والأحقاد وكونوا كالبنيان يشد بعضه بعضاً،لا زيدية ولا شافعية وعدنانية ولا قحطانية ولا صنعاني ولاعدني ولاجبلي ولا تهامي ولا لحجي ولا أبيني ولا حضرمي فكلنا يمانيون أبناء شعب واحد وأمة واحدة، لا حدود ولا سدود فكل الحواجز والموانع الموجودة والمصطنعة لاتستطيع أن تجزئ أبناء الشعب اليمني الواحد ولا الجماهير اليمنية الواحدة.
وكان الشيخ الحكيمي بعد توليه رئاسة الاتحاد اليمني قد صاغ بياناً مهماً أوضح فيه سياسة الاتحاد وموقفه من قضايا عدن وسلطان وإمارات الجنوب اليمني وأنها جميعاً جزء من اليمن الواحد،داعياً أبناء عدن والجنوب عموماً للحوار والتفاهم مع إخوانهم أبناء الشمال ومحفزاً أبناء اليمن جميعاً للاتحاد وجمع الكلمة.. ولم يكتف الشيخ الحكيمي بالخطب والبيانات والدعوات المتكررة للاتحاد بل إنه تحرك ميدانياً وعقد لقاءات متعددة مع زعماء القوى السياسية والاجتماعية في عدن والمحميات ورؤساء الجمعيات والنوادي العدنية،داعياً إلى الوحدة الوطنية وفتح جسور التقارب والحوار بين مختلف الأطراف المعنية في شمال الوطن وجنوبه من أجل توحيد النضال ضد الإمامة والاستعمار على حدٍ سواء.
تعزيز مسيرة الكفاح الوطني
ويقول الدكتور محمد مظفر الأدهمي أستاذ التاريخ بجامعة إب:
إن تلك الثورات والانتفاضات المتتالية التي قام بها شعب اليمن ضد حكم الإمامة والاستعمار البريطاني قد توجت بالنتيجة بقيام الجبهة الوطنية المتحدة عام 5591م التي ضمت جميع القوى المناوئة للاستعمار وبعدها قامت الجبهة القومية التي قادت الكفاح الوطني حتى قيام ثورة 62 سبتمبر 2691م بقيادة تنظيم الضباط الأحرار لتنقذ اليمن وإلى الأبد من الحكم الإمامي المتخلف ولتفتح الطريق أمام قيادة ثورة أكتوبر تشرين الأول 3691م للتخلص من الاستعمار البريطاني في عدن،لقد شكلت ثورة 62 سبتمبر 2691م معطفاً تاريخياً مهماً في تاريخ اليمن فهي أول إنجاز حقيقي نحو إعادة توحيد الوطن المجزأ وبناء الدولة اليمنية الواحدة على كامل ترابه لذلك كان في مقدمة أهدافها بعد القضاء على النظام الإمامي هو مقاومة الاستعمار البريطاني وطرده من الجنوب وقيام اليمن الموحد وعليه أمر المشير عبدالله السلال بفتح مكتب لجبهة تحرير جنوب اليمن المحتل وأعلن دعمه لنضال الحركة الوطنية فيه ووجه مجلس قيادة الثورة نداء إلى أبناء الشعب اليمني ناشدهم فيه الدفاع عن الثورة أمام العدوان المبكر ضدها الذي نظمه الملكيون المندحرون بدعم قوى خارجية واستجابة لهذا النداء هب آلاف الوطنيين المتطوعين وخاصة في عدن وردفان والضالع ومناطق أخرى الذين التحقوا بمعسكرات التدريب لحماية الثورة وترك الجنود والضباط الخدمة العسكرية في الجنوب والمقاتلين من القبائل ليلتحقوا بمعسكرات التدريب في تعز لقد جاء فتح مكتب لجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل استجابة لنداء القوى الوطنية التي عقدت اجتماعاً موسعاً في مارس 3691م تمخضت عنه لجنة تحضيرية أعلنت بتشكيل الجبهة القومية والتي سميت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني وافتتح في تعز الجهاز العربي المصري لدعم نضال الجنوب وهكذا أصبحت ساحة الشمال مكاناً للدفاع عن الثورة ضد فلول الملكيين وقاعدة لانطلاق النضال الوطني من أجل تحرير الجنوب من البريطانيين والذي توج بقيام ثورة 41 أكتوبر 3691م التي وضعت مقاومتها المسلحة البريطانيين أمام الأمر الواقع ليحمل العجوز البريطاني عصاه ويرحل عن اليمن يوم 03 نوفمبر 7691م ليفتح الباب على مصراعيه أمام إعادة توحيد اليمن.
سجل حافل بالنضال والتضحية
لقد سطرت ثورة أكتوبر 3691م سجلاً حافلاً بالنضال والتضحية خلال السنوات الأربع للثورة وتنقل لنا الوثائق البريطانية السرية ومذكرات الضابط البريطاني العديد من الأحداث والبطولات وعلى سبيل المثال قصة الشيخ ابن عواس في لحج بعد قيام ثورة أكتوبر والذي يقود ضد الانكليز حين أرسل بطلبه المستر ديفي الذي أوكلت له سلطة الاحتلال مهمة قمع الثورة لكنه تجاهل أمره بالحضور فذهب إليه ديفي بنفسه مع قواته وحاول إهانته فما كان من ابن عواس إلا أن سحب بندقيته وقتل ديفي لكن الجنود البريطانيين اطلقوا الرصاص عليه فسقط شهيداً بعد أن طوى صفحة ابشع جرم في صفوف قوات الاحتلال البريطاني.. ويروي المقدم «هارولدف جاكوب» المساعد الأول للمندوب السامي البريطاني في كتابه «ملوك شبه الجزيرة العربية» الذي ألفه عام 3291م أنه عندما تولى إدارة قعطبة حضر ذات يوم وليمة عن أحد المشايخ وخلالها وردت أنباء عن قيام حامية إنجليزية بالتعرض لبعض الأهالي وقتل عدد منهم فاشتاط الشيخ غضباً وطلب من جاكوب مغادرة المكان فوراً ولأن رجاله قرروا الرد على تلك الجريمة والاغارة على ثكنات القوات البريطانية بعد صلاة العصر وأن على البريطانيين الاستعداد للموت ويضيف جاكوب أنه كان بوسعهم قتلنا بسهولة لكنهم تعاملوا معنا بشجاعة فائقة لمجرد أننا كنا ضيوفهم.
ولعل من أروع مايمكن أن يقرأه المرء عن إرادة التحدي والإقدام التي تحلى بها اليمنيون في كفاحهم ضد الاستعمار البريطاني هو ماترجمه تقرير الاستخبارات البريطانية الصادر في شهر يوليو 6691م وقد جاء فيه مانصه «لقد أظهرت تحركات سرية في الكتيبة الأولى من فرقة «ذي برنس أوف ويلزم أون» من عدن إلى مكيراس في ديسمبر عام 5691م استلم قائدها في غضون أربع وعشرين ساعة من وصولهم رسالة من زعيم المنشقين المدنيين «يقصد قائد المقاومة المسلحة اليمنية» يقول فيها «نرحب بالكابتن نفيل وسريته إلى مكيراس ونتمنى له زيارة سعيدة،ويؤسفنا أن نبلغه بأننا سنقلق بعض لياليه بنيران قذائف المورتر وذلك لحاجتنا إلى تمرين حي على أهداف حية».
تمييز العمليات العسكرية
هذه مجرد نماذج للمقاومة الباسلة التي أقضت مضاجع البريطانيين المحتلين والتي تحولت من مرحلة العمل السري إلى المجابهة المباشرة مع المحتلين منذ أواخر عام 6691م وحتى انتصار الثورة عام 7691م فقد تميزت العمليات العسكرية بالتحرك المشكور والمتركز على سطوح المنازل وخوض معارك الشوارع ضد الدوريات وقوات الاحتلال مما اضطر المحتلين البريطانيين إلى إجلاء عائلاتهم وترحيلها إلى أن جاءت المعركة الأخيرة التي تحولت فيها عدن بالفعل إلى ساحة معركة دموية بين قوات المقاومة والقوات البريطانية.
تحرير عدن
إن يوم 02 يونيو 7691م الذي تم فيه تحرير عدن من قبل الثوار لمدة أسبوعين يمثل ذروة الكفاح المسلح في جبهة عدن وقد أجمعت الوثائق العسكرية السرية البريطانية أن جبهة عدن كانت من أعنف جبهات القبائل التي واجهتها بريطانيا بعد أن وسع فدائيو الجبهة القتال من الريف إلى عدن والذي اعتبر رداً على نكسة 5 حزيران عام 7691م ولم يستطع قائد قوات المظلات البريطانية نعمفري تريفليان من اقتحام عدن إلا بعد أن تكبد خسائر جسيمة في القتلى والجرحى لقد وصف المندوب السامي البريطاني «كندي ترافيمكسي» استيلاء الثوار على عدن في كتابه «ظلال الكهرمان» فقال بأن هذه العملية كانت بمثابة المسمار الأخير في بقاء بريطانيا العظمى في مستعمرة عدن أو سندريلا الامبراطورية البريطانية وأصبحت حكومة الاتحاد التي أنشأها البريطانيون ريشة في مهب الريح وتحولت عدن إلى سايغون جيد بفعل العزيمة والتخطيط الدقيق للعمليات العسكرية التي قامت بها الثورة ومقاومتها الباسلة والتي وصلت ذروتها عندما وقعت عدن في قبضة الثوار في العشرين من يونيو 7691م ولمدة أسبوعين.
لقد علق أحد مراسلي الإذاعة البريطانية «BBC» على معارك جبهة عدن بالقول إن الثوار كانوا في الليل يسيطرون سيطرة شبه كاملة إلى مدينة عدن وفي الصباح تصير المدينة بيد القوات البريطانية على أن جاء الوقت الذي صارت فيه بيد المقاومة ليلاً ونهاراً بعد أن فقد البريطانيون السيطرة الكاملة على العمليات العسكرية في جبهة عدن، بل وصل الأمر إلى أن الدوريات البريطانية كانت تتحاشى الدخول إلى شوارع الشيخ عثمان والمنصورة وكريتر لتتجنب كمائن المقاومة اليمنية الباسلة.
لم تكتف المقاومة بذلك،بل سيطرت تماماً على الشيخ عثمان وشهد الثوار في الشوارع وهم يحملون أسلحتهم ويرفعون أصابعهم بعلامة النصر وقد وضعت الوثائق البريطانية معارك الشيخ عثمان منذ السادس من أبريل 7691م وحتى التحرير بالقول «وفي الشيخ عثمان والمنصورة أصبحت المعركة عبارة عن حرب مكشوفة تستخدم فيها كافة الأسلحة على نطاق لم يعهد مثله من قبل في عدن».
إن هذه المقاومة الباسلة التي قدم فيها الشعب اليمني شهداء على مذبح الحرية قد أنهت الوجود البريطاني في اليمن برحيله عن أرضه الطاهرة يوم 03 نوفمبر 7691م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.